الفتوحات المكية

فصوص الحكم وخصوص الكلم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


4- فص حكمة قدوسية في كلمة إدريسية «1»

العلو «2» نسبتان، علو مكان وعلو مكانة. فعلو المكان‏ «وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا».

وأعلى الأمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس، وفيه مقام روحانية إدريس عليه السلام‏ «1». وتحته سبعة أفلاك وفوقه سبعة أفلاك وهو الخامس عشر. فالذي فوقه فلكُ الأحمر وفلك المشترى وفلك كيوان وفلك المنازل والفلك الأطلس فلك البروج‏ «2» وفلك الكرسي وفلك العرش. والذي دونه فلك الزهرة وفلك الكاتب، وفلك القمر، وكرة «3» الأثير، وكرة الهوى، وكرة الماء، وكرة التراب «3». فمن حيث هو قطب الأفلاك هو رفيع المكان. وأما علو المكانة فهو لنا أعني المحمديين. قال الله تعالى‏ «وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ والله مَعَكُمْ» «4» في هذا العلو، وهو يتعالى عن المكان لا عن المكانة. ولما خافت نفوس العمَّال منا أتبع المعية بقوله‏ «4» «وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ»: فالعمل يطلب المكان والعلم يطلب المكانة، فجمع لنا بين الرفعتين علوّ المكان بالعمل وعلو المكانة بالعلم. ثم قال تنزيهاً للاشتراك بالمعية «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى» عن هذا الاشتراك المعنوي. ومن أعجب الأمور كون الإنسان أعلى الموجودات، أعني الإنسان الكامل، وما نسب إليه العلو إلا بالتبعية، إما إلى المكان وإما إلى المكانة وهي المنزلة. فما كان علوه لذاته. فهو العلي بعلو المكان وبعلو المكانة. فالعلو لهما. فعلو المكان.


(1) ساقطة في ب م ن‏

(2) ب: وفلك البروج، ولكن الفلك الأطلس هو فلك البروج- وعدتها سبعة عشر من غير اعتبار فلك البروج فلكاً مستقلً

(3) ن: تذكر:

«و أكرة» في الجميع‏

(4) ا:+ تعالى.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في فصوص الحكم



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!