
وصايا الشيخ الأكبر
وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة
وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية
(وصية)
![]() |
![]() |
(وصية)
(وصية)
إذا سألت المغفرة وهي طلب الستر فاسأل إن يسترك عن الذنب أن يصيبك فتكون معصوما أو محفوظا وإن كنت صاحب ذنب فاسأله إن يسترك أن يصيبك عقوبة الذنب وإياك أن تظهر إلى الناس بأمر يعلم الله منك خلافه فلقد أخبرني الثقة عندي عن الشيخ أبي الربيع الكفيف المالقي كان بمصر يخدمه أبو عبد الله القرشي المبتلى فدخل عليه الشيخ وسمعه يقول في دعائه اللهم يا رب لا تفضح لنا سريرة فصاح فيه الشيخ وقال له الله يفضحك على رءوس الأشهاد يا أبا عبد الله ولأي شيء تظهر لله بأمر وللناس بخلافه أصدق مع الله عز وجل في جميع أحوالك ولا تضمر خلاف ما تظهر فتاب إلى الله من ذلك ورجع وليس للمغفرة متعلق إلا أن يسترك من الذنب أو يسترك من العقوبة عليه يقول الله سبحانه لنبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لِيَغْفِرَ لَكَ الله ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ فما تقدم لا يعاقبك عليه وما تأخر لا يصيبك وهذا إخبار من الله بعصمته صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أخبرني سليمان الدنبلي وكان عبدا صالحا فيما أحسب كثير البكاء وكان له أنس بالله فقعدت معه بمقصورة الدولعي زاوية عائشة بجامع دمشق وجرى بيني وبينه كلام فقال لي
يا أخي لي والله أكثر من خمسين سنة ما حدثتني نفسي بمعصية قط الله الحمد على ذلك واحذر يا أخي من التنطع في الكلام والتشدق وإياك أن يستعبدك غير الله من عرض من عروض الدنيا فإنك عبد لمن استعبدك وإياك والتكبر والجبروت وتفقد مصالح ما عندك من الحيوانات من بهيمة وفرس وجمل وهرة وغير ذلك ولا تغفل عنهم فإنهم خرس وأمانات بأيديكم إذا أنتم حبستموها عن مصالحها وإياك أن تحدث أخاك بحديث يرى أنك فيه صادق فيصدقك وأنت فيه كاذب لا تحقر أخاك شيئا من نعيم الله وإن قل ولا تزدر أحدا من عباد الله وأملك نفسك عند الغضب وعليك بتحمل الأذى من عباد الله والصبر عليه فليس أحد أصبر على أذى يسميه من الله إنهم ليدعون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم فاجعل الحق أمامك وعامل عباده بما عاملهم به
نزل مشرك بإبراهيم الخليل فاستضافه فقال له إبراهيم عليه السلام حتى تسلم فقال يا إبراهيم لا أفعل وانصرف فأوحى الله إليه بإبراهيم من أجل لقمة يترك دينه ودين آبائه إنه ليشرك بي منذ سبعين سنة وأنا أرزقه فخرج إبراهيم عليه السلام في أثر الرجل فعرض عليه الرجوع فاستخبره عن ذلك فأخبره بعتب الله له في ذلك فأسلم المشرك
وعليك بترتيل القرآن والتغني به وذلك بأن تحبره وتستوفي حروفه وإياك أن تدعو إلى عصبية بل ادع إلى الله وإذا كنت في سفر فلا تصم فإن ذلك ليس من البر عند الله تعالى وإن كنت ولا بد صاحب لهو فبامرأتك وفرسك وسهامك واجتنب الاسترقاء والاكتواء والطيرة إن أردت أن نكون من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب وعليك بفعل البر
في يوم الإثنين ويوم الخميس فإنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله تعالى وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم لا يترك صومهما ويقول إني أحب أن يرفع عملي وأنا صائم
فإن الصوم عبادة تستغرق النهار كله سواء غفل العبد عن عبادة في ذلك اليوم أو لم يغفل فإنه في عبادة صومه بما نواه وإياك والشحناء فإنه نظير الشرك في عدم المغفرة عند الله واعلم أن العبد يبعث على ما مات عليه فلا تمت إلا وأنت مسلم إياك وصحبة من تفارقه ولا نصحب إلا من لا يفارقك وهو العمل فاجعل عملك صالحا تأنس به وتسر واجعله لك لا عليك واعلم أن القبر خزانة أعمالك فلا تخزن فيه إلا ما إذا دخلت إليه يسرك ما تراه يقول بعضهم
يا من بدنياه اشتغل *** وغره طول الأمل
ولم يزل في غفلة *** حتى دنا منه الأجل
الموت يأتي بغتة *** والقبر صندوق العمل
يرجع عن الميت أهله وماله ويبقى معه عمله أشقى الناس يوم القيامة من أمر بالمعروف ولم يأته ونهى عن المنكر وأتاه وعليك بكسب الحلال وطيب المطعم وفر بدينك من الفتن إذا وقعت في الناس وظهرت وإياك والحرص على المال واحذر أن تسب الدهر فإن الله هو الدهر وإن أردت به الزمان فما بيد الزمان شيء بل الأمر بيد الله لا تقل مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت وما بقي بعد ذلك فعليك لا لك وأنت مسئول عما جمعت من أين جمعت وفيم أنفقت ولم اختزنت لا تتزوج من النساء إلا ذات الدين فإن من أعظم النعم على العبد المرأة الصالحة تعين على الدين ولا تكفر العشير كن من حملة الدين تكن عدلا بشهادة الرسول ص
فإنه قال يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله
ابدأ بالسلام على من هو أكبر منك وابدأ بالسلام على الماشي إن كنت راكبا وعلى القاعد إن كنت ماشيا ولقد جرى لي مع بعض الخلفاء رضي الله عنه ذات يوم كنا نمشي ومعنا جماعة وإذا بالخليفة مقبل فتنحينا عن الطريق وقلت لأصحابى من بدأه بالسلام أرذلت به عنده فلما وصل وحاذانا بفرسه انتظر أن نسلم عليه كما جرت عادة الناس في السلام على الخلفاء والملوك فلم نفعل فنظر إلينا وقال سلام عليكم ورحمة الله وبركاته بصوت جهير فقلنا له بأجمعنا وعليك السلام ورحمة الله وبركاته فقال جزاكم الله عن الدين خيرا وشكرنا على فعلنا وانصرف فتعجب الحاضرون لا تؤمن رجلا في سلطانه ولا نقعد على تكرمته
إلا بإذنه ولا تدخل بيته إلا بإذنه ولا تجز مقدم دابته إلا بإذنه
وليكن إمام القوم أقرؤهم لكتاب الله هذه وصية رسول الله ص
إذا استيقظت من نومك فامسح النوم من عينيك واذكر الله تحل بذلك عقدة واحدة من عقد الشيطان فإنه يعقد على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد فإن توضأت حللت بوضوئك العقدة الثانية فإن صليت حللت العقد كلها إياك أن تطلب الإمارة فتوكل إليها
وعليك بالصباغ واجتنب السواد فيه فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أمر به ورغب فيه وأعجبه
![]() |
![]() |