و لهذا القطب مقام الكمال فلا يقيده نعت هو حكيم الوقت لا يظهر إلا بحكم الوقت و بما يقتضيه حال الزمان الإرادة بحكمه ما هو بحكم الإرادة فله السيادة و فيه عشر خصال أولها الحلم مع القدرة لأن له الفعل بالهمة فلا يغضب لنفسه أبدا و إذا انتهكت محارم اللّٰه فلا يقوم شيء لغضبه فهو يغضب لله و الثانية الأناة في الأمور التي يحمد اللّٰه الأناة فيها مع المسارعة إلى الخيرات فهو يسارع إلى الأناة و يعرف مواطنها و الثالثة الاقتصاد في الأشياء فلا يزيد على ما يطلبه الوقت شيئا فإن الميزان بيده يزن به الزمان و الحال فيأخذ من حاله لزمانه و من زمانه لحاله فيخفض و يرفع و الرابعة التدبير و هو معرفة الحكمة فيعلم المواطن فيلقاها بالأمور التي تطلبها المواطن «كما فعل أبو دجانة حين أعطاه النبي ﷺ السيف بحقه في بعض غزواته فمشى به الخيلاء بين الصفين فقال رسول اللّٰه ﷺ و هو ينظر إلى زهوه هذه مشية يبغضها اللّٰه و رسوله إلا في هذا الموطن» و لهذا كان مشي رسول اللّٰه ﷺ فيه سرعة كأنما ينحط في صبب فصاحب التدبير ينظر في الأمور قبل إن يبرزها في عالم الشهادة فله التصرف في عالم الغيب فلا يأخذ من المعاني إلا ما تقتضيه الحكمة ف ﴿هُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام:18]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية