أي من يعتقد أن كل شيء جعلناه هالكا و ما عرف ما قصدناه إذا رآه ما يهلك و يرى بقاء عينه مشهودا له دنيا و آخرة علم ما أردنا بالشيء الهالك و أن كل شيء لم يتصف بالهلاك فهو وجهي فعلم إن الأشياء ليست غير وجهي فإنها لم تهلك فردها إلى حكمها فهذا معنى قوله ﴿وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [البقرة:245] و هو معنى لطيف يخفى على من لم يستظهر القرآن فإذا كان الغني عبارة عمن هذه صفته و الغني عبارة عن هذه الصفة فلا غنى إلا اللّٰه و كذلك الغني صفته و نحن ما تكلمنا إلا في العبد لا في الحق فالعبد له الفقر المطلق إلى سيده و الحق له الغني المطلق عن العالم فالعالم لم يزل مفقود العين هالكا بالذات في حضرة إمكانه و أحكامه يظهر بها الحق لنفسه بما هو ناظر من حقيقة حكم ممكن آخر فالعالم هو الممد بذاته ما يظهر في الكون من الموجودات و ليس إلا الحق لا غيره فتحقق يا ولي هذا الوصل فإنه وصل عجيب حكمه خلق في حق بحق و لا خلق في نفس العين مع وجود الحكم و قبول الحق لحكم الخلق و هو قبول الوجود لحكم العدم و ليس يكون إلا هكذا و لو لا ذلك لم يظهر للكثرة عين و ما ثم إلا الكثرة مع أحدية العين فلا بد من ظهور أحكام الكثير و ليس إلا العالم فإنه الكثير المتعدد و الحق واحد العين ليس بكثير و قد رميت بك على الطريق لتعلم ما الأمر عليه فتعلم من أنت و من الحق فيتميز الرب من العبد
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية