فكل أمر تراه عين *** من علمه فيه فهو عنه
فعينه عين من تراه *** لذاك ما للوجود كنه
فإذا قلت اللّٰه فهو مجموع حقائق الأسماء الإلهية كلها فمن المحال أن يقال على الإطلاق فلا بد أن تقيده الأحوال و إن قيدته الألفاظ فبحكم التبعية للأحوال فكلما أضيف إليه فانظر أي اسم تستحقه تلك الإضافة فليس المطلوب من اللّٰه في ذلك الأمر إلا الاسم الذي تخصه تلك الإضافة و الحقيقة الإلهية التي تطلبه فلا تتعداه و من كان هذا حاله فقد وفى اللّٰه حقه و قدر قدره مجملا فإنه لا يقدر قدره مفصلا لأن الزيادة من العلم بالله لا تنقطع دنيا و لا آخرة فالأمر في ذلك غير متناه أ لم تر أن اللّٰه تعالى بعث موسى عليه السّلام برسالة إلى فرعون كان من جملتها أن يقول له إذا قال له فرعون ﴿فَمٰا بٰالُ الْقُرُونِ الْأُولىٰ﴾ [ طه:51] ... ﴿عِلْمُهٰا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتٰابٍ لاٰ يَضِلُّ رَبِّي وَ لاٰ يَنْسىٰ﴾ [ طه:52] يعني ما أوجبه على نفسه من ذلك فما كتبها في اللوح المحفوظ إلا ليعلم من ليس من شأنه أن لا يعلم إلا بالإعلام لا ليتذكر ما أوجبه على نفسه مما تستقبل أوقاته في المدد الطائلة فإنه سبحانه ﴿لاٰ يَضِلُّ رَبِّي﴾ [ طه:52] الذي جئتك من عنده لأدعوك إلى عبادته ﴿وَ لاٰ يَنْسىٰ﴾ [ طه:52] و قال تعالى عن نفسه ﴿نَسُوا اللّٰهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة:67] و ما نسوه على الإطلاق فما ينساهم على الإطلاق و إنما ينساهم فيما نسوه فيه مما لو علموا به نالتهم الرحمة من الرحيم بذلك فلما نسوه نسيهم الرحيم إذ تولاهم الاسم الإلهي الذي كانوا في العمل الذي يدعو ذلك الاسم إليه فإذا انقضى عدل ميزانه فيه زال النسيان إذ لا بد من زواله عند كشف الغطاء عند الموت في الدنيا فلا يموت أحد من أهل التكليف إلا مؤمنا عن علم و عيان محقق لا مرية فيه و لا شك من العلم بالله و الايمان به خاصة هذا هو الذي يعم فلا بأس أشد من الموت و ما بقي الأهل ينفعه ذلك الايمان أم لا أما في رفع العقوبة عنهم فلا إلا من اختصه اللّٰه مثل قوله تعالى ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمٰانُهُمْ لَمّٰا رَأَوْا بَأْسَنٰا﴾ [غافر:85]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية