﴿لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين:15] فجعله زمانا معينا فافهم
[النعيم بالتجلي إنما يقع للمحبين المشتاقين]
و يتضمن هذا المنزل أنه ليس كل تجل يقع به النعيم و أن النعيم بالتجلي إنما يقع للمحبين المشتاقين الذين وفوا بشروط المحبة و يتضمن هذا المنزل بطون عالم الشهادة في الغيب فيرجع ما كان شهادة غيبا و ما كان غيبا شهادة و هكذا ذهب إليه بعض العارفين في نشأة الآخرة إن الأجسام تكون مبطونة في الأرواح و أن الأرواح تكون لها ظروفا ظاهرة بعكس ما هي في الدنيا فيكون الظاهر في الدار الآخرة و الحكم للروح لا للجسم و لهذا يتحولون في أية صورة شاءوا لغلبة الروحية عليهم و غيبية الجسم فيها كما هم اليوم عندنا الملائكة و عالم الأرواح يظهرون في أية صورة شاءوا و من منازل أصحاب الكشف الذين أنكروا حشر الأجسام فإنهم أبصروا في كشفهم الأمر الواقع في الدار الآخرة و رأوا أرواحا تتحول في الصور كما يريدون و غيب عنهم ما تحوي عليه تلك الأرواح من الجسمية كما غاب عنهم في هذه الدار في البشر الروحانية المبطونة في الأجسام فكانت الأجسام قبورا لها و في الآخرة بالعكس الأرواح قبور الأجسام فلهذا أنكروا ذلك و الكشف التام الذي فزنا به و أصحابنا هنا و في الآخرة إنا كشفنا الأرواح هنا و غلب الأجسام الطبيعية عليها في الصورة الظاهرة فلا يرى من الأرواح في ظاهر الأجسام إلا آثارها و لو لا الموت و النوم ما عرف غير المكاشف إن ثم أمرا زائدا على ما يشاهده في الظاهر و مع وجود الموت و السكون و ظهور الجسم عريا عما كان له من الآثار ذهبت طائفة إلى هذا المذهب و هم الحشيشية فما رأت أن ثم خلف هذه الصورة الظاهرة شيئا أصلا فكيف بهؤلاء لو لم يكن موت في العالم و يتضمن هذا المنزل معرفة العالم العلوي و ترتيب صورته في تركيبه و إنه على خلاف ما يذكره أصحاب علم الهيئة و إن كان ما قالوه يعطيه الدليل و يجوز أن يكون اللّٰه يرتبه على ذلك و لكن ما فعل مع أنه يعطي هذا الترتيب ما يعطيه ما ذهب إليه أصحاب علم الهيئة و يتضمن علم ما أودع اللّٰه في العالم السفلي في ترتيبه من الأمور و يتضمن معرفة المكلفين و من أين كلفت و ما يحركهم و يتضمن علم القربات و يتضمن علم سبب قصم الجبابرة المتكبرين على اللّٰه و يتضمن إلحاق الحيوان بالإنسان في العلم بالله و يتضمن علم العواقب و ما آل كل عالم فقد ذكرت رءوس و مسائله ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4]
«الباب الرابع و التسعون و مائتان في معرفة المنزل المحمدي المكي من الحضرة الموسوية»
حرم اللّٰه قلب كل نبي *** و كذا قيل قلب كل ولي
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية