[الركن الثاني للتوبة و موقف الصوفية منه]
و أما الركن الثاني و هو الندم على ما فات و هو عند الفقهاء الركن الأعظم بمنزلة قوله الحج عرفة لأنه الركن الأعظم و هنا تتشعب أمور كثيرة في التائبين ميم الندم منقلبة عن باء مثل لازم و لازب و هو أثر حزنه على ما فاته يسمى ندما و الندب الأثر فقلبت ميما و جعلت لأثر الحزن خاصة و أما تعلقه بالفوات فمن أصحابنا من رأى أنه تضييع للوقت فإنه ما فات لا يسترجع و من أصحابنا من يرى أنه صاحب الوقت و أن فائدته أن يجبر له ما مضى و يحتج بقوله ﴿إِلاّٰ مَنْ تٰابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صٰالِحاً فَأُوْلٰئِكَ يُبَدِّلُ اللّٰهُ سَيِّئٰاتِهِمْ حَسَنٰاتٍ﴾ [الفرقان:70] و من أصحابنا من يرى أنه لا يندم إلا بإحضاره في نفسه ذنبه الحائل بينه و بين ما فاته من طاعة أمر ربه عزَّ وجلَّ و ذكر الجفاء في حال الصفاء جفاء فينبغي له أن ينسى ذنبه و هو خلاف الأول فإنه قال التوبة أن لا تنسى ذنبك و الكلام فيما فاته فمنهم من يندم على ما فاته من الاستغفار في عقب كل ذنب و منهم من يرى الندم على ما فاته من الوقت و من الناس من يرى الندم على ما فاته من الطاعة في وقت المخالفة و من الناس من يرى الندم على ما فاته من فعل الكبائر في وقت المخالفة لأنه يشاهد التبديل كل سيئة بما يوازنها من الحسنات كقتل نفس بإحياء نفس و ذم بمحمدة و صدقة بغصب أو سرقة أو خيانة و من الناس من يرى الندم على ما فاته من الحضور مع اللّٰه في قضائه بالمعصية في حال المعصية و من الناس من يرى الندم على ما فاته من إضافة ذلك الفعل إلى الفاعل في حال الفعل
[إضافة الفعل إلى الفاعل الحقيقي في حال الفعل]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية