الجواب قال تعالى ﴿وَ لَقَدْ فَضَّلْنٰا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلىٰ بَعْضٍ وَ آتَيْنٰا دٰاوُدَ زَبُوراً﴾ و قال في حق الناس ﴿وَ رَفَعْنٰا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجٰاتٍ﴾ [الزخرف:32] هذا عموم في الناس فدخل الأولياء في عموم هذه الآية و قال في حق المؤمنين و العلماء ﴿يَرْفَعِ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجٰاتٍ﴾ [المجادلة:11]
[اختلاف العلماء في التفاضل بين الأنبياء]
فاختلف أصحابنا في مثل هذا فذهب ابن قسي إلى أن كل واحد منهم فاضل مفضول ففضل هذا هذا بأمر ما و فضله المفضول من ذلك الأمر بأمر آخر فهو فاضل بوجه و مفضول بوجه لمن فضل عليه فادى إلى التساوي في الفضلية فصاحب هذا القول ما حرر الأمر على ما يقتضيه وجه الحق فيه و ذلك أن تنظر المراتب فإن كانت تقتضي الفضيلة فتنظر أية مرتبة هي أعم من الأخرى و أعظم فالمتصف بها أفضل ففضل أرباب المراتب بفضل المراتب فقد يزيد و يفضل بعض الناس غيره بشيء ما فيه ذلك الفضل فإن الفضل في هذا الوجه لا ينظر من حيث إنه زيادة و لكن ينظر من حيث اعتبار زيادات لها شرف في العرف و العقل كالعلم و النجارة و الخياطة و العلم بالأحكام الشرعية و العلم بما ينبغي لجلال اللّٰه و كل واحد منهم لا يعلم علم الآخر فيقال قد فضل النجار على الموحد بالدليل بالنجارة هذا لا يقال على جهة الفخر و المدح بل على جهة الزيادة و يقال فضل العالم بالله النجار على طريق الشرف و الفخر فمثل هذه المفاضلة هي التي تعتبر و هي أن يزيد كل واحد على صاحبه برتبة تقتضي المجد و الشرف فهذا معنى قوله ﴿فَضَّلْنٰا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلىٰ بَعْضٍ﴾ [الإسراء:55] بما يقتضيه الشرف
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية