و أخواتها و جمعها من ثلاثة فصاعدا حتى بلغت خمسة حروف متصلة و منفصلة و لم تبلغ أكثر و لم وصل بعضها و قطع بعضها و لم كانت السور بالسين و لم تكن بالصاد و لم جهل معنى هذه الحروف عند علماء الظاهر و عند كشف أهل الأحوال إلى غير ذلك مما ذكرناه في كتاب الجمع و التفصيل في معرفة معاني التنزيل فلنقل على بركة اللّٰه ﴿وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾ [الأحزاب:4] (اعلم)أن مبادي السور المجهولة لا يعرف حقيقتها إلا أهل الصور المعقولة ثم جعل سور القرآن بالسين و هو التعبد الشرعي و هو ظاهر السور الذي فيه العذاب و فيه يقع الجهل بها و باطنه بالصاد و هو مقام الرحمة و ليس إلا العلم بحقائقها و هو التوحيد فجعلها تبارك و تعالى تسعا و عشرين سورة و هو كمال الصورة ﴿وَ الْقَمَرَ قَدَّرْنٰاهُ مَنٰازِلَ﴾ [يس:39] و التاسع و العشرون القطب الذي به قوام الفلك و هو علة وجوده و هو سورة آل عمران ﴿الم اَللّٰهُ﴾ و لو لا ذلك ما ثبتت الثمانية و العشرون و جملتها على تكرار الحروف ثمانية و سبعون حرفا فالثمانية حقيقة البضع «قال عليه السّلام الايمان بضع و سبعون و هذه الحروف ثمانية و سبعون حرفا» فلا يكمل عبد أسرار الايمان حتى يعلم حقائق هذه الحروف في سورها(فإن قلت)إن البضع مجهول في اللسان فإنه من واحد إلى تسعة فمن أين قطعت بالثمانية عليه فإن شئت قلت لك من طريق الكشف وصلت إليه فهو الطريق الذي عليه أسلك و الركن الذي إليه أستند في علومي كلها و إن شئت أبديت لك منه طرفا من باب العدد و إن كان أبو الحكم عبد السلام بن برجان لم يذكره في كتابه من هذا الباب الذي نذكره و إنما ذكره رحمه اللّٰه من جهة علم الفلك و جعله سترا على كشفه حين قطع بفتح بيت المقدس سنة ثلاث و ثمانين و خمسمائة فكذلك إن شئنا نحن كشفنا و إن شئنا جعلنا العدد على ذلك حجابا فنقول إن البضع الذي في سورة الروم ثمانية و خذ عدد حروف ﴿الم﴾ [الفاتحة:2] بالجزم الصغير فتكون ثمانية فتجمعها إلى ثمانية البضع فتكون ستة عشر فتزيل الواحد الذي للالف للاس فيبقى خمسة عشر فتمسكها عندك ثم ترجع إلى العمل في ذلك بالجمل الكبير و هو الجزم فتضرب ثمانية البضع في أحد و سبعين و اجعل ذلك كله سنين يخرج لك في الضرب خمسمائة و ثمانية و ستون فتضيف إليها الخمسة عشر التي أمرتك أن ترفعها فتصير ثلاثة و ثمانين و خمسمائة سنة و هو زمان فتح بيت المقدس على قراءة من قرأ "غلبت الروم" بفتح الغين و اللام "سيغلبون" بضم الياء و فتح اللام و في سنة ثلاث و ثمانين و خمسمائة كان ظهور المسلمين في أخذ حج الكفار و هو فتح بيت المقدس و لنا في علم العدد من طريق الكشف أسرار عجيبة من طريق ما يقتضيه طبعه و من طريق ما له من الحقائق الإلهية و إن طال بنا العمر فسأفرد لمعرفة العدد كتابا إن شاء اللّٰه فلنرجع إلى ما كنا بسبيله فنقول فلا يكمل عبد الأسرار التي تتضمنها شعب الايمان إلا إذا علم حقائق هذه الحروف على حسب تكرارها في السور كما أنه إذا علمها من غير تكرار علم تنبيه اللّٰه فيها على حقيقة الإيجاد و تفرد القديم سبحانه بصفاته الأزلية فأرسلها في قرآنه أربعة عشر حرفا مفردة مبهمة فجعل الثمانية لمعرفة الذات و السبع الصفات منا و جعل الأربعة للطبائع المؤلفة التي هي الدم و السوداء و الصفراء و البلغم فجاءت اثنتي عشرة موجودة و هذا هو الإنسان من هذا الفلك و من فلك آخر يتركب من أحد عشر و من عشرة و من تسعة و من ثمانية حتى إلى فلك الاثنين و لا يتحلل إلى الأحدية أبدا فإنها مما انفرد بها الحق فلا تكون لموجود إلا له ثم إنه سبحانه جعل أولها الألف في الخط و الهمزة في اللفظ و آخرها النون فالألف لوجود الذات على كمالها لأنها غير مفتقرة إلى حركة و النون لوجود الشطر من العالم و هو عالم التركيب و ذلك نصف الدائرة الظاهرة لنا من الفلك و النصف الآخر النون المعقولة عليها التي لو ظهرت للحس و انتقلت من عالم الروح لكانت دائرة محيطة و لكن أخفى هذه النون الروحانية الذي بها كمال الوجود و جعلت نقطة النون المحسوسة دالة عليها فالألف كاملة من جميع وجوهها و النون ناقصة فالشمس كاملة و القمر ناقص لأنه محو فصفة ضوئه معارة و هي الأمانة التي حملها و على قدر محوه و سراره إثباته و ظهوره ثلاثة لثلاثة فثلاثة غروب القمر القلبي الإلهي في الحضرة الأحدية و ثلاثة طلوع قمر الإلهي في الحضرة الربانية و ما بينهما في الخروج و الرجوع قدما بقدم لا يختل أبدا ثم جعل سبحانه هذه الحروف على مراتب منها موصول و منها مقطوع و منها مفرد و مثنى و مجموع ثم نبه أن في كل وصل قطعا و ليس في كل قطع وصل فكل وصل يدل على فصل و ليس كل فصل يدل على وصل فالوصل و الفصل في الجمع و غير الجمع و الفصل وحده في عين الفرق فما أفرده من هذه فإشارة إلى فناء رسم العبد أزلا و ما ثناه فإشارة إلى وجود رسم العبودية حالا و ما جمعه فإشارة إلى الأبد بالموارد التي لا تناهي فالإفراد للبحر الأزلي و الجمع للبحر الأبدي و المثنى للبرزخ المحمدي الإنسان
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية