«قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم ما كان اللّٰه لينهاكم عن الربا و يأخذه منكم» فبين أنه سبحانه ما يحمد خلقا من مكارم الأخلاق إلا و الحق تعالى أولى به بأن يعامل به خلقه و لا يذم شيئا من سفساف الأخلاق إلا و كان الجناب الإلهي أبعد منه ففي مثل هذا الفن يسوغ الاستقراء بهذه الدلالات الشرعية و أما غير ذلك فلا يكون
[الاستقراء في التجليات]
فقد أبنت لك صحة الاستقراء من سقمه في المعاملات و أما الاستقراء في التجليات فرأينا إن الهيولى الصناعية تقبل بعض الصور لا كلها فوجدنا الخشب يقبل صورة الكرسي و المنبر و التخت و الباب و لم نره يقبل صورة القميص و لا الرداء و لا السراويل و رأينا الشقة تقبل ذلك و لا تقبل صورة السكين و السيف ثم رأينا الماء يقبل صورة لون الأوعية و ما يتجلى فيها من المتلونات فيتصف بالزرقة و البياض و الحمرة سئل الجنيد رحمه اللّٰه عن المعرفة و العارف فقال لون الماء لون إنائه ثم استقر أنا عالم الأركان كلها و الأفلاك فوجدنا كل ركن منها و كل فلك يقبل صورا مخصوصة و بعضها أكثر قبولا من بعض ثم نظرنا في الهيولى الكل فوجدناها تقبل جميع صور الأجسام و الأشكال فنظرنا في الأمور فرأيناها كلما لطفت قبلت الصور الكثيرة فنظرنا في الأرواح فوجدناها أقبل للتشكل في الصور من سائر ما ذكرناه ثم نظرنا في الخيال فوجدناه يقبل ما له صورة و يصور ما ليست له صورة فكان أوسع من الأرواح في التنوع في الصور ثم جئنا إلى الغيب في التجليات فوجدنا الأمر أوسع مما ذكرناه و رأيناه قد جعل ذلك أسماء كل اسم منها يقبل صورا لا نهاية لها في التجليات و علمنا إن الحق وراء ذلك كله ﴿لاٰ تُدْرِكُهُ الْأَبْصٰارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصٰارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام:103]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية