(و أما الركن الثالث)و هو المال
و ما سمي المال بهذا الاسم إلا لكونه يمال إليه طبعا فاختبر اللّٰه به عباده حيث جعل تيسير بعض الأمور بوجوده و علق القلوب بمحبة صاحب المال و تعظيمه و لو كان بخيلا فإن العيون تنظر إليه بعين التعظيم لتوهم النفوس باستغنائه عنهم لما عنده من المال و ربما يكون صاحب المال أشد الناس فقرا إليهم في نفسه و لا يجد في نفسه الاكتفاء و لا القناعة بما عنده فهو يطلب الزيادة مما بيده و لما رأى العالم ميل القلوب إلى رب المال لأجل المال أحبوا المال فطلب العارفون وجها إلهيا يحبون به المال إذ و لا بد من حبه و هنا موضع الفتنة و الابتلاء التي لها الضلالة و المهداة فأما العارفون فنظروا إلى أمور إلهية منها قوله تعالى ﴿وَ أَقْرِضُوا اللّٰهَ قَرْضاً حَسَناً﴾ [الحديد:18] فما خاطب إلا أصحاب الجدة فأحبوا المال ليكونوا من أهل هذا الخطاب فيلتذوا بسماعه حيث كانوا فإذا أقرضوه رأوا أن الصدقة تقع بيد الرحمن فحصل لهم بالمال و إعطائه مناولة الحق منهم ذلك فكانت لهم وصلة المناولة و قد شرف اللّٰه آدم بقوله ﴿لِمٰا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص:75]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية