المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 161]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنعام | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401تفسير ابن كثير:
يقول الله تعالى آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين أن يخبر بما أنعم الله به عليه من الهداية إلى صراطه المستقيم ، الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف : ( دينا قيما ) أي : قائما ثابتا ، ( ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) كقوله ( ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ) [ البقرة : 130 ] ، وقوله ( وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم ) [ الحج : 78 ] ، وقوله : ( إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ) [ النحل : 120 123 ] .
وليس يلزم من كونه عليه السلام أمر باتباع ملة إبراهيم الحنيفية أن يكون إبراهيم أكمل منه فيها; لأنه عليه السلام قام بها قياما عظيما ، وأكملت له إكمالا تاما لم يسبقه أحد إلى هذا الكمال; ولهذا كان خاتم الأنبياء ، وسيد ولد آدم على الإطلاق ، وصاحب المقام المحمود الذي يرهب إليه الخلق حتى إبراهيم الخليل ، عليه السلام .
وقد قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن عبد الله بن حفص ، حدثنا أحمد بن عصام ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا شعبة ، أنبأنا سلمة بن كهيل ، سمعت ذر بن عبد الله الهمداني ، يحدث عن ابن أبزى ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصبح قال : " أصبحنا على ملة الإسلام ، وكلمة الإخلاص ، ودين نبينا محمد ، وملة أبينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأديان أحب إلى الله؟ قال : " الحنيفية السمحة " .
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا سليمان بن داود ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت : وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذقني على منكبه ، لأنظر إلى زفن الحبشة ، حتى كنت التي مللت فانصرفت عنه .
قال عبد الرحمن ، عن أبيه قال : قال لي عروة : إن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ : " لتعلم يهود أن في ديننا فسحة ، إني أرسلت بحنيفية سمحة .
أصل الحديث مخرج في الصحيحين ، والزيادة لها شواهد من طرق عدة ، وقد استقصيت طرقها في شرح البخاري ، ولله الحمد والمنة .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يقول ويعلن بما هو عليه من الهداية إلى الصراط المستقيم: الدين المعتدل المتضمن للعقائد النافعة، والأعمال الصالحة، والأمر بكل حسن، والنهي عن كل قبيح، الذي عليه الأنبياء والمرسلون، خصوصا إمام الحنفاء، ووالد من بعث من بعد موته من الأنبياء، خليل الرحمن إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهو الدين الحنيف المائل عن كل دين غير مستقيم، من أديان أهل الانحراف، كاليهود والنصارى والمشركين.
تفسير البغوي
قوله - عز وجل - : ( قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ) قرأ أهل الكوفة والشام " قيما " بكسر القاف وفتح الياء خفيفة ، وقرأ الآخرون بفتح القاف وكسر الياء مشددا ومعناهما واحد وهو القويم المستقيم ، وانتصابه على معنى هداني دينا قيما ، ( ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين )
الإعراب:
(قُلْ) فعل أمر.
(إِنَّنِي) إن والياء اسمها والنون للوقاية (هَدانِي) فعل ماض مبني على الفتحة المقدرة على الألف للتعذر، والنون للوقاية، والياء في محل نصب مفعول به (رَبِّي) فاعل والياء مضاف إليه (إِلى صِراطٍ) متعلقان بالفعل هداني.
(مُسْتَقِيمٍ) صفة وجملة إنني. مقول القول وجملة هداني في محل رفع خبر إن.
(دِيناً) بدل من محل إلى صراط وهو المفعول الثاني للفعل هداني في الأصل لأن هدى يتعدى مباشرة كما في قوله تعالى (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أو بحرف الجر كما في الآية (قِيَماً) صفة لدينا.
(مِلَّةَ) بدل من دينا.
(إِبْراهِيمَ) مضاف إليه مجرور بالفتحة ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة.
(حَنِيفاً) حال منصوبة.
(وَما) الواو استئنافية، ما نافية.
(كانَ) ماض ناقص (مِنَ الْمُشْرِكِينَ) متعلقان بمحذوف خبر كان واسمها ضمير مستتر والجملة مستأنفة لا محل لها.