المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 157]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنعام | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401تفسير ابن كثير:
وقوله : ( أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ) أي : وقطعنا تعللكم أن تقولوا : لو أنا أنزل علينا ما أنزل عليهم لكنا أهدى منهم فيما أوتوه ، كقوله : (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا ) [ فاطر : 42 ] ، وهكذا قال هاهنا : ( فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة ) يقول : فقد جاءكم من الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم النبي العربي - قرآن عظيم ، فيه بيان للحلال والحرام ، وهدى لما في القلوب ، ورحمة من الله بعباده الذين يتبعونه ويقتفون ما فيه .
وقوله : ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها ) أي : لم ينتفع بما جاء به الرسول ، ولا اتبع ما أرسل به ، ولا ترك غيره ، بل صدف عن اتباع آيات الله ، أي : صرف الناس وصدهم عن ذلك قاله السدي .
وعن ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : ( وصدف عنها ) أعرض عنها .
وقول السدي هاهنا فيه قوة; لأنه قال : ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها ) كما تقدم في أول السورة : ( وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم ) [ الآية : 26 ] ، وقال تعالى : ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب ) [ النحل : 88 ] ، وقال في هذه الآية الكريمة : ( سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون ) .
وقد يكون المراد فيما قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة : ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها ) أي : لا آمن بها ولا عمل بها ، كقوله تعالى : ( فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ) [ القيامة : 32 ، 31 ] ، ونحو ذلك من الآيات الدالة على اشتمال الكافر على التكذيب بقلبه ، وترك العمل بجوارحه ، ولكن المعنى الأول أقوى وأظهر ، والله تعالى أعلم .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ } أي: إما أن تعتذروا بعدم وصول أصل الهداية إليكم، وإما أن تعتذروا، بـ[عدم] كمالها وتمامها، فحصل لكم بكتابكم أصل الهداية وكمالها، ولهذا قال: { فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ } وهذا اسم جنس، يدخل فيه كل ما يبين الحق { وَهُدًى } من الضلالة { وَرَحْمَةٌ } أي: سعادة لكم في دينكم ودنياكم، فهذا يوجب لكم الانقياد لأحكامه والإيمان بأخباره، وأن من لم يرفع به رأسا وكذب به، فإنه أظلم الظالمين، ولهذا قال: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا } أي: أعرض ونأى بجانبه. { سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ } أي: العذاب الذي يسوء صاحبه ويشق عليه. { بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ } لأنفسهم ولغيرهم، جزاء لهم على عملهم السيء { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } وفي هذه الآيات دليل على أن علم القرآن أجل العلوم وأبركها وأوسعها، وأنه به تحصل الهداية إلى الصراط المستقيم، هداية تامة لا يحتاج معها إلى تخرص المتكلمين، ولا إلى أفكار المتفلسفين، ولا لغير ذلك من علوم الأولين والآخرين. وأن المعروف أنه لم ينزل جنس الكتاب إلا على الطائفتين، [من] اليهود والنصارى، فهم أهل الكتاب عند الإطلاق، لا يدخل فيهم سائر الطوائف، لا المجوس ولا غيرهم. وفيه: ما كان عليه الجاهلية قبل نزول القرآن، من الجهل العظيم وعدم العلم بما عند أهل الكتاب، الذين عندهم مادة العلم، وغفلتهم عن دراسة كتبهم.
تفسير البغوي
( أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ) وقد كان جماعة من الكفار قالوا ذلك لو أنا أنزل علينا ما أنزل على اليهود والنصارى لكنا خيرا منهم ، قال الله تعالى : ( فقد جاءكم بينة من ربكم ) حجة واضحة بلغة تعرفونها ، ( وهدى ) بيان ( ورحمة ) ونعمة لمن اتبعه ، ( فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف ) أعرض ، ( عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب ) شدة العذاب ( بما كانوا يصدفون ) يعرضون .
الإعراب:
(أَوْ تَقُولُوا) عطف على تقولوا الأولى.
(لَوْ) حرف شرط غير جازم.
(أَنَّا) أن واسمها.
(أُنْزِلَ) فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور بعده، و(الْكِتابُ) نائب فاعل.
(لَكُنَّا أَهْدى) كان واسمها وخبرها واللام واقعة في جواب الشرط (مِنْهُمْ) متعلقان بأهدى. والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم.
(فَقَدْ) الفاء هي الفصيحة والتقدير لا تقولوا ذلك فقد جاءكم بينة.
(جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) فعل ماض تعلق به الجار والمجرور والكاف مفعوله وبينة فاعله، والجملة لا محل لها جواب شرط مقدر.
(وَهُدىً وَرَحْمَةٌ) عطف.
(فَمَنْ) الفاء استئنافية ومن اسم استفهام مبتدأ (أَظْلَمُ) خبره (مِمَّنْ) اسم موصول في محل جر بمن والجار والمجرور متعلقان بأظلم.
(كَذَّبَ) فعل ماض تعلق به الجار والمجرور (بِآياتِ) والجملة صلة الموصول لا محل لها وجملة (وَصَدَفَ عَنْها) معطوفة عليها.
(سَنَجْزِي الَّذِينَ) فعل مضارع واسم الموصول مفعوله والسين حرف استقبال.
(يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله (سُوءَ) مفعوله الثاني والجملة صلة الموصول لا محل لها كذلك وجملة سنجزي استئنافية لا محل لها.
(بِما) ما مصدرية مبنية على السكون، (كانُوا) كان والواو اسمها وجملة (يَصْدِفُونَ) خبرها. والمصدر المؤول من ما والفعل بعدها في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بالفعل نجزي أي نجزيهم بصدفهم عن آياتنا.