Les révélations mecquoises: futuhat makkiyah

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة البقرة: [الآية 86]

سورة البقرة
أُو۟لَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُا۟ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا بِٱلْءَاخِرَةِ ۖ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ﴿86﴾

تفسير الجلالين:

«أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة» بأن آثروها عليها «فلا يخفَّف عنهم العذاب ولا هم يُنصرون» يمنعون منه.

تفسير الشيخ محي الدين:

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)

أصل التكاليف مشتق من الكلف وهي المشقات «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» وهو ما آتاها من التمكن الذي هو وسعها ، فقد خلق سبحانه لنا التمكن من فعل بعض الأعمال ، نجد ذلك من نفوسنا ولا ننكره ، وهي الحركة الاختيارية ، كما جعل سبحانه فينا المانع من بعض الأفعال الظاهرة فينا ، ونجد ذلك من نفوسنا ، كحركة المرتعش الذي لا اختيار للمرتعش فيها ، وبذلك القدر من التمكن الذي يجده الإنسان في نفسه صح أن يكون مكلفا ، ولا يحقق الإنسان بعقله لما ذا يرجع ذلك التمكن ، هل لكونه قادرا أو لكونه مختارا ؟ وإن كان مجبورا في اختياره ، ولا يمكن رفع الخلاف في هذه المسألة ، فإنها من المسائل المعقولة ولا يعرف الحق فيها إلا بالكشف ، وإذا بذلت النفس الوسع في طاعة اللّه لم يقم عليها حجة ،

فإن اللّه أجلّ أن يكلف نفسا إلا وسعها ، ولذلك كان الاجتهاد في الفروع والأصول «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» لما كانت النفوس ولاة الحق على الجوارح ، والجوارح مأمورة مجبورة غير مختارة فيما تصرف فيه ، مطيعة بكل وجه ، والنفوس ليست كذلك ، فإذا عملت لغير عبادة لا يقبل العمل من حيث القاصد لوقوعه الذي هو النفس المكلفة ، لكن من حيث أن العمل صدر من الجوارح أو من جارحة مخصوصة ، فإنها تجزى به تلك الجارحة ، فيقبل العمل لمن ظهر منه ولا يعود منه على النفس الآمرة به للجوارح شيء إذا كان العمل خيرا بالصورة كصلاة المرائي والمنافق وجميع ما يظهر على جوارحه من أفعال الخير الذي لم تقصد به النفس عبادة ، وأما أعمال الشر المنهي عنها فإن النفس تجزى بها للقصد ، والجوارح لا تجزى بها لأنها ليس في قوتها الامتناع عما تريد النفوس بها من الحركات ، فإنها مجبورة على السمع والطاعة لها ، فإن جارت النفوس فعليها ، وللجوارح رفع الحرج ، بل لهم الخير الأتم ، وإن عدلت النفوس فلها وللجوارح ، لذلك قال تعالى : «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فميز اللّه بين الكسب والاكتساب باللام وعلى ، وهذه الآية بشرى من اللّه حيث جعل المخالفة اكتسابا والطاعة كسبا ، فقال : «لَها ما كَسَبَتْ» فأوجبه لها .

وقال في المعصية والمخالفة : «وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فما أوجب لها الأخذ بما اكتسبته ، فالاكتساب ما هو حق لها فتستحقه ، فتستحق الكسب ولا تستحق الاكتساب ، والحق لا يعامل إلا بالاستحقاق ، والعفو من اللّه يحكم على الأخذ بالجريمة «رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا» اعلم أن الرحمة أبطنها اللّه في النسيان الموجود في العالم ، وأنه لو لم يكن لعظم الأمر وشق ، وفيما يقع فيه التذكر كفاية ، وأصل هذا وضع الحجاب بين العالم وبين اللّه في موطن التكليف ، إذ كانت المعاصي والمخالفات مقدرة في علم اللّه فلا بد من وقوعها من العبد ضرورة ، فلو وقعت مع التجلي والكشف لكان مبالغة في قلة الحياء من اللّه حيث يشهده ويراه ، والقدر حاكم بالوقوع فاحتجب رحمة بالخلق لعظيم المصاب ، قال صلّى اللّه عليه وسلم:

إن اللّه إذا أراد نفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم ، حتى إذا أمضى فيهم قضاءه وقدره ردها عليهم ليعتبروا ، وقال صلّى اللّه عليه وسلم : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، فلا يؤاخذهم اللّه به في الدنيا ولا في الآخرة ، فأما في الآخرة فمجمع عليه من الكل ، وأما في الدنيا فأجمعوا على رفع الذنب ، واختلفوا في الحكم ، وكذلك في الخطأ على قدر ما شرع الشارع في

أشخاص المسائل ، مثل الإفطار ناسيا في رمضان وغير ذلك من المسائل ، فإن اللّه تعالى الذي شرع المعصية والطاعة وبيّن حكمهما ، رفع حكم الأخذ بالمعصية في حق الناسي والمخطئ «رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ» وهذا تعليم من الحق لنا أن نسأله في أن لا يقع منه في المستقبل ما لم يقع في الحال ، «وَاعْفُ عَنَّا» أي كثر خيرك لنا وقلل بلاءك عنا ، أي قلل ما ينبغي أن يقلل وكثر ما ينبغي أن يكثر ، فإن العفو من الأضداد يطلق بإزاء الكثرة والقلة ، وليس إلا عفوك عن خطايانا التي طلبنا منك أن تسترنا عنها حتى لا تصيبنا ، وهو قولنا : «وَاغْفِرْ لَنا» أي استرنا من المخالفات حتى لا تعرف مكاننا فتقصدنا «وَارْحَمْنا» برحمة الامتنان ورحمة الوجوب ، أي برحمة الاختصاص.

------------

(286) التنزلات الموصلية - الفتوحات ج 1 / 341 - ج 2 / 381 - ج 3 / 348 ، 123 ، 511 - ج 2 / 535 ، 684 - ج 3 / 381 - ج 1 / 435 ، 434

تفسير ابن كثير:

"أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة" أي : استحبوها على الآخرة واختاروها ( فلا يخفف عنهم العذاب ) أي : لا يفتر عنهم ساعة واحدة ( ولا هم ينصرون )

أي : وليس لهم ناصر ينقذهم مما هم فيه من العذاب الدائم السرمدي ، ولا يجيرهم منه .


تفسير الطبري :

قوله تعالى‏ {‏ثم أنتم هؤلاء‏}‏ ‏{‏أنتم‏}‏ في موضع رفع بالابتداء، ولا يعرب، لأنه مضمر‏.‏ وضمت التاء من ‏{‏أنتم‏}‏ لأنها كانت مفتوحة إذا خاطبت واحدا مذكرا، ومكسورة إذا خاطبت واحدة مؤنثة، فلما ثنيت أو جمعت لم يبق إلا الضمة‏.‏ قوله تعالى ‏{‏هؤلاء‏}‏ قال القتبي‏:‏ التقدير يا هؤلاء‏.‏ قال النحاس‏:‏ هذا خطأ على قول سيبويه، ولا يجوز هذا أقبل‏.‏ وقال الزجاج‏:‏ هؤلاء بمعنى الذين‏.‏ قوله تعالى‏ {‏تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم‏}‏ داخل في الصلة، أي ثم أنتم الذين تقتلون‏.‏ وقيل‏ {‏هؤلاء‏}‏ رفع بالابتداء، و‏{‏أنتم‏}‏ خبر مقدم، و‏ {‏تقتلون‏}‏ حال من أولاء‏.‏ وقيل ‏{‏هؤلاء‏}‏ نصب بإضمار أعني‏.‏ وقرأ الزهري ‏{‏تقتلون‏}‏ بضم التاء مشددا، وكذلك ‏{‏فلم تقتلون أنبياء الله‏} [‏البقرة‏:‏ 91‏]‏‏.‏ وهذه الآية خطاب للمواجهين لا يحتمل رده إلى الأسلاف‏.‏ نزلت في بني قينقاع وقريظة والنضير من اليهود، وكانت بنو قينقاع أعداء قريظة، وكانت الأوس حلفاء بني قينقاع، والخزرج حلفاء بني قريظة‏.‏ والنضير والأوس والخزرج إخوان، وقريظة والنضير أيضا إخوان، ثم افترقوا فكانوا يقتتلون، ثم يرتفع الحرب فيفدون أساراهم، فعيرهم الله بذلك فقال‏ {‏وإن يأتوكم أسارى تفادوهم‏}‏‏. قوله تعالى‏ {‏تظاهرون‏}‏ معنى ‏{‏تظاهرون‏}‏ تتعاونون، مشتق من الظهر، لأن بعضهم يقوي بعضا فيكون له كالظهر، ومنه قول الشاعر‏:‏ تظاهرتم أستاه بيت تجمعت ** على واحد لا زلتم قرن واحد وقرأ أهل المدينة وأهل مكة ‏{‏تظاهرون‏}‏ بالتشديد، يدغمون التاء في الظاء لقربها منها، والأصل تتظاهرون‏.‏ وقرأ الكوفيون ‏{‏تظاهرون‏}‏ مخففا، حذفوا التاء الثانية لدلالة الأولى عليها، وكذا ‏{‏وإن تظاهرا عليه‏}‏ [التحريم‏:‏ 4‏]‏‏.‏ وقرأ قتادة ‏{‏تظهرون عليهم‏}‏ وكله راجع إلى معنى التعاون، ومنه‏ {‏وكان الكافر على ربه ظهيرا‏} [‏الفرقان‏:‏ 55‏]‏ وقوله‏ {‏والملائكة بعد ذلك ظهير‏} [‏التحريم‏:‏ 4‏]‏ فاعلمه‏.‏ قوله تعالى {وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم} فيه ست مسائل: الأولى: قوله تعالى ‏{‏وإن يأتوكم أسارى‏}‏ شرط وجوابه‏ {‏تفادوهم‏}‏ و ‏{‏أسارى‏}‏ نصب على الحال‏.‏ قال أبو عبيد وكان أبو عمرو يقول‏:‏ ما صار في أيديهم فهم الأسارى، وما جاء مستأسرا فهم الأسرى‏.‏ ولا يعرف أهل اللغة ما قال أبو عمرو، إنما هو كما تقول‏:‏ سكارى وسكرى‏.‏ وقراءة الجماعة ‏{‏أسارى‏}‏ ما عدا حمزة فإنه قرأ ‏{‏أسرى‏}‏ على فعلى، جمع أسير بمعنى مأسور، والباب - في تكسيره إذا كان كذلك - فعلى، كما تقول‏:‏ قتيل وقتلى، وجريح وجرحى‏.‏ قال أبو حاتم‏:‏ ولا يجوز أسارى‏.‏ وقال الزجاج‏:‏ يقال أسارى كما يقال سكارى، وفعالى هو الأصل، وفعالى داخلة عليها‏.‏ وحكي عن محمد بن يزيد قال‏:‏ يقال أسير وأسراء، كظريف وظرفاء‏.‏ قال ابن فارس‏:‏ يقال في جمع أسير أسرى وأسارى، وقرئ بهما‏.‏ وقيل‏:‏ أسارى بفتح الهمزة وليست بالعالية‏.‏ الثانية: الأسير مشتق من الإسار، وهو القِد الذي يشد به المحمل فسمي أسيرا، لأنه يشد وثاقه، والعرب تقول‏:‏ قد أسر قتبه، أي شده، ثم سمي كل أخيذ أسيرا وإن لم يؤسر، وقال الأعشى‏:‏ وقيدني الشعر في بيته ** كما قيد الآسرات الحمارا أي أنا في بيته، يريد ذلك بلوغه النهاية فيه‏.‏ فأما الأسر في قوله عز وجل ‏{‏وشددنا أسرهم‏} [‏الإنسان‏:‏ 28‏]‏ فهو الخلق‏.‏ وأسرة الرجل رهطه، لأنه يتقوى بهم‏.‏ الثالثة: قوله تعالى ‏{‏تفادوهم‏}‏ كذا قرأ نافع وحمزة والكسائي‏.‏ والباقون ‏{‏تفدوهم‏}‏ من الفداء‏.‏ والفداء‏:‏ طلب الفدية في الأسير الذي في أيديهم‏.‏ قال الجوهري الفداء إذا كسر أوله يمد ويقصر، وإذا فتح فهو مقصور، يقال‏:‏ قم فدى لك أبي‏.‏ ومن العرب من يكسر ‏(‏فداء)}‏ بالتنوين إذا جاور لام الجر خاصة، فيقول‏:‏ فداء لك، لأنه نكرة يريدون به معنى الدعاء‏.‏ وأنشد الأصمعي للنابغة‏:‏ مهلا فداء لك الأقوام كلهم ** وما أثمر من مال ومن ولد ويقال‏:‏ فداه وفاداه إذا أعطى فداءه فأنقذه‏.‏ وفداه بنفسه، وفداه يفديه إذا قال جعلت فداك‏.‏ وتفادوا، أي فدى بعضهم بعضا‏.‏ والفدية والفدى والفداء كله بمعنى واحد‏.‏ وفاديت نفسي إذا أطلقتها بعد أن دفعت شيئا، بمعنى فديت، ومنه قول العباس للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ فاديت نفسي وفاديت عقيلا‏.‏ وهما فعلان يتعديان إلى مفعولين الثاني منهما بحرف الجر، تقول‏:‏ فديت نفسي بمالي وفاديته بمالي، قال الشاعر‏:‏ قفي فادي أسيرك إن قومي ** وقومك ما أرى لهم اجتماعا الرابعة: قوله تعالى‏ {‏وهو محرم عليكم إخراجهم‏}‏ ‏{‏هو‏}‏ مبتدأ وهو كناية عن الإخراج، و‏{‏محرم‏}‏ خبره، و ‏{‏إخراجهم‏}‏ بدل من ‏{‏هو‏}‏ وإن شئت كان كناية عن الحديث والقصة، والجملة التي بعده خبره، أي والأمر محرم عليكم إخراجهم‏.‏ فـ ‏{‏إخراجهم ‏}‏ مبتدأ ثان‏.‏ و‏{‏محرم‏}‏ خبره، والجملة خبر عن ‏{‏هو‏}‏، وفي ‏{‏محرم‏}‏ ضمير ما لم يسم فاعله يعود على الإخراج‏.‏ ويجوز أن يكون ‏{‏محرم‏}‏ مبتدأ، و ‏{‏إخراجهم‏}‏ مفعول ما لم يسم فاعله يسد مسد خبر ‏{‏محرم‏}‏، والجملة خبر عن ‏{‏هو‏}‏‏.‏ وزعم الفراء أن ‏{‏هو‏}‏ عماد، وهذا عند البصريين خطأ لا معنى له، لأن العماد لا يكون في أول الكلام‏.‏ ويقرأ ‏{‏وهو‏}‏ بسكون الهاء لثقل الضمة، كما قال الشاعر‏:‏ فهْو لا تنمي رميته ** ما له لا عد من نفره وكذلك إن جئت باللام وثم، وقد تقدم‏.‏ قال علماؤنا‏:‏ كان الله تعالى قد أخذ عليهم أربعة عهود‏:‏ ترك القتل، وترك الإخراج، وترك المظاهرة، وفداء أساراهم، فأعرضوا عن كل ما أمروا به إلا الفداء، فوبخهم الله على ذلك توبيخا يتلى فقال ‏{‏أفتؤمنون ببعض الكتاب‏}‏ [البقرة‏:‏ 85‏]‏ وهو التوراة ‏{‏وتكفرون ببعض‏}‏ [البقرة‏:‏ 85‏]‏ ‏!‏‏!‏ قلت‏:‏ ولعمر الله لقد أعرضنا نحن عن الجميع بالفتن فتظاهر بعضنا على بعض‏!‏ ليت بالمسلمين، بل بالكافرين‏!‏ حتى تركنا إخواننا أذلاء صاغرين يجري عليهم حكم المشركين، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏!‏‏.‏ قال علماؤنا‏:‏ فداء الأسارى واجب وإن لم يبق درهم واحد‏.‏ قال ابن خويز منداد‏:‏ تضمنت الآية وجوب فك الأسرى، وبذلك وردت الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فك الأسارى وأمر بفكهم، وجرى بذلك عمل المسلمين وانعقد به الإجماع‏.‏ ويجب فك الأسارى من بيت المال، فإن لم يكن فهو فرض على كافة المسلمين، ومن قام به منهم أسقط الفرض عن الباقين‏.‏ وسيأتي‏.‏ الخامسة: قوله تعالى ‏{‏فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا‏}‏ ابتداء وخبر‏.‏ والخزي الهوان‏.‏ قال الجوهري‏:‏ وخَزِي - بالكسر - يَخْزَى خزيا إذا ذل وهان‏.‏ قال ابن السكيت‏:‏ وقع في بلية‏.‏ وأخزاه الله، وخَزِيَ أيضا يَخْزَى خِزَاية إذا استحيا، فهو خزيان‏.‏ وقوم خزايا وامرأة خَزْيا‏.‏ السادسة: قوله تعالى ‏{‏ويوم القيامة يردون‏}‏ ‏{‏يردون‏}‏ بالياء قراءة العامة، وقرأ الحسن ‏{‏تردون‏}‏ بالتاء على الخطاب‏.‏ ‏{‏إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون‏}‏ تقدم القول فيه، وكذلك‏ {‏أولئك الذين اشتروا‏}‏ الآية فلا معنى للإعادة‏.‏ ‏{‏يوم‏}‏ منصوب بـ ‏{‏يردون‏}‏‏.

التفسير الميسّر:

أولئك هم الذين آثروا الحياة الدنيا على الآخرة، فلا يخفف عنهم العذاب، وليس لهم ناصر ينصرهم مِن عذاب الله.

تفسير السعدي

وهذا الفعل المذكور في هذه الآية, فعل للذين كانوا في زمن الوحي بالمدينة، وذلك أن الأوس والخزرج - وهم الأنصار - كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم مشركين, وكانوا يقتتلون على عادة الجاهلية، فنزلت عليهم الفرق الثلاث من فرق اليهود, بنو قريظة, وبنو النضير, وبنو قينقاع، فكل فرقة منهم حالفت فرقة من أهل المدينة. فكانوا إذا اقتتلوا أعان اليهودي حليفه على مقاتليه الذين تعينهم الفرقة الأخرى من اليهود, فيقتل اليهودي اليهودي, ويخرجه من دياره إذا حصل جلاء ونهب، ثم إذا وضعت الحرب أوزارها, وكان قد حصل أسارى بين الطائفتين فدى بعضهم بعضا. والأمور الثلاثة كلها قد فرضت عليهم، ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض, ولا يخرج بعضهم بعضا، وإذا وجدوا أسيرا منهم, وجب عليهم فداؤه، فعملوا بالأخير وتركوا الأولين, فأنكر الله عليهم ذلك فقال: { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ } وهو فداء الأسير { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } وهو القتل والإخراج. وفيها أكبر دليل على أن الإيمان يقتضي فعل الأوامر واجتناب النواهي، وأن المأمورات من الإيمان، قال تعالى: { فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } وقد وقع ذلك فأخزاهم الله, وسلط رسوله عليهم, فقتل من قتل, وسبى من سبى منهم, وأجلى من أجلى. { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ } أي: أعظمه { وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } ثم أخبر تعالى عن السبب الذي أوجب لهم الكفر ببعض الكتاب, والإيمان ببعضه فقال: { أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ } توهموا أنهم إن لم يعينوا حلفاءهم حصل لهم عار, فاختاروا النار على العار، فلهذا قال: { فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ } بل هو باق على شدته, ولا يحصل لهم راحة بوقت من الأوقات، { وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ } أي: يدفع عنهم مكروه


تفسير البغوي

{أولئك الذين اشتروا} استبدلوا.

{الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف} يهون.

{عنهم العذاب ولا هم ينصرون} يمنعون من عذاب الله عز وجل .


الإعراب:

(أُولئِكَ) اسم الإشارة مبتدأ.

(الَّذِينَ) اسم موصول خبر.

(اشْتَرَوُا) فعل ماض وفاعل والجملة صلة الموصول.

(الْحَياةَ) مفعول به.

(الدُّنْيا) صفة.

(بِالْآخِرَةِ) الجار والمجرور متعلقان باشتروا.

(فَلا) الفاء عاطفة لا نافية.

(يُخَفَّفُ) فعل مضارع مبني للمجهول.

(عَنْهُمُ) متعلقان بالفعل قبلهما.

(الْعَذابُ) نائب فاعل والجملة معطوفة.

(وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) الجملة الاسمية معطوفة والفعلية خبر.

---

Traslation and Transliteration:

Olaika allatheena ishtarawoo alhayata alddunya bialakhirati fala yukhaffafu AAanhumu alAAathabu wala hum yunsaroona

بيانات السورة

اسم السورة سورة البقرة (Al-Baqara - The Cow)
ترتيبها 2
عدد آياتها 286
عدد كلماتها 6144
عدد حروفها 25613
معنى اسمها (البَقَرَةُ) مِنْ أَصْنَافِ بَهِيمَةِ الأَنعَامِ، وهِيَ: (الإِبِلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ)
سبب تسميتها انفِرَادُ السُّورَةِ بذِكْرِ قِصَّةِ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (البَقَرَةِ)، وتُلقَّبُ بِـ(سَنَامِ القُرْآنِ)، و(فُسْطَاطِ القُرْآنِ)، وَ(الزَّهْرَاءِ)
مقاصدها الاسْتِجَابَةُ لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى وَالامْتِثَالُ الكَامِلُ لَهُ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها بَرَكَةٌ عَجِيبَةٌ لِقَارِئِهَا، قَالَ ﷺ: «اقْرَؤُوا البَقَرَةَ؛ فَإِنَّ أَخذَها بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ». (رَوَاهُ مُسْلِم). عِلَاجٌ مِنَ السِّحْرِ وَالْعَينِ وَالحَسَدِ، قَالَ ﷺ: «وَلَا يَسْتَطِيعُهَا البَطَلَةُ؛ أَيِ: السَّحَرَةُ». (رَوَاهُ مُسْلِم). طَارِدَةٌ لِلشَّيَاطِينِ، قَالَ ﷺ: «وَإِنَّ البَيْتَ الَّذِي تُقرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ لَا يدخُلُهُ شَيطَانٌ». (رَوَاهُ مُسْلِم). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (البَقَرَةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ صِفَاتِ المُتَّقِينَ. فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ﴾ ... الآيَاتِ، وقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ﴾... الآيَاتِ.. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (البَقَرَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الفَاتِحَةِ): لَمَّا قَالَ العَبْدُ فِي خِتَامِ (الفَاتِحَةِ): ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦﴾. قِيلَ لَهُ فِي فَاتِحَةِ (البَقَرَةِ): ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ٢﴾ هُوَ مَطْلُوبُكَ وَفِيهِ حَاجَتُكَ.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


Veuillez noter que certains contenus sont traduits de l'arabe de manière semi-automatique!