المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 110]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنعام | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401تفسير ابن كثير:
وقوله تعالى : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) قال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية : لما جحد المشركون ما أنزل الله لم تثبت قلوبهم على شيء وردت عن كل أمر .
وقال مجاهد : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) ونحول بينهم وبين الإيمان ولو جاءتهم كل آية ، فلا يؤمنون ، كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة .
وكذا قال عكرمة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .
وقال ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس أنه قال : أخبر الله ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعملوه . قال : ( ولا ينبئك مثل خبير ) [ فاطر : 14 ] ، وقال :
( أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) [ الزمر : 56 - 58 ] فأخبر سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى ، وقال : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) [ الأنعام : 28 ] ، وقال ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) قال : لو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى ، كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا .
وقوله : ( ونذرهم ) أي : نتركهم ( في طغيانهم ) قال ابن عباس والسدي : في كفرهم . وقال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة : في ضلالهم .
( يعمهون ) قال الأعمش : يلعبون . وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وأبو العالية ، والربيع ، وأبو مالك ، وغيره : في كفرهم يترددون .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
تفسير الآيتين 110 و111 : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } أي: ونعاقبهم، إذا لم يؤمنوا أول مرة يأتيهم فيها الداعي، وتقوم عليهم الحجة، بتقليب القلوب، والحيلولة بينهم وبين الإيمان، وعدم التوفيق لسلوك الصراط المستقيم. وهذا من عدل الله، وحكمته بعباده، فإنهم الذين جنوا على أنفسهم، وفتح لهم الباب فلم يدخلوا، وبين لهم الطريق فلم يسلكوا، فبعد ذلك إذا حرموا التوفيق، كان مناسبا لأحوالهم. وكذلك تعليقهم الإيمان بإرادتهم، ومشيئتهم وحدهم، وعدم الاعتماد على الله من أكبر الغلط، فإنهم لو جاءتهم الآيات العظيمة، من تنزيل الملائكة إليهم، يشهدون للرسول بالرسالة، وتكليم الموتى وبعثهم بعد موتهم، وحشر كل شيء إليهم حتى يكلمهم { قُبُلًا } ومشاهدة، ومباشرة، بصدق ما جاء به الرسول ما حصل منهم الإيمان، إذا لم يشأ الله إيمانهم، ولكن أكثرهم يجهلون. فلذلك رتبوا إيمانهم، على مجرد إتيان الآيات، وإنما العقل والعلم، أن يكون العبد مقصوده اتباع الحق، ويطلبه بالطرق التي بينها الله، ويعمل بذلك، ويستعين ربه في اتباعه، ولا يتكل على نفسه وحوله وقوته، ولا يطلب من الآيات الاقتراحية ما لا فائدة فيه.
تفسير البغوي
ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ) قال ابن عباس : يعني ونحول بينهم وبين الإيمان ، فلو جئناهم بالآيات التي سألوا ما آمنوا بها كما لم يؤمنوا به أول مرة أي : كما لم يؤمنوا بما قبلها من الآيات من انشقاق القمر وغيره ، وقيل : كما لم يؤمنوا به أول مرة ، يعني معجزات موسى وغيره من الأنبياء عليهم السلام ، كقوله تعالى ( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ) ، ( القصص ، 48 ) ، وفي الآية محذوف تقديره فلا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أول مرة ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : المرة الأولى دار الدنيا ، يعني لو ردوا من الآخرة إلى الدنيا نقلب أفئدتهم وأبصارهم عن الإيمان كما لم يؤمنوا في الدنيا قبل مماتهم ، كما قال : " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه " ( الأنعام ، 28 ( ونذرهم في طغيانهم يعمهون ) قال عطاء : نخذلهم وندعهم في ضلالتهم يتمادون .
الإعراب:
(وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ) فعل مضارع ومفعوله والفاعل نحن والجملة مستأنفة لا محل لها (وَأَبْصارَهُمْ) عطف (كَما) الكاف حرف جر ما: مصدرية وهي مؤولة مع الفعل (لَمْ يُؤْمِنُوا) بمصدر في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلقان بمصدر محذوف التقدير: نقلب أفئدتهم وأبصارهم تقليبا كبعدهم عن الإيمان.
(بِهِ) متعلقان بالفعل قبله (أَوَّلَ) ظرف زمان متعلق بالفعل قبله (مَرَّةٍ) مضاف إليه.
(وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ) فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور والهاء مفعول به وفاعله نحن وجملة (يَعْمَهُونَ) في محل نصب حال وجملة نذرهم معطوفة على جملة نقلب أفئدتهم.