المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 98]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنعام | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401تفسير ابن كثير:
قول تعالى : ( وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة ) يعني : آدم عليه السلام ، كما قال : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء ) [ النساء : 1 ] .
وقوله : ( فمستقر ) اختلفوا في معنى ذلك ، فعن ابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، وقيس بن أبي حازم ومجاهد ، وعطاء ، وإبراهيم النخعي ، والضحاك وقتادة والسدي ، وعطاء الخراساني : ( فمستقر ) أي : في الأرحام قالوا - أو : أكثرهم - : ( ومستودع ) أي : في الأصلاب .
وعن ابن مسعود وطائفة عكس ذلك . وعن ابن مسعود أيضا وطائفة : فمستقر في الدنيا ، ومستودع حيث يموت . وقال سعيد بن جبير : ( فمستقر ) في الأرحام وعلى ظهر الأرض ، وحيث يموت . وقال الحسن البصري : المستقر الذي قد مات فاستقر به عمله . وعن ابن مسعود : ومستودع في الدار الآخرة .
والقول الأول هو الأظهر ، والله أعلم .
وقوله : ( قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ) أي : يفهمون ويعون كلام الله ومعناه .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } وهو آدم عليه السلام. أنشأ الله منه هذا العنصر الآدمي؛ الذي قد ملأ الأرض ولم يزل في زيادة ونمو، الذي قد تفاوت في أخلاقه وخلقه، وأوصافه تفاوتا لا يمكن ضبطه، ولا يدرك وصفه، وجعل الله لهم مستقرا، أي منتهى ينتهون إليه، وغاية يساقون إليها، وهي دار القرار، التي لا مستقر وراءها، ولا نهاية فوقها، فهذه الدار، هي التي خلق الخلق لسكناها، وأوجدوا في الدنيا ليسعوا في أسبابها، التي تنشأ عليها وتعمر بها، وأودعهم الله في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم، ثم في دار الدنيا، ثم في البرزخ، كل ذلك، على وجه الوديعة، التي لا تستقر ولا تثبت، بل ينتقل منها حتى يوصل إلى الدار التي هي المستقر، وأما هذه الدار، فإنها مستودع وممر { قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } عن الله آياته، ويفهمون عنه حججه، وبيناته.
تفسير البغوي
( وهو الذي أنشأكم ) خلقكم وابتدأكم ، ( من نفس واحدة ) يعني : آدم عليه السلام ، ( فمستقر ومستودع ) قرأ ابن كثير وأهل البصرة " فمستقر " بكسر القاف ، يعني : فمنكم مستقر ومنكم مستودع ، وقرأ الآخرون بفتح القاف ، أي : فلكم مستقر ومستودع .
واختلفوا في المستقر والمستودع ، قال عبد الله بن مسعود : فمستقر في الرحم إلى أن يولد ، ومستودع في القبر إلى أن يبعث .
وقال سعيد بن جبير وعطاء : فمستقر في أرحام الأمهات ومستودع في أصلاب الآباء ، وهو رواية عكرمة عن ابن عباس قال سعيد بن جبير : قال لي ابن عباس هل تزوجت قلت : لا قال : إنه ما كان من مستودع في ظهرك فيستخرجه الله عز وجل .
وروي عن أبي أنه قال : مستقر في أصلاب الآباء ، ومستودع في أرحام الأمهات .
وقيل : مستقر في الرحم ومستودع فوق الأرض ، قال الله تعالى : " ونقر في الأرحام ما نشاء " ( الحج ، 5 ) .
وقال مجاهد : مستقر على ظهر الأرض في الدنيا ومستودع عند الله في الآخرة ، ويدل عليه قوله تعالى : " ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين " ( البقرة ، 36 ) .
وقال الحسن : المستقر في القبور والمستودع في الدنيا ، وكان يقول : يا ابن آدم أنت وديعة في أهلك ويوشك أن تلحق بصاحبك .
وقيل : المستودع القبر والمستقر الجنة والنار ، لقوله عز وجل في صفة الجنة والنار : " حسنت مستقرا " ( الفرقان ، 76 ) " ساءت مستقرا " ( الفرقان ، 66 ) ، ( قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون ) .
الإعراب:
(وَهُوَ الَّذِي) الجملة الاسمية معطوفة (أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ) فعل ماض تعلق به الجار والمجرور وفاعله مستتر والكاف مفعوله والجملة صلة الموصول لا محل لها (واحِدَةٍ) صفة (فَمُسْتَقَرٌّ) مبتدأ وخبره محذوف تقديره: فلكم مستقر (وَمُسْتَوْدَعٌ) عطف، والجملة معطوفة (قَدْ فَصَّلْنَا) إعرابها كإعراب الآية السابقة.