المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 60]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنعام | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401تفسير ابن كثير:
يخبر تعالى أنه يتوفى عباده في منامهم بالليل ، وهذا هو التوفي الأصغر كما قال تعالى : ( إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي [ ومطهرك من الذين كفروا ] ) [ آل عمران : 55 ] ، وقال تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ) [ الزمر : 42 ] ، فذكر في هذه الآية الوفاتين : الكبرى والصغرى ، وهكذا ذكر في هذا المقام حكم الوفاتين الصغرى ثم الكبرى ، فقال : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ) أي : ويعلم ما كسبتم من الأعمال بالنهار . وهذه جملة معترضة دلت على إحاطة علمه تعالى بخلقه في ليلهم ونهارهم ، في حال سكونهم وفي حال حركتهم ، كما قال : ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) [ الرعد : 10 ] ، وكما قال تعالى : ( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ) أي : في الليل ( ولتبتغوا من فضله ) [ القصص : 73 ] أي : في النهار ، كما قال : ( وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا ) [ النبأ : 10 ، 11 ; ولهذا قال هاهنا : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ) أي : ما كسبتم بالنهار ) ثم يبعثكم فيه ) أي : في النهار . قاله مجاهد وقتادة والسدي .
وقال ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير : أي في المنام .
والأول أظهر . وقد روى ابن مردويه بسنده عن الضحاك ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " مع كل إنسان ملك إذا نام أخذ نفسه ، ويرد إليه . فإن أذن الله في قبض روحه قبضه ، وإلا رد إليه " ، فذلك قوله : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل )
وقوله ( ليقضى أجل مسمى ) يعني به : أجل كل واحد من الناس ( ثم إليه مرجعكم ) أي : يوم القيامة ( ثم ينبئكم ) أي : فيخبركم ( بما كنتم تعملون ) أي : ويجزيكم على ذلك إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
هذا كله، تقرير لألوهيته، واحتجاج على المشركين به، وبيان أنه تعالى المستحق للحب والتعظيم، والإجلال والإكرام، فأخبر أنه وحده، المتفرد بتدبير عباده، في يقظتهم ومنامهم، وأنه يتوفاهم بالليل، وفاة النوم، فتهدأ حركاتهم، وتستريح أبدانهم، ويبعثهم في اليقظة من نومهم، ليتصرفوا في مصالحهم الدينية والدنيوية وهو –تعالى- يعلم ما جرحوا وما كسبوا من تلك الأعمال. ثم لا يزال تعالى هكذا، يتصرف فيهم، حتى يستوفوا آجالهم. فيقضى بهذا التدبير، أجل مسمى، وهو: أجل الحياة، وأجل آخر فيما بعد ذلك، وهو البعث بعد الموت، ولهذا قال: { ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } لا إلى غيره { ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } من خير وشر.
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( وهو الذي يتوفاكم بالليل ) أي : يقبض أرواحكم إذا نمتم بالليل ، ( ويعلم ما جرحتم ) كسبتم ، ( بالنهار ثم يبعثكم فيه ) أي : يوقظكم في النهار ، ( ليقضى أجل مسمى ) يعني : أجل الحياة إلى الممات ، يريد استيفاء العمر على التمام ، ( ثم إليه مرجعكم ) في الآخرة ، ( ثم ينبئكم ) يخبركم ، ( بما كنتم تعملون ) .
الإعراب:
(وَهُوَ) ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ، والواو استئنافية (الَّذِي) اسم موصول في محل رفع خبر (يَتَوَفَّاكُمْ) مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الألف، والكاف ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والميم للجمع، والفاعل يعود إلى الاسم الموصول (بِاللَّيْلِ) متعلقان بالفعل قبلهما، والجملة صلة الموصول لا محل لها.
(وَيَعْلَمُ ما) فعل مضارع واسم الموصول مفعوله، وفاعله ضمير مستتر تقديره هو والجملة معطوفة (جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ) فعل ماض تعلق به الجار والمجرور بعده والتاء فاعله، والجملة صلة الموصول لا محل لها.
(ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ) الجملة معطوفة (لِيُقْضى أَجَلٌ) فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف والمصدر المؤول من أن المضمرة والفعل في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (يَبْعَثُكُمْ) (أَجَلٌ) نائب فاعل (مُسَمًّى) صفة أجل (ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) إليه: متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ مرجعكم والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها وكذلك جملة (ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ) بعدها معطوفة، (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ما اسم موصول في محل جر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما، وجملة (كُنْتُمْ) صلة الموصول لا محل لها، وجملة (تَعْمَلُونَ) في محل نصب خبر كنتم.