«قل» لهم «أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة» ليلا أو نهارا «هل يُهلك إلا القوم الظالمون» الكافرون أي ما يهلك إلا هم.
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 /
447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 /
68 ، 60 ،
68 ، 401
وقوله : ( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة ) أي : وأنتم لا تشعرون به حتى بغتكم وفجأكم .
( أو جهرة ) أي : ظاهرا عيانا ( هل يهلك إلا القوم الظالمون ) أي : إنما : كان يحيط بالظالمين أنفسهم بالشرك بالله [ عز وجل ] وينجو الذين كانوا يعبدون الله وحده لا شريك له ، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . كما قال تعالى ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ] ) [ الأنعام : 82 ] . .
قوله تعالى {قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم} أي اذهب وانتزع. ووحد {سمعكم} لأنه مصدر يدل على الجمع. {وختم} أي طبع. وجواب {إن} محذوف تقديره : فمن يأتيكم به، وموضعه نصب؛ لأنها في موضع الحال، كقولك : اضربه إن خرج أي خارجا. ثم قيل : المراد المعاني القائمة بهذه الجوارح، وقد يذهب الله الجوارح والأعراض جميعا فلا يبقي شيئا، قال الله تعالى {من قبل أن نطمس وجوها} [
النساء : 47] والآية احتجاج على الكفار. {من إله غير الله يأتيكم به} {من} رفع بالابتداء وخبرها {إله} و {غير} صفة له، وكذلك {يأتيكم} موضعه رفع بأنه صفة {إله} ومخرجها مخرج الاستفهام، والجملة التي هي منها في موضع مفعولي رأيتم. ومعنى {أرأيتم} علمتم؛ ووحد الضمير في {به} - وقد تقدم الذكر بالجمع - لأن المعنى أي بالمأخوذ، فالهاء راجعة إلى المذكور. وقيل : على السمع بالتصريح؛ مثل قوله {والله ورسوله أحق أن يرضوه} [
التوبة : 62]. ودخلت الأبصار والقلوب بدلالة التضمين. وقيل {من إله غير الله يأتيكم}. بأحد هذه المذكورات. وقيل : على الهدى الذي تضمنه المعنى. وقرأ عبدالرحمن الأعرج {بِهُ انظر} بضم الهاء على الأصل؛ لأن الأصل أن تكون الهاء مضمومة كما تقول : جئت معه. قال النقاش : في هذه الآية دليل على تفضيل السمع على البصر لتقدمته هنا وفي غير آية، وقد مضى هذا في أول البقرة مستوفى. وتصريف الآيات الإتيان بها من جهات؛ من إعذار وإنذار وترغيب وترهيب ونحو ذلك. {ثم هم يصدفون} أي يعرضون. عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي؛ يقال : صدف عن الشيء إذا أعرض عنه صدفا وصدوفا فهو صادف. وصادفته مصادفة أي لقيته عن إعراض عن جهته؛ قال ابن الرقاع : إذا ذكرن حديثا قلن أحسنه ** وهن عن كل سوء يتقى صُدُفُ والصَّدف في البعير أن يميل خُفُّهُ من اليد أو الرجل إلى الجانب الوحشي؛ فهم يصدفون أي مائلون معرضون عن الحجج والدلالات. قوله تعالى {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة} الحسن {بغتة} ليلا {أو جهرة} نهارا. وقيل : بغتة فجأة. وقال الكسائي : يقال بغتهم الأمر يبغتهم بغتا وبغتة إذا أتاهم فجأة، وقد تقدم. {هل يهلك إلا القوم الظالمون} نظيره {فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}[
الأحقاف : 35] أي هل يهلك إلا أنتم لشرككم؛ والظلم هنا بمعنى الشرك، كما قال لقمان لابنه {يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم} [
لقمان : 13].
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني إن نزل بكم عقاب الله فجأة وأنتم لا تشعرون به، أو ظاهرًا عِيانًا وأنتم تنظرون إليه: هل يُهلك إلا القوم الظالمون الذين تجاوزوا الحد، بصرفهم العبادة لغير الله تعالى وبتكذيبهم رسله؟
{ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ } أي: أخبروني { إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً } أي: مفاجأة أو قد تقدم أمامه مقدمات، تعلمون بها وقوعه. { هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ } الذين صاروا سببا لوقوع العذاب بهم، بظلمهم وعنادهم. فاحذروا أن تقيموا على الظلم، فإنه الهلاك الأبدي، والشقاء السرمدي.
( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة ) فجأة ، ( أو جهرة ) معاينة ترونه عند نزوله ، قال ابن عباس والحسن ليلا أو نهارا ، ( هل يهلك إلا القوم الظالمون ) المشركون .
(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ) ينظر في إعراب هذه الآية، الآية رقم 40.
(يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ) فعل مضارع مبني للمجهول والقوم نائب فاعله، وإلا أداة حصر (الظَّالِمُونَ) صفة مرفوعة بالواو لأنه جمع مذكر سالم، والجملة سدت مسد مفعولي أرأيتكم أو هي مفعولها الثاني، والأول محذوف.
Traslation and Transliteration:
Qul araaytakum in atakum AAathabu Allahi baghtatan aw jahratan hal yuhlaku illa alqawmu alththalimoona
Say: Can ye see yourselves, if the punishment of Allah come upon you unawares or openly? Would any perish save wrongdoing folk?
De ki: Allah'ın azabı ansızın, yahut açıkça gelip çatsa size, zulmeden kavimden başkası helak edilir mi dersiniz?
Dis: «Que vous en semble? Si le châtiment d'Allah vous venait à l'improviste ou au grand jour, qui seront détruits sinon les gens injustes?»
Sag: " Wie seht ihr es? Sollte euch ALLAHs Peinigung unerwartet oder voraussehbar überkommen, werden etwa andere damit zugrunde gerichtet außer den unrecht-begehenden Leuten?"
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الأنعام (Al-An'am - The Cattle) |
ترتيبها |
6 |
عدد آياتها |
165 |
عدد كلماتها |
3055 |
عدد حروفها |
12418 |
معنى اسمها |
(الأَنْعَامُ): كُلُّ مَا لَهُ خُفٌّ وَظِلْفٌ مِن الحَيَوَانَاتِ، وَهِيَ: الإِبِلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ أَحْكَامِ الأَنْعَامِ تَفْصِيلاً |
أسماؤها الأخرى |
لَا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الأنْعَامِ) |
مقاصدها |
تَقْرِيرُ عَقِيدَةِ التَّوحِيدِ، وإثْبَاتِ النُّبُوَةِ، وَالبَعْثِ وَالنُّشُورِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِن صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) بِآخِرِهَا:
الحَدِيثُ عَنْ تَسْوِيَةِ الكَافِرِ عِبَادَةَ غَيْرِ اللهِ مَعَ اللهِ تَعَالَى.
فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ثم الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾، وَقَالَ فِي آخِرِهَا: ﴿وَهُم بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ ١٥٠﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (المَائِدَةِ):
الحَدِيثُ عَنْ مُلكِ اللهِ؛ إِذْ خُتِمَتِ (المَائدةُ) بِقَولِهِ: ﴿لِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا فِيهِنَّۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرُۢ ١٢٠﴾، وافْتُتِحَتِ (الأَنْعَامُ) بِقَولِهِ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ ...١﴾.. |