المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 38]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنعام | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401تفسير ابن كثير:
وقوله : ( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ) قال مجاهد : أي أصناف مصنفة تعرف بأسمائها . وقال قتادة : الطير أمة ، والإنس أمة ، والجن أمة . وقال السدي : ( إلا أمم أمثالكم ) أي : خلق أمثالكم .
وقوله : ( ما فرطنا في الكتاب من شيء ) أي : الجميع علمهم عند الله ، ولا ينسى واحدا من جميعها من رزقه وتدبيره ، سواء كان بريا أو بحريا ، كما قال : ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ) [ هود : 6 ] أي : مفصح بأسمائها وأعدادها ومظانها ، وحاصر لحركاتها وسكناتها ، وقال [ الله ] تعالى : ( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم ) [ العنكبوت : 60 ]
وقد قال الحافظ أبو يعلى : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبيد بن واقد القيسي أبو عباد ، حدثني محمد بن عيسى بن كيسان ، حدثنا محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قل الجراد في سنة من سني عمر ، - رضي الله عنه - ، التي ولي فيها ، فسأل عنه فلم يخبر بشيء ، فاغتم لذلك . فأرسل راكبا إلى كذا ، وآخر إلى الشام ، وآخر إلى العراق يسأل : هل رؤي من الجراد شيء أم لا؟ فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بقبضة جراد فألقاها بين يديه ، فلما رآها كبر ثلاثا ، ثم قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " خلق الله ، عز وجل ، ألف أمة ، منها ستمائة في البحر ، وأربعمائة في البر . وأول شيء يهلك من هذه الأمم الجراد ، فإذا هلكت تتابعت مثل النظام إذا قطع سلكه .
وقوله ( ثم إلى ربهم يحشرون ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله : ( ثم إلى ربهم يحشرون ) قال : حشرها الموت .
وكذا رواه ابن جرير من طريق إسرائيل ، عن سعيد ، عن مسروق ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : موت البهائم حشرها . وكذا رواه العوفي ، عنه .
قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد والضحاك ، مثله .
والقول الثاني : إن حشرها هو بعثها يوم القيامة كما قال تعالى : ( وإذا الوحوش حشرت ) [ التكوير : 5 ]
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن سليمان ، عن منذر الثوري ، عن أشياخ لهم ، عن أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى شاتين تنتطحان ، فقال : " يا أبا ذر ، هل تدر فيم تنتطحان؟ " قال : لا . قال " لكن الله يدري ، وسيقضي بينهما "
ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الأعمش ، عمن ذكره عن أبي ذر قال : بينا أنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ انتطحت عنزان ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتدرون فيم انتطحتا؟ " قالوا : لا ندري . قال : " لكن الله يدري ، وسيقضي بينهما " . رواه ابن جرير ، ثم رواه من طريق منذر الثوري ، عن أبي ذر ، فذكره وزاد : قال أبو ذر : ولقد تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يقلب طائر بجناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علما
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد في مسند أبيه : حدثني عباس بن محمد وأبو يحيى البزار قالا حدثنا حجاج بن نصير ، حدثنا شعبة ، عن العوام بن مراجم - من بني قيس بن ثعلبة - عن أبي عثمان النهدي ، عن عثمان ، - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الجماء لتقتص من القرناء يوم القيامة "
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة في قوله : ( إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ) قال : يحشر الخلق كلهم يوم القيامة ، البهائم والدواب والطير وكل شيء ، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء . قال : ثم يقول : كوني ترابا . فلذلك يقول الكافر : ( يا ليتني كنت ترابا ) [ النبأ : 40 ] ، وقد روي هذا مرفوعا في حديث الصور
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
أي: جميع الحيوانات، الأرضية والهوائية، من البهائم والوحوش والطيور، كلها أمم أمثالكم خلقناها. كما خلقناكم، ورزقناها كما رزقناكم، ونفذت فيها مشيئتنا وقدرتنا، كما كانت نافذة فيكم. { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } أي: ما أهملنا ولا أغفلنا، في اللوح المحفوظ شيئا من الأشياء، بل جميع الأشياء، صغيرها وكبيرها، مثبتة في اللوح المحفوظ، على ما هي عليه، فتقع جميع الحوادث طبق ما جرى به القلم. وفي هذه الآية، دليل على أن الكتاب الأول، قد حوى جميع الكائنات، وهذا أحد مراتب القضاء والقدر، فإنها أربع مراتب: علم الله الشامل لجميع الأشياء، وكتابه المحيط بجميع الموجودات، ومشيئته وقدرته النافذة العامة لكل شيء، وخلقه لجميع المخلوقات، حتى أفعال العباد. ويحتمل أن المراد بالكتاب، هذا القرآن، وأن المعنى كالمعنى في قوله تعالى { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ } وقوله { ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } أي: جميع الأمم تحشر وتجمع إلى الله في موقف القيامة، في ذلك الموقف العظيم الهائل، فيجازيهم بعدله وإحسانه، ويمضي عليهم حكمه الذي يحمده عليه الأولون والآخرون، أهل السماء وأهل الأرض.
تفسير البغوي
قوله عز وجل : ( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه ) قيد الطيران بالجناح تأكيدا كما يقال نظرت بعيني وأخذت بيدي ، ( إلا أمم أمثالكم ) قال مجاهد : أصناف مصنفة تعرف بأسمائها يريد أن كل جنس من الحيوان أمة ، فالطير أمة ، والدواب أمة ، والسباع أمة ، تعرف بأسمائها ، مثل بني آدم ، يعرفون بأسمائهم ، يقال : الإنس والناس .
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أبو عبد الرحمن بن أبي شريح أنا أبو القاسم البغوي أنا علي بن الجعد أنا المبارك هو ابن فضالة عن الحسن عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لولا أن الكلاب أمة لأمرت بقتلها ، فاقتلوا منها كل أسود بهيم ) .
وقيل : أمم أمثالكم : يفقه بعضهم عن بعض ، وقيل : أمم أمثالكم في الخلق والموت والبعث ، وقال عطاء : أمم أمثالكم في التوحيد والمعرفة ، قال ابن قتيبة : أمم أمثالكم في الغذاء وابتغاء الرزق وتوقي المهالك .
( ما فرطنا في الكتاب ) أي : في اللوح المحفوظ ، ( من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ) قال ابن عباس والضحاك : حشرها موتها ، وقال أبو هريرة : يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير ، وكل شيء فيأخذ للجماء من القرناء ، ثم يقول : كوني ترابا فحينئذ يتمنى الكافر ويقول : ( يا ليتني كنت ترابا ) .
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي أنا أبو الحسن الطيسفوني أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري أنا أحمد بن علي الكشميهني أنا علي بن حجر أنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لتردن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من القرناء " .
الإعراب:
(وَما مِنْ دَابَّةٍ) كلام مستأنف، ما نافية لا عمل لها، من حرف جر زائد دابة اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ (فِي الْأَرْضِ) متعلقان بمحذوف صفة دابة (وَلا) الواو عاطفة، لا نافية (طائِرٍ) معطوف على دابة (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) جناحيه اسم مجرور بحرف الجر وعلامة جره الياء لأنه مثنى، وحذفت النون للإضافة، والجار والمجرور متعلقان بيطير والهاء في محل جر بالإضافة.
(إِلَّا أُمَمٌ) إلا أداة حصر أمم خبر دابة مرفوع (أَمْثالُكُمْ) صفة (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ) فعل ماض، تعلق به الجار والمجرور، ونا فاعله، وما نافية لا عمل لها، والجملة لا محل لها اعتراضية اعترضت بين الجملتين المتعاطفتين (مِنْ شَيْءٍ) من حرف زائد، شيء اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه نائب مفعول مطلق، (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) فعل مضارع مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور قبله، والواو نائب فاعل، والجملة معطوفة على جملة وما من دابة.