الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة البقرة: [الآية 73]

سورة البقرة
فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْىِ ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿73﴾

تفسير الجلالين:

«فقلنا اضربوه» أي القتيل «ببعضها» فضرب بلسانها أو عَجْب ذنبها فحييَ وقال: قتلني فلان وفلان لاِبْنيْ عمه ومات فحرما الميراث وقتلا، قال تعالى: «كذلك» الإحياء «يحيي الله الموتى ويريكم آياته» دلائل قدرته «لعلكم تعقلون» تتدبرون فتعلمون أن القادر على إحياء نفس واحدة قادر على إحياء نفوس كثيرة فتؤمنون.

تفسير الشيخ محي الدين:

لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)

أصل التكاليف مشتق من الكلف وهي المشقات «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» وهو ما آتاها من التمكن الذي هو وسعها ، فقد خلق سبحانه لنا التمكن من فعل بعض الأعمال ، نجد ذلك من نفوسنا ولا ننكره ، وهي الحركة الاختيارية ، كما جعل سبحانه فينا المانع من بعض الأفعال الظاهرة فينا ، ونجد ذلك من نفوسنا ، كحركة المرتعش الذي لا اختيار للمرتعش فيها ، وبذلك القدر من التمكن الذي يجده الإنسان في نفسه صح أن يكون مكلفا ، ولا يحقق الإنسان بعقله لما ذا يرجع ذلك التمكن ، هل لكونه قادرا أو لكونه مختارا ؟ وإن كان مجبورا في اختياره ، ولا يمكن رفع الخلاف في هذه المسألة ، فإنها من المسائل المعقولة ولا يعرف الحق فيها إلا بالكشف ، وإذا بذلت النفس الوسع في طاعة اللّه لم يقم عليها حجة ،

فإن اللّه أجلّ أن يكلف نفسا إلا وسعها ، ولذلك كان الاجتهاد في الفروع والأصول «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» لما كانت النفوس ولاة الحق على الجوارح ، والجوارح مأمورة مجبورة غير مختارة فيما تصرف فيه ، مطيعة بكل وجه ، والنفوس ليست كذلك ، فإذا عملت لغير عبادة لا يقبل العمل من حيث القاصد لوقوعه الذي هو النفس المكلفة ، لكن من حيث أن العمل صدر من الجوارح أو من جارحة مخصوصة ، فإنها تجزى به تلك الجارحة ، فيقبل العمل لمن ظهر منه ولا يعود منه على النفس الآمرة به للجوارح شيء إذا كان العمل خيرا بالصورة كصلاة المرائي والمنافق وجميع ما يظهر على جوارحه من أفعال الخير الذي لم تقصد به النفس عبادة ، وأما أعمال الشر المنهي عنها فإن النفس تجزى بها للقصد ، والجوارح لا تجزى بها لأنها ليس في قوتها الامتناع عما تريد النفوس بها من الحركات ، فإنها مجبورة على السمع والطاعة لها ، فإن جارت النفوس فعليها ، وللجوارح رفع الحرج ، بل لهم الخير الأتم ، وإن عدلت النفوس فلها وللجوارح ، لذلك قال تعالى : «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فميز اللّه بين الكسب والاكتساب باللام وعلى ، وهذه الآية بشرى من اللّه حيث جعل المخالفة اكتسابا والطاعة كسبا ، فقال : «لَها ما كَسَبَتْ» فأوجبه لها .

وقال في المعصية والمخالفة : «وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فما أوجب لها الأخذ بما اكتسبته ، فالاكتساب ما هو حق لها فتستحقه ، فتستحق الكسب ولا تستحق الاكتساب ، والحق لا يعامل إلا بالاستحقاق ، والعفو من اللّه يحكم على الأخذ بالجريمة «رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا» اعلم أن الرحمة أبطنها اللّه في النسيان الموجود في العالم ، وأنه لو لم يكن لعظم الأمر وشق ، وفيما يقع فيه التذكر كفاية ، وأصل هذا وضع الحجاب بين العالم وبين اللّه في موطن التكليف ، إذ كانت المعاصي والمخالفات مقدرة في علم اللّه فلا بد من وقوعها من العبد ضرورة ، فلو وقعت مع التجلي والكشف لكان مبالغة في قلة الحياء من اللّه حيث يشهده ويراه ، والقدر حاكم بالوقوع فاحتجب رحمة بالخلق لعظيم المصاب ، قال صلّى اللّه عليه وسلم:

إن اللّه إذا أراد نفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم ، حتى إذا أمضى فيهم قضاءه وقدره ردها عليهم ليعتبروا ، وقال صلّى اللّه عليه وسلم : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، فلا يؤاخذهم اللّه به في الدنيا ولا في الآخرة ، فأما في الآخرة فمجمع عليه من الكل ، وأما في الدنيا فأجمعوا على رفع الذنب ، واختلفوا في الحكم ، وكذلك في الخطأ على قدر ما شرع الشارع في

أشخاص المسائل ، مثل الإفطار ناسيا في رمضان وغير ذلك من المسائل ، فإن اللّه تعالى الذي شرع المعصية والطاعة وبيّن حكمهما ، رفع حكم الأخذ بالمعصية في حق الناسي والمخطئ «رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ» وهذا تعليم من الحق لنا أن نسأله في أن لا يقع منه في المستقبل ما لم يقع في الحال ، «وَاعْفُ عَنَّا» أي كثر خيرك لنا وقلل بلاءك عنا ، أي قلل ما ينبغي أن يقلل وكثر ما ينبغي أن يكثر ، فإن العفو من الأضداد يطلق بإزاء الكثرة والقلة ، وليس إلا عفوك عن خطايانا التي طلبنا منك أن تسترنا عنها حتى لا تصيبنا ، وهو قولنا : «وَاغْفِرْ لَنا» أي استرنا من المخالفات حتى لا تعرف مكاننا فتقصدنا «وَارْحَمْنا» برحمة الامتنان ورحمة الوجوب ، أي برحمة الاختصاص.

------------

(286) التنزلات الموصلية - الفتوحات ج 1 / 341 - ج 2 / 381 - ج 3 / 348 ، 123 ، 511 - ج 2 / 535 ، 684 - ج 3 / 381 - ج 1 / 435 ، 434

تفسير ابن كثير:

( فقلنا اضربوه ببعضها ) هذا البعض أي شيء كان من أعضاء هذه البقرة فالمعجزة حاصلة به .

وخرق العادة به كائن ، وقد كان معينا في نفس الأمر ، فلو كان في تعيينه لنا فائدة تعود علينا في أمر الدين أو الدنيا لبينه الله تعالى لنا ، ولكن أبهمه ، ولم يجئ من طريق صحيح عن معصوم بيانه فنحن نبهمه كما أبهمه الله .

ولهذا قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : إن أصحاب بقرة بني إسرائيل طلبوها أربعين سنة حتى وجدوها عند رجل في بقر له ، وكانت بقرة تعجبه ، قال : فجعلوا يعطونه بها فيأبى ، حتى أعطوه ملء مسكها دنانير ، فذبحوها ، فضربوه يعني القتيل بعضو منها ، فقام تشخب أوداجه دما [ فسألوه ] فقالوا له : من قتلك ؟ قال : قتلني فلان .

وكذا قال الحسن ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنه ضرب ببعضها .

وفي رواية عن ابن عباس : إنهم ضربوه بالعظم الذي يلي الغضروف .

وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، قال : قال أيوب ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة : ضربوا القتيل ببعض لحمها . وقال معمر : قال قتادة : فضربوه بلحم فخذها فعاش ، فقال : قتلني فلان .

وقال أبو أسامة ، عن النضر بن عربي ، عن عكرمة : ( فقلنا اضربوه ببعضها ) [ قال ] فضرب

بفخذها فقام ، فقال : قتلني فلان .

قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد ، وقتادة ، نحو ذلك .

وقال السدي : فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش ، فسألوه ، فقال : قتلني ابن أخي .

وقال أبو العالية : أمرهم موسى ، عليه السلام ، أن يأخذوا عظما من عظامها ، فيضربوا به القتيل ، ففعلوا ، فرجع إليه روحه ، فسمى لهم قاتله ثم عاد ميتا كما كان .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : فضربوه ببعض آرابها [ وقيل : بلسانها ، وقيل : بعجب ذنبها ] .

وقوله : ( كذلك يحيي الله الموتى ) أي : فضربوه فحيي . ونبه تعالى على قدرته وإحيائه الموتى بما شاهدوه من أمر القتيل : جعل تبارك وتعالى ذلك الصنع حجة لهم على المعاد ، وفاصلا ما كان بينهم من الخصومة والفساد ، والله تعالى قد ذكر في هذه السورة ما خلقه في إحياء الموتى ، في خمسة مواضع : ( ثم بعثناكم من بعد موتكم ) [ البقرة : 56 ] . وهذه القصة ، وقصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت ، وقصة الذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ، وقصة إبراهيم والطيور الأربعة .

ونبه تعالى بإحياء الأرض بعد موتها على إعادة الأجسام بعد صيرورتها رميما ، كما قال أبو داود الطيالسي : حدثنا شعبة ، أخبرني يعلى بن عطاء ، قال : سمعت وكيع بن عدس ، يحدث عن أبي رزين العقيلي ، قال : قلت : يا رسول الله ، كيف يحيي الله الموتى ؟ قال : " أما مررت بواد ممحل ، ثم مررت به خضرا ؟ " قال : بلى . قال : " كذلك النشور " . أو قال : " كذلك يحيي الله الموتى " . وشاهد هذا قوله تعالى : ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون ) [ يس : 35 ] .

مسألة : استدل لمذهب مالك في كون قول الجريح : فلان قتلني لوثا بهذه القصة ; لأن القتيل لما حيي سئل عمن قتله فقال : قتلني فلان ، فكان ذلك مقبولا منه ; لأنه لا يخبر حينئذ إلا بالحق ، ولا يتهم والحالة هذه ، ورجحوا ذلك بحديث أنس : أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها ، فرضخ رأسها بين حجرين فقيل : من فعل بك هذا ؟ أفلان ؟ أفلان ؟ حتى ذكر اليهودي ، فأومأت برأسها ، فأخذ اليهودي ، فلم يزل به حتى اعترف ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد رأسه بين حجرين وعند مالك : إذا كان لوثا حلف أولياء القتيل قسامة ، وخالف الجمهور في ذلك ولم يجعلوا قول القتيل في

ذلك لوثا .


تفسير الطبري :

قوله تعالى{فقلنا اضربوه ببعضها} قيل : باللسان لأنه آلة الكلام. وقيل : بعجب الذنب، إذ فيه يركب خلق الإنسان. وقيل : بالفخذ. وقيل : بعظم من عظامها، والمقطوع به عضو من أعضائها، فلما ضرب به حيَيَ وأخبر بقاتله ثم عاد ميتا كما كان. مسألة : استدل مالك رحمه الله في رواية ابن وهب وابن القاسم على صحة القول بالقسامة بقول المقتول : دمي عند فلان، أو فلان قتلني. ومنعه الشافعي وجمهور العلماء، قالوا : وهو الصحيح، لأن قول المقتول : دمي عند فلان، أو فلان قتلني، خبر يحتمل الصدق والكذب. ولا خلاف أن دم المدعى عليه معصوم إباحته إلا بيقين، ولا يقين مع الاحتمال، فبطل اعتبار قول المقتول دمي عند فلان. وأما قتيل بني إسرائيل فكانت معجزة وأخبر تعالى أنه يحييه، وذلك يتضمن الإخبار بقاتله خبرا جزما لا يدخله احتمال، فافترقا. قال ابن العربي : المعجزة كانت في إحيائه، فلما صار حيا كان كلامه كسائر كلام الناس كلهم في القبول والرد. وهذا فن دقيق من العلم لم يتفطن له إلا مالك، وليس في القرآن أنه إذا أخبر وجب صدقه، فلعله أمرهم بالقسامة معه واستبعد ذلك البخاري والشافعي وجماعة من العلماء فقالوا : كيف يقبل قوله في الدم وهو لا يقبل قوله في درهم. مسألة : اختلف العلماء في الحكم بالقسامة، فروي عن سالم وأبي قلابة وعمر بن عبدالعزيز والحكم بن عيينة التوقف في الحكم بها. وإليه مال البخاري، لأنه أتى بحديث القسامة في غير موضعه. وقال الجمهور : الحكم بالقسامة ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم اختلفوا في كيفية الحكم بها، فقالت طائفة : يبدأ فيها المدعون بالأيمان فإن حلفوا استحقوا، وإن نكلوا حلف المدعى عليهم خمسين يمينا وبرئوا. هذا قول أهل المدينة والليث والشافعي وأحمد وأبي ثور. وهو مقتضى حديث حويصة ومحيصة، خرجه الأئمة مالك وغيره. وذهبت طائفة إلى أنه يبدأ بالأيمان المدعى عليهم فيحلفون ويبرؤون. روي هذا عن عمر بن الخطاب والشعبي والنخعي، وبه قال الثوري والكوفيون، واحتجوا بحديث شعبة بن عبيد عن بشير بن يسار، وفيه : فبدأ بالأيمان المدعى عليهم وهم اليهود. وبما رواه أبو داود عن الزهري عن أبى سلمة بن عبدالرحمن عن رجال من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهود وبدأ بهم : (أيحلف منكم خمسون رجلا). فأبو ا، فقال للأنصار : (استحقوا) فقالوا : نحلف على الغيب يا رسول الله فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم دية على يهود، لأنه وجد بين أظهرهم. وبقوله عليه السلام : (ولكن اليمين على المدعى عليه) فعينوا. قالوا : وهذا هو الأصل المقطوع به في الدعاوى الذي نبه الشرع على حكمته بقوله عليه السلام (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه) رد عليهم أهل المقالة الأولى فقالوا : حديث سعيد بن عبيد في تبدية اليهود وهم عند أهل الحديث، وقد أخرجه النسائي وقال : ولم يتابع سعيد في هذه الرواية فيما أعلم، وقد أسند حديث بشير عن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالمدعين يحيى بن سعيد وابن عيينة وحماد بن زيد وعبدالوهاب الثقفي وعيسى بن حماد وبشر بن المفضل، فهؤلاء سبعة. وإن كان أرسله مالك فقد وصله جماعة الحفاظ، وهو أصح من حديث سعيد بن عبيد. قال أبو محمد الأصيلي : فلا يجوز أن يعترض بخبر واحد على خبر جماعة، مع أن سعيد بن عبيد قال في حديثه : فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من أبل الصدقة، والصدقة لا تعطى في الديات ولا يصالح بها عن غير أهلها، وحديث أبي داود مرسل فلا تعارض به الأحاديث الصحاح المتصلة، وأجابوا عن التمسك بالأصل بأن هذا الحكم أصل بنفسه لحرمة الدماء. قال ابن المنذر : ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، والحكم بظاهر ذلك يجب، إلا أن يخص الله في كتابه أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم حكما في شيء من الأشياء فيستثنى من جملة هذا الخبر. فمما دل عليه الكتاب إلزام القاذف حد المقذوف إذا لم يكن معه أربعة شهداء يشهدون له على صدق ما رمي به المقذوف وخص من رمى زوجته بأن أسقط عنه الحد إذا شهد أربع شهادات. ومما خصته السنة حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالقسامة. وقد روى ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة). خرجه الدارقطني. وقد احتج مالك لهذه المسألة في موطئه بما فيه كفاية، فتأمله هناك. مسألة : واختلفوا أيضا في وجوب القود بالقسامة، فأوجبت طائفة القود بها، وهو قول مالك والليث وأحمد وأبي ثور، لقوله عليه السلام لحويصة ومحيصة وعبدالرحمن : (أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم). وروى أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجلا بالقسامة من بني نضر بن مالك. قال الدارقطني : نسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده صحيحة، وكذلك أبو عمر بن عبدالبر يصحح حديث عمرو بن شعيب، ويحتج به، وقال البخاري : رأيت علي بن المديني وأحمد بن حنبل والحميدي وإسحاق بن راهويه يحتجون به قاله الدارقطني في السنن. وقالت طائفة : لا قود بالقسامة، وإنما توجب الدية. روي هذا عن عمر وابن عباس، وهو قول النخعي والحسن، وإليه ذهب الثوري والكوفيون الشافعي وإسحاق، واحتجوا بما رواه مالك عن ابن أبي ليلى بن عبدالله عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله للأنصار : (إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب). قالوا : وهذا يدل على الدية لا على القود، قالوا : ومعنى قوله عليه السلام : (وتستحقون دم صاحبكم) دية دم قتيلكم لأن اليهود ليسوا بأصحاب لهم، ومن استحق دية صاحبه فقد استحق دمه، لأن الدية قد تؤخذ في العمد فيكون ذلك استحقاقا للدم. مسألة : الموجب للقسامة اللوث ولا بد منه. واللوث : أمارة تغلب على الظن صدق مدعي القتل، كشهادة العدل الواحد على رؤية القتل، أو يرى المقتول يتشحط في دمه، والمتهم نحوه أو قربه عليه آثار القتل. وقد اختلف في اللوث والقول به، فقال مالك : هو قول المقتول دمي عند فلان. والشاهد العدل لوث. كذا في رواية ابن القاسم عنه. وروى أشهب عن مالك أنه يقسم مع الشاهد غير العدل ومع المرأة. و روى ابن وهب أن شهادة النساء لوث. وذكر محمد عن ابن القاسم أن شهادة المرأتين لوث دون شهادة المرأة الواحدة. قال القاضي أبو بكر بن العربي : اختلف في اللوث اختلافا كثيرا، مشهور المذهب أنه الشاهد العدل. وقال محمد : هو أحب إلي. قال : وأخذ به ابن القاسم وابن عبدالحكم. وروي عن عبدالملك بن مروان : أن المجروح أو المضروب إذا قال دمي عند فلان ومات كانت القسامة. وبه قال مالك والليث بن سعد. واحتج مالك بقتيل بني إسرائيل أنه قال : قتلني فلان. وقال الشافعي : اللوث الشاهد العدل، أو يأتي ببينة وإن لم يكونوا عدولا. وأوجب الثوري والكوفيون القسامة بوجود القتيل فقط، واستغنوا عن مراعاة قول المقتول وعن الشاهد، قالوا : إذا وجد قتيل في محلة قوم وبه أثر حلف أهل ذلك الموضع أنهم لم يقتلوه ويكون عقله عليهم، وإذا لم يكن، به أثر لم يكن على العاقلة شيء إلا أن تقوم البينة على واحد. وقال سفيان : وهذا مما أجمع عليه عندنا، وهو قول ضعيف خالفوا فيه أهل العلم، ولا سلف لهم فيه، وهو مخالف للقرآن والسنة، ولأن فيه إلزام العاقلة مالا بغير بينة ثبتت عليهم ولا إقرار منهم. وذهب مالك والشافعي إلى أن القتيل إذا وجد في محلة قوم أنه هدر، لا يؤخذ به أقرب الناس دارا، لأن القتيل قد يقتل ثم يلقى على باب قوم ليلطخوا به، فلا يؤاخذ بمثل ذلك حتى تكون الأسباب التي شرطوها في وجوب القسامة. وقد قال عمر بن عبدالعزيز هذا مما يؤخر فيه القضاء حتى يقضي الله فيه يوم القيامة. مسألة : قال القاسم بن مسعدة قلت للنسائي : لا يقول مالك بالقسامة إلا باللوث، فلم أورد حديث القسامة ولا لوث فيه؟ قال النسائي : أنزل مالك العداوة التي كانت بينهم وببن اليهود بمنزلة اللوث، وأنزل اللوث أو قول الميت بمنزلة العداوة. قال ابن أبي زيد : وأصل هذا في قصة بني إسرائيل حين أحيا الله الذي ضرب ببعض البقرة فقال : قتلني فلان، وبأن العداوة لوث قال الشافعي : ولا نرى قول المقتول لوثا، كما تقدم. قال الشافعي : إذا كان بين قوم وقوم عداوة ظاهرة كالعداوة التي كانت بين الأنصار واليهود، ووجد قتيل في أحد الفريقين ولا يخالطهم غيرهم وجبت القسامة فيه. مسألة : واختلفوا في القتيل يوجد في المحلة التي أكراها أربابها، فقال أصحاب الرأي : هو على أهل الخِطّة وليس على السكان شيء، فإن باعوا دورهم ثم وُجد قتيل فالدية على المشتري وليس على السكان شيء، وإن كان أرباب الدور غيبا وقد أكروا دورهم فالقسامة والدية على أرباب الدور الغُيَّب وليس على السكان الذين وجد القتيل بين أظهرهم شيء. ثم رجع يعقوب من بينهم عن هذا القول فقال : القسامة والدية على السكان في الدور. وحكى هذا القول عن ابن أبي ليلى، واحتج بأن أهل خيبر كانوا عمالا سكانا يعملون فوجد القتيل فيهم. قال الثوري ونحن نقول : هو على أصحاب الأصل، يعني أهل الدور. وقال أحمد : القول قول ابن أبي ليلى في القسامة لا في الدية. وقال الشافعي : وذلك كله سواء، ولا عقل ولا قود إلا ببينة تقوم، أو ما يوجب القسامة فيقسم الأولياء. قال ابن المنذر : وهذا أصح. مسألة : ولا يحلف في القسامة أقل من خمسين يمينا، لقوله عليه السلام في حديث حويصة ومحيصة : (يقسم خمسين منكم على رجل منهم). فإن كان المستحقون خمسين حلف كل واحد منهم يمينا واحدة، فإن كانوا أقل من ذلك أو نكل منهم من لا يجوز عفوه ردت الأيمان عليهم بحسب عددهم. ولا يحلف في العمد أقل من اثنين من الرجال، لا يحلف فيه الواحد من الرجال ولا النساء، يحلف الأولياء ومن يستعين بهم الأولياء من العصبة خمسين يمينا. هذا مذهب مالك والليث والثوري والأوزاعي وأحمد وداود. و روى مطرف عن مالك أنه لا يحلف مع المدعى عليه أحد ويحلف هم أنفسهم ـ كما لو كانوا واحدا فأكثر ـ خمسين يمينا يبرئون بها أنفسهم، وهو قول الشافعي. قال الشافعي : لا يقسم إلا وارث، كان القتل عمدا أو خطأ. ولا يحلف على مال ويستحقه إلا من له الملك لنفسه أومن جعل الله له الملك من الورثة، والورثة يقسمون على قدر مواريثهم. وبه قال أبو ثور واختاره ابن المنذر وهو الصحيح، لأن من لم يدع عليه لم يكن له سبب يتوجه عليه فيه يمين. ثم مقصود هذه الأيمان البراءة من الدعوى ومن لم يدع عليه بريء. وقال مالك في الخطأ : يحلف فيها الواحد من الرجال والنساء، فمهما كملت خمسين يمينا من واحد أو أكثر استحق الحالف ميراثه، ومن نكل لم يستحق شيئا، فإن جاء من غاب حلف من الأيمان ما كان يجب عليه لو حضر بحسب ميراثه. هذا قول مالك المشهور عنه، وقد روى عنه أنه. لا يرى في الخطأ قسامة. وتتميم مسائل القسامة وفروعها وأحكامها مذكور في كتب الفقه والخلاف، وفيما ذكرناه كفاية، والله الموفق. مسألة : في قصة البقرة هذه دليل على أن شرع من قبلنا شرع لنا، وقال به طوائف من المتكلمين وقوم من الفقهاء، واختاره الكرخي ونص عليه ابن بكير القاضي من علمائنا، وقال القاضي أبو محمد عبدالوهاب : هو الذي تقتضيه أصول مالك ومنازعه في كتبه، وإليه مال الشافعي، وقد قال الله{فبهداهم اقتده} [الأنعام:90] على ما يأتي إن شاء الله تعالى. قوله تعالى:{كذلك يحي الله الموتى } أي كما أحيا هذا بعد موته كذلك يحيي الله كل من مات فالكاف في موضع نصب، لأنه نعت لمصدر محذوف. {ويريكم آياته} أي علاماته وقدرته. {لعلكم تعقلون} كي تعقلوا وقد تقدم أي تمتنعون من عصيانه وعقلت نفسي عن كذا أي منعتها منه والمعاقل : الحصون.

التفسير الميسّر:

فقلنا: اضربوا القتيل بجزء من هذه البقرة المذبوحة، فإن الله سيبعثه حيًا، ويخبركم عن قاتله. فضربوه ببعضها فأحياه الله وأخبر بقاتله. كذلك يُحيي الله الموتى يوم القيامة، ويريكم- يا بني إسرائيل- معجزاته الدالة على كمال قدرته تعالى؛ لكي تتفكروا بعقولكم، فتمتنعوا عن معاصيه.

تفسير السعدي

فلما ذبحوها, قلنا لهم اضربوا القتيل ببعضها, أي: بعضو منها, إما معين, أو أي عضو منها, فليس في تعيينه فائدة, فضربوه ببعضها فأحياه الله, وأخرج ما كانوا يكتمون, فأخبر بقاتله، وكان في إحيائه وهم يشاهدون ما يدل على إحياء الله الموتى، { لعلكم تعقلون } فتنزجرون عن ما يضركم.


تفسير البغوي

{فقلنا اضربوه} يعني القتيل.

{ببعضها} أي ببعض البقرة، واختلفوا في ذلك البعض، قال ابن عباس رضي الله عنه وأكثر المفسرين: "ضربوه بالعظم الذي يلي الغضروف وهو المقتل".

وقال مجاهد وسعيد بن جبير: "بعجب الذنب لأنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى، ويركب عليه الخلق".

وقال الضحاك: "بلسانها"، وقال الحسين بن الفضل: "هذا أدل بها لأنه آلة الكلام".

وقال الكلبي وعكرمة: "بفخذها الأيمن"، وقيل: بعضو منها لا بعينه، ففعلوا ذلك فقام القتيل حياً بإذن الله تعالى وأوداجه، أي عروق العنق، تشخب دماً وقال قتلني فلان، ثم سقط ومات مكانه فحرم قاتله الميراث، وفي الخبر: (( ما ورث قاتل بعد صاحب البقرة )) وفيه إضمار تقديره: فضرب فحيي.

{كذلك يحيي الله الموتى} كما أحيا عاميل.

{ويريكم آياته لعلكم تعقلون} قيل تمنعون أنفسكم من المعاصي.

أما حكم هذه المسألة في الإسلام: إذا وجد قتيل في موضع ولا يعرف قاتله فإن كان ثَمَّ ( لوث ) على إنسان - واللوث: أن يغلب على القلب صدق المدعي، بأن اجتمع جماعة في بيت أو صحراء فتفرقوا عن قتيل يغلب على القلب أن القاتل فيهم، أو وجد قتيل في محلة أو قرية كلهم أعداء للقتيل لا يخالطهم غيرهم، فيغلب على القلب أنهم قتلوه - فادعى الولي على بعضهم، يحلف المدعي خمسين يميناً على من يدعي عليه، وإن كان الأولياء جماعة توزع الأيمان عليهم، ثم بعدما حلفوا أخذوا الدية من عاقلة المدعى عليه إن ادعوا قتل خطأ، وإن ادعوا قتل عمد فمن ماله، ولا قود على قول الأكثرين وذهب بعضهم إلى وجوب القود،

وهو قول عمر بن عبد العزيز وبه قال مالك وأحمد، وإن لم يكن على المدعى عليه لوث فالقول قول المدعى عليه مع يمينه ثم هل يحلف يميناً واحدة أم خمسين يميناً؟ فيه قولان: (أحدهما) يميناً واحدة كما في سائر الدعاوي، (والثاني) يحلف خمسين يميناً تغليظاً لأمر الدم، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه: لا حكم للوث [ولا يزيد بيمين المدعي] وقال: إذا وجد قتيل في محلة يختار الإمام خمسين رجلاً من صلحاء أهلها فيحلفهم أنهم ما قتلوه ولا عرفوا له قاتلاً، ثم يأخذ الدية من سكانها.

والدليل على أن البداية بيمين المدعي عند وجود اللوث: ما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال أنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم أنا الربيع أنا الشافعي أنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن يحيى بن سعيد عن بشير ابن يسار عن سهل بن أبي حثمة: "أن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر لحاجتهما فقتل عبد الله بن سهل فانطلق هو وعبد الرحمن أخو المقتول وحويصة بن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له قتل عبد الله بن سهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تحلفون خمسين يميناً وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم فقالوا يا رسول الله لم نشهد ولم نحضر،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتبرئكم يهود بخمسين يميناً فقالوا يارسول الله كيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فعزم النبي صلى الله عليه وسلم عقله من عنده".

[وفي لفظ آخر فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم عقله من عنده].

قال بشير بن يسار: قال سهل: "لقد ركضتني فريضة تلك الفرائض في مربد لنا"، وفي رواية: "لقد ركضتني ناقة حمراء من تلك الفرائض في مربد لنا" أخرجه مسلم عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب.

وجه الدليل من الخبر: أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بأيمان المدعين لتقوي جانبهم باللوث، وهو أن عبد الله بن سهل وجد قتيلاً في خيبر، وكانت العداوة ظاهرة بين الأنصار وأهل خيبر، وكان يغلب على القلب أنهم قتلوه، واليمين أبداً تكون حجة لمن يقوى جانبه وعند عدم اللوث يقوى جانب المدعى عليه من حيث أن الأصل براءة ذمته وكان القول قوله مع يمينه.


الإعراب:

(اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها) اضربوا القتيل ببعض لحمها فضربوه فأحياه اللّه فعقب بقوله كذلك يحيي اللّه الموتى.

(فَقُلْنا) الجملة معطوفة.

(اضْرِبُوهُ) فعل أمر والواو فاعل والهاء مفعول به والجملة مقول القول.

(بِبَعْضِها) متعلقان بالفعل قبلهما.

(كَذلِكَ) الكاف حرف جر، ذلك اسم إشارة مبني على السكون في محل جر بحرف الجر واللام للبعد والكاف للخطاب. والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق محذوف تقديره كذلك يحيي اللّه الموتى إحياء مثل ذلك الإحياء.

(يُحْيِ) فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل.

(اللَّهُ) لفظ الجلالة فاعل.

(الْمَوْتى) مفعول به والجملة مستأنفة لأنه قبلها كلام محذوف كأن اللّه تعالى قال فضربوه ببعضها فيحيى، كذلك يحيي.

(وَيُرِيكُمْ) الواو عاطفة ومضارع ومفعوله والفاعل مستتر، والجملة معطوفة.

(آياتِهِ) مفعول به ثان منصوب بالكسرة.

(لَعَلَّكُمْ) لعل واسمها وجملة (تَعْقِلُونَ) خبرها.

---

Traslation and Transliteration:

Faqulna idriboohu bibaAAdiha kathalika yuhyee Allahu almawta wayureekum ayatihi laAAallakum taAAqiloona

بيانات السورة

اسم السورة سورة البقرة (Al-Baqara - The Cow)
ترتيبها 2
عدد آياتها 286
عدد كلماتها 6144
عدد حروفها 25613
معنى اسمها (البَقَرَةُ) مِنْ أَصْنَافِ بَهِيمَةِ الأَنعَامِ، وهِيَ: (الإِبِلُ والبَقَرُ وَالغَنَمُ)
سبب تسميتها انفِرَادُ السُّورَةِ بذِكْرِ قِصَّةِ بَقَرَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (البَقَرَةِ)، وتُلقَّبُ بِـ(سَنَامِ القُرْآنِ)، و(فُسْطَاطِ القُرْآنِ)، وَ(الزَّهْرَاءِ)
مقاصدها الاسْتِجَابَةُ لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى وَالامْتِثَالُ الكَامِلُ لَهُ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنْقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها بَرَكَةٌ عَجِيبَةٌ لِقَارِئِهَا، قَالَ ﷺ: «اقْرَؤُوا البَقَرَةَ؛ فَإِنَّ أَخذَها بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ». (رَوَاهُ مُسْلِم). عِلَاجٌ مِنَ السِّحْرِ وَالْعَينِ وَالحَسَدِ، قَالَ ﷺ: «وَلَا يَسْتَطِيعُهَا البَطَلَةُ؛ أَيِ: السَّحَرَةُ». (رَوَاهُ مُسْلِم). طَارِدَةٌ لِلشَّيَاطِينِ، قَالَ ﷺ: «وَإِنَّ البَيْتَ الَّذِي تُقرَأُ فِيهِ سُورَةُ البَقَرَةِ لَا يدخُلُهُ شَيطَانٌ». (رَوَاهُ مُسْلِم). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (البَقَرَةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ صِفَاتِ المُتَّقِينَ. فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ﴾ ... الآيَاتِ، وقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مِن رَّبِّهِۦ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۚ﴾... الآيَاتِ.. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (البَقَرَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الفَاتِحَةِ): لَمَّا قَالَ العَبْدُ فِي خِتَامِ (الفَاتِحَةِ): ﴿ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦﴾. قِيلَ لَهُ فِي فَاتِحَةِ (البَقَرَةِ): ﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ٢﴾ هُوَ مَطْلُوبُكَ وَفِيهِ حَاجَتُكَ.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!