المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأنعام: [الآية 1]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الأنعام | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
«وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ»
[ رتبة الخلافة متوارثة ، والخليفة واحد أبدا ]
هي رتبة الخلافة التي كانت لآدم عليه السلام ، فالخلفاء نواب الحق في عباده ، وقوله تعالى : «خَلائِفَ» بالجمع ، والخليفة واحد أبدا ، فإن سر الخلافة واحد ، وهو متوارث تتوارثه هذه الأشباح ، فإن ظهرت في شخص ما ، ما دام ذلك الشخص متصفا به ، من المحال شرعا أن يوجد لذلك القبيل في ذلك الزمان بعينه في شخص آخر ، وإن ادعاه أحد فهو باطل ، ودعواه مردودة ، وهو دجال ذلك الزمان ،
فإذا فقد ذلك الشخص انتقل ذلك السر إلى شخص آخر ، فانتقل معه اسم الخليفة ، فلهذا قيل خلائف الأرض ، أي يخلف بعضنا بعضا فيها ، في مرتبة الخلافة ،
فإن آدم كانت خلافته في الأرض ، وهكذا هو كل خليفة فيها ، مع وجود التفاضل بين الخلفاء فيها ، وذلك لاختلاف الأزمان واختلاف الأحوال ، فيعطي هذا الحال والزمان من الأمر ما لا يعطيه الزمان والحال الذي كان قبله والذي يكون بعده ،
ولهذا اختلفت آيات الأنبياء باختلاف الأعصار ، فآية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان ، من طب أو سحر أو فصاحة ، وما شاكل هذا وهو قوله : «وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ»
[ وزن الأعمال يوم القيامة بالعامل ]
ففضل بعضهم على بعض بالمراتب والزيادات التي لها شرف في العرف والعقل ، ثم يقول للخلفاء «لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» وهاتان الصفتان لا تكونان إلا لمن بيده الحكم والأمر والنهي ، فهذا النسق يقوي أنه أراد خلافة السلطنة والملك ،
ومن حقيقة قوله تعالى : «إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» قال صلّى اللّه عليه وسلم :
[ أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ] .
(7) سورة الأعراف مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(165) الفتوحات ج 2 / 447 - كتاب التدبيرات الإلهية - الفتوحات ج 2 / 68 ، 60 ، 68 ، 401تفسير ابن كثير:
[ بسم الله الرحمن الرحيم وبه الثقة وما توفيقي إلا بالله ] تفسير سورة الأنعام [ وهي مكية ] قال العوفي وعكرمة وعطاء ، عن ابن عباس : أنزلت سورة الأنعام بمكة سبب نزولها . وقال الطبراني : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا حجاج بن منهال ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس ، قال : نزلت سورة الأنعام بمكة ليلا جملة ، حولها سبعون ألف ملك يجأرون حولها بالتسبيح
وقال سفيان الثوري ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت : نزلت سورة الأنعام على النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة [ واحدة ] وأنا آخذة بزمام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إن كادت من ثقلها لتكسر عظام الناقة
وقال شريك ، عن ليث ، عن شهر ، عن أسماء قالت : نزلت سورة الأنعام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مسير في زجل من الملائكة وقد نظموا ما بين السماء والأرض
وقال السدي ، عن مرة ، عن عبد الله قال : نزلت سورة الأنعام يشيعها سبعون ألفا من الملائكة .
وروي نحوه من وجه آخر ، عن ابن مسعود .
وقال الحاكم في مستدركه : حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ وأبو الفضل الحسن بن يعقوب العدل قالا حدثنا محمد بن عبد الوهاب العبدي ، أخبرنا جعفر بن عون ، حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ، حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر قال : لما نزلت سورة الأنعام سبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال : " لقد شيع هذه السورة من الملائكة ما سد الأفق " . ثم قال : صحيح على شرط مسلم
وقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا محمد بن معمر ، حدثنا إبراهيم بن درستويه الفارسي ، حدثنا أبو بكر بن أحمد بن محمد بن سالم ، حدثنا ابن أبي فديك ، حدثني عمر بن طلحة الرقاشي ، عن نافع بن مالك أبي سهيل ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " نزلت سورة الأنعام معها موكب من الملائكة ، سد ما بين الخافقين لهم زجل بالتسبيح والأرض بهم ترتج " ، ورسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] يقول : " سبحان الله العظيم ، سبحان الله العظيم "
ثم روى ابن مردويه ، عن الطبراني ، عن إبراهيم بن نائلة ، عن إسماعيل بن عمرو ، عن يوسف بن عطية ، عن ابن عون ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله : " نزلت علي سورة الأنعام جملة واحدة ، وشيعها سبعون ألفا من الملائكة ، لهم زجل بالتسبيح والتحميد "
يقول الله تعالى مادحا نفسه الكريمة ، وحامدا لها على خلقه السموات والأرض قرارا لعباده وجعل الظلمات والنور منفعة لعباده في ليلهم ونهارهم ، فجمع لفظ " الظلمات " ووحد لفظ " النور " ; لكونه أشرف ، كما قال ( عن اليمين والشمائل ) [ النحل : 48 ] ، وكما قال في آخر هذه السورة ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) [ الأنعام : 153 ] .
وقوله : ( ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) أي : ومع هذا كله كفر به بعض عباده ، وجعلوا معه شريكا وعدلا واتخذوا له صاحبة وولدا ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
هذا إخبار عن حمده والثناء عليه بصفات الكمال، ونعوت العظمة والجلال عموما، وعلى هذه المذكورات خصوصا. فحمد نفسه على خلقه السماوات والأرض، الدالة على كمال قدرته، وسعة علمه ورحمته، وعموم حكمته، وانفراده بالخلق والتدبير، وعلى جعله الظلمات والنور، وذلك شامل للحسي من ذلك، كالليل والنهار، والشمس والقمر. والمعنوي، كظلمات الجهل، والشك، والشرك، والمعصية، والغفلة، ونور العلم والإيمان، واليقين، والطاعة، وهذا كله، يدل دلالة قاطعة أنه تعالى، هو المستحق للعبادة، وإخلاص الدين له، ومع هذا الدليل ووضوح البرهان { ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } أي يعدلون به سواه، يسوونهم به في العبادة والتعظيم، مع أنهم لم يساووا الله في شيء من الكمال، وهم فقراء عاجزون ناقصون من كل وجه.
تفسير البغوي
مكية ، وهي مائة وخمس وستون آية ، نزلت بمكة [ جملة ] ليلا معها سبعون ألف ملك قد سدوا ما بين الخافقين ، لهم زجل بالتسبيح والتحميد والتمجيد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم وخر ساجدا " .
وروي مرفوعا : " من قرأ سورة الأنعام يصلي عليه أولئك السبعون ألف ملك ليله ونهاره " .
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت سورة الأنعام بمكة ، إلا قوله : " وما قدروا الله حق قدره " ، إلى آخر ثلاث آيات ، وقوله تعالى : " قل تعالوا أتل " ، إلى قوله : " لعلكم تتقون " ، فهذه الست آيات مدنيات .
الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ( الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ) قال كعب الأحبار : هذه الآية أول آية في التوراة ، وآخر آية في التوراة قوله : " الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا " الآية ( الإسراء - 111 ) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : افتتح الله الخلق بالحمد ، فقال : ( الحمد لله الذي خلق السموات والأرض ) ، وختمه بالحمد فقال : ( وقضي بينهم بالحق ) ، أي : بين الخلائق ، ( وقيل الحمد لله رب العالمين ) [ الزمر - 75 ] .
قوله : " الحمد لله " حمد الله نفسه تعليما لعباده ، أي : احمدوا الله الذي خلق السموات والأرض ، خصهما بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات فيما يرى العباد ، وفيهما العبر والمنافع للعباد ، ( وجعل الظلمات والنور ) والجعل بمعنى الخلق ، قال الواقدي : كل ما في القرآن من الظلمات والنور فهو الكفر والإيمان ، إلا في هذه الآية فإنه يريد بهما الليل والنهار .
وقال الحسن : وجعل الظلمات والنور يعني الكفر والإيمان ، وقيل : أراد بالظلمات الجهل وبالنور العلم .
وقال قتادة : يعني الجنة والنار .
وقيل : معناه خلق الله السموات والأرض ، وقد جعل الظلمات والنور ، لأنه خلق الظلمة والنور قبل السموات والأرض .
قال قتادة : خلق الله السموات قبل الأرض ، والظلمة قبل النور ، والجنة قبل النار ، وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى خلق الخلق فى ظلمة ، ثم ألقى عليهم من نوره ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضل " .
( ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ) أي : ثم الذين كفروا بعد هذا البيان بربهم يعدلون ، أي : يشركون ، وأصله من مساواة الشيء بالشيء ، ومنه العدل ، أي : يعدلون بالله غير الله تعالى ، يقال : عدلت هذا بهذا إذا ساويته ، وبه قال النضر بن شميل ، الباء بمعنى عن ، أي : عن ربهم يعدلون ، أي يميلون وينحرفون من العدول ، قال الله تعالى ( عينا يشرب بها عباد الله ) أي : منها .
وقيل : تحت قوله " ثم الذين كفروا بربهم يعدلون " معنى لطيف ، وهو مثل قول القائل : أنعمت عليكم بكذا وتفضلت عليكم بكذا ، ثم تكفرون بنعمتي .
الإعراب:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) الحمد مبتدأ للّه لفظ الجلالة مجرور باللام متعلقان بمحذوف خبره، والجملة الاسمية مستأنفة (الَّذِي) اسم موصول في محل جر صفة اللّه وجملة (خَلَقَ السَّماواتِ) الجملة صلة الموصول لا محل لها وجملة (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ) معطوفة عليها (ثُمَّ الَّذِينَ) اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ وخبره جملة (يَعْدِلُونَ) (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) جملة كفروا صلة الموصول لا محل لها.
(بِرَبِّهِمْ) متعلقان بكفروا أو بيعدلون أي يعدلون بربهم غيره، وجملة (الَّذِينَ).. معطوفة على جملة الحمد للّه..