الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة المائدة: [الآية 103]

سورة المائدة
مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٍ وَلَا سَآئِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ ۙ وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ ۖ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ﴿103﴾

تفسير الجلالين:

«ما جعل» شرع «الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام» كما كان أهل الجاهلية يفعلونه، روى البخاري عن سعيد بن المسيب قال: البحيرة التي يمنع درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس، والسائبة التي كانوا يسيبونها لآلهتم فلا يحمل عليها شيء، والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل بأنثى ثم تثني بعد بأنثى وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بأخرى ليس بينهما ذكر، والحام فحل الإبل يضرب الضراب المعدودة فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من أن يحمل عليه شيء وَسَمَّوْه الحامي «ولكنَّ الذين كفروا يفترون على الله الكذب» في ذلك وفي نسبته إليه «وأكثرهم لا يعقلون» أن ذلك افتراء لأنهم قلدوا فيه آباءهم.

تفسير الشيخ محي الدين:

قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119 « (

قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ» فلا يؤثر فيهم عوارض يوم القيامة ، بل تخاف الناس ولا يخافون ، وتحزن الناس ولا يحزنون . . .

[ «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» ] «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» فالرضى منا ومنه - الوجه الأول - رضي اللّه عنهم : بما أعطوه من بذل المجهود ، وغير بذل المجهود «وَرَضُوا عَنْهُ» بما أعطاهم مما يقتضي الوجود الجود أكثر من ذلك ، لكن العلم والحكمة غالبة - الوجه الثاني - «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ» : بما أعطاه العبد من نفسه رضي اللّه به ، ورضي عنه فيه وإن لم يبذل استطاعته ، فرضي اللّه منك إذا أعطيت ما كلفك حد الاستطاعة التي لا حرج عليك فيها «وَرَضُوا عَنْهُ» رضي العبد من اللّه بالذي أعطاه من حال الدنيا ورضي عن اللّه في ذلك ، فإن متعلق الرضى القليل ، فإن الإنعام لا يتناهى بالبرهان الواضح والدليل ، فلا بد من الرضى ، بذا حكم الدليل وقضى ، وبهذا المعنى رضاه سبحانه عنك ، بما أعطيته منك ، وهو يعلم أن الاستطاعة فوق ما أعطيته - الوجه الثالث - «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ» في يسير العمل «وَرَضُوا عَنْهُ» في يسير الثواب ، لأنه لا يتمكن تحصيل ما لا يتناهى في الوجود ، لأنه لا يتناهى ، فإن كل ما أعطاك الحق في الدنيا والآخرة من الخير والنعم فهو قليل بالنسبة إلى ما عنده ، فإن الذي عنده لا نهاية له ، وكل ما حصل لك من ذلك فهو قليل بالنسبة إلى ما عنده ، فإن الذي عنده لا نهاية له ، وكل ما حصل لك من ذلك فهو متناه بحصوله ، وما قدم اللّه رضاه عن عبيده ، بما قبله من اليسير من أعمالهم التي كلفهم إلا ليرضوا عنه في يسير الثواب ، لما علموا أن عنده ما هو أكثر من الذي وصل إليهم . - الوجه الرابع - أخبرهم في التوقيع أنه عنهم راض تعالى وتقدس جلاله ، ثم أنه ناب عنهم في الخطاب بأنهم عنه راضون ، فقال تعالى : «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» .

وهنا نكتة لمن فهم ما تدل عليه ألفاظ القرآن من الرضى فقطع عليهم بذلك لعلمه بأنه واقع

منهم[ تحقيق الرضا ]

- تحقيق الرضا - اعلم أن اللّه تعالى قد أمرنا بالرضا قبل القضاء مطلقا ، فعلمنا أنه يريد الإجمال ، فإنه إذا فصّله حال المقضي عليه بالمقضى به انقسم إلى ما يجوز الرضا به وإلى ما لا يجوز ، فلما أطلق الرضا علمنا أنه أراد الإجمال ، والقدر توقيت الحكم ، فكل شيء بقضاء وقدر ، أي بحكم مؤقت ، فمن حيث التوقيت المطلق يجب الإيمان بالقدر خيره وشره ، حلوه ومره ، ومن حيث التعيين يجب الإيمان به لا الرضا ببعضه ، وإنما قلنا : يجب الإيمان به أنه شر كما يجب الإيمان بالخير أنه خير ، فنقول : إنه يجب علي الإيمان بالشر أنه شر ، وأنه ليس إلى اللّه من كونه شرا ، لا من كونه عين وجود إن كان الشر أمرا وجوديا ، فمن حيث وجوده أي وجود عينه هو إلى اللّه ، ومن كونه شرا ليس إلى اللّه ، قال صلّى اللّه عليه وسلم في دعائه : والشر ليس إليك ، فالمؤمن ينفي عن الحق ما نفاه عن نفسه .

------------

(119) الفتوحات ج 2 / 222 - ج 4 / 351 ، 432 - ج 2 / 212 - ج 4 / 351 - ج 2 / 212 - ج 4 / 27 ، 18 - ج 2 / 212

تفسير ابن كثير:

قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال : " البحيرة " : التي يمنع درها للطواغيت ، فلا يحلبها أحد من الناس . و " السائبة " : كانوا يسيبونها لآلهتهم ، لا يحمل عليها شيء - قال : وقال أبو هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار ، كان أول من سيب السوائب " - و " الوصيلة " : الناقة البكر ، تبكر في أول نتاج الإبل ، ثم تثني بعد بأنثى ، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم ، إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر . و " الحام " : فحل الإبل يضرب الضراب المعدود ، فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت ، وأعفوه عن الحمل ، فلم يحمل عليه شيء ، وسموه الحامي .

وكذا رواه مسلم والنسائي ، من حديث إبراهيم بن سعد ، به .

ثم قال البخاري : وقال لي أبو اليمان : أخبرنا شعيب ، عن الزهري قال : سمعت سعيدا يخبر بهذا . وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه . ورواه ابن الهاد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

قال الحاكم : أراد البخاري أن يزيد بن عبد الله بن الهاد رواه عن عبد الوهاب بن بخت ، عن الزهري . كذا حكاه شيخنا أبو الحجاج المزني في " الأطراف " وسكت ولم ينبه عليه . وفيما قاله الحاكم نظر ، فإن الإمام أحمد وأبا جعفر بن جرير روياه من حديث الليث بن سعد ، عن ابن الهاد ، عن الزهري نفسه . والله أعلم .

ثم قال البخاري : حدثنا محمد بن أبي يعقوب أبو عبد الله الكرماني ، حدثنا حسان بن إبراهيم ، حدثنا يونس ، عن الزهري ، عن عروة ; أن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا ، ورأيت عمرا يجر قصبه ، وهو أول من سيب السوائب " . تفرد به البخاري .

وقال ابن جرير : حدثنا هناد ، حدثنا يونس بن بكير ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأكثم بن الجون : " يا أكثم ، رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار ، فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ، ولا به منك " . فقال أكثم : تخشى أن يضرني شبهه يا رسول الله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا إنك مؤمن وهو كافر ، إنه أول من غير دين إبراهيم ، وبحر البحيرة ، وسيب السائبة ، وحمى الحامي " . ثم رواه عن هناد ، عن عبدة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بنحوه أو مثله .

ليس هذان الطريقان في الكتب .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عمرو بن مجمع ، حدثنا إبراهيم الهجري ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن أول من سيب السوائب ، وعبد الأصنام ، أبو خزاعة عمرو بن عامر ، وإني رأيته يجر أمعاءه في النار " . تفرد به أحمد من هذا الوجه .

وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إني لأعرف أول من سيب السوائب ، وأول من غير دين إبراهيم - عليه السلام - " . قالوا : من هو يا رسول الله؟ قال : " عمرو بن لحي أخو بني كعب ، لقد رأيته يجر قصبه في النار ، يؤذي ريحه أهل النار . وإني لأعرف أول من بحر البحائر " . قالوا : من هو يا رسول الله؟ قال : " رجل من بني مدلج ، كانت له ناقتان ، فجدع آذانهما ، وحرم ألبانهما ، ثم شرب ألبانهما بعد ذلك ، فلقد رأيته في النار وهما يعضانه بأفواههما ويخبطانه بأخفافهما " .

فعمرو هذا هو ابن لحي بن قمعة ، أحد رؤساء خزاعة ، الذين ولوا البيت بعد جرهم . وكان أول من غير دين إبراهيم الخليل ، فأدخل الأصنام إلى الحجاز ، ودعا الرعاع من الناس إلى عبادتها والتقرب بها ، وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية في الأنعام وغيرها ، كما ذكره الله تعالى في سورة الأنعام ، عند قوله تعالى : ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ) [ الأنعام : 136 ] إلى آخر الآيات في ذلك .

فأما البحيرة ، فقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : هي الناقة إذا نتجت خمسة أبطن نظروا إلى الخامس ، فإن كان ذكرا ذبحوه ، فأكله الرجال دون النساء . وإن كان أنثى جدعوا آذانها ، فقالوا : هذه بحيرة .

وذكر السدي وغيره قريبا من هذا .

وأما السائبة ، فقال مجاهد : هي من الغنم نحو ما فسر من البحيرة ، إلا أنها ما ولدت من ولد كان بينها وبين ستة أولاد كان على هيئتها ، فإذا ولدت السابع ذكرا أو ذكرين ، ذبحوه ، فأكله رجالهم دون نسائهم .

وقال محمد بن إسحاق : السائبة : هي الناقة إذا ولدت عشر إناث من الولد ليس بينهن ذكر ، سيبت فلم تركب ، ولم يجز وبرها ، ولم يحلب لبنها إلا الضيف .

وقال أبو روق : السائبة : كان الرجل إذا خرج فقضيت حاجته ، سيب من ماله ناقة أو غيرها ، فجعلها للطواغيت . فما ولدت من شيء كان لها .

وقال السدي : كان الرجل منهم إذا قضيت حاجته أو عوفي من مرض أو كثر ماله سيب شيئا من ماله للأوثان ، فمن عرض له من الناس عوقب بعقوبة في الدنيا .

وأما الوصيلة ، فقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هي الشاة إذا نتجت سبعة أبطن نظروا إلى السابع ، فإن كان ذكرا أو أنثى وهو ميت اشترك فيه الرجال دون النساء ، وإن كان أنثى استحيوها ، وإن كان ذكرا وأنثى في بطن استحيوهما وقالوا : وصلته أخته فحرمته علينا . رواه ابن أبي حاتم .

وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب : ( ولا وصيلة ) قال : فالوصيلة من الإبل ، كانت الناقة تبتكر بأنثى ، ثم تثنى بأنثى ، فسموها الوصيلة ، ويقولون : وصلت أنثيين ليس بينهما ذكر ، فكانوا يجدعونها لطواغيتهم .

وكذا روي عن الإمام مالك بن أنس ، رحمه الله .

وقال محمد بن إسحاق : الوصيلة من الغنم : إذا ولدت عشر إناث في خمسة أبطن ، توأمين توأمين في كل بطن ، سميت الوصيلة وتركت ، فما ولدت بعد ذلك من ذكر أو أنثى ، جعلت للذكور دون الإناث . وإن كانت ميتة اشتركوا فيها .

وأما الحام ، فقال العوفي عن ابن عباس قال : كان الرجل إذا لقح فحله عشرا ، قيل حام ، فاتركوه .

وكذا قال أبو روق وقتادة . وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : وأما الحام فالفحل من الإبل ، إذا ولد لولده قالوا : حمى هذا ظهره ، فلا يحملون عليه شيئا ، ولا يجزون له وبرا ، ولا يمنعونه من حمى رعي ، ومن حوض يشرب منه ، وإن كان الحوض لغير صاحبه .

وقال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : أما الحام فمن الإبل كان يضرب في الإبل ، فإذا انقضى ضرابه جعلوا عليه ريش الطواويس وسيبوه .

وقد قيل غير ذلك في تفسير هذه الآية . وقد ورد في ذلك حديث رواه ابن أبي حاتم ، من طريق أبي إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص الجشمي ، عن أبيه مالك بن نضلة قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في خلقان من الثياب ، فقال لي : " هل لك من مال؟ " قلت نعم . قال : " من أي المال؟ " قال : فقلت : من كل المال ، من الإبل والغنم والخيل والرقيق . قال : " فإذا آتاك الله مالا فلير عليك " . ثم قال : " تنتج إبلك وافية آذانها؟ " قال : قلت : نعم . قال : " وهل تنتج الإبل إلا كذلك؟ " قال : " فلعلك تأخذ الموسى فتقطع آذان طائفة منها وتقول : هذه بحير ، وتشق آذان طائفة منها ، وتقول : هذه حرم؟ " قلت : نعم . قال : " فلا تفعل ، إن كل ما آتاك الله لك حل " ، ثم قال : ( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ) أما البحيرة : فهي التي يجدعون آذانها ، فلا تنتفع امرأته ولا بناته ولا أحد من أهل بيته بصوفها ولا أوبارها ولا أشعارها ولا ألبانها ، فإذا ماتت اشتركوا فيها . وأما السائبة : فهي التي يسيبون لآلهتهم ، ويذهبون إلى آلهتهم فيسيبونها ، وأما الوصيلة : فالشاة تلد ستة أبطن ، فإذا ولدت السابع جدعت وقطع قرنها ، فيقولون : قد وصلت ، فلا يذبحونها ولا تضرب ولا تمنع مهما وردت على حوض . هكذا يذكر تفسير ذلك مدرجا في الحديث . وقد روي من وجه آخر عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص عوف بن مالك ، من قوله ، وهو أشبه .

وقد روى هذا الحديث الإمام أحمد ، عن سفيان بن عيينة ، عن أبي الزعراء عمرو بن عمرو ، عن عمه أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة ، عن أبيه ، به . وليس فيه تفسير هذه والله أعلم .

وقوله : ( أي : ما شرع الله هذه الأشياء ولا هي عنده قربة ، ولكن المشركين افتروا ذلك وجعلوه شرعا لهم وقربة يتقربون بها إليه . وليس ذلك بحاصل لهم ، بل هو وبال عليهم .


تفسير الطبري :

فيه سبع مسائل: الأولى: قوله تعالى {ما جعل الله} جعل هنا بمعنى سمى، كما قال تعالى {إنا جعلناه قرآنا عربيا} [الزخرف : 3] أي سميناه. والمعنى في هذه الآية ما سمى الله، ولا سن ذلك حكما، ولا تعبد به شرعا، بيد أنه قضى به علما، وأوجده بقدرته وإرادته خلقا؛ فإن الله خالق كل شيء من خير وشر، ونفع وضر، وطاعة ومعصية. الثانية: قوله تعالى {من بحيرة ولا سائبة} {من} زائدة. والبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة، وهي على وزن النطيحة والذبيحة. وفي الصحيح عن سعيد بن المسيب : البحيرة هي التي يمنع درها للطواغيت، فلا يحتلبها أحد من الناس. وأما السائبة فهي التي كانوا يسيبونها لآلهتهم. وقيل : البحيرة لغة هي الناقة المشقوقة الأذن؛ يقال بحرت أذن الناقة أي شققتها شقا واسعا، والناقة بحيرة ومبحورة، وكان البحر علامة التخلية. قال ابن سيده : يقال البحيرة هي التي خليت بلا راع، ويقال للناقة الغزيرة بحيرة. قال ابن إسحاق : البحيرة هي ابنة السائبة، والسائبة هي الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر، لم يركب ظهرها ولم يجز وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيف، فما نتجت بعد ذلك من أنثى شقت أذنها، وخلي سبيلها مع أمها فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ضيف كما فعل بأمها؛ فهي البحيرة ابنة السائبة. وقال الشافعي : إذا نتجت الناقة خمسة أبطن إناثا بحرت أذنها فحرمت؛ قال : محرمة لا يطعم الناس لحمها ** ولا نحن في شيء كذاك البحائر وقال ابن عزيز البحيرة الناقة إذا نتجت خمسة أبطن فإذا كان الخامس ذكرا نحروه فأكله الرجال والنساء، وإن كان الخامس أنثى بحروا أذنها أي شقوه وكانت حراما على النساء لحمها ولبنها وقاله عكرمة فإذا ماتت حلت للنساء. والسائبة البعير يسيب بنذر يكون على الرجل إن سلمه الله من مرض، أو بلغه منزله أن يفعل ذلك، فلا تجس عن رعي ولا ماء، ولا يركبها أحد؛ وقال به أبو عبيد؛ قال الشاعر : وسائبة لله تنمي تشكرا ** إن الله عافى عامرا أو مجاشعا وقد يسيبون غير الناقة، وكانوا إذا سيبوا العبد لم يكن عليه ولاء. وقيل : السائبة هي المخلاة لا قيد عليها، ولا راعي لها؛ فاعل بمعنى مفعول، نحو {عيشة راضية} أي مرضية. من سابت الحية وانسابت؛ قال الشاعر : عقرتم ناقة كانت لربي ** وسائبة فقوموا للعقاب وأما الوصيلة والحام؛ فقال ابن وهب، قال مالك : كان أهل الجاهلية يعتقون الإبل والغنم يسيبونها؛ فأما الحام فمن الإبل؛ كان الفحل إذا انقضى ضرابه جعلوا عليه من ريش الطواويس وسيبوه؛ وأما الوصيلة فمن الغنم إذا ولدت أنثى بعد أنثى سيبوها. وقال ابن عزيز : الوصيلة في الغنم؛ قال : كانوا إذا ولدت الشاة سبعة أبطن نظروا؛ فإن كان السابع ذكرا ذبح وأكل منه الرجال والنساء، وإن كان أنثى تركت في الغنم، وإن كان ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم تذبح لمكانها، وكان لحمها حراما على النساء، ولبن الأنثى حراما على النساء إلا أن يموت منهما شيء فيأكله الرجال والنساء. والحامي الفحل إذا ركب ولد ولده. قال : حماها أبو قابوس في عز ملكه ** كما قد حمى أولاد أولاده الفحل ويقال : إذا نتج من صلبه عشرة أبطن قالوا : قد حمى ظهر فلا يركب ولا يمنع من كلاء ولا ماء. وقال ابن إسحاق : الوصيلة الشاة إذا أتمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن ذكر، قالوا : وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منهم دون الإناث، إلا أن يموت شيء منها فيشترك في أكله ذكورهم وإناثهم. الثالثة: روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار وكان أول من سيب السوائب) وفي رواية (عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أخا بني كعب هؤلاء يجر قصبه في النار). وروى أبو هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم بن الجون : (رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندق يجر قصبه في النار فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ولا به منك) فقال أكثم : أخشى أن يضرني شبهه يا رسول الله؛ قال : (لا إنك مؤمن وهو كافر إنه أول من غير دين إسماعيل وبحر البحيرة وسيب السائبة وحمى الحامي) وفي رواية : (رأيته رجلا قصيرا أشعر له وفرة يجر قصبه في النار). وفي رواية ابن القاسم وغيره عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إنه يؤذي أهله النار بريحه). مرسل ذكره ابن العربي وقيل : إن أول من ابتدع ذلك جنادة بن عوف. والله أعلم. وفي الصحيح كفاية. وروى ابن إسحاق : أن سبب نصب الأوثان، وتغيير دين إبراهيم عليه السلام عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام، فلما قدم مآب من أرض البلقاء، وبها يومئذ العماليق أولاد عمليق ويقال عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح، رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم : ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا : هذه أصنام نستمطر بها فنمطر، ونستنصر بها فننصر؛ فقال لهم : أفلا تعطوني منها صنما أسير به إلى أرض العرب فيعبدنه؟ فأعطوه صنما يقال له : (هبل) فقدم به مكة فنصبه، وأخذ الناس بعبادته وتعظيمه؛ فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أنزل الله عليه {ما جعل الله بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام}. {ولكن الذين كفروا} يعني من قريش وخزاعة ومشركي العرب {يفترون على الله الكذب} بقولهم : إن الله أمر بتحريمها، ويزعمون أنهم يفعلون ذلك لرضا ربهم في طاعة الله، وطاعة الله إنما تعلم من قوله، ولم يكن عندهم من الله بذلك قول، فكان ذلك مما يفترونه على الله. وقالوا {ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا} [الأنعام : 139] يعني من الولد والألبان {ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة} [الأنعام : 139] يعني إن وضعته ميتا اشترك فيه الرجال والنساء؛ فذلك قوله عز وجل {فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم} [الأنعام : 139] أي بكذبهم العذاب في الآخرة {إنه حكيم عليم}[الأنعام : 139] أي بالتحريم والتحليل. وأنزل عليه {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون} [يونس : 59] وأنزل عليه {ثمانية أزواج} [الأنعام : 143] وأنزله عليه {وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه} [الأنعام : 138]. الرابعة: تعلق أبو حنيفة رضي الله عنه في منعه الأحباس ورده الأوقاف؛ بأن الله تعالى عاب على العرب ما كانت تفعله من تسييب البهائم وحمايتها وحبس أنفاسها عنها، وقاس على البحيرة والسائبة والفرق بيّنٌ. ولو عمد رجل إلى ضيعة له فقال : هذه تكون حبسا، لا يجتنى ثمرها، ولا تزرع أرضها، ولا ينتفع منها بنفع، لجاز أن يشبه هذا بالبحيرة والسائبة. وقد قال علقمة لمن سأله عن هذه الأشياء : ما تريد إلى شيء كان من عمل أهله الجاهلية وقد ذهب. وقال نحوه ابن زيد. وجمهور العلماء على القول بجواز الأحباس والأوقاف ما عدا أبا حنيفة وأبا يوسف وزفر؛ وهو قول شريح أن أبا يوسف رجع عن قول أبى حنيفة في ذلك لما حدثه ابن علية عن ابن عون عن نافع عن ابن عمر أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يتصدق بسهمه بخيبر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (احبس الأصل وسبل الثمرة). وبه يحتج كل من أجاز الأحباس؛ وهو حديث صحيح قاله أبو عمر. وأيضا فإن المسألة إجماع من الصحابة وذلك أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليا وعائشة وفاطمة وعمرو بن العاص وابن الزبير وجابرا كلهم وقفوا الأوقاف، وأوقافهم بمكة والمدينة معروفة مشهورة. وروي أن أبا يوسف قال لمالك بحضرة الرشيد : إن الحبس لا يجوز؛ فقال له مالك : هذه الأحباس أحباس رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر وفدك وأحباس أصحابه. وأما ما احتج به أبو حنيفة من الآية فلا حجة فيه؛ لأن الله سبحانه إنما عاب عليهم أن تصرفوا بعقولهم بغير شرع توجه إليهم، أو تكليف فرض عليهم في قطع طريق الانتفاع وإذهاب نعمة الله تعالى وإزالة المصلحة التي للعباد في تلك الإبل. وبهذا فارقت هذه الأمور الأحباس والأوقاف. ومما احتج به أبو حنيفة وزفر ما رواه عطاء عن ابن المسيب قال : سألت شريحا عن رجل جعل داره حبسا على الآخر من ولده فقال : لا حبس عن فرائض الله؛ قالوا : فهذا شريح قاضي عمر وعثمان وعلي الخلفاء الراشدين حكم بذلك. واحتج أيضا بما رواه ابن لهيعة عن أخيه عيسى، عن عكرمة عن ابن عباس، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعدما أنزلت سورة [النساء] وأنزل الله فيها الفرائض : ينهى عن الحبس. قال الطبري : الصدقة التي يمضيها المتصدق في حياته على ما أذن الله به على لسان نبيه وعمل به الأئمة الراشدون رضي الله عنهم ليس من الحبس عن فرائض الله؛ ولا حجة في قول شريح ولا في قول أحد يخالف السنة، وعمل الصحابة الذين هم الحجة على جميع الخلق؛ وأما حديث ابن عباس فرواه ابن لهيعة، وهو رجل اختلط عقله في آخر عمره، وأخوه غير معروف فلا حجة فيه؛ قال ابن القصار. فإن قيل : كيف يجوز أن تخرج الأرض بالوقف عن ملك أربابها لا إلى ملك مالك؟ قال الطحاوي يقال لهم : وما ينكر من هذا وقد اتفقت أنت وخصمك على الأرض يجعلها صاحبها مسجدا للمسلمين، ويخلي بينهم وبينها، وقد خرجت بذلك من ملك إلى غير مالك، ولكن إلى الله تعالى؛ وكذلك السقايات والجسور والقناطر، فما ألزمت مخالفك في حجتك عليه يلزمك في هذا كله. والله أعلم. الخامسة: اختلف المجيزون للحبس فيما للمحبس من التصرف؛ فقال الشافعي : ويحرم على الموقف ملكه كما يحرم عليه ملك رقبة العبد، إلا أنه جائز له أن يتولى صدقته، وتكون بيده ليفرقها ويسلبها فيما أخرجها فيه؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يزل يلي صدقته فيما بلغنا حتى قبضه الله عز وجل قال : وكذلك علي وفاطمة رضي الله عنهما كانا يليان صدقاتهما؛ وبه قال أبو يوسف وقال مالك : من حبس أرضا أو نخلا أو دارا على المساكين وكانت بيده يقوم بها ويكريها ويقسمها في المساكين حتى مات والحبس في يديه، أنه ليس بحبس ما لم يجزه غيره وهو ميراث؛ والربع عنده والحوائط والأرض لا ينفذ حبسها، ولا يتم حوزها، حتى يتولاه غير من حبسه، بخلاف الخيل والسلاح، هذا محصل مذهبه عند جماعة أصحابه؛ وبه قال ابن أبي ليلى. السادسة: لا يجوز للواقف أن ينتفع بوقفه؛ لأنه أخرجه لله وقطعه عن ملكه، فانتفاعه بشيء منه رجوع في صدقته؛ وإنما يجوز له الانتفاع إن شرط ذلك في الوقف، أو أن يفتقر المحبس، أو ورثته فيجوز لهم الأكل منه. ذكر ابن حبيب عن مالك قال : من حبس أصلا تجري غلته على المساكين فإن ولده يعطون منه إذا افتقروا كانوا يوم حبس أغنياء أو فقراء غير أنهم لا يعطون جميع الغلة مخافة أن يندرس الحبس ولكن يبقى منه سهم للمساكين ليبقى عليه اسم الحبس؛ ويكتب على الولد كتاب أنهم إنما يعطون منه ما أعطوا على سبيل المسكنة، وليس على حق لهم دون المساكين. السابعة: عتق السائبة جائز؛ وهو أن يقول السيد لعبده أنت حر وينوي العتق، أو يقول : أعتقتك سائبة؛ فالمشهور من مذهب مالك عند جماعة أصحابه أن ولاءه لجماعة المسلمين، وعتقه نافذ؛ هكذا روى عنه ابن القاسم وابن عبدالحكم وأشهب وغيرهم، وبه قال ابن وهب؛ وروى ابن وهب عن مالك قال : لا يعتق أحد سائبة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته؛ قال ابن عبدالبر : وهذا عند كل من ذهب مذهبه، إنما هو محمول على كراهة عتق السائبة لا غير؛ فإن وقع نفذ وكان الحكم فيه ما ذكرناه. وروى ابن وهب أيضا وابن القاسم عن مالك أنه قال : أنا أكره عتق السائبة وأنهى عنه؛ فإن وقع نفذ وكان ميراثا لجماعة المسلمين، وعقله عليهم. وقال أصبغ : لا بأس بعتق السائبة ابتداء؛ ذهب إلى المشهور من مذهب مالك؛ وله احتج إسماعيل القاضي ابن إسحاق وإياه تقلد. ومن حجته في ذلك أن عتق السائبة مستفيض بالمدينة لا ينكره عالم، وأن عبدالله بن عمر وغيره من السلف أعتقوا سائبة. وروي ابن شهاب وربيعة وأبي الزناد وهو قول عمر بن عبدالعزيز وأبي العالية وعطاء وعمرو بن دينار وغيرهم. قلت : أبو العالية الرياحي البصري التميمي رضى الله عنه ممن أعتق سائبة؛ أعتقته مولاة له من بني رياح سائبة لوجه الله تعالى، وطافت به على حلق المسجد، واسمه رفيع بن مهران، وقال ابن نافع : لا سائبة اليوم في الإسلام، ومن أعتق سائبة كان ولاؤه له؛ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وابن الماجشون، ومال إليه ابن العربي؛ واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم : (من أعتق سائبة فولاؤه له) وبقوله : (إنما الولاء لمن أعتق). فنفى أن يكون الولاء لغير معتق، واحتجوا بقوله تعالى{ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة} وبالحديث (لا سائبة في الإسلام) وبما رواه أبو قيس عن هزيل بن شرحبيل قال : قال رجل لعبدالله : إني أعتقت غلاما لي سائبة فماذا ترى فيه؟ فقال عبدالله : إن أهل الإسلام لا يسيبون، إنما كانت تسيب الجاهلية؛ أنت وارثه وولي نعمته.

التفسير الميسّر:

ما شرع الله للمشركين ما ابتدعوه في بهيمة الأنعام مِن تَرْك الانتفاع ببعضها وجعلها للأصنام، وهي: البَحيرة التي تُقطع أذنها إذا ولدت عددًا من البطون، والسائبة وهي التي تُترك للأصنام، والوصيلة وهي التي تتصل ولادتها بأنثى بعد أنثى، والحامي وهو الذكر من الإبل إذا وُلد من صلبه عدد من الإبل، ولكن الكفار نسبوا ذلك إلى الله تعالى افتراء عليه، وأكثر الكافرين لا يميزون الحق من الباطل.

تفسير السعدي

هذا ذم للمشركين الذين شرعوا في الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما أحله الله، فجعلوا بآرائهم الفاسدة شيئا من مواشيهم محرما، على حسب اصطلاحاتهم التي عارضت ما أنزل الله فقال: { مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ } وهي: ناقة يشقون أذنها، ثم يحرمون ركوبها ويرونها محترمة. { وَلَا سَائِبَةٍ } وهي: ناقة، أو بقرة، أو شاة، إذا بلغت شيئا اصطلحوا عليه، سيبوها فلا تركب ولا يحمل عليها ولا تؤكل، وبعضهم ينذر شيئا من ماله يجعله سائبة. { وَلَا حَامٍ } أي: جمل يحمى ظهره عن الركوب والحمل، إذا وصل إلى حالة معروفة بينهم. فكل هذه مما جعلها المشركون محرمة بغير دليل ولا برهان. وإنما ذلك افتراء على الله، وصادرة من جهلهم وعدم عقلهم، ولهذا قال: { وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } فلا نقل فيها ولا عقل، ومع هذا فقد أعجبوا بآرائهم التي بنيت على الجهالة والظلم.


تفسير البغوي

قوله عز وجل :" ما جعل الله من بحيرة "أي: ما أنزل الله ولا أمر به، " ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام "، قال ابن عباس في بيان هذه [الأوضاع]: البحيرة هي الناقة كانت إذا ولدت خمسة أبطن بحروا أذنها، أي: شقوها وتركوا الحمل عليها وركوبها، ولم يجزوا وبرها ولم يمنعوها الماء والكلأ، ثم نظروا إلى خامس ولدها فإن كان ذكراً نحروه وأكله الرجال والنساء، وإن كان أنثى بحروا أذنها، أي: شقوها وتركوها وحرم على النساء لبنها ومنافعها، وكانت منافعها خاصة للرجال، فإذا ماتت حلت للرجال والنساء .

وقيل: كانت الناقة إذا تابعت اثنتي عشرة سنة إناثاً سيبت فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف، فما نتجت بعد ذلك من أنثى شق أذنها ثم خلي سبيلها مع أمها في الإبل، فلم تركب ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف، كما فعل بأمها ، فهي البحيرة بنت السائبة . وقال أبو عبيد : السائبة البعير الذي يسيب، وذلك أن الرجل من أهل الجاهلية كان إذا مرض وغاب له قريب نذر فقال إن شفاني الله تعالى أو شفي مريض أو رد غائبي فناقتي هذه سائبة، ثم يسيبها فلا تحبس عن رعي ولا ماء ولا يركبها أحد فكانت بمنزلة البحيرة . وقال علقمه : هو العبد يسيب على أن لا ولاء عليه ولا عقل ولا ميراث.وقال صلى الله عليه وسلم: " إنما الولاء لمن أعتق" .

والسائبة فاعلة بمعنى المفعولة، وهي المسيبة، كقوله تعالى " ماء دافق " أي: مدفوق " عيشة راضية " . وأما الوصيلة: فمن الغنم كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن نظروا فإن كان السابع ذكرأ ذبحوه فأكل منه الرجال والنساء، وإن كانت انثى تركوها في الغنم وإن كان ذكراً وأنثى استحيوا الذكر من أجل الأنثى، وقالوا: وصلت أخاها فلم يذبحوه، وكان لبن الأنثى حراماً على النساء، فإن مات منها شيء أكله الرجال والنساء جميعا . وأما الحام: فهو الفحل إذا ركب ولده، ويقال: إذا نتج من صلبه عشرة أبطن ، قالوا حمي ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من كلأ ولا ماء، فإذا مات أكله الرجال والنساء .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسانعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال: البحيرة التي يمنح درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس، والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء . قال أبو هريرة: [قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رأيت عمر بن عامر الخزاعي يجر قصبة في النار ، وكان أول من سيب السوائب " .

قوله عز وجل : ( ما جعل الله من بحيرة ) أي : ما أنزل الله ولا أمر به ، ( ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ) قال ابن عباس في بيان هذه [ الأوضاع ] البحيرة هي الناقة التي كانت إذا ولدت خمسة أبطن بحروا أذنها ، أي : شقوها وتركوا الحمل عليها وركوبها ، ولم يجزوا وبرها ولم يمنعوها الماء والكلأ ثم نظروا إلى خامس ولدها فإن كان ذكرا نحروه وأكله الرجال والنساء ، وإن كان أنثى بحروا أذنها ، أي : شقوها وتركوها وحرم على النساء لبنها ومنافعها ، وكانت منافعها خاصة للرجال ، فإذا ماتت حلت للرجال والنساء .

وقيل : كانت الناقة إذا تابعت اثنتي عشرة سنة إناثا سيبت فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف ، فما نتجت بعد ذلك من أنثى شق أذنها ثم خلي سبيلها مع أمها في الإبل ، فلم تركب ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف ، كما فعل بأمها ، فهي البحيرة بنت السائبة .

وقال أبو عبيد : السائبة البعير الذي يسيب ، وذلك أن الرجل من أهل الجاهلية كان إذا مرض وغاب له قريب نذر فقال إن شفاني الله تعالى أو شفي مريضي أو عاد غائبي ، فناقتي هذه سائبة ، ثم يسيبها فلا تحبس عن رعي ولا ماء ولا يركبها أحد فكانت بمنزلة البحيرة .

وقال علقمة : هو العبد يسيب على أن لا ولاء عليه ولا عقل ولا ميراث . وقال صلى الله عليه وسلم : " إنما الولاء لمن أعتق " .

والسائبة فاعلة بمعنى المفعولة ، وهي المسيبة ، كقوله تعالى ( ماء دافق ) أي : مدفوق و ) ( عيشة راضية )

وأما الوصيلة : فمن الغنم ، كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن فإذا كان السابع ذكرا ذبحوه ، فأكل منه الرجال والنساء ، وإن كانت أنثى تركوها في الغنم وإن كان ذكرا وأنثى استحيوا الذكر من أجل الأنثى ، وقالوا : وصلت أخاها فلم يذبحوه ، وكان لبن الأنثى حراما على النساء ، فإن مات منها شيء أكله الرجال والنساء جميعا .

وأما الحام : فهو الفحل إذا ركب ولد ولده ، ويقال : إذا نتج من صلبه عشرة أبطن ، قالوا : حمي ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من كلأ ولا ماء ، فإذا مات أكله الرجال والنساء .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب قال : البحيرة التي يمنح درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس ، والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء .

قال أبو هريرة : [ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار ، وكان أول من سيب السوائب " .

روى محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكثم بن جون الخزاعي : " يا أكثم رأيت عمرو بن لحي بن قمعة [ بن خندق ] يجر قصبه في النار فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ولا به منك " وذلك أنه أول من غير دين إسماعيل ونصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ، ووصل الوصيلة وحمى الحام ، " فلقد رأيته في النار يؤذي أهل النار بريح قصبه " ، فقال أكثم : أيضرني شبهه يا رسول الله؟ فقال : " لا إنك مؤمن وهو كافر " .

قوله عز وجل : ( ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب ) في قولهم الله أمرنا بها ( وأكثرهم لا يعقلون ) .

روى محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيميعن أبي صالح السمان عن أبي هريرة]:قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاكثم بن جون الخزاعي: "يا أكثم رأيت عمرو بن لحي بن قمعة [بن خندق] يجر قصبه في النار فما رأيت من رجل أشبه برجل منك به ولا به منك وذلك أنه أول من غير دين إسماعيل ونصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة، ووصل الوصيلة وحمى الحام، فلقد رأيته في النار يؤذي أهل النار بريح قصبه ، فقال أكثم: أيضرني شبهه يا رسول الله ؟ فقال : لا إنك مؤمن وهو كافر" . قوله عز وجل: " ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب "، في قولهم الله أمرنا بها " وأكثرهم لا يعقلون " .


الإعراب:

(ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ) ما نافية لا عمل لها. جعل فعل ماض بمعنى صيّر يتعدى لمفعولين حذف الثاني منهما أي ما صيّر اللّه حيوانا بحيرة. ومن حرف جر زائد بحيرة اسم مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به (وَلا سائِبَةٍ) عطف على بحيرة. ولا زائدة لتأكيد النفي وكذلك (وَلا وَصِيلَةٍ) (وَلا حامٍ) معطوف مجرور بالكسرة المقدرة على الياء المحذوفة لأنه اسم منقوص منوّن وجملة ما جعل استئنافية لا محل لها.

(لكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) لكن حرف مشبه بالفعل واسم الموصول في محل نصب اسمها وجملة كفروا صلة الموصول لا محل لها (يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور بعده والواو فاعله، والكذب مفعوله والجملة في محل رفع خبر لكن.

(وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) الواو حالية. أكثر مبتدأ وجملة لا يعقلون خبره والجملة الاسمية وأكثرهم في محل نصب حال أو مستأنفة لا محل لها.

---

Traslation and Transliteration:

Ma jaAAala Allahu min baheeratin wala saibatin wala waseelatin wala hamin walakinna allatheena kafaroo yaftaroona AAala Allahi alkathiba waaktharuhum la yaAAqiloona

بيانات السورة

اسم السورة سورة المائدة (Al-Maidah - The Table Spread)
ترتيبها 5
عدد آياتها 120
عدد كلماتها 2837
عدد حروفها 11892
معنى اسمها (المَائِدَةُ): الخِوانُ - أَو الطَّاوِلَةُ - يُوضَعُ عَلَيهَا الطَّعامُ وَالشَّرَابُ، وَتُطْلَقُ المَائِدَةُ عَلَى الطَّعَامِ نَفْسِهِ
سبب تسميتها انفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ قِصَّةِ نُزُولِ المَائِدَةِ التِي طَلَبَهَا الحَوَارِيُّونَ مِنْ عِيسَى عليه السلام، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلى المَقْصِدِ العَامِّ للسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (المَائِدَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (العُقُودِ)، وَسُورَةَ (المُنقِذَةِ)، وَسُورَةَ (الأَحْبَارِ)
مقاصدها الرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ بِالأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي فَرَضَهَا اللهُ تَعَالَى فِي السُّورَةِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها نَزَلَتْ بِكَيْفِيَّةٍ فَرِيدَةٍ لِأَهَمِيَّتِهَا، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال: «أُنزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سُورَةُ الْمَائِدَةِ وهو رَاكِبٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَحْمِلَهُ فَنَزَلَ عَنْهَا». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَحمَدُ). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (المَائدةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ الصِّدقِ فِي الوَفَاءِ بِالعُقُودِ وَعَاقِبَةِ الصِّدْقِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِۚ ...١﴾ ...الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ ٱلصَّٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ ...١١٩﴾ ...الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْمَائِدَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النِّسَاءِ): اخْتُتِمَتِ (النِّسَاءُ) بِأَحْكَامِ المَوَارِيثِ وافْتُتِحَتِ (المَائِدَةُ) بِأحْكَامِ العُقُودِ، وكِلَاهُمَا مِنْ أَحْكَامِ العَلَاقَاتِ الاجْتِمَاعِيَّةِ فِي الإِسْلَامِ.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!