المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة المائدة: [الآية 80]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة المائدة | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119 « (
قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ» فلا يؤثر فيهم عوارض يوم القيامة ، بل تخاف الناس ولا يخافون ، وتحزن الناس ولا يحزنون . . .
[ «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» ] «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» فالرضى منا ومنه - الوجه الأول - رضي اللّه عنهم : بما أعطوه من بذل المجهود ، وغير بذل المجهود «وَرَضُوا عَنْهُ» بما أعطاهم مما يقتضي الوجود الجود أكثر من ذلك ، لكن العلم والحكمة غالبة - الوجه الثاني - «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ» : بما أعطاه العبد من نفسه رضي اللّه به ، ورضي عنه فيه وإن لم يبذل استطاعته ، فرضي اللّه منك إذا أعطيت ما كلفك حد الاستطاعة التي لا حرج عليك فيها «وَرَضُوا عَنْهُ» رضي العبد من اللّه بالذي أعطاه من حال الدنيا ورضي عن اللّه في ذلك ، فإن متعلق الرضى القليل ، فإن الإنعام لا يتناهى بالبرهان الواضح والدليل ، فلا بد من الرضى ، بذا حكم الدليل وقضى ، وبهذا المعنى رضاه سبحانه عنك ، بما أعطيته منك ، وهو يعلم أن الاستطاعة فوق ما أعطيته - الوجه الثالث - «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ» في يسير العمل «وَرَضُوا عَنْهُ» في يسير الثواب ، لأنه لا يتمكن تحصيل ما لا يتناهى في الوجود ، لأنه لا يتناهى ، فإن كل ما أعطاك الحق في الدنيا والآخرة من الخير والنعم فهو قليل بالنسبة إلى ما عنده ، فإن الذي عنده لا نهاية له ، وكل ما حصل لك من ذلك فهو قليل بالنسبة إلى ما عنده ، فإن الذي عنده لا نهاية له ، وكل ما حصل لك من ذلك فهو متناه بحصوله ، وما قدم اللّه رضاه عن عبيده ، بما قبله من اليسير من أعمالهم التي كلفهم إلا ليرضوا عنه في يسير الثواب ، لما علموا أن عنده ما هو أكثر من الذي وصل إليهم . - الوجه الرابع - أخبرهم في التوقيع أنه عنهم راض تعالى وتقدس جلاله ، ثم أنه ناب عنهم في الخطاب بأنهم عنه راضون ، فقال تعالى : «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» .
وهنا نكتة لمن فهم ما تدل عليه ألفاظ القرآن من الرضى فقطع عليهم بذلك لعلمه بأنه واقع
منهم[ تحقيق الرضا ]
- تحقيق الرضا - اعلم أن اللّه تعالى قد أمرنا بالرضا قبل القضاء مطلقا ، فعلمنا أنه يريد الإجمال ، فإنه إذا فصّله حال المقضي عليه بالمقضى به انقسم إلى ما يجوز الرضا به وإلى ما لا يجوز ، فلما أطلق الرضا علمنا أنه أراد الإجمال ، والقدر توقيت الحكم ، فكل شيء بقضاء وقدر ، أي بحكم مؤقت ، فمن حيث التوقيت المطلق يجب الإيمان بالقدر خيره وشره ، حلوه ومره ، ومن حيث التعيين يجب الإيمان به لا الرضا ببعضه ، وإنما قلنا : يجب الإيمان به أنه شر كما يجب الإيمان بالخير أنه خير ، فنقول : إنه يجب علي الإيمان بالشر أنه شر ، وأنه ليس إلى اللّه من كونه شرا ، لا من كونه عين وجود إن كان الشر أمرا وجوديا ، فمن حيث وجوده أي وجود عينه هو إلى اللّه ، ومن كونه شرا ليس إلى اللّه ، قال صلّى اللّه عليه وسلم في دعائه : والشر ليس إليك ، فالمؤمن ينفي عن الحق ما نفاه عن نفسه .
------------
(119) الفتوحات ج 2 / 222 - ج 4 / 351 ، 432 - ج 2 / 212 - ج 4 / 351 - ج 2 / 212 - ج 4 / 27 ، 18 - ج 2 / 212تفسير ابن كثير:
وقوله : ( ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا ) قال مجاهد : يعني بذلك المنافقين . وقوله : ( لبئس ما قدمت لهم أنفسهم ) يعني بذلك موالاتهم للكافرين ، وتركهم موالاة المؤمنين ، التي أعقبتهم نفاقا في قلوبهم ، وأسخطت الله عليهم سخطا مستمرا إلى يوم معادهم ; ولهذا قال : ( أن سخط الله عليهم ) فسر بذلك ما ذمهم به . ثم أخيرا أنهم ( وفي العذاب هم خالدون ) يعني يوم القيامة .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا مسلمة بن علي ، عن الأعمش بإسناد ذكره قال : " يا معشر المسلمين ، إياكم والزنا ، فإن فيه ست خصال ، ثلاثة في الدنيا وثلاثة في الآخرة ، فأما التي في الدنيا : فإنه يذهب البهاء ، ويورث الفقر ، وينقص العمر . وأما التي في الآخرة : فإنه يوجب سخط الرب ، وسوء الحساب ، والخلود في النار " . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون )
هكذا ذكره ابن أبي حاتم وقد رواه ابن مردويه عن طريق هشام بن عمار ، عن مسلمة ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم - فذكره . وساقه أيضا من طريق سعيد بن عفير ، عن مسلمة ، عن أبي عبد الرحمن الكوفي ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله . وهذا حديث ضعيف على كل حال ، والله أعلم .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا } بالمحبة والموالاة والنصرة. { لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ } هذه البضاعةَ الكاسدة، والصفقةَ الخاسرة، وهي سخط الله الذي يسخط لسخطه كل شيء، والخلود الدائم في العذاب العظيم، فقد ظلمتهم أنفسهم حيث قدمت لهم هذا النزل غير الكريم، وقد ظلموا أنفسهم إذ فوتوها النعيم المقيم.
تفسير البغوي
قوله تعالى : ( ترى كثيرا منهم ) قيل : من اليهود كعب بن الأشرف وأصحابه ، ( يتولون الذين كفروا ) مشركي مكة حين خرجوا إليهم يجيشون على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال ابن عباس ومجاهد والحسن : منهم يعني من المنافقين يتولون اليهود ، ( لبئس ما قدمت لهم أنفسهم ) بئس ما قدموا من العمل لمعادهم في الآخرة ، ( أن سخط الله عليهم ) غضب الله عليهم ، ( وفي العذاب هم خالدون )
الإعراب:
(تَرى كَثِيراً) فعل مضارع ومفعوله والفاعل أنت، (مِنْهُمْ) متعلقان بكثير والجملة مستأنفة (يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) يتولون فعل مضارع والواو فاعله واسم الموصول مفعوله والجملة في محل نصب حال وجملة (كَفَرُوا) صلة الموصول لا محل لها (لَبِئْسَ ما) تقدم إعرابها في الآية السابقة (قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ) قدمت فعل ماض تعلق به الجار والمجرور بعده وأنفسهم فاعله والجملة صلة الموصول لا محل لها (أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) سخط كذلك فعل ماض تعلق به الجار والمجرور ولفظ الجلالة فاعله، والمصدر المؤول من هذا الفعل والحرف المصدري قبله في محل رفع مبتدأ خبره الفعل الجامد بئس والتقدير: سخط اللّه عليهم: بئس ما قدمته لهم أنفسهم.
(وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) الجار والمجرور في العذاب متعلقان بخبر المبتدأ خالدون والجملة الاسمية هم خالدون معطوفة على ما قبلها.