الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة المائدة: [الآية 27]

سورة المائدة
۞ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَىْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلْءَاخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ ﴿27﴾

تفسير الجلالين:

«واتل» يا محمد «عليهم» على قومك «نبأ» خبر «ابنيْ آدم» هابيل وقابيل «بالحق» متعلق بأُتل «إذ قرَّبا قربانا» إلى الله وهو كبش لهابيل وزرع لقابيل «فتُقبل من أحدهما» وهو هابيل بأن نزلت نار من السماء فأكلت قربانه «ولم يُتقبل من الآخر» وهو قابيل فغضب وأضمر الحسد في نفسه إلى أن حج آدم «قال» له «لأقتلنك» قال: لَم قال لتقبل قربانك دوني «قال إنما يتقبل الله من المتقين».

تفسير الشيخ محي الدين:

قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119 « (

قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ» فلا يؤثر فيهم عوارض يوم القيامة ، بل تخاف الناس ولا يخافون ، وتحزن الناس ولا يحزنون . . .

[ «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» ] «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» فالرضى منا ومنه - الوجه الأول - رضي اللّه عنهم : بما أعطوه من بذل المجهود ، وغير بذل المجهود «وَرَضُوا عَنْهُ» بما أعطاهم مما يقتضي الوجود الجود أكثر من ذلك ، لكن العلم والحكمة غالبة - الوجه الثاني - «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ» : بما أعطاه العبد من نفسه رضي اللّه به ، ورضي عنه فيه وإن لم يبذل استطاعته ، فرضي اللّه منك إذا أعطيت ما كلفك حد الاستطاعة التي لا حرج عليك فيها «وَرَضُوا عَنْهُ» رضي العبد من اللّه بالذي أعطاه من حال الدنيا ورضي عن اللّه في ذلك ، فإن متعلق الرضى القليل ، فإن الإنعام لا يتناهى بالبرهان الواضح والدليل ، فلا بد من الرضى ، بذا حكم الدليل وقضى ، وبهذا المعنى رضاه سبحانه عنك ، بما أعطيته منك ، وهو يعلم أن الاستطاعة فوق ما أعطيته - الوجه الثالث - «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ» في يسير العمل «وَرَضُوا عَنْهُ» في يسير الثواب ، لأنه لا يتمكن تحصيل ما لا يتناهى في الوجود ، لأنه لا يتناهى ، فإن كل ما أعطاك الحق في الدنيا والآخرة من الخير والنعم فهو قليل بالنسبة إلى ما عنده ، فإن الذي عنده لا نهاية له ، وكل ما حصل لك من ذلك فهو قليل بالنسبة إلى ما عنده ، فإن الذي عنده لا نهاية له ، وكل ما حصل لك من ذلك فهو متناه بحصوله ، وما قدم اللّه رضاه عن عبيده ، بما قبله من اليسير من أعمالهم التي كلفهم إلا ليرضوا عنه في يسير الثواب ، لما علموا أن عنده ما هو أكثر من الذي وصل إليهم . - الوجه الرابع - أخبرهم في التوقيع أنه عنهم راض تعالى وتقدس جلاله ، ثم أنه ناب عنهم في الخطاب بأنهم عنه راضون ، فقال تعالى : «رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ» .

وهنا نكتة لمن فهم ما تدل عليه ألفاظ القرآن من الرضى فقطع عليهم بذلك لعلمه بأنه واقع

منهم[ تحقيق الرضا ]

- تحقيق الرضا - اعلم أن اللّه تعالى قد أمرنا بالرضا قبل القضاء مطلقا ، فعلمنا أنه يريد الإجمال ، فإنه إذا فصّله حال المقضي عليه بالمقضى به انقسم إلى ما يجوز الرضا به وإلى ما لا يجوز ، فلما أطلق الرضا علمنا أنه أراد الإجمال ، والقدر توقيت الحكم ، فكل شيء بقضاء وقدر ، أي بحكم مؤقت ، فمن حيث التوقيت المطلق يجب الإيمان بالقدر خيره وشره ، حلوه ومره ، ومن حيث التعيين يجب الإيمان به لا الرضا ببعضه ، وإنما قلنا : يجب الإيمان به أنه شر كما يجب الإيمان بالخير أنه خير ، فنقول : إنه يجب علي الإيمان بالشر أنه شر ، وأنه ليس إلى اللّه من كونه شرا ، لا من كونه عين وجود إن كان الشر أمرا وجوديا ، فمن حيث وجوده أي وجود عينه هو إلى اللّه ، ومن كونه شرا ليس إلى اللّه ، قال صلّى اللّه عليه وسلم في دعائه : والشر ليس إليك ، فالمؤمن ينفي عن الحق ما نفاه عن نفسه .

------------

(119) الفتوحات ج 2 / 222 - ج 4 / 351 ، 432 - ج 2 / 212 - ج 4 / 351 - ج 2 / 212 - ج 4 / 27 ، 18 - ج 2 / 212

تفسير ابن كثير:

قول تعالى مبينا وخيم عاقبة البغي والحسد والظلم في خبر ابني آدم لصلبه - في قول الجمهور - وهما هابيل وقابيل كيف عدا أحدهما على الآخر ، فقتله بغيا عليه وحسدا له ، فيما وهبه الله من النعمة وتقبل القربان الذي أخلص فيه لله عز وجل ، ففاز المقتول بوضع الآثام والدخول إلى الجنة ، وخاب القاتل ورجع بالصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة ، فقال تعالى : ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ) أي : واقصص على هؤلاء البغاة الحسدة ، إخوان الخنازير والقردة من اليهود وأمثالهم وأشباههم - خبر ابني آدم وهما هابيل وقابيل فيما ذكره غير واحد من السلف والخلف .

وقوله : ( بالحق ) أي : على الجلية والأمر الذي لا لبس فيه ولا كذب ، ولا وهم ولا تبديل ، ولا زيادة ولا نقصان ، كما قال تعالى : ( إن هذا لهو القصص الحق ) [ آل عمران : 62 ] وقال تعالى : ( نحن نقص عليك نبأهم بالحق ) [ الكهف : 13 ] وقال تعالى : ( ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ] ) [ مريم : 34 ]

وكان من خبرهما فيما ذكره غير واحد من السلف والخلف ، أن الله تعالى قد شرع لآدم عليه السلام ، أن يزوج بناته من بنيه لضرورة الحال ، ولكن قالوا : كان يولد له في كل بطن ذكر وأنثى ، فكان يزوج أنثى هذا البطن لذكر البطن الآخر ، وكانت أخت هابيل دميمة ، وأخت قابيل وضيئة ، فأراد أن يستأثر بها على أخيه ، فأبى آدم ذلك إلا أن يقربا قربانا ، فمن تقبل منه فهي له ، فقربا فتقبل من هابيل ولم يتقبل من قابيل فكان من أمرهما ما قص الله في كتابه .

ذكر أقوال المفسرين هاهنا :

قال السدي - فيما ذكر - عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس - وعن مرة عن ابن مسعود - وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ; أنه كان لا يولد لآدم مولود إلا ولد معه جارية ، فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر ، ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر ، حتى ولد له ابنان يقال لهما : قابيل وهابيل وكان قابيل صاحب زرع ، وكان هابيل صاحب ضرع ، وكان قابيل أكبرهما ، وكان له أخت أحسن من أخت هابيل وإن هابيل طلب أن ينكح أخت قابيل فأبى عليه وقال : هي أختي ، ولدت معي ، وهي أحسن من أختك ، وأنا أحق أن أتزوج بها . فأمره أبوه أن يزوجها هابيل فأبى ، وأنهما قربا قربانا إلى الله عز وجل أيهما أحق بالجارية ، وكان آدم عليه السلام قد غاب عنهما ، أتى مكة ينظر إليها ، قال الله عز وجل : هل تعلم أن لي بيتا في الأرض ؟ قال : اللهم لا . قال : إن لي بيتا في مكة فأته . فقال آدم للسماء : احفظي ولدي بالأمانة ، فأبت . وقال للأرض ، فأبت . وقال للجبال ، فأبت . فقال لقابيل فقال : نعم ، تذهب وترجع وتجد أهلك كما يسرك . فلما انطلق آدم قربا قربانا ، وكان قابيل يفخر عليه ، فقال : أنا أحق بها منك ، هي أختي ، وأنا أكبر منك ، وأنا وصي والدي . فلما قربا ، قرب هابيل جذعة سمنة ، وقرب قابيل حزمة سنبل ، فوجد فيها سنبلة عظيمة ، ففركها فأكلها . فنزلت النار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل فغضب وقال : لأقتلنك حتى لا تنكح أختي . فقال هابيل : إنما يتقبل الله من المتقين . رواه ابن جرير .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني ابن خثيم قال : أقبلت مع سعيد بن جبير فحدثني عن ابن عباس قال : نهي أن تنكح المرأة أخاها توأمها ، وأمر أن ينكحها غيره من إخوتها ، وكان يولد له في كل بطن رجل وامرأة ، فبينما هم كذلك ولد له امرأة وضيئة ، وولد له أخرى قبيحة دميمة ، فقال أخو الدميمة : أنكحني أختك وأنكحك أختي . قال : لا ، أنا أحق بأختي ، فقربا قربانا ، فتقبل من صاحب الكبش ، ولم يتقبل من صاحب الزرع ، فقتله . إسناد جيد .

وحدثنا أبي ، حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله : ( إذ قربا قربانا ) فقربا قربانهما ، فجاء صاحب الغنم بكبش أعين أقرن أبيض ، وصاحب الحرث بصبرة من طعام ، فقبل الله الكبش فخزنه في الجنة أربعين خريفا ، وهو الكبش الذي ذبحه إبراهيم صلى الله عليه وسلم إسناد جيد .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا عوف عن أبي المغيرة عن عبد الله بن عمرو قال : إن ابني آدم اللذين قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ، كان أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم ، وإنهما أمرا أن يقربا قربانا ، وإن صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها ، طيبة بها نفسه ، وإن صاحب الحرث قرب أشر حرثه الكودن والزوان غير طيبة بها نفسه ، وإن الله ، عز وجل ، تقبل قربان صاحب الغنم ، ولم يتقبل قربان صاحب الحرث ، وكان من قصتهما ما قص الله في كتابه ، قال : وايم الله ، إن كان المقتول لأشد الرجلين ، ولكن منعه التحرج أن يبسط [ يده ] إلى أخيه .

وقال إسماعيل بن رافع المدني القاص : بلغني أن ابني آدم لما أمرا بالقربان ، كان أحدهما صاحب غنم ، وكان أنتج له حمل في غنمه ، فأحبه حتى كان يؤثره بالليل ، وكان يحمله على ظهره من حبه ، حتى لم يكن له مال أحب إليه منه . فلما أمر بالقربان قربه لله ، عز وجل ، فقبله الله منه ، فما زال يرتع في الجنة حتى فدى به ابن إبراهيم عليه السلام . رواه ابن جرير .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الأنصاري حدثنا القاسم بن عبد الرحمن حدثنا محمد بن علي بن الحسين قال : قال آدم عليه السلام لهابيل وقابيل : إن ربي عهد إلي أنه كائن من ذريتي من يقرب القربان ، فقربا قربانا حتى تقر عيني إذا تقبل قربانكما ، فقربا . وكان هابيل صاحب غنم فقرب أكولة غنمه ، خير ماله ، وكان قابيل صاحب زرع ، فقرب مشاقة من زرعه ، فانطلق آدم معهما ، ومعهما قربانهما ، فصعدا الجبل فوضعا قربانهما ، ثم جلسوا ثلاثتهم : آدم وهما ، ينظران إلى القربان ، فبعث الله نارا حتى إذا كانت فوقهما دنا منها عنق ، فاحتمل قربان هابيل وترك قربان قابيل فانصرفوا . وعلم آدم أن قابيل مسخوط عليه ، فقال : ويلك يا قابيل رد عليك قربانك . فقال قابيل : أحببته فصليت على قربانه ودعوت له فتقبل قربانه ، ورد علي قرباني . وقال قابيل لهابيل : لأقتلنك فأستريح منك ، دعا لك أبوك فصلى على قربانك ، فتقبل منك . وكان يتواعده بالقتل ، إلى أن احتبس هابيل ذات عشية في غنمه ، فقال آدم : يا قابيل أين أخوك؟ [ قال ] قال : وبعثتني له راعيا؟ لا أدري . فقال [ له ] آدم : ويلك يا قابيل . انطلق فاطلب أخاك . فقال قابيل في نفسه : الليلة أقتله . وأخذ معه حديدة فاستقبله وهو منقلب ، فقال : يا هابيل تقبل قربانك ورد علي قرباني ، لأقتلنك . فقال هابيل : قربت أطيب مالي ، وقربت أنت أخبث مالك ، وإن الله لا يقبل إلا الطيب ، إنما يتقبل الله من المتقين ، فلما قالها غضب قابيل فرفع الحديدة وضربه بها ، فقال : ويلك يا قابيل أين أنت من الله؟ كيف يجزيك بعملك؟ فقتله فطرحه في جوبة من الأرض ، وحثى عليه شيئا من التراب .

وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول : إن آدم أمر ابنه قينا أن ينكح أخته توأمة هابيل ، وأمر هابيل أن ينكح أخته توأمة قين ، فسلم لذلك هابيل ورضي ، وأبى ذلك قين وكره ، تكرما عن أخت هابيل ورغب بأخته عن هابيل وقال : نحن ولادة الجنة ، وهما من ولادة الأرض ، وأنا أحق بأختي - ويقول بعض أهل العلم بالكتاب الأول : كانت أخت قين من أحسن الناس ، فضن بها عن أخيه وأرادها لنفسه ، فالله أعلم أي ذلك كان - فقال له أبوه : يا بني ، إنها لا تحل لك ، فأبى قابيل أن يقبل ذلك من قول أبيه . فقال له أبوه : يا بني ، قرب قربانا ، ويقرب أخوك هابيل قربانا ، فأيكما تقبل قربانه فهو أحق بها ، وكان قين على بذر الأرض ، وكان هابيل على رعاية الماشية ، فقرب قين قمحا ، وقرب هابيل أبكارا من أبكار غنمه - وبعضهم يقول : قرب بقرة - فأرسل الله نارا بيضاء ، فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قين ، وبذلك كان يقبل القربان إذا قبله . رواه ابن جرير .

وقال العوفي عن ابن عباس قال : كان من شأنهما أنه لم يكن مسكين يتصدق عليه ، وإنما كان القربان يقربه الرجل . فبينا ابنا آدم قاعدان إذ قالا لو قربنا قربانا ، وكان الرجل إذا قرب قربانا فرضيه الله أرسل إليه نارا فتأكله وإن لم يكن رضيه الله خبت النار ، فقربا قربانا ، وكان أحدهما راعيا ، وكان الآخر حراثا ، وإن صاحب الغنم قرب خير غنمه وأسمنها ، وقرب الآخر بعض زرعه ، فجاءت النار فنزلت بينهما ، فأكلت الشاة وتركت الزرع ، وإن ابن آدم قال لأخيه : أتمشي في الناس وقد علموا أنك قربت قربانا فتقبل منك ورد علي ؟ فلا والله لا ينظر الناس إليك وإلي وأنت خير مني . فقال : لأقتلنك . فقال له أخوه : ما ذنبي؟ إنما يتقبل الله من المتقين . رواه ابن جرير .

فهذا الأثر يقتضي أن تقريب القربان كان لا عن سبب ولا عن تدارئ في امرأة ، كما تقدم عن جماعة من تقدم ذكرهم ، وهو ظاهر القرآن : ( إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين ) فالسياق يقتضي أنه إنما غضب عليه وحسده لقبول قربانه دونه .

ثم المشهور عند الجمهور أن الذي قرب الشاة هو هابيل وأن الذي قرب الطعام هو قابيل وأنه تقبل من هابيل شاته ، حتى قال ابن عباس وغيره : إنه الكبش الذي فدي به الذبيح ، وهو مناسب ، والله أعلم ، ولم يتقبل من قابيل . كذلك نص عليه غير واحد من السلف والخلف ، وهو المشهور عن مجاهد أيضا ، ولكن روى ابن جرير عنه أنه قال : الذي قرب الزرع قابيل وهو المتقبل منه ، وهذا خلاف المشهور ، ولعله لم يحفظ عنه جيدا ، والله أعلم .

ومعنى قوله : ( إنما يتقبل الله من المتقين ) أي : ممن اتقى الله في فعله ذلك .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا إبراهيم بن العلاء بن زبريق حدثنا إسماعيل بن عياش حدثني صفوان بن عمرو عن تميم يعني ابن مالك المقري قال : سمعت أبا الدرداء يقول : لأن أستيقن أن الله قد تقبل مني صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها ، إن الله يقول : ( إنما يتقبل الله من المتقين )

وحدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن عمران حدثنا إسحاق بن سليمان - يعني الرازي - عن المغيرة بن مسلم عن ميمون بن أبي حمزة قال : كنت جالسا عند أبي وائل فدخل علينا رجل - يقال له : أبو عفيف من أصحاب معاذ - فقال له شقيق بن سلمة : يا أبا عفيف ألا تحدثنا عن معاذ بن جبل؟ قال : بلى ، سمعته يقول : يحبس الناس في بقيع واحد ، فينادي مناد : أين المتقون؟ فيقومون في كنف من الرحمن ، لا يحتجب الله منهم ولا يستتر . قلت : من المتقون؟ قال : قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان ، وأخلصوا العبادة ، فيمرون إلى الجنة .


تفسير الطبري :

فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق} الآية. وجه اتصال هذه الآية بما قبلها التنبيه من الله تعالى على أن ظلم اليهود، ونقضهم المواثيق والعهود كظلم ابن آدم لأخيه. المعنى : إن هم هؤلاء اليهود بالفتك بك يا محمد فقد قتلوا قبلك الأنبياء، وقتل قابيل هابيل، والشر قديم. أي ذكرهم هذه القصة فهي قصة صدق، لا كالأحاديث الموضوعة؛ وفي ذلك تبكيت لمن خالف الإسلام، وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم. واختلف في ابني آدم؛ فقال الحسن البصري : ليسا لصلبه، كانا رجلين من بني إسرائيل - ضرب الله بهما المثل في إبانة حسد اليهود - وكان بينهما خصومة، فتقربا بقربانين ولم تكن القرابين إلا في بني إسرائيل. قال ابن عطية : وهذا وهم، وكيف يجهل صورة الدفن أحد من بني إسرائيل حتى يقتدي بالغراب؟ والصحيح أنهما ابناه لصلبه؛ هذا قول الجمهور من المفسرين وقاله ابن عباس وابن عمر وغيرهما؛ وهما قابيل وهابيل، وكان قربان قابيل حزمة من سنبل - لأنه صاحب زرع - واختارها من أردأ زرعه، ثم إنه وجد فيها سنبلة طيبة ففركها وأكلها. وكان قربان هابيل كبشا - لأنه كان صاحب غنم - أخذه من أجود غنمه. {فتقبل} فرفع إلى الجنة، فلم يزل يرعى فيها إلى أن فدي به الذبيح عليه السلام؛ قاله سعيد بن جبير وغيره. فلما تقبل قربان هابيل لأنه كان مؤمنا - قال له قابيل حسدا : لأنه كان كافرا - أتمشي على الأرض يراك الناس أفضل مني! {لأقتلنك} وقيل : سبب هذا القربان أن حواء عليها السلام كانت تلد في كل بطن ذكرا وأنثى - إلا شيثا عليه السلام فإنها ولدته منفردا عوضا من هابيل على ما يأتي، واسمه هبة الله؛ لأن جبريل عليه السلام قال لحواء لما ولدته : هذا هبة الله لك بدل هابيل. وكان آدم يوم ولد شيث ابن ثلاثين ومئة سنة - وكان يزوج الذكر من هذا البطن الأنثى من البطن الآخر، ولا تحل له أخته توأمته؛ فولدت مع قابيل أختا جميلة واسمها إقليمياء، ومع هابيل أختا ليست كذلك واسمها ليوذا؛ فلما أراد آدم تزويجهما قال قابيل : أنا أحق بأختي، فأمره آدم فلم يأتمر، وزجره فلم ينزجر؛ فاتفقوا على التقريب؛ قال جماعة من المفسرين منهم ابن مسعود. وروي أن آدم حضر ذلك. والله أعلم. وقد روي في هذا الباب عن جعفر الصادق : أن آدم لم يكن يزوج ابنته من ابنه؛ ولو فعل ذلك آدم لما رغب عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا كان دين آدم إلا دين النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الله تعالى لما أهبط آدم وحواء إلى الأرض وجمع بينهما ولدت حواء بنتا فسماها عناقا فبغت، وهي أول من بغى على وجه الأرض؛ فسلط الله عليها من قتلها، ثم ولدت لآدم قابيل، ثم ولدت له هابيل؛ فلما أدرك قابيل أظهر الله له جنية من ولد الجن، يقال لها : جملة في صورة إنسية؛ وأوحى الله إلى آدم أن زوجها من قابيل فزوجها منه. فلما أدرك هابيل أهبط الله إلى آدم حورية في صفة إنسية وخلق لها رحما، وكان اسمها بزلة، فلما نظر إليها هابيل أحبها؛ فأوحى الله إلى آدم أن زوج بزلة من هابيل ففعل. فقال قابيل : يا أبت ألست أكبر من أخي؟ قال : نعم. قال : فكنت أحق بما فعلت به منه! فقال له آدم : يا بني إن الله قد أمرني بذلك، وإن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، فقال : لا والله، ولكنك آثرته علي. فقال آدم {فقربا قربانا فأيكما يقبل قربانه فهو أحق بالفضل}. قلت : هذه القضية عن جعفر ما أظنها تصح، وأن القول ما ذكرناه من أنه كان يزوج غلام هذا البطن لجارية تلك البطن. والدليل على هذا من الكتاب قوله تعالى {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء}[النساء : 1]. وهذا كالنص ثم نسخ ذلك، حسبما تقدم بيانه في سورة [البقرة]. وكان جميع ما ولدته حواء أربعين من ذكر وأنثى في عشرين بطنا؛ أولهم قابيل وتوأمته إقليمياء، وآخرهم عبدالمغيث. ثم بارك الله في نسل آدم. قال ابن عباس : لم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا. وما روي عن جعفر - من قوله : فولدت بنتا وأنها بغت - فيقال : مع من بغت؟ أمع جني تسول لها! ومثل هذا يحتاج إلى نقل صحيح يقطع العذر، وذلك معدوم. والله أعلم. الثانية: وفي قول هابيل {قال إنما يتقبل الله من المتقين} كلام قبله محذوف؛ لأنه لما قال له قابيل {لأقتلنك} قال له : ولمَ تقتلني وأنا لم أجن شيئا؟، ولا ذنب لي في قبول الله قرباني، أما إني اتقيته وكنت على لاحب الحق وإنما يتقبل الله من المتقين. قال ابن عطية : المراد بالتقوى هنا اتقاء الشرك بإجماع أهل السنة؛ فمن اتقاه وهو موحد فأعماله التي تصدق فيها نيته مقبولة؛ وأما المتقي الشرك والمعاصي فله الدرجة العليا من القبول والختم بالرحمة؛ علم ذلك بإخبار الله تعالى لا أن ذلك يجب على الله تعالى عقلا. وقال عدي بن ثابت وغيره : قربان متقي هذه الأمة الصلاة. قلت : وهذا خاص في نوع من العبادات. وقد روى البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله تبارك وتعالى قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته).

التفسير الميسّر:

واقصص -أيها الرسول- على بني إسرائيل خَبَر ابنَيْ آدم قابيل وهابيل، وهو خبرٌ حقٌ: حين قَدَّم كلٌّ منهما قربانًا -وهو ما يُتَقرَّب به إلى الله تعالى - فتقبَّل الله قُربان هابيل؛ لأنه كان تقيًّا، ولم يتقبَّل قُربان قابيل؛ لأنه لم يكن تقيًّا، فحسد قابيلُ أخاه، وقال: لأقتلنَّك، فَردَّ هابيل: إنما يتقبل الله ممن يخشونه.

تفسير السعدي

أي قص على الناس وأخبرهم بالقضية التي جرت على ابني آدم بالحق، تلاوة يعتبر بها المعتبرون، صدقا لا كذبا، وجدا لا لعبا، والظاهر أن ابني آدم هما ابناه لصلبه، كما يدل عليه ظاهر الآية والسياق، وهو قول جمهور المفسرين. أي: اتل عليهم نبأهما في حال تقريبهما للقربان، الذي أداهما إلى الحال المذكورة. { إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا } أي: أخرج كل منهما شيئا من ماله لقصد التقرب إلى الله، { فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ } بأن علم ذلك بخبر من السماء، أو بالعادة السابقة في الأمم، أن علامة تقبل الله لقربان، أن تنزل نار من السماء فتحرقه. { قَالَ } الابن، الذي لم يتقبل منه للآخر حسدا وبغيا { لَأَقْتُلَنَّكَ } فقال له الآخر -مترفقا له في ذلك- { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } فأي ذنب لي وجناية توجب لك أن تقتلني؟ إلا أني اتقيت الله تعالى، الذي تقواه واجبة عليّ وعليك، وعلى كل أحد، وأصح الأقوال في تفسير المتقين هنا، أي: المتقين لله في ذلك العمل، بأن يكون عملهم خالصا لوجه الله، متبعين فيه لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال له مخبرا أنه لا يريد أن يتعرض لقتله، لا ابتداء ولا مدافعة فقال:


تفسير البغوي

قوله تعالى : ( واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ) وهما هابيل وقابيل ويقال له قابين ، ( إذ قربا قربانا ) وكان سبب قربانهما على ما ذكره أهل العلم أن حواء كانت تلد لآدم عليه السلام في كل بطن غلاما وجارية ، وكان جميع ما ولدته أربعين ولدا في عشرين بطنا أولهم قابيل وتوأمته أقليما ، وآخرهم عبد المغيث وتوأمته أمة المغيث ، ثم بارك الله عز وجل في نسل آدم عليه السلام ، قال ابن عباس : لم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا .

واختلفوا في مولد قابيل وهابيل ، فقال بعضهم : غشي آدم حواء بعد مهبطهما إلى الأرض بمائة سنة ، فولدت له قابيل وتوأمته أقليما في بطن واحد ، ثم ولدت هابيل وتوأمته لبودا في بطن .

وقال محمد بن إسحاق عن بعض أهل العلم بالكتاب الأول : إن آدم كان يغشى حواء في الجنة قبل أن يصيب الخطيئة ، فحملت فيها بقابيل وتوأمته أقليما ، فلم تجد عليهما وحما ولا وصبا ولا طلقا حتى ولدتهما ، ولم تر معهما دما فلما هبط إلى الأرض تغشاها فحملت بهابيل وتوأمته ، فوجدت عليهما الوحم والوصب والطلق والدم ، وكان آدم إذا شب أولاده يزوج غلام هذا البطن جارية بطن أخرى ، فكان الرجل منهم يتزوج أية أخواته شاء إلا توأمته التي ولدت معه لأنه لم يكن يومئذ نساء إلا أخواتهم ، فلما ولد قابيل وتوأمته أقليما ثم هابيل وتوأمته لبودا ، وكان بينهما سنتان في قول الكلبي وأدركوا ، أمر الله تعالى آدم عليه السلام أن ينكح قابيل لبودا أخت هابيل وينكح هابيل أقليما أخت قابيل ، وكانت أخت قابيل أحسن من أخت هابيل ، فذكر ذلك آدم لولده فرضي هابيل وسخط قابيل ، وقال : هي أختي أنا أحق بها ، ونحن من [ ولادة ] الجنة وهما من [ ولادة ] الأرض ، فقال له أبوه : إنها لا تحل لك فأبى أن يقبل ذلك ، وقال : إن الله لم يأمره بهذا وإنما هو من رأيه ، فقال لهما آدم عليه السلام : فقربا قربانا فأيكما يقبل قربانه فهو أحق بها ، وكانت القرابين إذا كانت مقبولة نزلت نار من السماء بيضاء فأكلتها ، وإذا لم تكن مقبولة لم تنزل النار وأكلته الطير والسباع ، فخرجا ليقربا [ قربانا ] وكان قابيل صاحب زرع فقرب صبرة من الطعام من أردأ زرعه وأضمر في نفسه ما أبالي أيقبل مني أم لا ، لا يتزوج أختي أبدا ، وكان هابيل صاحب غنم فعمد إلى أحسن كبش في غنمه فقرب به وأضمر في نفسه رضا الله عز وجل فوضعا قربانهما أعلى الجبل ، ثم دعا آدم عليه السلام فنزلت نار من السماء وأكلت قربان هابيل ولم تأكل قربان قابيل فذلك قوله عز وجل : ( فتقبل من أحدهما ) [ يعني هابيل ] ( ولم يتقبل من الآخر ) يعني : قابيل فنزلوا على الجبل وقد غضب قابيل لرد قربانه وكان يضمر الحسد في نفسه إلى أن أتى آدم مكة لزيارة البيت ، فلما غاب آدم أتى قابيل هابيل وهو في غنمه ، ( قال لأقتلنك ) قال : ولم؟ قال : لأن الله تعالى قبل قربانك ورد قرباني ، وتنكح أختي الحسناء وأنكح أختك الدميمة ، فيتحدث الناس أنك خير مني ويفتخر ولدك على ولدي ، ( قال ) هابيل : وما ذنبي؟ ( إنما يتقبل الله من المتقين ) .


الإعراب:

(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ) فعل أمر تعلق به الجار والمجرور ونبأ مفعوله وفاعله أنت (ابْنَيْ) مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة (آدَمَ) مضاف إليه مجرور بالفتحة (بِالْحَقِّ) متعلقان بمحذوف حال أي: ملتمسا بالحق (إِذْ قَرَّبا قُرْباناً) إذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق بنبإ والجملة الفعلية من الفعل والفاعل والمفعول به بعده في محل جر بالإضافة (فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما) الجار والمجرور متعلقان بالفعل المبني للمجهول قبلهما والجملة معطوفة بالفاء.

(وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ) عطف على الجملة قبلها (قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ) اللام موطئة للقسم فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والكاف مفعوله والجملة جواب قسم مقدر لا محل لها وفعل القسم المقدر وجوابه مقول القول (قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) الجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما ولفظ الجلالة فاعله وإنما كافة ومكفوفة والجملة مقول القول.

---

Traslation and Transliteration:

Waotlu AAalayhim nabaa ibnay adama bialhaqqi ith qarraba qurbanan fatuqubbila min ahadihima walam yutaqabbal mina alakhari qala laaqtulannaka qala innama yataqabbalu Allahu mina almuttaqeena

بيانات السورة

اسم السورة سورة المائدة (Al-Maidah - The Table Spread)
ترتيبها 5
عدد آياتها 120
عدد كلماتها 2837
عدد حروفها 11892
معنى اسمها (المَائِدَةُ): الخِوانُ - أَو الطَّاوِلَةُ - يُوضَعُ عَلَيهَا الطَّعامُ وَالشَّرَابُ، وَتُطْلَقُ المَائِدَةُ عَلَى الطَّعَامِ نَفْسِهِ
سبب تسميتها انفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ قِصَّةِ نُزُولِ المَائِدَةِ التِي طَلَبَهَا الحَوَارِيُّونَ مِنْ عِيسَى عليه السلام، وَدِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلى المَقْصِدِ العَامِّ للسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (المَائِدَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (العُقُودِ)، وَسُورَةَ (المُنقِذَةِ)، وَسُورَةَ (الأَحْبَارِ)
مقاصدها الرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ بِالأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي فَرَضَهَا اللهُ تَعَالَى فِي السُّورَةِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها نَزَلَتْ بِكَيْفِيَّةٍ فَرِيدَةٍ لِأَهَمِيَّتِهَا، فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنه قال: «أُنزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سُورَةُ الْمَائِدَةِ وهو رَاكِبٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَحْمِلَهُ فَنَزَلَ عَنْهَا». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَحمَدُ). هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (المَائدةِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ الصِّدقِ فِي الوَفَاءِ بِالعُقُودِ وَعَاقِبَةِ الصِّدْقِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِۚ ...١﴾ ...الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿هَٰذَا يَوۡمُ يَنفَعُ ٱلصَّٰدِقِينَ صِدۡقُهُمۡۚ ...١١٩﴾ ...الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْمَائِدَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (النِّسَاءِ): اخْتُتِمَتِ (النِّسَاءُ) بِأَحْكَامِ المَوَارِيثِ وافْتُتِحَتِ (المَائِدَةُ) بِأحْكَامِ العُقُودِ، وكِلَاهُمَا مِنْ أَحْكَامِ العَلَاقَاتِ الاجْتِمَاعِيَّةِ فِي الإِسْلَامِ.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!