المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة قريش: [الآية 4]
سورة قريش | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)
[ الإنسان إذا أكل الطعام حتى يشبع فذلك ليس بغذاء ]
اعلم أن الإنسان إذا أكل الطعام حتى يشبع فذلك ليس بغذاء ، ولا بأكل على الحقيقة ، وإنما هو كالجابي الجامع للمال في خزانته ، والمعدة خزانة لما جمعه هذا الآكل من الأطعمة والأشربة ، فإذا جعل فيها أعني في خزانة معدته ما اختزنه فيها ورفع يده ،
حينئذ تتولاه الطبيعة بالتدبير ، وينتقل ذلك الطعام من حال إلى حال ،
ويغذيه بها في كل نفس يخرج عنه دائما ، فهو لا يزال في غذاء دائم ، ولولا ذلك لبطلت الحكمة في ترتيب نشأة كل متغذ ، واللّه حكيم فإذا خلت الخزانة حرك الطبع الجابي إلى تحصيل ما يملؤها به ، فلا يزال الأمر هكذا دائما أبدا ،
قال صلّى اللّه عليه وسلّم [ الجوع بئس الضجيع ]
وكان صلّى اللّه عليه وسلّم يتعوذ من الجوع ، وهو الجوع الذي يؤثر خبل.
(107) سورة الماعون مكيّة
------------
(4) الفتوحات ج 3 / 81 - ج 2 / 188 ، 187تفسير ابن كثير:
وقوله : ( الذي أطعمهم من جوع ) أي : هو رب البيت ، وهو " الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " أي : تفضل عليهم بالأمن والرخص فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له ، ولا يعبدوا من دونه صنما ولا ندا ولا وثنا . ولهذا من استجاب لهذا الأمر جمع الله له بين أمن الدنيا وأمن الآخرة ، ومن عصاه سلبهما منه ، كما قال تعالى : ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون ) [ النحل : 112 - 113 ]
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن عمرو العدني ، حدثنا قبيصة ، حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ويل أمكم قريش ، لإيلاف قريش " ثم قال :
حدثنا أبي ، حدثنا المؤمل بن الفضل الحراني ، حدثنا عيسى - يعني ابن يونس - ، عن عبيد الله بن أبي زياد ، عن شهر بن حوشب ، عن أسامة بن زيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف . ويحكم يا معشر قريش ، اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم من جوع وآمنكم من خوف " .
هكذا رأيته عن أسامة بن زيد ، وصوابه عن أسماء بنت يزيد بن السكن ، أم سلمة الأنصارية ، رضي الله عنها ، فلعله وقع غلط في النسخة أو في أصل الرواية ، والله أعلم .
آخر تفسير سورة " لإيلاف قريش " .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ } فرغد الرزق والأمن من المخاوف، من أكبر النعم الدنيوية، الموجبة لشكر الله تعالى.
فلك اللهم الحمد والشكر على نعمك الظاهرة والباطنة، وخص الله بالربوبية البيت لفضله وشرفه، وإلا فهو رب كل شيء..
تفسير البغوي
( الذي أطعمهم من جوع ) أي من بعد جوع بحمل الميرة إلى مكة ( وآمنهم من خوف ) بالحرم وكونهم من أهل [ مكة ] حتى لم يتعرض لهم [ في رحلتهم ]
وقال عطاء عن ابن عباس : إنهم كانوا في ضر ومجاعة حتى جمعهم هاشم على الرحلتين ، وكانوا يقسمون ربحهم بين الفقير والغني حتى كان فقيرهم كغنيهم .
قال الكلبي : وكان أول من حمل [ السمراء ] من الشام ورحل إليها الإبل : هاشم بن عبد مناف وفيه يقول الشاعر .
قل للذي طلب السماحة والندى هلا مررت بآل عبد مناف هلا مررت بهم تريد قراهم
منعوك من ضر ومن إكفاف الرائشين وليس يوجد رائش
والقائلين هلم للأضياف والخالطين فقيرهم بغنيهم
حتى يكون فقيرهم كالكافي والقائمين بكل وعد صادق
والراحلين برحلة الإيلاف عمرو [ العلا ] هشم الثريد لقومه
ورجال مكة [ مسنتون ] عجاف سفرين سنهما له ولقومه
سفر الشتاء ورحلة الأصياف
وقال الضحاك والربيع وسفيان : " وآمنهم من خوف " من خوف الجذام ، فلا يصيبهم ببلدهم الجذام .
الإعراب:
(الَّذِي) اسم موصول بدل من رب (أَطْعَمَهُمْ) ماض ومفعوله والفاعل مستتر والجملة صلة (مِنْ جُوعٍ) متعلقان بالفعل (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) معطوف على ما قبله.