«إن هذا» إفلاحُ من تزكى وكون الآخرة خيرا «لفي الصحف الأولى» أي المنزلة قبل القرآن.
بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى (17)
فتتعلق بها الهمة ، فإن الماضي والحال قد حصلا ، والمستقبل آت فلا بد منه ، فتعلق الهمة به أولى ، فإنه إذا ورد عن همة متعلّقة به كان لها لا عليها ، لحسن الظن بالآتي ، وهذه فائدة من حافظ عليها حاز كل نعيم .
[ سورة الأعلى (87) : الآيات 18 إلى 19 ]
إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى (18) صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى (19)
(88) سورة الغاشية مكيّة
------------
(17) الفتوحات ج 3 /
405
وقوله : ( إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) قال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا نصر بن علي ، حدثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه عن عطاء بن السائب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : ( إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كان كل هذا - أو : كان هذا - في صحف إبراهيم وموسى " .
ثم قال : لا نعلم أسند الثقات عن عطاء بن السائب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس غير هذا ، وحديثا آخر أورده قبل هذا .
وقال النسائي : أخبرنا زكريا بن يحيى ، أخبرنا نصر بن علي ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن عطاء بن السائب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما نزلت ( سبح اسم ربك الأعلى ) قال : كلها في صحف إبراهيم وموسى ، فلما نزلت : ( وإبراهيم الذي وفى ) [ النجم : 37 ] قال : وفى ( ألا تزر وازرة وزر أخرى ) [ النجم : 38 ] .
يعني أن هذه الآية كقوله في سورة " النجم " : ( أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ألا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى وأن إلى ربك المنتهى ) [ النجم : 36 - 42 ] الآيات إلى آخرهن . وهكذا قال عكرمة - فيما رواه ابن جرير ، عن ابن حميد ، عن مهران ، عن سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن عكرمة - في قوله : ( إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) يقول : الآيات التي في سبح اسم ربك الأعلى .
وقال أبو العالية : قصة هذه السورة في الصحف الأولى .
واختار ابن جرير أن المراد بقوله : ( إن هذا ) إشارة إلى قوله : ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى ) ثم قال : ( إن هذا ) أي : مضمون هذا الكلام ( لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) .
وهذا اختيار حسن قوي . وقد روي عن قتادة وابن زيد ، نحوه . والله أعلم .
قوله تعالى {إن هذا لفي الصحف الأولى} قال قتادة وابن زيد : يريد قوله {والآخرة خير وأبقى}. وقالا : تتابعت كتب اللّه جل ثناؤه ـ كما تسمعون ـ أن الآخرة خير وأبقى من الدنيا. وقال الحسن {إن هذا لفي الصحف الأولى} قال : كتب اللّه جل ثناؤه كلها. الكلبي {إن هذا لفي الصحف الأولى} من قوله {قد أفلح} إلي آخر السورة؛ لحديث أبي ذر على ما يأتي. وروى عكرمة عن ابن عباس {إن هذا لفي الصحف الأولى} قال : هذه السورة. وقال الضحاك : إن هذا القرآن لفي الصحف الأولى؛ أي الكتب الأولى. {صحف إبراهيم وموسى} يعني الكتب المنزلة عليهما. ولم يرد أن هذه الألفاظ بعينها في تلك الصحف، وإنما هو على المعنى؛ أي إن معنى هذا الكلام وارد في تلك الصحف. و""روى الآجري من حديث أبي ذر"" قال : قلت يا رسول اللّه، فما كانت صحف إبراهيم؟ قال : كانت أمثالا كلها : أيها الملك المتسلط المبتلى المغرور، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم. فإني لا أردها ولو كانت من فم كافر. وكان فيها أمثال : وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات : ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، يفكر فيها في صنع اللّه عز وجل إليه، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب. وعلى العاقل ألا يكون ظاعنا إلا في ثلاث : تزود لمعاد، ومرمة لمعاش، ولذة في غير محرم. وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه. ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعينه. قال : قلت يا رسول اللّه، فما كانت صحف موسى؟ قال : كانت عبرا كلها : عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح! وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب. وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها! وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم هو لا يعمل!. قال : قلت يا رسول اللّه، فهل في أيدينا شيء مما كان في يديه إبراهيم وموسى، مما أنزل اللّه عليك؟ قال : نعم اقرأ يا أبا ذر {قد أفلح من تزكى. وذكر اسم ربه فصلى. بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى. إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى}. وذكر الحديث.
إن ما أخبرتم به في هذه السورة هو مما ثبت معناه في الصُّحف التي أنزلت قبل القرآن، وهي صُحف إبراهيم وموسى عليهما السلام.
{ إِنَّ هَذَا } المذكور لكم في هذه السورة المباركة، من الأوامر الحسنة، والأخبار المستحسنة { لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى}
( إن هذا ) يعني ما ذكر من قوله : " قد أفلح من تزكى " [ إلى تمام ] أربع آيات ، ( لفي الصحف الأولى ) أي في الكتب الأولى التي أنزلت قبل القرآن ، ذكر فيها فلاح المتزكي والمصلي ، وإيثار الخلق الحياة الدنيا على الآخرة ، وأن الآخرة خير وأبقى .
(إِنَّ هذا) إن واسمها (لَفِي الصُّحُفِ) اللام المزحلقة وفي الصحف خبر إن (الْأُولى) صفة والجملة مستأنفة لا محل لها.
Traslation and Transliteration:
Inna hatha lafee alssuhufi aloola
Lo! This is in the former scrolls.
Şüphe yok ki bu vardı, elbette daha önceki sahifelerde.
Ceci se trouve, certes, dans les Feuilles anciennes,
Gewiß, dies ist doch in den ersten Schriftblättern,
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الأعلى (Al-A'la - The Most High) |
ترتيبها |
87 |
عدد آياتها |
19 |
عدد كلماتها |
72 |
عدد حروفها |
293 |
معنى اسمها |
(الْأَعْلَى): مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ اللهَ عَالٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَمُنَـزَّهٌ عَنِ السُّفُولِ بِكُلِّ مَعْنَى |
سبب تسميتها |
لِافْتِتَاحِهَا بِتَعْظِيمِ الْخَالِقِ بِاسْمِهِ (الْأَعْلَى) ﷻ قَبْلَ الْبَدْءِ بِمَوضُوعَاتِ السُّورَةِ الدَّالَّةِ عَلَيهِ |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْأَعْلَى)، وَتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى﴾ |
مقاصدها |
تَنْزِيهُ اللهِ تَعَالَى عَنْ كُلِّ عَيبٍ وَنَقْصٍ، وَتَعْظِيمُهُ فِي النُّفُوسِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آيَاتِهَا |
فضلها |
(الْأَعْلَى) مِنَ المُسَبِّحَاتِ، أَتَى رَجُلٌ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ فَقَالَ: أَقرِئْنِي يَا رَسُوْلَ اللهِ، فَقَالَ: «اقْرَأْ ثَلاثًا مِنَ المُسَبِّحَاتِ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد).
تُسَنُّ قِرَاءَتُهَا فِي صَلاَةِ العِيدَيْنِ والجُمُعَة، فَعَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِــ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى﴾ و ﴿هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ٱلۡغَٰشِيَةِ﴾. (رَوَاهُ مُسْلِم).
أَوْصَى بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي إِمَامَةِ المُصَلِّينَ، فَقَدْ أَمَرَ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ رضي الله عنه إِذَا أَمَّ النَّاسَ أَنْ يُخَفِّفَ وَيَقْرَأَ عَلَيهِمْ بِسُوَرِ: (الشَّمْسِ، وَالأَعْلَى، وَالْعَلَقِ، وَالْلَّيلِ). (رَوَاهُ مُسْلِم) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ سُوْرَةِ (الأَعْلَى) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُوْرَةِ (الطَارِقِ):لَمَّا أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِنَجْمِ (الطَّارِقِ) فِي السَّمَاءِ، نَاسَبَ افْتِتَاحَ (الْأَعْلَى) بِالتَّسْبِيحِ تَعْظِيمًا لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مَا خَلَقَ |