الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة النساء: [الآية 95]

سورة النساء
لَّا يَسْتَوِى ٱلْقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُو۟لِى ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿95﴾

تفسير الجلالين:

«لا يستوي القاعدون من المؤمنين» عن الجهاد «غير أولي الضرر» بالرفع صفة والنصب استثناء من زمانة أو عمى ونحوه «والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضَّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين» لضرر «درجة» فضيلة لاستوائهما في النية وزيادة المجاهدين بالمباشرة «وكلاٌ» من الفريقين «وعد الله الحسنى» الجنة «وفضَّل الله المجاهدين على القاعدين» لغير ضرر «أجرا عظيما» ويبدل منه.

تفسير الشيخ محي الدين:

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)

البرهان قوي السلطان ، ولما أزال الحق بالقرآن شبه الضلالات وظلمة الشكوك وأوضح به المشكلات سماه نورا ، وكل ما جاء في معرض الدلالة فهو من كونه نورا ، لأن النور هو المنفر الظلم ، والقرآن ضياء لأن الضياء يكشف ، فكل ما أظهره القرآن فهو من أثر ضيائه ، فبالقرآن يكشف جميع ما في الكتب المنزلة من العلوم ، وفيه ما ليس فيها . فمن أوتي القرآن فقد أوتي الضياء الكامل الذي يتضمن كل علم ؛ فعلوم الأنبياء والملائكة وكل لسان علم فإن القرآن يتضمنه ويوضحه لأهل القرآن بما هو ضياء ، فهو نور من حيث ذاته لأنه لا يدرك لعزته ، وهو ضياء لما يدرك به ولما يدرك منه . فمن أعطي القرآن فقد أعطي العلم الكامل .

------------

(174) الفتوحات ج 4 / 352 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 / 94 - ج 2 / 107

تفسير ابن كثير:

قال البخاري : حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : لما نزلت : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فكتبها ، فجاء ابن أم مكتوم فشكا ضرارته فأنزل الله [ عز وجل ] ( غير أولي الضرر )

حدثنا محمد بن يوسف ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : لما نزلت : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ادع فلانا " فجاءه ومعه الدواة واللوح والكتف فقال : " اكتب : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله " وخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم ، فقال : يا رسول الله ، أنا ضرير فنزلت مكانها : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله )

وقال البخاري أيضا : حدثنا إسماعيل بن عبد الله ، حدثني إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، حدثني سهل بن سعد الساعدي : أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد ، قال : فأقبلت حتى جلست إلى جنبه ، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى علي : " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله " . فجاءه ابن أم مكتوم ، وهو يمليها علي ، قال : يا رسول الله ، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت - وكان أعمى - فأنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفخذه على فخذي ، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ، ثم سري عنه ، فأنزل الله : ( غير أولي الضرر )

انفرد به البخاري دون مسلم ، وقد روي من وجه آخر عن زيد فقال الإمام أحمد :

حدثنا سليمان بن داود ، أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد قال : قال زيد بن ثابت : إني قاعد إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ أوحي إليه ، قال : وغشيته السكينة ، قال : فوقع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة . قال زيد : فلا والله ما وجدت شيئا قط أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم سري عنه فقال : " اكتب يا زيد " . فأخذت كتفا فقال : " اكتب : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون ) إلى قوله ( أجرا عظيما ) فكتبت ذاك في كتف ، فقام حين سمعها ابن أم مكتوم - وكان رجلا أعمى - فقام حين سمع فضيلة المجاهدين فقال : يا رسول الله ، وكيف بمن لا يستطيع الجهاد ممن هو أعمى ، وأشباه ذلك ؟ قال زيد : فوالله ما مضى كلامه - أو ما هو إلا أن قضى كلامه - حتى غشيت النبي صلى الله عليه وسلم السكينة ، فوقعت فخذه على فخذي ، فوجدت من ثقلها كما وجدت في المرة الأولى ، ثم سري عنه فقال : " اقرأ " . فقرأت عليه : " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون " فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( غير أولي الضرر ) قال زيد : فألحقتها ، فوالله لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع كان في الكتف .

ورواه أبو داود ، عن سعيد بن منصور ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبيه ، به نحوه .

وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن قبيصة بن ذؤيب ، عن زيد بن ثابت ، قال : كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " اكتب لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله " فجاء عبد الله ابن أم مكتوم فقال : يا رسول الله إني أحب الجهاد في سبيل الله ولكن بي من الزمانة ما قد ترى ، قد ذهب بصري . قال زيد : فثقلت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي ، حتى خشيت أن ترضها ثم سري عنه ، ثم قال : " اكتب : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله )

ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وقال عبد الرزاق : أخبرني ابن جريج ، أخبرني عبد الكريم - هو ابن مالك الجزري - أن مقسما مولى عبد الله بن الحارث - أخبره أن ابن عباس أخبره : لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر ، والخارجون إلى بدر .

انفرد به البخاري دون مسلم . وقد رواه الترمذي من طريق حجاج ، عن ابن جريج ، عن عبد الكريم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضر عن بدر ، والخارجون إلى بدر ، لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش وابن أم مكتوم : إنا أعميان يا رسول الله فهل لنا رخصة ؟ فنزلت : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر ) وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة ، فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر .

هذا لفظ الترمذي ، ثم قال : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه .

فقوله [ تعالى ] ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) كان مطلقا ، فلما نزل بوحي سريع : ( غير أولي الضرر ) صار ذلك مخرجا لذوي الأعذار المبيحة لترك الجهاد - من العمى والعرج والمرض - عن مساواتهم للمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم .

ثم أخبر تعالى بفضيلة المجاهدين على القاعدين ، قال ابن عباس : ( غير أولي الضرر ) وكذا ينبغي أن يكون لما ثبت في الصحيح عند البخاري من طريق زهير بن معاوية ، عن حميد ، عن أنس ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن بالمدينة أقواما ما سرتم من مسير ، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه " قالوا : وهم بالمدينة يا رسول الله ؟ قال : " نعم حبسهم العذر " .

وهكذا رواه الإمام أحمد عن محمد بن أبي عدي عن حميد ، عن أنس ، به وعلقه البخاري مجزوما . ورواه أبو داود عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن موسى بن أنس بن مالك ، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ، ولا أنفقتم من نفقة ، ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه " . قالوا : يا رسول الله ، وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة ؟ قال : " حبسهم العذر " .

لفظ أبي داود وفي هذا المعنى قال الشاعر :

يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا إنا أقمنا على عذر وعن قدر

ومن أقام على عذر فقد راحا

وقوله : ( وكلا وعد الله الحسنى ) أي : الجنة والجزاء الجزيل . وفيه دلالة على أن الجهاد ليس بفرض عين بل هو فرض على الكفاية .

ثم قال تعالى : ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) ثم أخبر تعالى بما فضلهم به من الدرجات ، في غرف الجنان العاليات ، ومغفرة الذنوب والزلات ، وحلول الرحمة والبركات ، إحسانا منه وتكريما ; ولهذا قال تعالى :


تفسير الطبري :

فيه خمس مسائل: الأولى: قوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} قال ابن عباس : لا يستوي القاعدون عن بدر والخارجون إليها. ثم قال: {غير أولي الضرر} والضرر الزمانة. روى الأئمة واللفظ لأبي داود عن زيد بن ثابت قال : كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سري عنه فقال : (اكتب ) فكتبت في كتف {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله}إلى آخر الآية؛ فقام ابن أم مكتوم - وكان رجلا أعمى - لما سمع فضيلة المجاهدين فقال : يا رسول الله، فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين ؟ فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي، ووجدت من ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى، ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (اقرأ يا زيد ) فقرأت }لا يستوي القاعدون من المؤمنين} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {غير أولي الضرر} الآية كلها. قال زيد : فأنزلها الله وحدها فألحقتها؛ والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف. وفي البخاري عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث أنه سمع ابن عباس يقول: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} عن بدر والخارجون إلى بدر. قال العلماء : أهل الضرر هم أهل الأعذار إذ قد أضرت بهم حتى منعتهم الجهاد. وصح وثبت في الخبر أنه عليه السلام قال - وقد قفل من بعض غزواته : (إن بالمدينة رجالا ما قطعتم واديا ولا سرتم مسيرا إلا كانوا معكم أولئك قوم حبسهم العذر ). فهذا يقتضي أن صاحب العذر يعطى أجر الغازي؛ فقيل : يحتمل أن يكون أجره مساويا وفي فضل الله متسع، وثوابه فضل لا استحقاق؛ فيثيب على النية الصادقة مالا يثيب على الفعل. وقيل : يعطى أجره من غير تضعيف فيفضله الغازي بالتضعيف للمباشرة. والله أعلم. قلت : والقول الأول أصح - إن شاء الله - للحديث الصحيح في ذلك (إن بالمدينة رجالا ) ولحديث أبي كبشة الأنماري قوله عليه السلام (إنما الدنيا لأربعة نفر ) الحديث وقد تقدم في سورة "آل عمران". ومن هذا المعنى ما ورد في الخبر (إذا مرض العبد قال الله تعالى اكتبوا لعبدي ما كان يعمله في الصحة إلى أن يبرأ أو أقبضه إلي ). الثانية: وقد تمسك بعض العلماء بهذه الآية بأن أهل الديوان أعظم أجرا من أهل التطوع؛ لأن أهل الديوان لما كانوا متملكين بالعطاء، ويصرفون في الشدائد، وتروعهم البعوث والأوامر، كانوا أعظم من المتطوع؛ لسكون جأشه ونعمة باله في الصوائف الكبار ونحوها. قال ابن محيريز : أصحاب العطاء أفضل من المتطوعة لما يروعون. قال مكحول : روعات البعوث تنفي روعات القيامة. الثالثة: وتعلق بها أيضا من قال : إن الغنى أفضل من الفقر؛ لذكر الله تعالى المال الذي يوصل به إلى صالح الأعمال. وقد اختلف الناس في هذه المسألة مع اتفاقهم أن ما أحوج من الفقر مكروه، وما أبطر من الغنى مذموم؛ فذهب قوم إلى تفضيل الغني، لأن الغني مقتدر والفقير عاجز، والقدرة أفضل من العجز. قال الماوردي : وهذا مذهب من غلب عليه حب النباهة. وذهب آخرون إلى تفضيل الفقر، لأن الفقير تارك والغني ملابس، وترك الدنيا أفضل من ملابستها. قال الماوردي : وهذا مذهب من غلب عليه حب السلامة. وذهب آخرون إلى تفضيل التوسط بين الأمرين بأن يخرج عن حد الفقر إلى أدنى مراتب الغنى ليصل إلى فضيلة الأمرين، وليسلم من مذمة الحالين. قال الماوردي : وهذا مذهب من يرى تفضيل الاعتدال وأن (خير الأمور أوسطها ). ولقد أحسن الشاعر الحكيم حيث قال : ألا عائذا بالله من عدم الغنى ** ومن رغبة يوما إلى غير مرغب الرابعة: قوله تعالى: {غير أولي الضرر} قراءة أهل الكوفة وأبو عمرو "غير" بالرفع؛ قال الأخفش : هو نعت للقاعدين؛ لأنهم لم يقصد بهم قوم بأعيانهم فصاروا كالنكرة فجاز وصفهم بغير؛ والمعنى لا يستوي القاعدون غير أولي الضرر؛ أي لا يستوي القاعدون الذين هم غير أولي الضرر. والمعنى لا يستوي القاعدون الأصحاء؛ قال الزجاج. وقرأ أبو حيوة "غير" جعله نعتا للمؤمنين؛ أي من المؤمنين الذين هم غير أولي الضرر من المؤمنين الأصحاء. وقرأ أهل الحرمين "غير" بالنصب على الاستثناء من القاعدين أو من المؤمنين؛ أي إلا أولي الضرر فإنهم يستوون مع المجاهدين. وإن شئت على الحال من القاعدين؛ أي لا يستوي القاعدون من الأصحاء أي في حال صحتهم؛ وجازت الحال منهم؛ لأن لفظهم لفظ المعرفة، وهو كما تقول : جاءني زيد غير مريض. وما ذكرناه من سبب النزول يدل على معنى النصب، والله أعلم. الخامسة: قوله تعالى: {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة} وقد قال بعد هذا {درجات منه ومغفرة ورحمة } فقال قوم : التفضيل بالدرجة ثم بالدرجات إنما هو مبالغة وبيان وتأكيد. وقيل : فضل الله المجاهدين على القاعدين من أولي الضرر بدرجة واحدة، وفضل الله المجاهدين على القاعدين من غير عذر درجات؛ قال ابن جريج والسدي وغيرهما. وقيل : إن معنى درجة علو، أي أعلى ذكرهم ورفعهم بالثناء والمدح والتقريظ. فهذا معنى درجة، ودرجات يعني في الجنة. قال ابن محيريز : سبعين درجة بين كل درجتين حضر الفرس الجواد سبعين سنة. و"درجات" بدل من أجر وتفسير له، ويجوز نصبه أيضا على تقدير الظرف؛ أي فضلهم بدرجات، ويجوز أن يكون توكيدا لقول {أجرا عظيما} لأن الأجر العظيم هو الدرجات والمغفرة والرحمة، ويجوز الرفع؛ أي ذلك درجات. و"أجرا" نصب بـ "فضل" وإن شئت كان مصدرا وهو أحسن، ولا ينتصب بـ "فضل" لأنه قد استوفى مفعوليه وهما قوله: "المجاهدين" و "على القاعدين" ؛ وكذا "درجة". فالدرجات منازل بعضها أعلى من بعض. وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ). {وكلا وعد الله الحسنى } "كلا" منصوب بـ "وعد" و "الحسنى" الجنة؛ أي وعد الله كلا الحسنى. ثم قيل : المراد (بكل ) المجاهدون خاصة. وقيل : المجاهدون وأولو الضرر. والله أعلم.

التفسير الميسّر:

لا يتساوى المتخلفون عن الجهاد في سبيل الله -غير أصحاب الأعذار منهم- والمجاهدون في سبيل الله، بأموالهم وأنفسهم، فضَّل الله تعالى المجاهدين على القاعدين، ورفع منزلتهم درجة عالية في الجنة، وقد وعد الله كلا من المجاهدين بأموالهم وأنفسهم والقاعدين من أهل الأعذار الجنة لِما بذلوا وضحَّوا في سبيل الحق، وفضَّل الله تعالى المجاهدين على القاعدين ثوابًا جزيلا.

تفسير السعدي

أي: لا يستوي من جاهد من المؤمنين بنفسه وماله ومن لم يخرج للجهاد ولم يقاتل أعداء الله، ففيه الحث على الخروج للجهاد، والترغيب في ذلك، والترهيب من التكاسل والقعود عنه من غير عذر. وأما أهل الضرر كالمريض والأعمى والأعرج والذي لا يجد ما يتجهز به، فإنهم ليسوا بمنزلة القاعدين من غير عذر، فمن كان من أولي الضرر راضيًا بقعوده لا ينوي الخروج في سبيل الله لولا [وجود] المانع، ولا يُحَدِّث نفسه بذلك، فإنه بمنزلة القاعد لغير عذر. ومن كان عازمًا على الخروج في سبيل الله لولا وجود المانع يتمنى ذلك ويُحَدِّث به نفسه، فإنه بمنزلة من خرج للجهاد، لأن النية الجازمة إذا اقترن بها مقدورها من القول أو الفعل ينزل صاحبها منزلة الفاعل. ثم صرَّح تعالى بتفضيل المجاهدين على القاعدين بالدرجة، أي: الرفعة، وهذا تفضيل على وجه الإجمال، ثم صرح بذلك على وجه التفصيل، ووعدهم بالمغفرة الصادرة من ربهم، والرحمة التي تشتمل على حصول كل خير، واندفاع كل شر. والدرجات التي فصلها النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث الثابت عنه في "الصحيحين" أن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله. وهذا الثواب الذي رتبه الله على الجهاد، نظير الذي في سورة الصف في قوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } إلى آخر السورة. وتأمل حسن هذا الانتقال من حالة إلى أعلى منها، فإنه نفى التسوية أولا بين المجاهد وغيره، ثم صرَّح بتفضيل المجاهد على القاعد بدرجة، ثم انتقل إلى تفضيله بالمغفرة والرحمة والدرجات. وهذا الانتقال من حالة إلى أعلى منها عند التفضيل والمدح، أو النزول من حالة إلى ما دونها، عند القدح والذم - أحسن لفظا وأوقع في النفس. وكذلك إذا فضَّل تعالى شيئا على شيء، وكل منهما له فضل، احترز بذكر الفضل الجامع للأمرين لئلا يتوهم أحد ذم المفضل عليه كما قال هنا: { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } وكما [قال تعالى] في الآيات المذكورة في الصف في قوله: { وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } وكما في قوله تعالى: { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ } أي: ممن لم يكن كذلك. ثم قال: { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } وكما قال تعالى: { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا } فينبغي لمن بحث في التفضيل بين الأشخاص والطوائف والأعمال أن يتفطن لهذه النكتة. وكذلك لو تكلم في ذم الأشخاص والمقالات ذكر ما تجتمع فيه عند تفضيل بعضها على بعض، لئلا يتوهم أن المفضَّل قد حصل له الكمال. كما إذا قيل: النصارى خير من المجوس فليقل مع ذلك: وكل منهما كافر. والقتل أشنع من الزنا، وكل منهما معصية كبيرة، حرمها الله ورسوله وزجر عنها.


تفسير البغوي

قوله تعالى : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) الآية ، أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، ثنا عبد العزيز بن عبد الله ، ثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا إبراهيم بن سعد الزهري ، حدثني صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه قال : رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد فأقبلت حتى جلست إلى جنبه ، فأخبرنا أن زيد بن ثابت رضي الله عنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله ) قال : فجاء ابن أم مكتوم وهو يمليها علي ، فقال : يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت ، وكان رجلا أعمى ، فأنزل الله تعالى عليه وفخذه على فخذي ، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ، ثم سري عنه فأنزل الله ( غير أولي الضرر ) .

فهذه الآية في الجهاد والحث عليه ، فقال : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) عن الجهاد ( غير أولي الضرر ) قرأ أهل المدينة وابن عامر والكسائي بنصب الراء ، أي : إلا أولي الضرر ، وقرأ الآخرون برفع الراء على نعت " القاعدين " يريد : لا يستوي القاعدون الذين هم غير أولي الضرر ، أي : غير أولي الزمانة والضعف في البدن والبصر ، ( والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ) غير أولي الضرر فإنهم يساوون المجاهدين ، لأن العذر أقعدهم .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، أنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أنا عبد الرحيم بن منيب ، أنا يزيد بن هارون ، أخبرنا حميد الطويل ، عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبوك ، فدنا من المدينة قال : " إن في المدينة لأقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا كانوا معكم فيه " ، قالوا : يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال : " نعم وهم بالمدينة حبسهم العذر "

وروى القاسم عن ابن عباس قال : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين ) عن بدر والخارجون إلى بدر .

قوله تعالى : ( فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة ) أي : فضيلة ، وقيل : أراد بالقاعدين هاهنا أولي الضرر ، فضل الله المجاهدين عليهم درجة لأن المجاهد باشر الجهاد مع النية وأولو الضرر كانت لهم نية ولكنهم لم يباشروا ، فنزلوا عنهم بدرجة ، ( وكلا ) يعني المجاهد والقاعد ( وعد الله الحسنى ) يعني : الجنة بإيمانهم ، وقال مقاتل : يعني المجاهد والقاعد المعذور ، ( وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما ) يعني : على القاعدين من غير عذر .


الإعراب:

(لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) لا نافية وفعل مضارع وفاعله المرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من القاعدون (غَيْرُ) صفة القاعدون وقرأت بالجر صفة المؤمنين والنصب على الاستثناء (أُولِي) مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم و(الضَّرَرِ) مضاف إليه (وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) عطف على القاعدون والجار والمجرور متعلقان ب (الْمُجاهِدُونَ)، (بِأَمْوالِهِمْ) متعلقان بالمجاهدون كذلك (وَأَنْفُسِهِمْ) عطف (فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ) فعل ماض ولفظ الجلالة فاعل والمجاهدين مفعول به منصوب بالياء.

(بِأَمْوالِهِمْ) متعلقان ب (الْمُجاهِدِينَ) (وَأَنْفُسِهِمْ) عطف (عَلَى الْقاعِدِينَ) متعلقان بفضل (دَرَجَةً) تمييز أو مفعول مطلق وقال بعضهم هو ظرف.

(وَكُلًّا) مفعول به أول مقدم للفعل وعد (وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى) فعل ماض ولفظ الجلالة فاعل، والحسنى مفعول به ثان. والجملة اعتراضية (وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً) أجرا مفعول مطلق أو منصوب بنزع الخافض أي: بأجر (عَظِيماً) صفة.

---

Traslation and Transliteration:

La yastawee alqaAAidoona mina almumineena ghayru olee alddarari waalmujahidoona fee sabeeli Allahi biamwalihim waanfusihim faddala Allahu almujahideena biamwalihim waanfusihim AAala alqaAAideena darajatan wakullan waAAada Allahu alhusna wafaddala Allahu almujahideena AAala alqaAAideena ajran AAatheeman

بيانات السورة

اسم السورة سورة النساء (An-Nisaa - The Women)
ترتيبها 4
عدد آياتها 176
عدد كلماتها 3712
عدد حروفها 15937
معنى اسمها (النُّـِسْوَةُ) بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ وَ(النِّسَاءُ) وَ(النِّسْوَانُ) جَمْعُ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ لفْظِهَا
سبب تسميتها كَثْرَةُ مَا وَرَدَ فِيهَا مِنْ أَحْكَامٍ تَتَعَلَّقُ بِالنِّسَاءِ وَمَسَائِلِ الْأُسْرَّةِ وَالْمُجْتَمَعِ
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (النِّسَاءِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (النِّسَاءِ الكُبْرَى) أَوْ (النِّسَاءِ الطُوْلَى)
مقاصدها تَنْظِيمُ الشُّؤُونِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالعَلَاقَاتِ الْخَارِجِيَّةِ لِلْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها هِيَ مِنَ السَّبعِ، قَالَ ﷺ: «مَن أخَذَ السَّبعَ الْأُوَلَ منَ القُرآنِ فَهُوَ حَبْرٌ» أَيْ: عَالِم. (حَدِيثٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ أَحمَد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (النِّسَاءِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَحْكَامِ المَوَارِيثِ. فقَالَ سُبْحَانَهُ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ﴾... الآيَاتِ، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿يَسۡتَفۡتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِي ٱلۡكَلَٰلَةِۚ ...١٧٥﴾... الآيَاتِ. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (النِّسَاءِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (آلِ عِمرَانَ): اختُتِمَتْ (آلُ عِمْرَانَ) بِالأَمْرِ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ٢٠٠﴾ ، وَافْتُتِحَتِ (النِّسَاءُ) بِالأَمرِ بِتَقْوَى اللهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ...١﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!