«إنا نخاف من ربنا يوما عبوْسا» تكلح الوجوه فيه أي كريه المنظر لشدته «قمطريرا» شديدا في ذلك.
يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (31)
لو كان الأمر كما يتوهمه من لا علم له ، من عدم مبالاة الحق بأهل الشقاء ما وقع الأخذ بالجرائم ، ولا وصف اللّه نفسه بالغضب ، ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ ، إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعد له ،
وقد قيل في أهل الشقاء (أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) فلو لا المبالاة ما ظهر هذا الحكم .
(77) سورة المرسلات مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
جاء في نزول سورة المرسلات وغيرها أنها نزلت مرتين .
------------
(31) الفتوحات ج 3 /
463
( إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا ) أي : إنما نفعل هذا لعل الله أن يرحمنا ويتلقانا بلطفه في اليوم العبوس القمطرير .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ( عبوسا ) ضيقا ، ( قمطريرا ) طويلا .
وقال عكرمة وغيره ، عنه ، في قوله : ( يوما عبوسا قمطريرا ) أي : يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران .
وقال مجاهد : ( عبوسا ) العابس الشفتين ، ( قمطريرا ) قال : تقبيض الوجه بالبسور .
وقال سعيد بن جبير وقتادة : تعبس فيه الوجوه من الهول ، ( قمطريرا ) تقليص الجبين وما بين العينين ، من الهول .
وقال ابن زيد : العبوس : الشر . والقمطرير : الشديد .
وأوضح العبارات وأجلاها وأحلاها ، وأعلاها وأولاها - قول ابن عباس ، رضي الله عنه .
قال ابن جرير : والقمطرير هو : الشديد ; يقال : هو يوم قمطرير ويوم قماطر ، ويوم عصيب وعصبصب ، وقد اقمطر اليوم يقمطر اقمطرارا ، وذلك أشد الأيام وأطولها في البلاء والشدة ، ومنه قول بعضهم :
بني عمنا ، هل تذكرون بلاءنا ؟ عليكم إذا ما كان يوم قماطر
قوله تعالى {إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا} {عبوسا} من صفة اليوم، أي يوما تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته، فالمعنى نخاف يوما ذا عبوس. وقال ابن عباس يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل منه عرق كالقطران. وعن ابن عباس : العبوس : الضيق، والقمطرير : الطويل؛ قال الشاعر : شديدا عبوسا قمطريرا وقيل : القمطرير الشديد؛ تقول العرب : يوم قمطرير وقماطر وعصيب بمعنى؛ وأنشد الفراء : بني عمنا هل تذكرون بلاءنا ** عليكم إذا ما كان يوم قماطر بضم القاف. وقمطر إذا اشتد. وقال الأخفش : القمطرير : أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء؛ قال الشاعر : ففروا إذا ما الحرب ثار غبارها ** ولج بها اليوم العبوس القماطر وقال الكسائي : يقال اقمطر اليوم وازمهر اقمطرارا وازمهرارا، وهو القمطرير والزمهرير، ويوم مقمطر إذا كان صعبا شديدا؛ قال الهذلي : بنو الحرب أرضعنا لهم مقمطرة ** ومن يلق منا ذلك اليوم يهرب وقال مجاهد : إن العبوس بالشفتين، والقمطرير بالجبهة والحاجبين؛ فجعلها من صفات الوجه المتغير من شدائد ذلك اليوم؛ وأنشد ابن الأعرابي : يغدو على الصيد يعود منكسر ** ويقمطر ساعة ويكفهر وقال أبو عبيدة : يقال رجل قمطرير أي متقبض ما بين العينين. وقال الزجاج : يقال أقمطرت الناقة : إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها، وزمت بأنفها؛ فاشتقه من القطر، وجعل الميم مزيدة. قال أسد بن ناعصة : واصطليت الحروب في كل يوم ** باسل الشطر قمطرير الصباح قوله تعالى {فوقاهم الله} أي دفع عنهم {شر ذلك اليوم} أي بأسه وشدته وعذابه {ولقاهم} أي أتاهم وأعطاهم حين لقوه أي رأوه {نضرة} أي حسنا {وسرورا} أي حبورا. قال الحسن ومجاهد {نضرة} في وجوههم {وسرورا} في قلوبهم. وفي النضرة ثلاثة أوجه : أحدها أنها البياض والنقاء؛ قال الضحاك. الثاني الحسن والبهاء؛ قال ابن جبير. الثالث أنها أثر النعمة؛ قال ابن زيد.
هذا الشراب الذي مزج من الكافور هو عين يشرب منها عباد الله، يتصرفون فيها، ويُجْرونها حيث شاؤوا إجراءً سهلا. هؤلاء كانوا في الدنيا يوفون بما أوجبوا على أنفسهم من طاعة الله، ويخافون عقاب الله في يوم القيامة الذي يكون ضرره خطيرًا، وشره فاشيًا منتشرًا على الناس، إلا مَن رحم الله، ويُطْعِمون الطعام مع حبهم له وحاجتهم إليه، فقيرًا عاجزًا عن الكسب لا يملك من حطام الدنيا شيئًا، وطفلا مات أبوه ولا مال له، وأسيرًا أُسر في الحرب من المشركين وغيرهم، ويقولون في أنفسهم: إنما نحسن إليكم ابتغاء مرضاة الله، وطلب ثوابه، لا نبتغي عوضًا ولا نقصد حمدًا ولا ثناءً منكم. إنا نخاف من ربنا يومًا شديدًا تَعْبِس فيه الوجوه، وتتقطَّبُ الجباه مِن فظاعة أمره وشدة هوله.
{ إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا } أي: شديد الجهمة والشر { قَمْطَرِيرًا } أي: ضنكا ضيقا،
( إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا ) تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته ، نسب العبوس إلى اليوم ، كما يقال : يوم صائم وليل قائم . وقيل : وصف اليوم بالعبوس لما فيه من الشدة ( قمطريرا ) قال قتادة ، ومجاهد ، ومقاتل : " القمطرير " : الذي يقبض الوجوه والجباه بالتعبيس . قال الكلبي : العبوس الذي لا انبساط فيه ، و " القمطرير " الشديد . قال الأخفش : " القمطرير " أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء . يقال : يوم قمطرير وقماطر إذا كان شديدا كريها ، واقمطر اليوم فهو مقمطر .
(إِنَّا نَخافُ) إن واسمها ومضارع فاعله مستتر و(مِنْ رَبِّنا) متعلقان بالفعل و(يَوْماً) مفعول به و(عَبُوساً) صفة يوما و(قَمْطَرِيراً) صفة ثانية والجملة الفعلية خبر إنا والجملة الاسمية تعليل.
Traslation and Transliteration:
Inna nakhafu min rabbina yawman AAaboosan qamtareeran
Lo! we fear from our Lord a day of frowning and of fate.
Şüphe yok ki biz, suratları astıran, azabı pek şiddetli olan gün, Rabbimizden korkarız.
Nous redoutons, de notre Seigneur, un jour terrible et catastrophique».
gewiß, wir fürchten von unserem HERRN einen dunklen, unheilvollen Tag."
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الانسان (Al-Insan - The Man) |
ترتيبها |
76 |
عدد آياتها |
31 |
عدد كلماتها |
243 |
عدد حروفها |
1065 |
معنى اسمها |
(الْإِنْسَانُ): مَعْرُوفٌ، وَهُوَ الْمُكَلَّفُ بِعِبَادَةِ اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الإِنْسَانِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ﴾ وَسُورَةَ ﴿ٱلدَّهۡرِ﴾ |
مقاصدها |
تَذْكِيرُ الْإِنْسَانِ بِنِعْمَةِ خَلْقِهِ وَمَصِيرِهِ لِلْاتِّعَاظِ وَالْاعْتِبَارِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
تُسَنُّ قِراءتُها فَجرَ الجُمُعَةِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ يَومَ الْجُمُعَةِ ﴿الٓمٓ ١ تَنزِيلُ﴾ السَّجْدَةَ وَ ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ﴾». (رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسْلِم).
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويْلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَومِ الْقِيامَةِ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الإِنْسَانِ) بِآخِرِهَا: التَّذْكِيرُ بِخَلْقِ الْإِنْسَانِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا ٢﴾، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِهَا: ﴿نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ ...٢٨﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْإِنْسَانِ) لِمَا قَبْلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْقِيَامَةِ): خُتِمَتِ (الْقِيَامَةُ) بِتَذْكِيرِ الْإِنْسَانِ بِأَصْلِ خِلْقَتِهِ، فَقَالَ: ﴿أَلَمۡ يَكُ نُطۡفَةٗ مِّن مَّنِيّٖ يُمۡنَىٰ ٣٧ ثُمَّ كَانَ عَلَقَةٗ فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ ٣٨﴾، وَافْتُتِحَتِ (الْإِنْسَانُ) بِالْمَوضُوعِ نَفْسِهِ، فَقَالَ: ﴿إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا ٢﴾ |