«إن علينا جمعه» في صدرك «وقرآنه» قراءتك إياه أي جريانه على لسانك.
ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (35) يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (36)
فلينظر الإنسان ويتفكر ويعتبر أن اللّه ما خلقه سدى ، وإن طال المدى ، ومن نظر واهتدى ، وباع الضلالة بالهدى ، عجّل بالفدا ، من أجل تحكم الأعدا ، ومن عرف الضلالة والهدى لم يطل عليه المدى ، وعلم أن اللّه لا يترك خلقه سدى ، كما لم يتركه ابتدأ ،
وإن لم ينزل منازل السعداء ، فإن اللّه برحمته التي وسعت كل شيء لا يسرمد عليه الردا ،
وكيف يسرمده وهو عين الردا ، فهو في مقام الفدا ، وإشارة سهام العدا ، فله الرحمة آخرا خالدا مخلدا فيها أبدا .
------------
(36) الفتوحات ج 1 /
332 - ج 4 /
356 ، 29
أي في صدرك وقرآنه أي أن تقرأه.
قوله تعالى {لا تحرك به لسانك لتعجل به} في الترمذي : عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه القرآن يحرك به لسانه، يريد أن يحفظه، فأنزل الله تبارك وتعالى {لا تحرك به لسانك لتعجل به} قال : فكان يحرك به شفتيه. وحرك سفيان شفتيه. قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح. ولفظ مسلم عن ابن جبير عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة، كان يحرك شفتيه، فقال لي ابن عباس : أنا أحركهما كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما؛ فقال سعيد : أنا أحركهما كما كان ابن عباس يحركهما، فحرك شفتيه؛ فأنزل الله عز وجل {لا تحرك به لسانك لتعجل به. إن علينا جمعه وقرآنه} قال جمعه في صدرك ثم تقرؤه {فإذا قرآناه فاتبع قرآنه} قال فاستمع له وأنصت. ثم إن علينا أن نقرأه؛ قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل عليهما السلام استمع، وإذا انطلق جبريل عليه السلام قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما أقرأه؛ خرجه البخاري أيضا. ونظير هذه الآية قوله تعالى {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه}[
طه : 114] وقد تقدم. وقال عامر الشعبي : إنما كان يعجل بذكره إذا نزل عليه من حبه له، وحلاوته في لسانه، فنهى عن ذلك حتى يجتمع؛ لأن بعضه مرتبط ببعض، وقيل : كان عليه السلام إذا نزل عليه الوحي حرك لسانه مع الوحي مخافة أن ينساه، فنزلت {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه}[
طه : 114] ونزل {سنقرئك فلا تنسى}[
الأعلى : 6] ونزل {لا تحرك به لسانك} قاله ابن عباس {وقرآنه} أي وقراءته عليك. والقراءة والقرآن في قول الفراء مصدران. وقال قتادة {فاتبع قرآنه} أي فاتبع شرائعه وأحكامه. {ثم إن علينا بيانه} أي تفسير ما فيه من الحدود والحلال والحرام؛ قاله قتادة. وقيل : ثم إن علينا بيان ما فيه من الوعد والوعيد وتحقيقهما وقيل : أي إن علينا أن نبينه بلسانك. {كلا} قال ابن عباس : أي إن أبا جهل لا يؤمن بتفسير القرآن وبيانه. وقيل : أي كلا لا يصلون ولا يذكون يريد كفار مكة. {بل تحبون} أي بل تحبون يا كفار أهل مكة {العاجلة} أي الدار الدنيا والحياة فيها {وتذرون} أي تدعون {الآخرة} والعمل لها. وفي بعض التفسير قال : الآخرة الجنة. وقرأ أهل المدينة والكوفيون {بل تحبون} {وتذرون} بالتاء فيهما على الخطاب واختاره أبو عبيد؛ قال : ولولا الكراهة لخلاف هؤلاء القراء لقرأتها بالياء؛ لذكر الإنسان قبل ذلك. الباقون بالياء على الخبر، وهو اختيار أبي حاتم، فمن قرأ بالياء فردا على قوله تعالى{ينبأ الإنسان}[
القيامة : 13] وهو بمعنى الناس. ومن قرأ بالتاء فعلى أنه واجههم بالتقريع؛ لأن ذلك أبلغ في المقصود؛ نظيره {إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا}[الإنسان : 27].
لا تحرك -أيها النبي- بالقرآن لسانك حين نزول الوحي؛ لأجل أن تتعجل بحفظه، مخافة أن يتفلَّت منك. إن علينا جَمْعه في صدرك، ثم أن تقرأه بلسانك متى شئت. فإذا قرأه عليك رسولنا جبريل فاستمِعْ لقراءته وأنصت له، ثم اقرأه كما أقرأك إياه، ثم إن علينا توضيح ما أشكل عليك فهمه من معانيه وأحكامه.
{ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } فالحرص الذي في خاطرك، إنما الداعي له حذر الفوات والنسيان، فإذا ضمنه الله لك فلا موجب لذلك.
"إن علينا جمعه وقرآنه"، قال علينا أن نجمعه في صدرك، وقرآنه.
و(إِنَّ) حرف مشبه بالفعل و(عَلَيْنا) متعلقان بمحذوف خبر إن المقدم و(جَمْعَهُ) اسمها المؤخر و(قُرْآنَهُ) معطوف على ما قبله والجملة تعليل للنهي لا محل لها.
Traslation and Transliteration:
Inna AAalayna jamAAahu waquranahu
Lo! upon Us (resteth) the putting together thereof and the reading thereof.
Şüphe yok ki onu toplayıp unutturmamak da bize düşer, okumak ve tertib etmek de.
Son rassemblement (dans ton cœur et sa fixation dans ta mémoire) Nous incombent, ainsi que la façon de le réciter.
Uns obliegt seine Sammlung und sein Rezitieren.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة القيامة (Al-Qiyamat - The Resurrection) |
ترتيبها |
75 |
عدد آياتها |
40 |
عدد كلماتها |
164 |
عدد حروفها |
664 |
معنى اسمها |
(الْقِيَامَةُ): مِنْ أَسْمَاءِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَقُومُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ يُبْعَثُونَ لِلْحِسَابِ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الاسْمِ عَلَى المَقصِدِ العَامِّ لِلسُّورةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْقِيَامَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ: ﴿لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ﴾ |
مقاصدها |
إِثْبَاتُ عَقِيدَةِ الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعْضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّويْلِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظَائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، ... (وَهَلْ أَتَى وَلاَ أُقْسِمُ بِيَومِ الْقِيَامَةِ) فِي رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْقِيَامَةِ) بِآخِرِهَا: تَذْكِيرُ الْإِنْسَانِ بِخَلْقِهِ وَهِدَايَتِهِ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ ٣﴾، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِهَا: ﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَن يُتۡرَكَ سُدًى ٣٦﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الْقِيَامَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْمُدَّثِّرِ): لَمَّا خَتَمَ اللهُ تَعَالَى (الْمُدَّثِّرَ) بِذِكْرِ الْيَومِ الْآخِرِ بِقَولِهِ: ﴿كَلَّاۖ بَل لَّا يَخَافُونَ ٱلۡأٓخِرَةَ ٥٣﴾، افْتَتَحَ (الْقِيَامَةَ) بِتَفَصِيلِ هَذَا الْيَومِ؛ فَقَالَ: ﴿لَآ أُقۡسِمُ بِيَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ ١﴾... الآيَات |