المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة نوح: [الآية 27]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة نوح | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً (28)
[ لِمَ يقدم العبد نفسه في الدعاء على والديه ؟ ]
لا أحد أعظم من الوالدين وأكبر بعد الرسل حقا منهما على المؤمن ، ومع هذا أمر الداعي أن يقدم في الدعاء نفسه على والديه ، وذلك أولا مراعاة لحقها ، فهي أقرب جار إليه ،
والسر الآخر أنّ الداعي لغيره يحصل في نفسه افتقار غيره إليه ، ويذهل عن افتقاره ، فربما يدخله زهو وعجب بنفسه لذاك ، وهو داء عظيم ،
فأمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يبدأ لنفسه بالدعاء ، فتحصل له صفة الافتقار في حق نفسه ، فتزيل عنه صفة الافتقار صفة العجب والمنة على الغير ،
وفي إثر ذلك يدعو للغير على افتقار وطهارة ، فلهذا ينبغي للعبد أن يبدأ بنفسه في الدعاء ، ثم يدعو لغيره ، فإنه أقرب إلى الإجابة ، لأنه أخلص في الاضطرار والعبودية ، قال الخليل عليه السلام في دعائه (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ) فقدم نفسه (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) وقال نوح عليه السلام «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ» فبدأ بنفسه «وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ» وهو عليه السلام من الكمل ،
ولم يقل كما قالت الملائكة «وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ» فكأنه أبقى شيئا ، فإنه ما طلب المغفرة إلا للمؤمن ، ولم يذكر اتباع سبيل اللّه ، لأن المؤمن قد يكون مخالفا أمر اللّه ونهيه ،
واللّه يقول للمسرفين على أنفسهم (إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) «وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً "ذ
دعا قومه نوح ليغفر ربهم *** لهم فأجابوه لما كان قد دع
أجابوا بأحوال فغطوا ثيابهم *** لسر بستر والسميع الذي وعى
ولو أنهم نادوا ليكشف عنهمو *** غطاء العمى ما ارتد شخص ولا سعى
وهذي إشارات لأمة أحمد *** وليست لنوح والحديث هما مع
رعى اللّه شخصا لم يزل ذا مهابة *** كريما إماما حرمة الحق قد رعى
لو أن إله الخلق ينزل وحيه *** على جبل راس به لتصدع
وأثبت منه قلب شخص علمته *** ولما أتاه وحيه ما تزعزع
وإن كان من قوم إذا ليلهم دجا *** تراهم لديه ساجدين وركع
وتبصرهم عند المناجاة حسّرا *** حيارى سكارى خاضعين وخشّع
(72) سورة الجنّ مكيّة
------------
(28) الفتوحات ج 4 / 475 - ج 3 / 166 - الديوان / 165تفسير ابن كثير:
وقوله : ( إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ) أي : إنك إن أبقيت منهم أحدا أضلوا عبادك ، أي : الذين تخلقهم بعدهم ( ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ) أي : فاجرا في الأعمال كافر القلب ، وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنة إلا خمسين عاما .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا } أي: بقاؤهم مفسدة محضة، لهم ولغيرهم، وإنما قال نوح -عليه السلام- ذلك، لأنه مع كثرة مخالطته إياهم، ومزاولته لأخلاقهم، علم بذلك نتيجة أعمالهم، لا جرم أن الله استجاب دعوته ، فأغرقهم أجمعين ونجى نوحا ومن معه من المؤمنين.
تفسير البغوي
( إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ) قال ابن عباس ، والكلبي ومقاتل : كان الرجل ينطلق بابنه إلى نوح فيقول : احذر هذا فإنه كذاب ، وإن أبي حذرنيه فيموت الكبير وينشأ الصغير عليه ( ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ) قال محمد بن كعب ، ومقاتل ، والربيع ، وغيرهم : إنما قال نوح هذا حين أخرج الله كل مؤمن من أصلابهم وأرحام نسائهم وأعقم أرحام نسائهم وأيبس أصلاب رجالهم قبل العذاب بأربعين سنة . [ وقيل سبعين سنة ] وأخبر الله نوحا أنهم لا يؤمنون ولا يلدون مؤمنا فحينئذ دعا عليهم نوح فأجاب الله دعاءه ، وأهلكهم كلهم ولم يكن فيهم صبي وقت العذاب لأن الله تعالى قال : " وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم " ( الفرقان - 37 ) ولم يوجد التكذيب من الأطفال .
الإعراب:
(إِنَّكَ) إن واسمها (إِنْ تَذَرْهُمْ) إن شرطية جازمة ومضارع مجزوم لأنه فعل الشرط والهاء مفعول به والفاعل مستتر والجملة ابتدائية لا محل لها (يُضِلُّوا) مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط والواو فاعله (عِبادَكَ) مفعول به والجملة جواب الشرط لا محل لها والشرط وجوابه خبر إنك والجملة الاسمية مقول القول (وَلا يَلِدُوا) لا نافية ومضارع وفاعله (إِلَّا) حرف حصر (فاجِراً) مفعول به (كَفَّاراً) صفة والجملة معطوفة على ما قبلها.