المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة التحريم: [الآية 12]
سورة التحريم | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11)
[الجار قبل الدار: ]
شهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لآسية امرأة فرعون بالكمال ، فقالت العارفة المشهود لها بالكمال «رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ» دار المآل ، فقدّمت الحق على البيت ، وقدمت الجار على الدار ، لما علمت أن بالدار يصح الجوار ، وهو الذي جرى به المثل في قولهم : الجار قبل الدار ؛ ولم تطلب مجاورة موسى ولا أحد من المخلوقين ، بل قدمت الحق ، وطلبت جواره والعصمة من أيدي عداته ، فقالت «وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» حتى لا تنتهك الحرمة .
[سورة التحريم (66) : آية 12]
وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (12)
روح عيسى منفوخ بالجمع والكثرة ، ففيه قوى جميع الأسماء والأرواح ، فإنه قال : «فَنَفَخْنا فِيهِ» بنون الجمع «مِنْ رُوحِنا» فإن جبريل عليه السلام وهب لها بشرا سويا ، فتجلى في صورة إنسان كامل ، فنفخ وهو نفخ الحق ، كما قال على لسان عبده [ سمع اللّه لمن حمده ] «وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّه» وما هو إلا عيسى عليه السلام ،
وقد قال عنه تعالى : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) فجعله كلمات لها لأنه كثير من حيث نشأته الظاهرة والباطنة ، فكل جزء منه ظاهرا كان أو باطنا فهو كلمة ، فلهذا قال فيه:" وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها»
لان عيسى روح اللّه من حيث جملته ، ومن حيث أحدية كثرته هو قوله : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ)
ولذلك كان شرف مريم وكمالها الذي شهد لها به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بنسبة عيسى عليه السلام إليها فقيل : عيسى ابن مريم.
(67) سورة الملك مكيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
ورد أن هذه السورة تجادل عن قارئها في قبره .
تبارك ملك الملك جل جلاله ***وعز فلم يدرك بفكر ولا ذكر
تعالى عن الأمثال علو مكانة *** تبارك حتى ضمه القلب في صدري
ولم أدر ما هذا ولا ينجلي لنا *** مقالته فيه وبالشفع والوتر
عرفناه لما أن تلونا كتابه *** فللجهر ذاك الوتر والشفع للستر
------------
(11) الفتوحات ج 3 / 11 - ج 4 / 341 - ج 3 / 460 ، 11تفسير ابن كثير:
وقوله : ( ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها ) أي حفظته وصانته . والإحصان : هو العفاف والحرية ، ( فنفخنا فيه من روحنا ) أي : بواسطة الملك ، وهو جبريل فإن الله بعثه إليها فتمثل لها في صورة بشر سوي ، وأمره الله تعالى أن ينفخ بفيه في جيب درعها ، فنزلت النفخة فولجت في فرجها ، فكان منه الحمل بعيسى ، عليه السلام . ولهذا قال : ( فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه ) أي : بقدره وشرعه ( وكانت من القانتين )
قال الإمام أحمد : حدثنا يونس ، حدثنا داود بن أبي الفرات ، عن علباء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : خط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأرض أربعة خطوط ، وقال : " أتدرون ما هذا ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون " .
وثبت في الصحيحين من حديث شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن مرة الهمداني ، عن أبي موسى الأشعري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ، ومريم ابنة عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " .
وقد ذكرنا طرق هذه الأحاديث ، وألفاظها ، والكلام عليها في قصة عيسى ابن مريم عليهما السلام ، في كتابنا " البداية والنهاية " ولله الحمد والمنة وذكرنا ما ورد من الحديث من أنها تكون هي وآسية بنت مزاحم من أزواجه ، عليه السلام ، في الجنة عند قوله : ( ثيبات وأبكارا )
آخر تفسير سورة التحريم ولله الحمد والمنة.
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } أي: صانته وحفظته عن الفاحشة، لكمال ديانتها، وعفتها، ونزاهتها.
{ فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا } بأن نفخ جبريل [عليه السلام] في جيب درعها فوصلت نفخته إلى مريم، فجاء منها عيسى ابن مريم [عليه السلام]، الرسول الكريم والسيد العظيم.
{ وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ } وهذا وصف لها بالعلم والمعرفة، فإن التصديق بكلمات الله، يشمل كلماته الدينية والقدرية، والتصديق بكتبه، يقتضي معرفة ما به يحصل التصديق، ولا يكون ذلك إلا بالعلم والعمل، [ولهذا قال] { وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } أي: المطيعين لله، المداومين على طاعته بخشية وخشوع، وهذا وصف لها بكمال العمل، فإنها رضي الله عنها صديقة، والصديقية: هي كمال العلم والعمل.
تمت ولله الحمد
تفسير البغوي
( ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه ) أي في جيب درعها ولذلك ذكر الكناية ( من روحنا وصدقت بكلمات ربها ) يعني الشرائع التي شرعها الله للعباد بكلماته المنزلة ( وكتبه ) قرأ أهل البصرة وحفص : " وكتبه " على الجمع ، وقرأ الآخرون : " وكتابه " على التوحيد . والمراد منه الكثرة أيضا . وأراد بكتبه التي أنزلت على إبراهيم وموسى وداود وعيسى عليهم السلام . ( وكانت من القانتين ) أي من القوم القانتين المطيعين لربها ولذلك لم يقل من القانتات .
وقال عطاء : " من القانتين " أي من المصلين . ويجوز أن يريد بالقانتين رهطها وعشيرتها فإنهم كانوا أهل صلاح مطيعين لله .
وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " حسبك من نساء العالمين : مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية امرأة فرعون " .
الإعراب:
(وَمَرْيَمَ) معطوف على امرأة فرعون (ابْنَتَ عِمْرانَ) صفة مريم مضاف إلى عمران (الَّتِي) صفة مريم أيضا (أَحْصَنَتْ) ماض فاعله مستتر (فَرْجَها) مفعول به والجملة صلة.
(فَنَفَخْنا) ماض وفاعله والجملة معطوفة على ما قبلها (فِيهِ) متعلقان بالفعل (مِنْ رُوحِنا) متعلقان بالفعل أيضا، (وَصَدَّقَتْ) فعل ماض فاعله مستتر والجملة معطوفة على ما قبلها (بِكَلِماتِ) متعلقان بالفعل (رَبِّها) مضاف إليه (وَكُتُبِهِ) معطوف على ما قبله (وَكانَتْ) ماض ناقص واسمه مستتر (مِنَ الْقانِتِينَ) خبر كانت والجملة معطوفة على ما قبلها.