المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الطلاق: [الآية 12]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الطلاق | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (7)
" لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها» من القوة على إقامة الدين ، فقد أعطاها اللّه أمرا وجوديا ، وهو التمكن الذي يجده الإنسان من نفسه ، وبذلك القدر صح أن يكون مكلفا ، فإن الشارع إنما يكلف العبد على حاله الذي يقدر عليه ، وخفف عليه أكثر من هذا بقوله تعالى «سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً»
متصلا بقوله تعالى «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها» وإن أعطاها وفعلته بمشقة هي عسر في حق المكلف ، فكان اليسر قوله (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) فما أشد رفقه بعباده! وإن اجتهد الإنسان وأخطأ بعد الاجتهاد فلا بأس عليه ، وهو غير مؤاخذ ، فإن اللّه ما كلف نفسا إلا ما آتاها ، فقد وفت بقسمها الذي أعطاها اللّه.
[سورة الطلاق (65) : الآيات 8 إلى 12]
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (8) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (10) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً (11) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12)
[ تنزل الأمر بين السماوات والأرضين: ]
فتق اللّه الأرض وجعلها سبعة أطباق كما فعل بالسماوات ، وجعل لكل أرض استعداد انفعال لأثر حركة فلك من أفلاك السماوات وشعاع كوكبها ، فالأرض الأولى التي نحن عليها للفلك الأول من هناك ، ثم تنزل إلى أن تنتهي إلى الأرض السابعة والسماء الدنيا ، وقوله
تعالى:" وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ " الظاهر يريد طباقا ، ثم قال"يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ "
أي بين السماوات والأراضين ، ولو كانت أرضا واحدة لقال بينهما ، هذا هو الظاهر ، والأمر النازل بينهن هو الذي أوحي في كل سماء ، وهذا الأمر الإلهي الذي يكون بين السماء الدنيا والأرض التي نحن عليها ينزل من السماء ثم يطلب أرضه ،
وهو قوله تعالى : (وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) فذلك الأمر هو الذي ينزل إلى أرضه بما أوحى اللّه فيه على عامر تلك الأرض من الصور والأرواح ؛ والأرض وإن كانت سبعة أطباق فقد يعسر في الحس الفصل بينهن ، مع علمنا بأن كل واحدة منهن لا تكون بحيث الأخرى ، كما لا يكون الجوهر بحيث جوهر آخر.
وفي هذا التنزل أسرار عظيمة ، وقد روي عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية :لو فسرتها لقلتم إني كافر ، وفي رواية لرجمتموني ؛ وإنها من أسرار آي القرآن .
واعلم أن للّه تعالى أرواحا من الملائكة الكرام مسخرة قد ولّاهم اللّه تعالى ، وجعل بأيديهم ما أوحى اللّه في السماوات من الأمور التي شاء سبحانه أن يجريها في عالم العناصر ، وأن اللّه جعل من السماء إلى الأرض معارج على عدد الخلائق ، وجعل سبحانه معارج الملائكة من الكرسي إلى السماوات ينزلون بالأوامر الإلهية المخصوصة بأهل السماوات ،
وهي أمور فرقانية ، وجعل من العرش إلى الكرسي معارج لملائكة ينزلون إلى الكرسي بالكلمة الواحدة غير منقسمة إلى الكرسي ،
فإذا وصلت الكلمة واحدة العين إلى الكرسي انفرقت فرقا على قدر ما أراد الرحمن أن يجري منها في عالم الخلق والأمر ، ومن النفس رقائق ممتدة إلى العرش منقسمة إلى فرقتين للقوتين اللتين النفس عليهما ، وهو اللوح المحفوظ وهو ذو وجهين ،
وتلك الرقائق التي بين اللوح والعرش بمنزلة المعارج للملائكة ، والمعاني النازلة في تلك الرقائق كالملائكة ، وينزل الأمر الإلهي من الكرسي على معراجه إلى السدرة إن كان لعالم السماوات القصد ، وإن كان لعالم الجنان لم ينزل من ذلك الموضع وظهر سلطانه في الجنان بحسب ما نزل إليه ؛
ثم إن الأمر الإلهي يتفرع من السدرة كما تتفرع أغصان الشجرة ، ويظهر فيه صور الثمرات بحسب ما يمده من العالم الذي ينزل إليه وقد انصبغ بصورة السدرة ، فينزل على المعراج إلى السماء الأولى فيتلقاه أهلها بالترحيب وحسن القبول والفرح ،
ويتلقاه من أرواح الأنبياء والخلق الذين قبضت أرواحهم بالموت وكان مقرها هنالك ، وتجد هنالك نهر الحياة يمشي إلى الجنة ، فإن كان له عنده أمانة ولا بد منها في كل أمر إلهي
- فإن الأمر الإلهي يعم جميع الموجودات - فيلقيه
في ذلك النهر مثل ما أعطى السدرة ، فيجري به النهر إلى الجنان . وفي كل نهر يجده هنالك مما يمشي إلى الجنة ،
وهنالك يجد النيل والفرات فيلقي إليهما ما أودع اللّه عنده من الأمانة التي ينبغي أن تكون لهما ، فتنزل تلك البركة في النهرين إلى الأرض فإنهما من أنهار الأرض ،
ويأخذ أرواح الأنبياء وعمار السماء الأولى منه ما بيده مما نزل به إليهم ، ويدخل البيت المعمور فيبتهج به وتسطع الأنوار في جوانبه وتأتي الملائكة السبعون ألفا الذين يدخلونه كل يوم ولا يعودون إليه أبدا .
ثم ينصب المعراج من السماء الأولى إلى السماء الثانية فينزل فيه الأمر الإلهي وهو على صورة السماء الأولى ، فينصبغ بصورة المعراج الذي ينزل فيه ،
ومعه الملائكة الموكلون به من السماء الأولى ومعه أرواح البروج والكواكب الثابتة كلها ، وينزل معه ملك من قوة كيوان لا بد من ذلك ،
فإذا وصل إلى السماء الثانية تلقته ملائكتها وما فيها من أرواح الخلائق وقوة بهرام في السماء الثانية فيعطيهم ما بيده لهم ،
وينزل إلى الثالثة وهو على صورة الثانية فينصبغ بصورة السلم الذي ينزل فيه ، والحال الحال مثل ما ذكرنا إلى أن ينتهي إلى السماء السابعة وهي السماء الدنيا ، فإذا أدّى إليهم ما بيده لهم ومعه قوة صاحب كل سماء فتحت أبواب السماء لنزوله ،
ونزلت معه قوى جميع الكواكب الثوابت والسيارة ، وقوى الأفلاك وقوى الحركات الفلكية كلها ، وكل صورة انتقل عنها مبطونة فيه ؛ فكل أمر إلهي ينزل فهو اسم إلهي عقلي نفسي عرشي كرسي ، فهو مجموع صور كل ما مر عليه في طريقه ،
فيخترق الكور ويؤثر في كل كرة بحسب ما تقبله طبيعتها إلى أن ينتهي إلى الأرض ، فيتجلى لقلوب الخلق فتقبله بحسب استعدادها وقبولها متنوع ، وذلك هو الخواطر التي تجدها الناس في قلوبهم ، فبها يسعون ، وبها يشتهون ، وبها يتحركون ،
طاعة كانت تلك الحركة أو معصية أو مباحة ، فجميع حركات العالم من معدن ونبات وحيوان وإنسان وملك أرضي وسماوي فمن ذلك التجلي ، الذي يكون من هذا الأمر الإلهي النازل إلى الأرض ، فيجد الناس في قلوبهم خواطر لا يعرفون أصلها وهذا هو أصلها ، ورسله إلى جميع ما في العالم الذي نزل إليه ما نزل معه من قوى الكواكب وحركات الأفلاك ، فهؤلاء هم رسل هذا الأمر الإلهي إلى حقائق هؤلاء العالم ، فتنمو به الناميات ، وتحيي به أمور ، وتموت به أمور ، ويظهر التأثيرات العلوية والسفلية في كل عالم بتلك الرسل التي يرسلها في العالم هذا الأمر الإلهي ، فإنه كالملك فيهم ، ولا يزال يعقبه أمر آخر ، ويعقب الآخر
آخر في كل نفس بتقدير العزيز العليم ، فإذا نفذ فيهم أمره وأراد الرجوع ، جاءته رسله من كل موجود بما ظهر من كل من بعثوا إليه صورا قائمة ، فيلبسها ذلك الأمر الإلهي من قبيح وحسن ، ويرجع على معراجه من حيث جاء إلى أن يقف بين يدي ربه اسما إليها ظاهرا بكل صورة ، فيقبل الحق ما شاء ويرد منها ما شاء على صاحبها من صور تناسبها ، فجعل مقر تلك الصور حيث شاء من علمه ،
فلا يزال تتابع الرسل إلى الأرض على هذه المعارج كما ذكرنا ، والأمر الإلهي ينزل من السماء الدنيا إلى الأرض في ثلاث سنين ، فكل شيء يظهر في كل شيء في الأرض فعند انقضاء ثلاث سنين من نزوله من السماء في كل زمان فرد ،
فالآثار في الأرض هي الأمر الإلهي الذي يتنزل بين السماء والأرض ، وهو في كل ما يتولد بينهما بين السماء بما ينزل منها وبين الأرض بما تقبل من هذا النزول للتكوين ، يدل على ذلك قوله تعالى «لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
إشارة إلى الصفة العملية فيهما ، فإن القدرة ما لها تعلق إلا بالإيجاد ، فعلمنا أن المقصود بهذا التنزل إنما هو التكوين ،
ثم تمم في الإخبار فقال : «وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً» إشارة إلى الصفة العلمية فيهما أي في القوتين العملية والعلمية ، فإن القدرة للإيجاد وهو العمل ، وهو العليم سبحانه بما يوجد ، القدير على إيجاد ما يريد إيجاده ، لا مانع له ، فجعل الأمر يتنزل بين السماء والأرض كالولد يظهر بين الأبوين ، وأحاط اللّه بكل شيء علما عند من رزقه اللّه فهما ،
فلا تعم الإحاطة كل شيء إلا إذا كانت معنى ، ولا يعلم الشيء من جميع وجوهه إلا اللّه عزّ وجل الذي أحاط بكل شيء علما ، سواء كان الشيء ثابتا أو موجودا أو متناهيا أو غير متناه ، فالمعلوم لا يزال محصورا في العلم ، لهذا كان المعلوم محاطا به
فقال تعالى : «أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً» من الواجبات والجائزات والمستحيلات ، وهو تعلق أعم من تعلق قوله تعالى : (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً)
وإن كان بعض العلماء لا يسمي شيئا إلا الموجود ، فلا نبالي فإن اللّه قد أحاط بكل شيء علما ، وقد علم المحال ، ولو خصص صاحب هذا الاصطلاح العلم المحيط في هذه الآية بالموجودات ، فليس له دليل على ذلك إلا كونه اصطلح على أنه لا يسمي شيئا إلا الموجود ، فالإحاطة هنا على بابها في العموم ، والإحاطة عبارة عن تعلق العلم بالمعلومات الغير المتناهية هنا ، فيحيط بالمحال العلم أي معنى ، لعلمه من جميع الوجوه .
(66) سورة التحريم مدنيّة
------------
(7) الفتوحات ج 3 / 359 - ج 1 / 340 ، 475 - ج 3 / 229تفسير ابن كثير:
يقول تعالى مخبرا عن قدرته التامة وسلطانه العظيم ليكون ذلك باعثا على تعظيم ما شرع من الدين القويم ( الله الذي خلق سبع سماوات ) كقوله تعالى إخبارا عن نوح أنه قال لقومه ( ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا ) [ نوح : 15 ] وقال تعالى ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن ) [ الإسراء : 44 ] . وقوله تعالى ( ومن الأرض مثلهن ) أي سبعا أيضا ، كما ثبت في الصحيحين " من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين " وفي صحيح البخاري " خسف به إلى سبع أرضين " وقد ذكرت طرقه وألفاظه وعزوه في أول " البداية والنهاية " عند ذكر خلق الأرض ولله الحمد والمنة .
ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم فقد أبعد النجعة ، وأغرق في النزع ، وخالف القرآن ، والحديث بلا مستند . وقد تقدم في سورة الحديد عند قوله : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) [ الآية : 3 ] ذكر الأرضين السبع ، وبعد ما بينهن ، وكثافة كل واحدة منهن خمسمائة عام ، وهكذا قال ابن مسعود وغيره ، وكذا في الحديث الآخر " ما السماوات السبع ، وما فيهن ، وما بينهن ، والأرضون السبع ، وما فيهن ، وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة " . وقال ابن جرير ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس في قوله : ( سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم ، وكفركم تكذيبكم بها .
وحدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب بن عبد الله بن سعد القمي الأشعري ، عن جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال رجل لابن عباس ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) الآية . فقال : ابن عباس ما يؤمنك إن أخبرتك بها فتكفر . وقال ابن جرير ، حدثنا عمرو بن علي ، ومحمد بن المثنى قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس في هذه الآية ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال عمرو : قال في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق .
وقال ابن المثنى في حديثه في كل سماء إبراهيم ، وقد روى البيهقي في كتاب الأسماء والصفات هذا الأثر عن ابن عباس بأبسط من هذا السياق فقال : أنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أحمد بن يعقوب ، حدثنا عبيد بن غنام النخعي ، أنا علي بن حكيم ، حدثنا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، قال ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال : سبع أرضين ، في كل أرض نبي كنبيكم ، وآدم كآدم ، ونوح كنوح ، وإبراهيم ، كإبراهيم ، وعيسى كعيسى .
ثم رواه البيهقي من حديث شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس ، في قول الله عز وجل ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) قال في كل أرض نحو إبراهيم عليه السلام .
ثم قال البيهقي : إسناد هذا عن ابن عباس صحيح وهو شاذ بمرة ، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا ، والله أعلم
قال الإمام أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي في كتابه التفكر والاعتبار : حدثني إسحاق بن حاتم المدائني ، حدثنا يحيى بن سليمان عن عثمان بن أبي دهرس قال بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى أصحابه وهم سكوت لا يتكلمون ، فقال : " ما لكم لا تتكلمون ؟ " فقالوا : نتفكر في خلق الله عز وجل ، قال : " فكذلك فافعلوا ، تفكروا في خلق الله ، ولا تتفكروا فيه ، فإن بهذا المغرب أرضا بيضاء نورها ساحتها - أو قال : ساحتها نورها - مسيرة الشمس أربعين يوما بها خلق الله تعالى لم يعصوا الله طرفة عين قط ، قالوا : فأين الشيطان عنهم ؟ قال : " ما يدرون خلق الشيطان أم لم يخلق ؟ قالوا : أمن ولد آدم ؟ قال : " لا يدرون خلق آدم ، أم لم يخلق ؟ "
وهذا حديث مرسل وهو منكر جدا وعثمان بن أبي دهرش ذكره ابن أبي حاتم في كتابه ، فقال : روى عن رجل من آل الحكم بن أبي العاص ، وعنه سفيان بن عيينة ، ويحيى بن سليم الطائفي ، وابن المبارك ، سمعت أبي يقول ذلك .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
[ثم] أخبر [تعالى] أنه خلق الخلق من السماوات السبع ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيهن، وما بينهن، وأنزل الأمر، وهو الشرائع والأحكام الدينية التي أوحاها إلى رسله لتذكير العباد ووعظهم، وكذلك الأوامر الكونية والقدرية التي يدبر بها الخلق، كل ذلك لأجل أن يعرفه العباد ويعلموا إحاطة قدرته بالأشياء كلها، وإحاطة علمه بجميع الأشياء فإذا عرفوه بأوصافه المقدسة وأسمائه الحسنى وعبدوه وأحبوه وقاموا بحقه، فهذه الغاية المقصودة من الخلق والأمر معرفة الله وعبادته، فقام بذلك الموفقون من عباد الله الصالحين، وأعرض عن ذلك، الظالمون المعرضون.
[تم تفسيرها والحمد لله]
تفسير البغوي
( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن ) [ في العدد ] ( يتنزل الأمر بينهن ) بالوحي من السماء السابعة إلى الأرض السفلى .
قال أهل المعاني : هو ما يدبر فيهن من عجيب تدبيره ، فينزل المطر ويخرج النبات ، ويأتي بالليل والنهار والصيف والشتاء ، ويخلق الحيوان على اختلاف هيئاتها وينقلها من حال إلى حال .
وقال قتادة : في كل أرض من أرضه وسماء من سمائه خلق من خلقه وأمر من أمره وقضاء من قضائه .
( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) فلا يخفى عليه شيء .
الإعراب:
(اللَّهُ الَّذِي) مبتدأ وخبره والجملة استئنافية لا محل لها (خَلَقَ) ماض فاعله مستتر والجملة صلة الذي (سَبْعَ سَماواتٍ) مفعول به مضاف إلى السموات (وَمِنَ الْأَرْضِ) متعلقان بفعل محذوف تقديره وخلق (مِثْلَهُنَّ) مفعول به للفعل المحذوف (يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ) مضارع وفاعله والجملة استئنافية لا محل لها.
(بَيْنَهُنَّ) ظرف مكان (لِتَعْلَمُوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والواو فاعله والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بخلق.
(أَنَّ اللَّهَ) أن واسمها (عَلى كُلِّ) متعلقان بقدير (شَيْءٍ) مضاف إليه (قَدِيرٌ) خبر أن والمصدر المؤول من أن وما بعدها في محل نصب سد مسد مفعولي تعلموا (وَأَنَّ اللَّهَ) أن واسمها (قَدْ) حرف تحقيق (أَحاطَ) ماض فاعله مستتر والجملة الفعلية خبر أن والجملة الاسمية معطوفة على ما قبلها.
(بِكُلِّ) متعلقان بالفعل (شَيْءٍ) مضاف إليه (عِلْماً) تمييز.