المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الصف: [الآية 9]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الصف | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ (14)
[من نصر دين اللّه فقد نصر اللّه وأدى واجب : ]
أعلم أن من نصر دين اللّه فقد نصر اللّه وأدى واجبا في نصرته ، فله أجر النصر وأجر أداء الواجب ، بما نواه من امتثال أمر اللّه في ذلك وتعين عليه ذلك ، ولو كفاه غيره مئونة ذلك فلا يتأخر عن أمر اللّه ، ونصرة اللّه قد تكون بما يعطي من العلم المظهر للحق الدافع للباطل ، فهو جهاد معنوي محسوس ، فكونه معنويا لأن الباطن يقبله ، فإن العلم متعلقه النفس ، وأما كونه محسوسا فما يتعلق بذلك من العبارة عنه باللسان أو الكتابة ، فيحصل للسامع ، أو الناظر بطريق السمع من المتكلم ، أو بطريق النظر من الكتابة .
وجهاد العدو نصرة محسوسة ، ما هي معنوية ، فإنه ما نال العدو من المقاتل له شيئا في الباطن يرده عن اعتقاده ، كما ناله من العلم إذا علّمه وأصغى إليه ، ووفقه اللّه للقبول وفتح عين فهمه لما يورده عليه العالم في تعليمه ، وهي أعظم نصرة ، وهو أعظم أنصاري للّه ، يقول النبي صلّى اللّه عليه وسلّم
[ لأن يهدي اللّه بك رجلا واحدا خير لك مما طلعت عليه الشمس ]
وقوله تعالى «فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا» بالغلبة والقهر ، وهو التأييد الإلهي الذي يقع به ظهورهم على الأعداء ، فأيدهم «عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ» على المنازع .
(62) سورة الجمعة مدنيّة
------------
(14) الفتوحات ج 4 / 467 - ج 2 / 36 ، 248تفسير ابن كثير:
ثم قال تعالى " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق " فالهدى هو ما جاء به من الإخبارات الصادقة والإيمان الصحيح والعلم النافع ودين الحق هو الأعمال الصالحة الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة " ليظهره على الدين كله " أي على سائر الأديان كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه قال " إن الله زوى لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها ".
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن محمد بن أبي يعقوب سمعت شقيق بن حيان يحدث عن مسعود بن قبيصة أوقبيصة بن مسعود يقول: صلى هذا الحي من محارب الصبح فلما صلوا قال شاب منهم: سمعت رسول الله صلى لله تعالى عليه وآله وسلم يقول " إنه ستفتح لكم مشارق الأرض ومغاربها وإن عمالها في النار إلا من اتقى الله وأدى الأمانة ".
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان حدثنا سليم بن عامر عن تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين يعز عزيزا ويذل ذليلا عزا يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر " فكان تميم الداري يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز ولقد أصاب من كان كافرا منهم الذل والصغار والجزية.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن عبد ربه حدثنا الوليد بن مسلم حدثني ابن جابر سمعت سليم بن عامر قال: سمعت المقداد بن الأسود يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر إلا دخلته كلمة الإسلام يعز عزيزا يذل ذليلا إما يعزهم الله فيجعلهم من أهلها وإما يذلهم فيدينون لها " وفي المسند أيضا حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن ابن سيرين عن أبي حذيفة عن عدي بن حاتم سمعه يقول: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا عدي أسلم تسلم " فقلت إنى من أهل دين قال " أنا أعلم بدينك منك " فقلت أنت أعلم بديني مني؟ قال " نعم ألست من الركوسية وأنت تأكل مرباع قومك؟ " قلت بلى ! قال " فإن هذا لا يحل لك في دينك " قال فلم يعد أن قالها فتواضعت لها قال " أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام تقول إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له وقد رمتهم العرب أتعرف الحيرة؟ " قلت لم أرها وقد سمعت بها قال " فوالذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز" قلت كسرى بن هرمز؟ قال " نعم كسرى بن هرمز وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد " قال عدي: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت من غير جوار أحد ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها.
وقال مسلم: حدثنا أبو معن زيد بن يزيد الرقاشي حدثنا خالد بن الحارث حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن الأسود بن العلاء عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنهما " قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى " فقلت يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله عز وجل " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق " الآية أن ذلك تام قال " إنه سيكون من ذلك ما شاء الله عزوجل ثم يبعث الله ريحا طيبة فيتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم ".
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
ثم ذكر سبب الظهور والانتصار للدين الإسلامي، الحسي والمعنوي، فقال: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ } أي: بالعلم النافع والعمل الصالح.
بالعلم الذي يهدي إلى الله وإلى دار كرامته، ويهدي لأحسن الأعمال والأخلاق، ويهدي إلى مصالح الدنيا والآخرة.
{ وَدِينِ الْحَقِّ } أي: الدين الذي يدان به، ويتعبد لرب العالمين الذي هو حق وصدق، لا نقص فيه، ولا خلل يعتريه، بل أوامره غذاء القلوب والأرواح، وراحة الأبدان، وترك نواهيه سلامة من الشر والفساد فما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الهدى ودين الحق، أكبر دليل وبرهان على صدقه، وهو برهان باق ما بقي الدهر، كلما ازداد العاقل تفكرا، ازداد به فرحا وتبصرا.
{ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ } أي: ليعليه على سائر الأديان، بالحجة والبرهان، ويظهر أهله القائمين به بالسيف والسنان، فأما نفس الدين، فهذا الوصف ملازم له في كل وقت، فلا يمكن أن يغالبه مغالب، أو يخاصمه مخاصم إلا فلجه وبلسه، وصار له الظهور والقهر، وأما المنتسبون إليه، فإنهم إذا قاموا به، واستناروا بنوره، واهتدوا بهديه، في مصالح دينهم ودنياهم، فكذلك لا يقوم لهم أحد، ولا بد أن يظهروا على أهل الأديان، وإذا ضيعوه واكتفوا منه بمجرد الانتساب إليه، لم ينفعهم ذلك، وصار إهمالهم له سبب تسليط الأعداء عليهم، ويعرف هذا، من استقرأ الأحوال ونظر في أول المسلمين وآخرهم
تفسير البغوي
" هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ".
الإعراب:
(هُوَ الَّذِي) مبتدأ وخبره والجملة استئنافية لا محل لها (أَرْسَلَ) ماض فاعله مستتر (رَسُولَهُ) مفعول به والجملة صلة لا محل لها (بِالْهُدى) متعلقان بالفعل (وَدِينِ) معطوف على الهدى (الْحَقِّ) مضاف إليه (لِيُظْهِرَهُ) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والهاء مفعوله والفاعل مستتر والمصدر المؤول من أن والفعل في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بأرسل (عَلَى الدِّينِ) متعلقان بالفعل (كُلِّهِ) توكيد (وَ) الواو حالية (لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) لو وصلية وماض وفاعله والجملة حال.