«ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا» أي لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتنوا أي تذهب عقولهم بنا «واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم» في ملكك وصنعك.
وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)
البهتان هو أن ينسب إلى الشخص ما لم يكن منه ، ولقد مات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وما مست يده يد امرأة لا يحل له لمسها ، وهو رسول اللّه ، وما كانت تبايعه النساء إلا بالقول ، وقوله للواحدة قوله للجميع .
------------
(12) الفتوحات ج 4 /
68 ، 496
( ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ) قال مجاهد : معناه : لا تعذبنا بأيديهم ، ولا بعذاب من عندك ، فيقولوا : لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا . وكذا قال الضحاك .
وقال قتادة لا تظهرهم علينا فيفتتنوا بذلك ، يرون أنهم إنما ظهروا علينا لحق هم عليه . واختاره ابن جرير .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : لا تسلطهم علينا فيفتنونا .
وقوله : ( واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ) أي : واستر ذنوبنا عن غيرك ، واعف عنها فيما بيننا وبينك ، ( إنك أنت العزيز الحكيم ) أي : الذي لا يضام من لاذ بجناحك ) الحكيم ) في أقوالك وأفعالك وشرعك وقدرك .
قوله تعالى {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم} لما نهى عز وجل عن مولاة الكفار ذكر قصة إبراهيم عليه السلام، وأن من سيرته التبرؤ من الكفار؛ أي فاقتدوا به وأتموا؛ إلا في استغفاره لأبيه. والأسوة ما يتأسى به، مثل القدوة والقدوة. ويقال : هو أسوتك؛ أي مثلك وأنت مثله. وقرأ عاصم {أسوة} بضم الهمزة لغتان. {والذين معه} يعني أصحاب إبراهيم من المؤمنين. وقال ابن زيد : هم الأنبياء {إذ قالوا لقومهم} الكفار {إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله} أي الأصنام. وبرآء جمع بريء؛ مثل شريك وشركاء، وظريف وظرفاء. وقراءة العامة على وزن فعلاء. وقرأ عيسى بن عمر وابن أبي إسحاق {براء} بكسر الباء على وزن فعال؛ مثل قصير وقصار، وطويل وطوال، وظريف وظراف. ويجوز ترك الهمزة حتى تقول : براً؛ وتنون. وقرئ {براء} على الوصف بالمصدر. وقرئ {براء} على إبدال الضم من الكسر؛ كرخال ورباب. والآية نص في الأمر بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام في فعله. وذلك يصحح أن شرع من قبلنا شرع لنا فيما أخبر الله ورسوله. {كفرنا بكم} أي بما آمنتم به من الأوثان. وقيل : أي بأفعالكم وكذبناها وأنكرنا أن تكونوا على حق. {وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا} أي هذا دأبنا معكم ما دمتم على كفركم {حتى تؤمنوا بالله وحده} فحينئذ تنقلب المعاداة موالاة {إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك} فلا تتأسوا به في الاستغفار فتستغفرون للمشركين؛ فإنه كان عن موعدة منه له قاله قتادة ومجاهد وغيرهما. وقيل : معنى الاستثناء أن إبراهيم هجر قومه وباعدهم إلا في الاستغفار لأبيه، ثم بين عذره في سورة التوبة . وفي هذا دلالة على تفضيل نبينا عليه الصلاة والسلام على سائر الأنبياء؛ لأنا حين أمرنا بالاقتداء به أمرنا أمرا مطلقا في قوله تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [
الحشر : 7] وحين أمرنا بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام استثنى بعض أفعاله. وقيل : هو استثناء منقطع؛ أي لكن قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك، إنما جرى لأنه ظن أنه أسلم، فلما بان له أنه لم يسلم تبرأ منه. وعلى هذا يجوز الاستغفار لمن يظن أنه أسلم؛ وأنتم لم تجدوا مثل هذا الظن، فلم توالوهم. {وما أملك لك من الله من شيء} هذا من قول إبراهيم عليه السلام لأبيه؛ أي ما أدفع عنك من عذاب الله شيئا إن أشركت به. {ربنا عليك توكلنا} هذا من دعاء إبراهيم عليه السلام وأصحابه. وقيل : علم المؤمنين أن يقولوا هذا. أي تبرءوا من الكفار وتوكلوا على الله وقولوا {ربنا عليك توكلنا} أي اعتمدنا {وإليك أنبنا} أي رجعنا {وإليك المصير} لك الرجوع في الآخرة {ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} أي لا تظهر عدونا علينا فيظنوا أنهم على حق فيفتتنوا بذلك. وقيل : لا تسلطهم علينا فيفتنونا ويعذبونا. {واغفر لنا} ذنوبنا {ربنا إنك أنت العزيز الحكيم}.
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بعذابك لنا أو تسلط الكافرين علينا فيفتنونا عن ديننا، أو يظهروا علينا فيُفتنوا بذلك، ويقولوا: لو كان هؤلاء على حق، ما أصابهم هذا العذاب، فيزدادوا كفرًا، واستر علينا ذنوبنا بعفوك عنها ربنا، إنك أنت العزيز الذي لا يغالَب، الحكيم في أقواله وأفعاله.
{ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا } أي: لا تسلطهم علينا بذنوبنا، فيفتنونا، ويمنعونا مما يقدرون عليه من أمور الإيمان، ويفتنون أيضا بأنفسهم، فإنهم إذا رأوا لهم الغلبة، ظنوا أنهم على الحق وأنا على الباطل، فازدادوا كفرا وطغيانا، { وَاغْفِرْ لَنَا } ما اقترفنا من الذنوب والسيئات، وما قصرنا به من المأمورات، { رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ } القاهر لكل شيء، { الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها، فبعزتك وحكمتك انصرنا على أعدائنا، واغفر لنا ذنوبنا، وأصلح عيوبنا.
( ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا ) قال الزجاج : لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتنوا وقال مجاهد : لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولون : لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم ذلك ( واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم )
(رَبَّنا) منادى مضاف (لا تَجْعَلْنا) مضارع مجزوم بلا و(نا) مفعول به أول (فِتْنَةً) مفعول به ثان (لِلَّذِينَ) متعلقان بفتنة والجملتان الندائية والفعلية استئنافيتان لا محل لهما، (كَفَرُوا) ماض وفاعله والجملة صلة، (وَاغْفِرْ) فعل دعاء فاعله مستتر و(لَنا) متعلقان بالفعل (رَبَّنا) توكيد لفظي لما قبله، (إِنَّكَ) إن واسمها (أَنْتَ) ضمير فصل (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) خبران والجملة الاسمية تعليل والجملة الفعلية معطوفة على ما قبلها.
Traslation and Transliteration:
Rabbana la tajAAalna fitnatan lillatheena kafaroo waighfir lana rabbana innaka anta alAAazeezu alhakeemu
Our Lord! Make us not a prey for those who disbelieve, and forgive us, our Lord! Lo! Thou, only Thou, are the Mighty, the Wise.
Rabbimiz, bizi kafirlere sınanma konusu yapma ve suçlarımızı ört Rabbimiz, şüphe yok ki sen üstünsün, hüküm ve hikmet sahibisin.
Seigneur, ne fais pas de nous [un sujet] de tentation pour ceux qui ont mécru; et pardonne-nous, Seigneur, car c'est Toi le Puissant, le Sage».
Unser HERR! Lasse uns nicht eine Fitna sein, für diejenigen, die Kufr betrieben, und vergib uns - unser HERR! - gewiß, DU bist Der Allwürdige, Der Allweise!"
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الممتحنة (Al-Mumtahana - She that is to be examined) |
ترتيبها |
60 |
عدد آياتها |
13 |
عدد كلماتها |
352 |
عدد حروفها |
1519 |
معنى اسمها |
الامْتِحَانُ: الاخْتِبَارُ وَالابْتِلاءُ، وَالمُرَادُ (بِالْمُمْتَحَنَةِ): امْتِحَانُ بَعضِ الصَّحَابَةِ فِي إِيمَانِهِم |
سبب تسميتها |
سُمِّيَتْ (بِالْمُمْتَحَنَةِ) بِالْفَتْحِ نِسْبَةً إِلَى قِصَّةِ أَوَّلِ امْرَأَةٍ امْتُحِنَتْ فِي إِيمَانِهَا، وَ(المُمْتَحِنَةُ) بِالْكَسْرِ نِسْبَةً إِلَى آيَةِ امْتَحَانِ إِيمَانِ النِّسَاءِ المُهَاجِرَاتِ |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الْمُمْتَحَنَةِ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (الامْتِحَانِ)، وَسُورَةَ (المَوَدَّةِ) |
مقاصدها |
تَثْبِيتُ عَقِيدَةِ الْوَلاءِ للهِ وَرَسُولِهِ، وَالبَرَاءِ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ وَعَدَمِ مُوَالاةِ غَيرِ الْمُسْلِمِينَ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، وَقَدْ نَزَلَ قَولُهُ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ ...١﴾ فِي الصَّحَابِيِّ حَاطِبِ بنِ أَبِي بَلْتَعَةَ رضي الله عنه. (رَوَاهُ البُخارِيّ وَمُسْلِم) |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَة سِوَى أَنَّهَا مِنْ طِوَالِ المُفَصَّل |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الْمُمْتَحَنَةِ) بِآخِرِهَا: النَّهْيُ عَنِ الوَلاءِ لِغَيرِ اللهِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ ...١﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ...١٣﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (المُمْتحَنةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الْحَشْرِ): فَضَحَتِ (الْحَشْرُ) أَخْلاقَ أَعْدَاءِ اللهِ، ثُمَّ تَبِعَتْهَا (المُمْتَحَنَةُ) بِالتَّحْذِيرِ مِن أَخْلاقِهِم. |