«لو نشاء لجعلناه حطاما» نباتا يابسا لا حب فيه «فظلتم» أصله ظللتم بكسر اللام حذفت تخفيفا أي أقمتم نهارا «تفكهون» حذفت منه إحدى التاءين في الأصل تعجبون من ذلك وتقولون.
وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (90)
يريد يمين المبايعة التي بيدها الميثاق ، ما يريد يمين الجارحة .
------------
(90) الفتوحات ج 1 /
749
وقوله تعالى "لو نشاء لجعلناه حطاما " أي نحن أنبتناه بلطفنا ورحمتنا وأبقيناه لكم رحمة بكم ولو نشاء لجعلناه حطاما أي لأيبسناه قبل استوائه واستحصاده "فظلتم تفكهون".
قوله تعالى {أفرأيتم ما تحرثون} هذه حجة أخرى، أي أخبروني عما تحرثون من أرضكم فتطرحون فيها البذر، أنتم تنبتونه وتحصلونه زرعا فيكون فيه السنبل والحب أم نحن نفعل ذلك؟ وإنما منكم البذر وشق الأرض، فإذا أقررتم بأن إخراج السنبل من الحب ليس إليكم، فكيف تنكرون إخراج الأموات من الأرض وإعادتهم؟! وأضاف الحرث إليهم والزرع إليه تعالى، لأن الحرث فعلهم ويجري على اختيارهم، والزرع من فعل الله تعالى وينبت على اختياره لا على اختيارهم. وكذلك ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت فإن الزارع هو الله) قال أبو هريرة : ألم تسمعوا قول الله تعالى {أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون} والمستحب لكل من يلقي البذر في الأرض أن يقرأ بعد الاستعاذة {أفر أيتم ما تحرثون} الآية، ثم يقول : بل الله الزارع والمنبت والمبلغ، اللهم صلي على محمد، وارزقنا ثمره، وجنبنا ضرره، واجعلنا لأنعمك من الشاكرين، ولآلائك من الذاكرين، وبارك لنا فيه يا رب العالمين. ويقال : إن هذا القول أمان لذلك الزرع من جميع الآفات : الدود والجراد وغير ذلك، سمعناه من ثقة وجرب فوجد كذلك. ومعنى {أأنتم تزرعونه} أي تجعلونه زرعا. وقد يقال : فلان زراع كما يقال حراث، أي يفعل ما يؤول إلى أن يكون زرعا يعجب الزراع. وقد يطلق لفظ الزرع على بذر الأرض وتكريبها تجوزا. قلت : فهو نهي إرشاد وأدب لا نهي حظر وإيجاب، ومنه قوله عليه السلام : (لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي وليقل غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي) وقد مضى في "يوسف" القول فيه. وقد بالغ بعض العلماء فقال : لا يقل حرثت فأصبت، بل يقل : أعانني الله فحرثت، وأعطاني بفضله ما أصبت. قال الماوردي : وتتضمن هذه الآية أمرين، أحدهما : الامتنان عليهم بأن أنبت زرعهم حتى عاشوا به ليشكروه على نعمته عليهم. الثاني : البرهان الموجب للاعتبار، لأنه لما أنبت زرعهم بعد تلاشي بذره، وانتقال إلى استواء حال من العفن والتتريب حتى صار زرعا أخضر، ثم جعله قويا مشتدا أضعاف ما كان عليه، فهو بإعادة من أمات أخف عليه وأقدر، وفي هذا البرهان مقنع لذوي الفطر السليمة. ثم قال {لو نشاء لجعلناه حطاما} أي متكسرا يعني الزرع. والحطام الهشيم الهالك الذي لا ينتفع به في مطعم ولا غذاء، فنبه بذلك أيضا على أمرين : أحدهما : ما أولاهم به من النعم في زرعهم إذ لم يجعله حطاما ليشكروه. الثاني : ليعتبروا بذلك في أنفسهم، كما أنه يجعلا الزرع حطاما إذا شاء وكذلك يهلكهم إذا شاء ليتعظوا فينزجروا. {فظللتم تتفكهون} أي تعجبون بذهابها وتندمون مما حل بكم، قاله الحسن وقتادة وغيرهما. وفي الصحاح : وتفكه أي تعجب، ويقال : تندم، قال الله تعالى {فظلتم تفكهون} أي تندمون. وتفكهت بالشيء تمتعت به. وقال يمان : تندمون على نفقاتكم، دليله {فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها} [
الكهف : 42] وقال عكرمة : تلاومون وتندمون على ما سلف منكم من معصية الله التي أوجبت عقوبتكم حتى نالتكم في زرعكم. ابن كيسان : تحزنون، والمعنى متقارب. وفيه لغتان : تفكهون وتفكنون : قال الفراء : والنون لغة عكل. وفي الصحاح : التفكن التندم على ما فات. وقيل : التفكه التكلم فيما لا يعنيك، ومنه قيل للمزاج فكاهة بالضم، فأما الفكاهة بالفتح فمصدر فكه الرجل بالكسر فهو فكه إذا كان طيب النفس مزاحا. وقراءة العامة {فظلتم} بفتح الظاء. وقرأ عبدالله {فظلتم} بكسر الظاء ورواها هارون عن حسين عن أبي بكر. فمن فتح فعلى الأصل. والأصل ظللتم فحذف اللام الأولى تخفيفا، ومن كسر نقل كسرة اللام الأولى إلى الظاء ثم حذفها. {إنا لمغرمون} وقرأ أبو بكر والمفضل {أئنا} بهمزتين على الاستفهام، ورواه عاصم عن زر بن حبيش. الباقون بهمزة واحدة على الخبر، أي يقولون {إنا لمغرمون} أي معذبون، عن ابن عباس وقتادة قالا : والغرام العذاب، ومنه قول ابن المحلم : وثقت بأن الحفظ مني سجية ** وأن فؤادي متبل بك مغرم وقال مجاهد وعكرمة : لمولع بنا، ومنه قول النمر بن تولب : سلا عن تذكره تكتما ** وكان رهينا بها مغرما يقال : أغرم فلان بفلانة، أي أولع بها ومنه الغرام وهو الشر اللازم. وقال مجاهد أيضا : لملقون شرا. وقال مقاتل بن حيان : مهلكون. النحاس {إنا لمغرمون} مأخوذ من الغرام وهو الهلال، كما قال : يوم النسار ويوم الجفار ** كانا عذابا وكانا غراما والضحاك وابن كيسان : هو من الغرم، والمغرم الذي ذهب ماله بغير عوض، أي غرمنا الحب الذي بذرناه. وقال مرة الهمداني : محاسبون. {بل نحن محرومون} أي حرث ما طلبنا من الريع. والمحروم الممنوع من الرزق. والمحروم ضد المرزوق وهو المحارف في قول قتادة. وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأرض الأنصار فقال : (ما يمنعكم من الحرث) قالوا : الجدوبة، فقال : (لا تفعلوا فإن الله تعالى يقول أنا الزارع إن شئت زرعت بالماء وإن شئت زرعت بالريح وإن شئت زرعت بالبذر) ثم تلا {أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون}. قلت : وفي هذا الخبر والحديث الذي قبله ما يصحح قول من أدخل الزارع في أسماء الله سبحانه، وأباه الجمهور من العلماء، وقد ذكرنا ذلك في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى.
أفرأيتم الحرث الذي تحرثونه هل أنتم تُنبتونه في الأرض؟ بل نحن نُقِرُّ قراره وننبته في الأرض. لو نشاء لجعلنا ذلك الزرع هشيمًا، لا يُنتفع به في مطعم، فأصبحتم تتعجبون مما نزل بزرعكم، وتقولون: إنا لخاسرون معذَّبون، بل نحن محرومون من الرزق.
{ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ } أي: الزرع المحروث وما فيه من الثمار { حُطَامًا } أي: فتاتا متحطما، لا نفع فيه ولا رزق، { فَظَلْتُمْ } أي: فصرتم بسبب جعله حطاما، بعد أن تعبتم فيه وأنفقتم النفقات الكثيرة { تَفَكَّهُونَ } أي: تندمون وتحسرون على ما أصابكم، ويزول بذلك فرحكم وسروركم وتفكهكم
( لو نشاء لجعلناه حطاما ) قال عطاء : تبنا لا قمح فيه وقيل : هشيما لا ينتفع به في مطعم وغذاء ( فظلتم ) وأصله : فظللتم حذفت إحدى اللامين تخفيفا . ( تفكهون ) تتعجبون بما نزل بكم في زرعكم [ وهو قول عطاء والكلبي ومقاتل . وقيل تندمون على نفقاتكم ] وهو قول يمان نظيره : " فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها " ( الكهف - 42 ) وقال الحسن : تندمون على ما سلف منكم من المعصية التي أوجبت تلك العقوبة . وقال عكرمة : تتلاومون . وقال ابن كيسان : تحزنون . قال الكسائي : هو تلهف على ما فات ، وهو من الأضداد ، تقول العرب : " تفكهت " أي : تنعمت و " تفكهت " أي : حزنت .
(لَوْ) شرطية غير جازمة (نَشاءُ) مضارع فاعله مستتر والجملة ابتدائية لا محل لها (لَجَعَلْناهُ) اللام واقعة في جواب الشرط وماض وفاعله ومفعوله الأول (حُطاماً) مفعوله الثاني والجملة جواب الشرط لا محل لها.
(فَظَلْتُمْ) الفاء حرف عطف وماض ناقص والتاء اسمه (تَفَكَّهُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة خبر ظلتم معطوفة على ما قبلها.
Traslation and Transliteration:
Law nashao lajaAAalnahu hutaman fathaltum tafakkahoona
If We willed, We verily could make it chaff, then would ye cease not to exclaim:
Dilersek elbette onu kurutup çerçöp haline getirirdik de şaşırırkalır, nadim olurdururdunuz.
Si Nous voulions, Nous le réduirions en débris. Et vous ne cesseriez pas de vous étonner et [de crier]:
Wenn WIR es wollten, gewiß würden WIR es zu Zermalmtem machen, dann würdet ihr nicht aufhören, euch zu bedauern:
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الواقعة (Al-Waqi'a - The Inevitable) |
ترتيبها |
56 |
عدد آياتها |
96 |
عدد كلماتها |
379 |
عدد حروفها |
1692 |
معنى اسمها |
وَقَعَ الأَمْرُ: تَمَّ وَحَدَثَ، وَ(الوَاقِعَةُ) مِن أَسْمَاءِ يَومِ الْقِيَامَةِ؛ إِذْ وُقُوعَهَا حَادِثٌ مَتَى شَاءَ اللهُ تَعَالَى |
سبب تسميتها |
دَلالَةُ مَعْنَى: (الْوَاقِعَةِ) عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ للسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الْوَاقِعَةِ) |
مقاصدها |
إِثْباَتُ وُقُوعِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَانْقِسَامِ النَّاسِ فِيهِ إِلِى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ، وَبَيَانِ مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِكُلِّ صِنْفٍ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
فِيهَا مَوْعِظَةٌ شَدِيْدَةٌ عَنِ العَذَابِ وَأَهْوَالِ يَوِمِ القِيَامَةِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ شِبْتَ، قَالَ: «شَيَّبَتْنِي (هُودٌ) و(الْوَاقِعَةُ) وَ(الْمُرْسَلَاتُ) وَ(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) وَ(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)».(حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، رواه التِّرمِذِيّ).
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّوِيْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَإِذَا وَقَعَتْ، وَ نّ) في رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الواقعة) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَصْنَافِ النَّاسِ يَومِ الْقِيَامَةِ، بَيَّنَهُمْ فِي أَوَّلِهَا فَقَالَ: ﴿وَكُنتُمۡ أَزۡوَٰجٗا ثَلَٰثَةٗ ٧﴾... الآيَاتِ، وَذَكَرَهُم فِي أَوَاخِرِهَا فَقَالَ: ﴿فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ ٨٨﴾... الآيَاتِ.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الوَاقِعَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الرَّحْمَنِ): لَمَّا خَتَمَ (الرَّحْمَنَ) بِذِكْرِ نَعِيمِ المُتَّقِينَ؛ فَصَّلَ نَعِيمَهُمْ فِي أَوَائِلِ (الوَاقِعَةِ) فقَالَ: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ ١٠﴾... الآياتِ. |