«وكانوا يصرون على الحنث» الذنب «العظيم» أي الشرك.
وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (90)
يريد يمين المبايعة التي بيدها الميثاق ، ما يريد يمين الجارحة .
------------
(90) الفتوحات ج 1 /
749
( وكانوا يصرون ) أي : يصممون ولا ينوون توبة ( على الحنث العظيم ) وهو الكفر بالله ، وجعل الأوثان والأنداد أربابا من دون الله .
قال ابن عباس : ( الحنث العظيم ) الشرك . وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم .
وقال الشعبي : هو اليمين الغموس .
قوله تعالى {وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال} ذكر منازل أهل النار وسماهم أصحاب الشمال، لأنهم يأخذون كتبهم بشمائلهم، ثم عظم ذكرهم في البلاد والعذاب فقال ما أصحاب الشمال. في سموم ، والسموم الريح الحارة التي تدخل في مسام البدن. والمراد هنا حر النار ولفحها. {وحميم} أي ماء حار قد انتهى حره، إذا أحرقت النار أكبادهم وأجسادهم فزعوا إلى الحميم، كالذي يفزع من النار إلى الماء ليطفئ به الحر فيجده حميما حارا في نهاية الحرارة والغليان. وقد مضى في محمد {وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم} [
محمد : 15]. {وظل من يحموم} أي يفزعون من السموم إلى الظل كما يفزع أهل الدنيا فيجدونه ظلا من يحموم، أي من دخان جهنم أسود شديد السواد. عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما. وكذلك اليحموم في اللغة : الشديد السواد وهو يفعول من الحم وهو الشحم المسود باحتراق النار. وقيل : هو المأخوذ من الحمم وهو الفحم. وقال الضحاك : النار سوداء وأهلها سود وكل ما فيها أسود. وعن ابن عباس أيضا : النار سوداء. وقال ابن زيد : اليحموم جبل في جهنم يستغيث إلى ظله أهل النار. {لا بارد} بل حار لأنه من دخان شفير جهنم. {ولا كريم} عذب، عن الضحاك. وقال سعيد بن المسيب : ولا حسن منظره، وكل ما لا خير فيه فليس بكريم. وقيل {وظل من يحموم} أي من النار يعذبون بها، كقوله تعالى {لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل}[
الزمر : 16]. {إنهم كانوا قبل ذلك مترفين} أي إنما استحقوا هذه العقوبة لأنهم كانوا في الدنيا متنعمين بالحرام. والمترف المنعم، عن ابن عباس وغيره. وقال السدي{مترفين} أي مشركين. {وكانوا يصرون على الحنث العظيم} أي يقيمون على الشرك، عن الحسن والضحاك وابن زيد. وقال قتادة ومجاهد : الذنب العظيم الذي لا يتوبون منه. الشعبي : هو اليمين الغموس وهى من الكبائر، يقال : حنث في يمينه أي لم يرها ورجح فيها. وكانوا يقسمون أن لا بعث، وأن أنداد الله فذلك حنثهم، قال الله تعالى مخبرا عنهم {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} [
النحل : 38] وفي الخبر : كان يتحنث في حراء، أي يفعل ما يسقط عن نفسه الحنث وهو الذنب. {وكانوا يقولون أئذا متنا} هذا استبعاد منهم لأمر البعث وتكذيب له. فقال الله تعالى {قل} لهم يا محمد {إن الأولين} من آبائكم {والآخرين} منكم {لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم} يريد يوم القيامة. ومعنى الكلام القسم ودخول اللام في قوله تعالى {لمجموعون} هو دليل القسم في المعنى، أي إنكم لمجموعون قسما حقا خلاف قسمكم الباطل {ثم إنكم أيها الضالون} عن الهدى {المكذبون} بالبعث {لآكلون من شجر من زقوم} وهو شجر كريه المنظر، كريه الطعم، وهي التي ذكرت في سورة {والصافات}. {فمالئون منها البطون} أي من الشجرة، لأن المقصود من الشجر شجرة. ويجوز أن تكون {من} الأولى زائدة، ويحوز أن يكون المفعول محذوفا كأنه قال {لآكلون من شجر من زقوم} طعاما. وقوله {من زقوم} صفة لشجر، والصفة إذا قدرت الجار زائدا نصبت على المعنى، أو جررت على اللفظ، فإن قدرت المفعول محذوفا لم تكن الصفة إلا في موضع جر. قوله تعالى {فشاربون عليه} أي على الزقوم أو على الأكل أو على الشجر، لأنه يذكر ومؤنث. {من الحميم} وهو الماء المغلي الذي قد اشتد غليانه وهو صديد أهل النار. أي يورثهم حر ما يأكلون من الزقوم مع الجوع الشديد عطشا فيشربون ماء يظنون أنه يزيل العطش فيجدونه حميما مغلى. {فشاربون شرب الهيم} قراءة نافع وعاصم وحمزة {شرب} بضم الشين. الباقون بفتحها لغتان جيدتان، تقول العرب : شربت شربا وشربا وشربا وشربا بضمتين. قال أبو زيد : سمعت العرب تقول بضم الشين ولتحها وكسرها، والفتح هو المصدر الصحيح، لأن كل مصدر من ذوات الثلاثة فأصله فعل، ألا ترى أنك ترده إلى المرة الواحدة، فتقول : فعلة نحو شربة وبالضم الاسم. وقيل : إن المفتوح والاسم مصدران، فالشرب كالأكل، والشرب كالذكر، والشرب بالكسر المشروب كالطحن المطحون. والهيم الإبل العطاش التي لا تروى لداء يصيبها، عن ابن عباس وعكرمة وقتادة والسدي وغيرهم، وقال عكرمة أيضا : هي الإبل المراض. الضحاك : الهيم الإبل يصيبها داء تعطش منه عطشا شديدا، واحدها أهيم والأنثى هيماء. ويقال لذلك الداء الهيام، قال قيس بن الملوح : يقال به داء الهيام أصابه ** وقد علمت نفسي مكان شفائها وقوم هيم أيضا أي عطاش، وقد هاموا هياما. ومن العرب من يقول في الإبل : هائم وهائمة والجمع هيم، قال لبيد : أجزت إلى معارفها بشعث ** وأطلاح من العيدي هيم وقال الضحاك والأخفش وابن عيينة وابن كيسان : الهيم الأرض السهلة ذات الرمل. وروي أيضا عن ابن عباس : فيشربون شرب الرمال التي لا تروى بالماء. المهدوي : ويقال لكل ما لا يروى من الإبل والرمل أهيم وهيماء. وفي الصحاح : والهيام بالضم أشد العطش. والهيام كالجنون من العشق. والهيام داء يأخذ الإبل فتهيم في الأرض لا ترعى. يقال : ناقة هيماء. والهيماء أيضا المفازة لا ماء بها. والهيام بالفتح : الرمل الذي لا يتماسك أن يسيل من اليد للينه والجمع هيم مثل قذال وقذل. والهيام بالكسر الإبل العطاش الواحد هيمان، وناقة هيماء مثل عطشان وعطشى. قوله تعالى {هذا نزلهم يوم الدين} أي رزقهم الذي يعد لهم، كالنزل الذي يعد للأضياف تكرمة لهم، وفيه تهكم، كما في قوله تعالى {فبشرهم بعذاب أليم} [
آل عمران : 21] وكقول أبي السعد الضبي : وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا ** جعلنا القنا والمرهفات له نزلا وقرأ يونس بن حبيب وعباس عن أبي عمرو {هذا نزْلهم} بإسكان الزاي، وقد مضى في آخر "آل عمران" القول فيه. {يوم الدين} يوم الجزاء، يعني في جهنم.
وكانوا يقيمون على الكفر بالله والإشراك به ومعصيته، ولا ينوون التوبة من ذلك.
{ وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ } أي: وكانوا يفعلون الذنوب الكبار ولا يتوبون منها، ولا يندمون عليها، بل يصرون على ما يسخط مولاهم، فقدموا عليه بأوزار كثيرة [غير مغفورة].
( وكانوا يصرون ) يقيمون ( على الحنث العظيم ) على الذنب الكبير وهو الشرك . وقال الشعبي : " الحنث العظيم " اليمين الغموس . ومعنى هذا : أنهم كانوا يحلفون أنهم لا يبعثون وكذبوا في ذلك .
(وَكانُوا) كان واسمها (يُصِرُّونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة خبر كانوا (عَلَى الْحِنْثِ) متعلقان بالفعل (الْعَظِيمِ) صفة الحنث وجملة كانوا.. معطوفة على ما قبلها.
Traslation and Transliteration:
Wakanoo yusirroona AAala alhinthi alAAatheemi
And used to persist in the awful sin.
Ve büyük günahları yapmada ısrar ederlerdi.
Ils persistaient dans le grand péché [le polythéisme]
und pflegten auf der gewaltigen Verfehlung zu beharren.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الواقعة (Al-Waqi'a - The Inevitable) |
ترتيبها |
56 |
عدد آياتها |
96 |
عدد كلماتها |
379 |
عدد حروفها |
1692 |
معنى اسمها |
وَقَعَ الأَمْرُ: تَمَّ وَحَدَثَ، وَ(الوَاقِعَةُ) مِن أَسْمَاءِ يَومِ الْقِيَامَةِ؛ إِذْ وُقُوعَهَا حَادِثٌ مَتَى شَاءَ اللهُ تَعَالَى |
سبب تسميتها |
دَلالَةُ مَعْنَى: (الْوَاقِعَةِ) عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ للسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الْوَاقِعَةِ) |
مقاصدها |
إِثْباَتُ وُقُوعِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَانْقِسَامِ النَّاسِ فِيهِ إِلِى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ، وَبَيَانِ مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِكُلِّ صِنْفٍ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
فِيهَا مَوْعِظَةٌ شَدِيْدَةٌ عَنِ العَذَابِ وَأَهْوَالِ يَوِمِ القِيَامَةِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ شِبْتَ، قَالَ: «شَيَّبَتْنِي (هُودٌ) و(الْوَاقِعَةُ) وَ(الْمُرْسَلَاتُ) وَ(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) وَ(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)».(حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، رواه التِّرمِذِيّ).
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّوِيْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَإِذَا وَقَعَتْ، وَ نّ) في رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الواقعة) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَصْنَافِ النَّاسِ يَومِ الْقِيَامَةِ، بَيَّنَهُمْ فِي أَوَّلِهَا فَقَالَ: ﴿وَكُنتُمۡ أَزۡوَٰجٗا ثَلَٰثَةٗ ٧﴾... الآيَاتِ، وَذَكَرَهُم فِي أَوَاخِرِهَا فَقَالَ: ﴿فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ ٨٨﴾... الآيَاتِ.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الوَاقِعَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الرَّحْمَنِ): لَمَّا خَتَمَ (الرَّحْمَنَ) بِذِكْرِ نَعِيمِ المُتَّقِينَ؛ فَصَّلَ نَعِيمَهُمْ فِي أَوَائِلِ (الوَاقِعَةِ) فقَالَ: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ ١٠﴾... الآياتِ. |