«وكنتم» في القيامة «أزواجا» أصنافا «ثلاثة».
وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (90)
يريد يمين المبايعة التي بيدها الميثاق ، ما يريد يمين الجارحة .
------------
(90) الفتوحات ج 1 /
749
وقوله : ( وكنتم أزواجا ثلاثة ) أي : ينقسم الناس يوم القيامة إلى ثلاثة أصناف : قوم عن يمين العرش ، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيمن ، ويؤتون كتبهم بأيمانهم ، ويؤخذ بهم ذات اليمين . قال السدي : وهم جمهور أهل الجنة . وآخرون عن يسار العرش ، وهم الذين خرجوا من شق آدم الأيسر ، ويؤتون كتبهم بشمائلهم ، ويؤخذ بهم ذات الشمال ، وهم عامة أهل النار - عياذا بالله من صنيعهم - وطائفة سابقون بين يديه وهم أخص وأحظى وأقرب من أصحاب اليمين الذين هم سادتهم ، فيهم الرسل والأنبياء والصديقون والشهداء ، وهم أقل عددا من أصحاب اليمين ;
قوله تعالى {وكنتم أزواجا ثلاثة} أي أصنافا ثلاثة كل، صنف يشاكل ما هو منه، كما يشاكل الزوج الزوجة، ثم بين من هم فقال {فأصحاب الميمنة} {وأصحاب المشأمة} و{السابقون}، فأصحاب الميمنة هم الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة، وأصحاب المشأمة هم الذين يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار، قاله السدي. والمشأمة الميسرة وكذلك الشأمة. يقال : قعد فلان شأمة. ويقال : يا فلان شائم بأصحابك، أي خذ بهم شأمة أي ذات الشمال. والعرب تقول لليد الشمال الشؤمى، وللجانب الشمال الأشأم. وكذلك يقال لما جاء عن اليمين اليمن، ولما جاء عن الشمال الشؤم. وقال ابن عباس والسدي : أصحاب الميمنة هم الذين كانوا عن يمين حين أخرجت الذرية من صلبه فقال الله لهم : هؤلاء في الجنة ولا أبالي. وقال زيد بن أسلم : أصحاب الميمنة هم الذين أخذوا من شق آدم الأيمن يومئذ، وأصحاب المشأمة الذين أخذوا من شق آدم الأيسر. وقال عطاء ومحمد بن كعب : أصحاب الميمنة من أوتي كتابه بيمينه، وأصحاب المشأمة من أوتي كتابه بشماله. وقال ابن جريج : أصحاب الميمنة هم أهل الحسنات، وأصحاب المشأمة هم أهل السيئات. وقال الحسن والربيع : أصحاب الميمنة الميامين على أنفسهم بالأعمال الصالحة، وأصحاب المشأمة المشائيم علي أنفسهم بالأعمال السيئة القبيحة. وفي صحيح مسلم من حديث الإسراء عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (فلما علونا السماء الدنيا فإذا رجل عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة - قال - فإذا نظر قبل يمينه ضحك وإذا نظر قبل شمال بكى - قال - فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح - قال - قلت يا جبريل من هذا قال هذا آدم عليه السلام وهذه الأسودة التي عن يمينه وعن شماله نسم بنيه فأهل اليمين أهل الجنة والأسودة التي عن شماله أهل النار) وذكر الحديث. وقال المبرد : وأصحاب الميمنة أصحاب التقدم، وأصحاب الشأمة أصحاب التأخر. والعرب تقول : اجعلني في يمينك ولا تجعلني في شمالك، أي أجعلني من المتقدمين ولا تجعلنا من المتأخرين. والتكرير في {ما أصحاب الميمنة}. و{ما أصحاب المشأمة} للتفخيم والتعجيب، كقوله {الحاقة ما الحاقة}الحاقة : 1] و{القارعة ما القارعة} [
القارعة : 1] كما يقال : زيد ما زيد! وفي حديث أم زرع رضي الله عنها : مالك وما مالك! والمقصود تكثير ما لأصحاب الميمنة من الثواب ولأصحاب المشأمة من العقاب. وقيل {أصحاب} رفع بالابتداء والخبر {ما أصحاب الميمنة} كأنه قال {فأصحاب الميمنة} ما هم، المعنى : أي شيء هم. وقيل : يجوز أن تكون {ما} تأكيدا، والمعنى فالذين يعطون كتابهم بأيمانهم هم أصحاب التقدم وعلو المنزلة. قوله تعالى {والسابقون السابقون} روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (السابقون الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم) ذكره المهدوي. وقال محمد بن كعب القرظي : إنهم الأنبياء. الحسن وقتادة : السابقون إلى الإيمان من كل أمة. ونحوه عن عكرمة. محمد بن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين، دليله قوله تعالى {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار} [
التوبة : 100]. وقال مجاهد وغيره : هم السابقون إلى الجهاد، وأول الناس رواحا إلى الصلاة. وقال علي رضي الله عنه : هم السابقون إلى الصلوات الخمس. الضحاك : إلى الجهاد. سعيد بن جبير : إلى التوبة وأعمال البر، قال الله تعالى {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم}[
آل عمران : 133] ثم أثنى عليهم فقال {أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون}[
المؤمنون : 61]. وقيل : إنهم أربعة، منهم سابق أمة موسى وهو حزقيل مؤمن آل فرعون، وسابق أمة عيسى وهو حبيب النجار صاحب أنطاكية، وسابقان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهما أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، قال ابن عباس، حكاه الماوردي. وقال شميط بن العجلان : الناس ثلاثة، فرجل ابتكر للخير في حداثة سنه داوم عليه حتى خرج من الدنيا فهذا هو السابق المقرب، ورجل ابتكر عمره بالذنوب ثم طول الغفلة ثم رجع بتوبته حتى ختم له بها فهذا من أصحاب اليمين، ورجل ابتكر عمره بالذنوب ثم لم يزل عليها حتى ختم له بها فهذا من أصحاب الشمال. وقيل : هم كل من سبق إلى شيء من أشياء الصلاح. ثم قيل {السابقون} رفع بالابتداء والثاني توكيد له والخبرة {أولئك المقربون} وقال الزجاج {السابقون} رفع بالابتداء والثاني خبره، والمعنى السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمة الله {أولئك المقربون} من صفتهم. وقيل : إذا خرج رجل من السابقين المقربين من منزله في الجنة كان له ضوء يعرفه به من دونه.
وكنتم- أيها الخلق- أصنافًا ثلاثة:
{ وَكُنْتُمْ } أيها الخلق { أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً } أي: انقسمتم ثلاث فرق بحسب أعمالكم الحسنة والسيئة.
"وكنتم أزواجاً"، أصنافاً، "ثلاثة".
(وَكُنْتُمْ) كان واسمها (أَزْواجاً) خبرها (ثَلاثَةً) صفة أزواجا والجملة معطوفة على ما قبلها.
Traslation and Transliteration:
Wakuntum azwajan thalathatan
And ye will be three kinds:
Artık üç bölük olursunuz siz.
alors vous serez trois catégories:
und ihr zu drei Zweiheiten wurdet.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الواقعة (Al-Waqi'a - The Inevitable) |
ترتيبها |
56 |
عدد آياتها |
96 |
عدد كلماتها |
379 |
عدد حروفها |
1692 |
معنى اسمها |
وَقَعَ الأَمْرُ: تَمَّ وَحَدَثَ، وَ(الوَاقِعَةُ) مِن أَسْمَاءِ يَومِ الْقِيَامَةِ؛ إِذْ وُقُوعَهَا حَادِثٌ مَتَى شَاءَ اللهُ تَعَالَى |
سبب تسميتها |
دَلالَةُ مَعْنَى: (الْوَاقِعَةِ) عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ للسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
لا يُعرَفُ للسُّورَةِ اسمٌ آخَرُ سِوَى سُورَةِ (الْوَاقِعَةِ) |
مقاصدها |
إِثْباَتُ وُقُوعِ يَومِ الْقِيَامَةِ، وَانْقِسَامِ النَّاسِ فِيهِ إِلِى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ، وَبَيَانِ مَا أَعَدَّهُ اللهُ لِكُلِّ صِنْفٍ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
فِيهَا مَوْعِظَةٌ شَدِيْدَةٌ عَنِ العَذَابِ وَأَهْوَالِ يَوِمِ القِيَامَةِ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ شِبْتَ، قَالَ: «شَيَّبَتْنِي (هُودٌ) و(الْوَاقِعَةُ) وَ(الْمُرْسَلَاتُ) وَ(عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) وَ(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)».(حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ، رواه التِّرمِذِيّ).
مِنَ النَّظَائِرِ الَّتِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيثِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّوِيْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقْرَأُ النَّظائِرَ، السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، .... (وَإِذَا وَقَعَتْ، وَ نّ) في رَكْعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الواقعة) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ أَصْنَافِ النَّاسِ يَومِ الْقِيَامَةِ، بَيَّنَهُمْ فِي أَوَّلِهَا فَقَالَ: ﴿وَكُنتُمۡ أَزۡوَٰجٗا ثَلَٰثَةٗ ٧﴾... الآيَاتِ، وَذَكَرَهُم فِي أَوَاخِرِهَا فَقَالَ: ﴿فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلۡمُقَرَّبِينَ ٨٨﴾... الآيَاتِ.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الوَاقِعَةِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الرَّحْمَنِ): لَمَّا خَتَمَ (الرَّحْمَنَ) بِذِكْرِ نَعِيمِ المُتَّقِينَ؛ فَصَّلَ نَعِيمَهُمْ فِي أَوَائِلِ (الوَاقِعَةِ) فقَالَ: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ ١٠﴾... الآياتِ. |