«وآمنوا بما أنزلت» من القرآن «مصدِّقاً لما معكم» من التوراة بموافقته له في التوحيد والنبوة «ولا تكونوا أوَّل كافر به» من أهل الكتاب لأنَّ خلفكم تبع لكم فإثمهم عليكم «ولا تشتروا» تستبدلوا «بآياتي» التي في كتابكم من نعت محمد «ثمناً قليلا» عوضاً يسيرا من الدنيا أي لا تكتموها خوف فوات ما تأخذونه من سفلتكم «وإياي فاتقون» خافون في ذلك دون غيري.
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286)
أصل التكاليف مشتق من الكلف وهي المشقات «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها» وهو ما آتاها من التمكن الذي هو وسعها ، فقد خلق سبحانه لنا التمكن من فعل بعض الأعمال ، نجد ذلك من نفوسنا ولا ننكره ، وهي الحركة الاختيارية ، كما جعل سبحانه فينا المانع من بعض الأفعال الظاهرة فينا ، ونجد ذلك من نفوسنا ، كحركة المرتعش الذي لا اختيار للمرتعش فيها ، وبذلك القدر من التمكن الذي يجده الإنسان في نفسه صح أن يكون مكلفا ، ولا يحقق الإنسان بعقله لما ذا يرجع ذلك التمكن ، هل لكونه قادرا أو لكونه مختارا ؟ وإن كان مجبورا في اختياره ، ولا يمكن رفع الخلاف في هذه المسألة ، فإنها من المسائل المعقولة ولا يعرف الحق فيها إلا بالكشف ، وإذا بذلت النفس الوسع في طاعة اللّه لم يقم عليها حجة ،
فإن اللّه أجلّ أن يكلف نفسا إلا وسعها ، ولذلك كان الاجتهاد في الفروع والأصول «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» لما كانت النفوس ولاة الحق على الجوارح ، والجوارح مأمورة مجبورة غير مختارة فيما تصرف فيه ، مطيعة بكل وجه ، والنفوس ليست كذلك ، فإذا عملت لغير عبادة لا يقبل العمل من حيث القاصد لوقوعه الذي هو النفس المكلفة ، لكن من حيث أن العمل صدر من الجوارح أو من جارحة مخصوصة ، فإنها تجزى به تلك الجارحة ، فيقبل العمل لمن ظهر منه ولا يعود منه على النفس الآمرة به للجوارح شيء إذا كان العمل خيرا بالصورة كصلاة المرائي والمنافق وجميع ما يظهر على جوارحه من أفعال الخير الذي لم تقصد به النفس عبادة ، وأما أعمال الشر المنهي عنها فإن النفس تجزى بها للقصد ، والجوارح لا تجزى بها لأنها ليس في قوتها الامتناع عما تريد النفوس بها من الحركات ، فإنها مجبورة على السمع والطاعة لها ، فإن جارت النفوس فعليها ، وللجوارح رفع الحرج ، بل لهم الخير الأتم ، وإن عدلت النفوس فلها وللجوارح ، لذلك قال تعالى : «لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فميز اللّه بين الكسب والاكتساب باللام وعلى ، وهذه الآية بشرى من اللّه حيث جعل المخالفة اكتسابا والطاعة كسبا ، فقال : «لَها ما كَسَبَتْ» فأوجبه لها .
وقال في المعصية والمخالفة : «وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ» فما أوجب لها الأخذ بما اكتسبته ، فالاكتساب ما هو حق لها فتستحقه ، فتستحق الكسب ولا تستحق الاكتساب ، والحق لا يعامل إلا بالاستحقاق ، والعفو من اللّه يحكم على الأخذ بالجريمة «رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا» اعلم أن الرحمة أبطنها اللّه في النسيان الموجود في العالم ، وأنه لو لم يكن لعظم الأمر وشق ، وفيما يقع فيه التذكر كفاية ، وأصل هذا وضع الحجاب بين العالم وبين اللّه في موطن التكليف ، إذ كانت المعاصي والمخالفات مقدرة في علم اللّه فلا بد من وقوعها من العبد ضرورة ، فلو وقعت مع التجلي والكشف لكان مبالغة في قلة الحياء من اللّه حيث يشهده ويراه ، والقدر حاكم بالوقوع فاحتجب رحمة بالخلق لعظيم المصاب ، قال صلّى اللّه عليه وسلم:
إن اللّه إذا أراد نفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم ، حتى إذا أمضى فيهم قضاءه وقدره ردها عليهم ليعتبروا ، وقال صلّى اللّه عليه وسلم : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ، فلا يؤاخذهم اللّه به في الدنيا ولا في الآخرة ، فأما في الآخرة فمجمع عليه من الكل ، وأما في الدنيا فأجمعوا على رفع الذنب ، واختلفوا في الحكم ، وكذلك في الخطأ على قدر ما شرع الشارع في
أشخاص المسائل ، مثل الإفطار ناسيا في رمضان وغير ذلك من المسائل ، فإن اللّه تعالى الذي شرع المعصية والطاعة وبيّن حكمهما ، رفع حكم الأخذ بالمعصية في حق الناسي والمخطئ «رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا ، رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ» وهذا تعليم من الحق لنا أن نسأله في أن لا يقع منه في المستقبل ما لم يقع في الحال ، «وَاعْفُ عَنَّا» أي كثر خيرك لنا وقلل بلاءك عنا ، أي قلل ما ينبغي أن يقلل وكثر ما ينبغي أن يكثر ، فإن العفو من الأضداد يطلق بإزاء الكثرة والقلة ، وليس إلا عفوك عن خطايانا التي طلبنا منك أن تسترنا عنها حتى لا تصيبنا ، وهو قولنا : «وَاغْفِرْ لَنا» أي استرنا من المخالفات حتى لا تعرف مكاننا فتقصدنا «وَارْحَمْنا» برحمة الامتنان ورحمة الوجوب ، أي برحمة الاختصاص.
------------
(286) التنزلات الموصلية - الفتوحات ج 1 /
341 - ج 2 /
381 - ج 3 /
348 ، 123 ، 511 - ج 2 /
535 ، 684 - ج 3 /
381 - ج 1 /
435 ، 434
ولهذا قال : ( وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ) [ ( مصدقا ) ماضيا منصوبا على الحال من ( بما ) أي : بالذي أنزلت مصدقا أو من الضمير المحذوف من قولهم : بما أنزلته مصدقا ، ويجوز أن يكون مصدرا من غير الفعل وهو قوله : ( بما أنزلت مصدقا ) ] يعني به : القرآن الذي أنزله على محمد النبي الأمي العربي بشيرا ونذيرا وسراجا منيرا مشتملا على الحق من الله تعالى ، مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل .
قال أبو العالية ، رحمه الله ، في قوله : ( وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ) يقول : يا معشر أهل الكتاب آمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم يقول : لأنهم يجدون محمدا صلى الله عليه وسلم مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل .
وروي عن مجاهد والربيع بن أنس وقتادة نحو ذلك .
وقوله : ( ولا تكونوا أول كافر به ) [ قال بعض المفسرين : أول فريق كافر به ونحو ذلك ] . قال ابن عباس : ( ولا تكونوا أول كافر به ) وعندكم فيه من العلم ما ليس عند غيركم .
وقال أبو العالية : يقول : ( ولا تكونوا أول [ كافر به ) أول ] من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم [ يعني من جنسكم أهل الكتاب بعد سماعهم بمحمد وبمبعثه ] .
وكذا قال الحسن ، والسدي ، والربيع بن أنس .
واختار ابن جرير أن الضمير في قوله : ( به ) عائد على القرآن ، الذي تقدم ذكره في قوله : ( بما أنزلت )
وكلا القولين صحيح ؛ لأنهما متلازمان ، لأن من كفر بالقرآن فقد كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ومن كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فقد كفر بالقرآن .
وأما قوله : ( أول كافر به ) فيعني به أول من كفر به من بني إسرائيل ؛ لأنه قد تقدمهم من كفار قريش وغيرهم من العرب بشر كثير ، وإنما المراد أول من كفر به من بني إسرائيل مباشرة ، فإن يهود المدينة أول بني إسرائيل خوطبوا بالقرآن ، فكفرهم به يستلزم أنهم أول من كفر به من جنسهم .
وقوله : ( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) يقول : لا تعتاضوا عن الإيمان بآياتي وتصديق رسولي بالدنيا وشهواتها ، فإنها قليلة فانية ، كما قال عبد الله بن المبارك : أنبأنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن هارون بن زيد قال : سئل الحسن ، يعني البصري ، عن قوله تعالى : ( ثمنا قليلا ) قال : الثمن القليل الدنيا بحذافيرها .
وقال ابن لهيعة : حدثني عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : ( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) وإن آياته : كتابه الذي أنزله إليهم ، وإن الثمن القليل : الدنيا وشهواتها .
وقال السدي : ( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) يقول : لا تأخذوا طمعا قليلا ولا تكتموا اسم الله لذلك الطمع وهو الثمن .
وقال أبو جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قوله تعالى : ( ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) يقول : لا تأخذوا عليه أجرا . قال : وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأول : يا ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا .
وقيل : معناه لا تعتاضوا عن البيان والإيضاح ونشر العلم النافع في الناس بالكتمان واللبس لتستمروا على رياستكم في الدنيا القليلة الحقيرة الزائلة عن قريب ، وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة يوم القيامة وأما تعليم العلم بأجرة ، فإن كان قد تعين عليه فلا يجوز أن يأخذ عليه أجرة ، ويجوز أن يتناول من بيت المال ما يقوم به حاله وعياله ، فإن لم يحصل له منه شيء وقطعه التعليم عن التكسب ، فهو كما لم يتعين عليه ، وإذا لم يتعين عليه ، فإنه يجوز أن يأخذ عليه أجرة عند مالك والشافعي وأحمد وجمهور العلماء ، كما في صحيح البخاري عن أبي سعيد في قصة اللديغ : إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله وقوله في قصة المخطوبة : زوجتكها بما معك من القرآن فأما حديث عبادة بن الصامت ، أنه علم رجلا من أهل الصفة شيئا من القرآن فأهدى له قوسا ، فسأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن أحببت أن تطوق بقوس من نار فاقبله فتركه ، رواه أبو داود وروي مثله عن أبي بن كعب مرفوعا ، فإن صح إسناده فهو محمول عند كثير من العلماء منهم : أبو عمر بن عبد البر على أنه لما علمه الله لم يجز بعد هذا أن يعتاض عن ثواب الله بذلك القوس ، فأما إذا كان من أول الأمر على التعليم بالأجرة فإنه يصح كما في حديث اللديغ وحديث سهل في المخطوبة ، والله أعلم .
( وإياي فاتقون ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عمر الدوري ، حدثنا أبو إسماعيل المؤدب ، عن عاصم الأحول ، عن أبي العالية ، عن طلق بن حبيب ، قال : التقوى أن تعمل بطاعة الله رجاء رحمة الله على نور من الله ، والتقوى أن تترك معصية الله مخافة عذاب الله على نور من الله .
ومعنى قوله : ( وإياي فاتقون ) أنه تعالى يتوعدهم فيما يتعمدونه من كتمان الحق وإظهار خلافه ومخالفتهم الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه .
قوله تعالى:{وآمنوا بما أنزلت} أي صدقوا، يعني بالقرآن. {مصدقا} حال من الضمير في {أنزلت}، التقدير بما أنزلته مصدقا، والعامل فيه أنزلت. ويجوز أن يكون حالا من ما والعامل فيه آمنوا التقدير آمنوا بالقران مصدقا. ويجوز أن تكون مصدرية التقدير آمنوا بإنزال. {لما معكم} يعني من التوراة. قوله تعالى{ولا تكونوا أول كافر به} الضمير في {به} قيل هو عائد على محمد صلى الله عليه وسلم، قاله أبو العالية. وقال ابن جريج : هو عائد على القرآن، إذ تضمنه قوله {بما أنزلت}. وقيل : على التوراة، إذ تضمنها قوله{لما معكم} فإن قيل كيف قال {كافر} ولم يقل كافرين قيل التقدير ولا تكونوا أول فريق كافر به وزعم الأخفش والفراء أنه محمول على معنى الفعل لأن المعنى أول من كفر به. وحكى سيبويه هو أظرف الفتيان وأجمله وكان ظاهر الكلام هو أظرف فتى وأجمله وقال {أول كافر به} وقد كان قد كفر قبلهم كفار قريش فإنما معناه من أهل الكتاب إذ هم منظور إليهم في مثل هذا لأنهم حجة مظنون بهم علم. و{أول} عند سيبويه نصب على خبر كان وهو مما لم ينطق منه بفعل وهو على أفعل عينه وفاؤه واو وإنما لم ينطق منه بفعل لئلا يعتل من جهتين العين والفاء، وهذا مذهب البصريين. وقال الكوفيون : هو من وأل إذا نجا فأصله أوأل ثم خففت الهمزة وأبدلت واوا وأدغمت فقيل أول كما تخفف همزة خطيئة، قال الجوهري : والجمع الأوائل والأوالي أيضا على القلب وقال قوم أصله وولِّ على فوعل فقلبت الواو الأولى همزة وإنما لم يجمع على أواول لاستثقالهم اجتماع الواوين بينهما ألف الجمع وقيل هو أفعل من آل يؤول فأصله أأول قلب فجاء أعفل مقلوبا من أفعل فسهل وأبدل وأدغم. مسألة : لا حجة في هذه الآية لمن يمنع القول بدليل الخطاب، وهم الكوفيون ومن وافقهم، لأن المقصود من الكلام النهي عن الكفر أولا وآخرا، وخص الأول بالذكر لأن التقدم فيه أغلظ، فكان حكم المذكور والمسكوت عنه واحدا، وهذا واضح. قوله تعالى:{ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا} فيه أربع مسائل: الأولى: قوله تعالى{ولا تشتروا} معطوف على قوله {ولا تكونوا} نهاهم عن أن يكونوا أول من كفر وألا يأخذوا على آيات الله ثمنا أي على تغيير صفة محمد صلى الله عليه وسلم رُشىً. وكان الأحبار يفعلون ذلك فنهوا عنه قال قوم من أهل التأويل منهم الحسن وغيره. وقيل كانت لهم مأكل يأكلونها على العلم كالراتب فنهوا عن ذلك وقيل إن الأحبار كانوا يعلمون دينهم بالأجرة فنهوا عن ذلك وفي كتبهم يا ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا أي باطلا بغير أجرة، قاله أبو العالية وقيل المعنى ولا تشتروا بأوامري ونواهي وآياتي ثمنا قليلا يعني الدنيا ومدتها والثمن الذي هو نزر لا خطر له، فسمي ما اعتاضوه عن ذلك ثمنا لأنهم جعلوه عوضا فانطلق عليه اسم الثمن وإن لم يكن ثمنا وقد تقدم هذا المعنى وقال الشاعر : إن كنت حاولت ذنبا أو ظفرت به ** فما أصبت بترك الحج من ثمن قلت : وهذه الآية وإن كانت خاصة ببني إسرائيل فهي تتناول من فعل فعلهم فمن أخذ رشوة على تغيير حق أو إبطاله أو امتنع من تعليم ما وجب عليه أو أداء ما علمه وقد تعين عليه حتى يأخذ عليه أجرا فقد دخل في مقتضى الآية والله أعلم وقد روى أبو داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة) يعني ريحها الثانية: وقد اختلف العلماء في أخذ الأجرة على تعليم القرآن والعلم - لهذه الآية وما كان في معناها فمنع ذلك الزهري وأصحاب الرأي وقالوا لا يجوز أخذ الأجرة على تعليم القرآن لأن تعليمه واجب من الواجبات التي يحتاج فيها إلى نية التقرب والإخلاص فلا يؤخذ عليها أجرة كالصلاة والصيام وقد قال تعالى {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا}. و روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (معلمو صبيانكم شراركم أقلهم رحمة باليتيم وأغلظهم على المسكين). روى أبو هريرة قال قلت يا رسول الله ما تقول في المعلمين قال (درهمهم حرام وثوبهم سحت وكلامهم رياء) و روى عبادة بن الصامت قال : علمت ناسا من أهل الصفة القرآن والكتابة، فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله فسألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها). وأجاز أخذ الأجرة على تعليم القرآن مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وأكثر العلماء لقوله عليه السلام حديث ابن عباس حديث الرقية (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله) أخرجه البخاري وهو نص يرفع الخلاف فينبغي أن يعول عليه. وأما ما احتج به المخالف من القياس على الصلاة والصيام فاسد لأنه في مقابلة النص ثم إن بينهما فرقانا وهو أن الصلاة والصوم عبادات مختصة بالفاعل وتعليم القرآن عبادة متعدية لغير المعلم فتجوز الأجرة على محاولته النقل كتعليم كتابة القرآن قال ابن المنذر وأبو حنيفة يكره تعليم القرآن بأجرة ويجوز أن يستأجر الرجل يكتب له لوحا أو شعرا أو غناء معلوما بأجر معلوم، فيجوز الإجارة فيما هو معصية ويبطلها فيما هو طاعة. وأما الجواب عن الآية - فالمراد بها بنو إسرائيل، وشرع من قبلنا هل هو شرع لنا، فيه خلاف، وهو لا يقول به. جواب ثان : وهو أن تكون الآية فيمن تعين عليه التعليم فأبى حتى يأخذ عليه أجرا فأما إذا لم يتعين فيجوز له أخذ الأجرة بدليل السنة في ذلك وقد يتعين عليه إلا أنه ليس عنده ما ينفقه على نفسه ولا على عياله فلا يجب عليه التعليم وله أن يقبل على صنعته وحرفته. ويجب على الإمام أن يعين لإقامة الدين إعانته وإلا فعلى المسلمين لأن الصديق رضي الله عنه لما ولي الخلافة وعين لها لم يكن عنده ما يقيم به أهله فأخذ ثيابا وخرج إلى السوق فقيل له في ذلك فقال ومن أين أنفق على عيالي فردوه وفرضوا له كفايته. وأما الأحاديث فليس شيء منها يقوم على ساق ولا يصح منها شيء عند أهل العلم بالنقل أما حديث ابن عباس فرواه سعيد بن طريف عن عكرمة عنه وسعيد متروك. وأما حديث أبي هريرة فرواه علي بن عاصم عن حماد بن سلمة عن أبي جرهم عنه وأبو جرهم مجهول لا يعرف ولم يرو حماد بن سلمة عن أحد يقال له أبو جرهم وإنما رواه عن أبي المُهزَّم وهو متروك الحديث أيضا وهو حديث لا أصل له. وأما حديث عبادة بن الصامت فرواه أبو داود من حديث المغيرة بن زياد الموصلي عن عبادة بن نُسيّ عن الأسود بن ثعلبة عنه، والمغيرة معروف عند أهل العلم ولكنه له مناكير هذا منها، قاله أبو عمر. ثم قال وأما حديث القوس فمعروف عند أهل العلم لأنه روي عن عبادة من وجهين، وروي عن أبي بن كعب من حديث موسى بن علي عن أبيه عن أبي، وهو منقطع. وليس في الباب حديث يجب العمل به من جهة النقل، وحديث عبادة وأبي يحتمل التأويل لأنه جائز أن يكون علمه لله ثم أخذ عليه أجرا. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (خير الناس وخير من يمشي على جديد الأرض المعلمون كلما خلق الدين جددوه، أعطوهم ولا تستأجروهم فتحرجوهم فإن المعلم إذا قال للصبي قل بسم الله الرحمن الرحيم فقال الصبي بسم الله الرحمن الرحيم كتب الله براءة للصبي وبراءة للمعلم وبراءة لأبويه من النار) الثالثة: واختلف العلماء في حكم المصلي بأجرة، فروى أشهب عن مالك أنه سئل عن الصلاة خلف من استؤجر في رمضان يقوم للناس، فقال : أرجو ألا يكون به بأس، وهو أشد كراهة له في الفريضة. وقال الشافعي وأصحابه وأبو ثور : لا بأس بذلك ولا بالصلاة خلفه. وقال الأوزاعي لا صلاة له. وكرهه أبو حنيفة وأصحابه على ما تقدم : قال ابن عبدالبر وهذه المسألة معلقة من التي قبلها وأصلهما واحد. قلت : ويأتي لهذا أصل آخر من الكتاب في براءة إن شاء الله تعالى. وكره ابن القاسم أخذ الأجرة على تعليم الشعر والنحو. وقال ابن حبيب لا بأس بالإجارة على تعليم ا لشعر والرسائل وأيام العرب ويكره من الشعر ما فيه الخمر والخنا والهجاء، قال أبو الحسن اللخمي ويلزم على قوله أن يجيز الإجارة على كتبه. وأما الغناء والنوح فممنوع على كل حال. الرابعة: روى الدارمي أبو محمد في مسنده أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن عمر بن الكميت قال حدثنا علي بن وهب الهمداني قال أخبرنا الضحاك بن موسى قال مر سليمان بن عبدالملك بالمدينة وهو يريد مكة فأقام بها أياما فقال هل بالمدينة أحد أدرك أحدا من أصحاب النبي قالوا له أبو حازم فأرسل إليه فلما دخل عليه قال له : يا أبا حازم ما هذا الجفاء قال أبو حازم يا أمير المؤمنين وأي جفاء رأيت مني، قال أتاني وجوه أهل المدينة ولم تأتني قال يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن تقول ما لم يكن ما عرفتني قبل هذا اليوم ولا أنا رأيتك. قال فالتفت إلى محمد بن شهاب الزهري فقال أصاب الشيخ وأخطأت، قال سليمان يا أبا حازم ما لنا نكره الموت قال لأنكم أخربتم الآخرة وعمرتم الدنيا فكرهتم أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب، قال أصبت يا أبا حازم فكيف القدوم غدا على الله تعالى، قال أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه فبكى سليمان وقال ليت شعري ما لنا عند الله قال اعرض عملك على كتاب الله قال وأي مكان أجده قال {إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم} [
الإنفطار: 13، 14 ] قال سليمان فأين رحمة الله يا أبا حازم؟ قال أبو حازم رحمة الله قريب من المحسنين قال له سليمان يا أبا حازم فأي عباد الله أكرم؟ قال أولو المروءة والنهى قال له سليمان فأي الأعمال أفضل ؟ قال أبو حازم أداء الفرائض مع اجتناب المحارم قال سليمان : فأي الدعاء أسمع ؟ قال دعاء المحسن إليه للمحسن، فقال أي الصدقة أفضل ؟ قال للسائل البائس وجهد المقل ليس فيها منٌ ولا أذى قال : فأي القول أعدل ؟ قال : قول الحق عند من تخافه أو ترجوه قال فأي المؤمنين أكيس ؟ قال رجل عمل بطاعة الله ودل الناس عليها، قال : فأي المؤمنين أحمق ؟ قال رجل انحط في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره قال له سليمان أصبت فما قولك فيما نحن فيه ؟ قال يا أمير المؤمنين أوتعفيني؟ قال له سليمان لا ولكن نصيحة تلقيها إلي، قال يا أمير المؤمنين إن آباءك قهروا الناس بالسيف وأخذوا هذا الملك عنوة على غير مشورة من المسلمين ولا رضاهم حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة فقد ارتحلوا عنها فلو شعرت ما قالوه وما قيل لهم فقال له رجل من جلسائه بئس ما قلت يا أبا حازم، قال أبو حازم كذبت إن الله أخذ ميثاق العلماء ليبينه للناس ولا يكتمونه قال له سليمان فكيف لنا أن نصلح ؟ قال : تدعون الصلف وتتمسكون بالمروءة وتقسمون بالسوية قال له سليمان فكيف لنا بالمأخذ به ؟ قال أبو حازم تأخذه من حله وتضعه في أهله قال له سليمان هل لك يا أبا حازم أن تصحبنا فتصيب منا ونصيب منك؟ قال أعوذ بالله ! قال له سليمان ولم ذاك ؟ قال أخشى أن أركن إليكم شيئا قليلا فيذيقني الله ضعف الحياة وضعف الممات. قال له سليمان ارفع إلينا حوائجك قال تنجيني من النار وتدخلني الجنة قال له سليمان ليس ذاك إلي قال أبو حازم فما لي إليك حاجة غيرها قال فادع لي قال أبو حازم اللهم إن كان سليمان وليك فيسره لخير الدنيا والآخرة وإن كان عدوك فخذ بناصيته إلى ما تحب وترضى. قال له سليمان قط ! قال أبو حازم قد أوجزت وأكثرت إن كنت من أهله وإن لم تكن من أهله فما ينبغي أن أرمي عن قوس ليس لها وتر. قال له سليمان أوصني، قال سأوصيك وأوجز : عظِّم ربك ونزهه أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك فلما خرج من عنده بعث إليه بمائة دينار وكتب إليه أن أنفقها ولك عندي مثلها كثير، قال : فردها عليه وكتب إليه يا أمير المؤمنين أعيذك بالله أن يكون سؤالك إياي هزلا أو ردّي عليك بذلا وما أرضاها لك فكيف أرضاها لنفسي! إن موسى بن عمران لما ورد ماء مدين وجد عليه رعاء يسقون ووجد من دونهم جاريتين تذودان فسألهما فقالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى لهما ثم تولى إلى الظل، فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير وذلك أنه كان جائعا خائفا لا يأمن فسأل ربه ولم يسأل الناس فلم يفطن الرعاء وفطنت الجاريتان فلما رجعتا إلى أبيهما أخبرتاه بالقصة وبقوله فقال أبوهما وهو شعيب عليه السلام هذا رجل جائع فقالت إحداهما اذهبي فادعيه فلما أتته عظمته وغطت وجهها وقالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فشق على موسى حين ذكرت {أجر ما سقيت لنا} ولم يجد بدا من أن يتبعها لأنه كان بين الجبال جائعا مستوحشا فلما تبعها هبت الريح فجعلت تصفق ثيابها على ظهرها فتصف له عجيزتها وكانت ذات عجز وجعل موسى يعرض مرة ويغض أخرى فلما عيل صبره ناداها يا أمة الله كوني خلفي وأريني السّمت بقولك فلما دخل على شعيب إذ هو بالعشاء مهيأ فقال له شعيب اجلس يا شاب فتعشى فقال له موسى عليه السلام : أعوذ بالله فقال له شعيب لم؟ أما أنت جائع؟ قال : بلى ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لهما وأنا من أهل بيت لا نبيع شيئا من ديننا بملء الأرض ذهبا فقال له شعيب لا يا شاب ولكنها عادتي وعادة آبائي نقري الضيف ونطعم الطعام فجلس موسى فأكل فإن كانت هذه المائة دينار عوضا لما حدثت فالميتة والدم ولحم الخنزير في حال الاضطرار أحل من هذه ، وإن كان لحق في بيت المال فلي فيها نظرا ؛ فإن ساوَيْت بيننا وإلا فليس لي فيها حاجة. قلت : هكذا يكون الاقتداء بالكتاب والأنبياء. انظروا إلى هذا الإمام الفاضل والحبر العالم كيف لم يأخذ على عمله عوضا ولا على وصيته بدلا ولا على نصيحته قصدا بل بين الحق وصدع ولم يلحقه في ذلك خوف ولا فزع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يمنعن أحدكم هيبة أحد أن يقول بالحق حيث كان) وفي التنزيل {يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} [
المائدة: 54] قوله تعالى: {وإياي فاتقون} قد تقدم معنى التقوى. وقرئ {فاتقوني} بالياء وقد تقدم وقال سهل بن عبدالله قوله {وإياي فاتقون} قال موضع علمي السابق فيكم. {وإياي فارهبون} قال موضع المكر والاستدراج لقول الله تعالى {سنستدرجهم من حيث لا يعلمون} [
الأعراف: 182 ] {فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} [
الأعراف: 99 ] فما استثنى نبيا ولا صديقاً
وآمنوا- يا بني إسرائيل- بالقرآن الذي أنزَلْتُه على محمد نبي الله ورسوله، موافقًا لما تعلمونه من صحيح التوراة، ولا تكونوا أول فريق من أهل الكتاب يكفر به، ولا تستبدلوا بآياتي ثمنًا قليلا من حطام الدنيا الزائل، وإياي وحدي فاعملوا بطاعتي واتركوا معصيتي.
ثم أمرهم بالأمر الخاص, الذي لا يتم إيمانهم, ولا يصح إلا به فقال: { وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ } وهو القرآن الذي أنزله على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فأمرهم بالإيمان به, واتباعه, ويستلزم ذلك, الإيمان بمن أنزل عليه، وذكر الداعي لإيمانهم به، فقال: { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } أي: موافقا له لا مخالفا ولا مناقضا، فإذا كان موافقا لما معكم من الكتب, غير مخالف لها; فلا مانع لكم من الإيمان به, لأنه جاء بما جاءت به المرسلون, فأنتم أولى من آمن به وصدق به, لكونكم أهل الكتب والعلم. وأيضا فإن في قوله: { مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ } إشارة إلى أنكم إن لم تؤمنوا به, عاد ذلك عليكم, بتكذيب ما معكم, لأن ما جاء به هو الذي جاء به موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء، فتكذيبكم له تكذيب لما معكم. وأيضا, فإن في الكتب التي بأيدكم, صفة هذا النبي الذي جاء بهذا القرآن والبشارة به، فإن لم تؤمنوا به, كذبتم ببعض ما أنزل إليكم, ومن كذب ببعض ما أنزل إليه, فقد كذب بجميعه، كما أن من كفر برسول, فقد كذب الرسل جميعهم. فلما أمرهم بالإيمان به, نهاهم وحذرهم من ضده وهو الكفر به فقال: { وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أي: بالرسول والقرآن. وفي قوله: { أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أبلغ من قوله: { ولا تكفروا به } لأنهم إذا كانوا أول كافر به, كان فيه مبادرتهم إلى الكفر به, عكس ما ينبغي منهم, وصار عليهم إثمهم وإثم من اقتدى بهم من بعدهم. ثم ذكر المانع لهم من الإيمان, وهو اختيار العرض الأدنى على السعادة الأبدية، فقال: { وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا } وهو ما يحصل لهم من المناصب والمآكل, التي يتوهمون انقطاعها, إن آمنوا بالله ورسوله, فاشتروها بآيات الله واستحبوها, وآثروها. { وَإِيَّايَ } أي: لا غيري { فَاتَّقُونِ } فإنكم إذا اتقيتم الله وحده, أوجبت لكم تقواه, تقديم الإيمان بآياته على الثمن القليل، كما أنكم إذا اخترتم الثمن القليل, فهو دليل على ترحل التقوى من قلوبكم.
{وآمنوا بما أنزلت} يعني القرآن.
{مصدقاً لما معكم} أي موافقاً لما معكم -يعني: التوراة- في التوحيد والنبوة والأخبار ونعت النبي صلى الله عليه وسلم.
نزلت في كعب بن الأشرف وأصحابه من علماء اليهود ورؤسائهم.
{ولا تكونوا أول كافر به} أي بالقرآن، يريد من أهل الكتاب، لأن قريشاً كفرت قبل اليهود بمكة.
معناه: ولا تكونوا أول من كفر بالقرآن فيتابعكم اليهود على ذلك فتبوؤا بآثامكم وآثامهم.
{ثمناً قليلاً} أي عرضاً يسيراً من الدنيا وذلك أن رؤساء اليهود وعلماءهم كانت لهم مآكل يصيبونها من سفلتهم وجهالهم يأخذون منهم كل عام شيئاً معلوماً من زروعهم وضروعهم ونقودهم فخافوا إن هم بينوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وتابعوه أن تفوتهم تلك المآكل فغيروا نعته وكتموا اسمه فاختاروا الدنيا على الآخرة.
{وإياي فاتقون} فاخشوني.
(وَآمِنُوا) الجملة معطوفة على اذكروا.
(بِما) ما اسم موصول في محل جر والجار والمجرور متعلقان بآمنوا.
(أَنْزَلْتُ) فعل ماض وفاعل، وحذف العائد بما أنزلته. والجملة صلة الموصول.
(مُصَدِّقًا) حال من الضمير المحذوف.
(لِما) مثل بما متعلقان بمصدقا.
(مَعَكُمْ) ظرف مكان متعلق بمحذوف الصلة لما وتقديره للذي وجد معكم.
(وَلا) الواو عاطفة، ولا ناهية جازمة.
(تَكُونُوا) فعل مضارع ناقص مجزوم بحذف النون، والواو اسمها.
(أَوَّلَ) خبرها.
(كافِرٍ) مضاف إليه.
(بِهِ) متعلقان بكافر (وَلا تَشْتَرُوا) سبق إعراب مثلها.
(بِآياتِي) متعلقان بتشتروا.
(ثَمَنًا) مفعول به.
(قَلِيلًا) صفة.
(وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) سبق إعراب مثلها قريبا والجملة معطوفة على ما قبلها.
Traslation and Transliteration:
Waaminoo bima anzaltu musaddiqan lima maAAakum wala takoonoo awwala kafirin bihi wala tashtaroo biayatee thamanan qaleelan waiyyaya faittaqooni
And believe in that which I reveal, confirming that which ye possess already (of the Scripture), and be not first to disbelieve therein, and part not with My revelations for a trifling price, and keep your duty unto Me.
İndirdiğim Kur'an'a inanın. Sizdeki kitabı da doğrulayıcıdır o. Ona ilk inanmayan siz olmayın. Delillerimi az ve değersiz bir parayla değişmeyin, ancak benden sakının.
Et croyez à ce que J'ai fait descendre, en confirmation de ce qui était déjà avec vous; et ne soyez pas les premiers à le rejeter. Et n'échangez pas Mes révélations contre un vil prix. Et c'est Moi que vous devez craindre.
Und verinnerlicht den Iman an das, was ICH hinabsandte als Bestätigung dessen, worüber ihr verfügt, und seid nicht die ersten Kufr-Betreibenden ihm gegenüber. Und erkauft euch nicht mit Meinen Ayat einen minderwertigen Gegenwert, und handelt Taqwa gemäßMir gegenüber!