«منَّاع للخير» كالزكاة «معتد» ظالم «مريب» شاك في دينه.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (38)
«وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ» فأضاف الحق العمل إليه ، وذكر في الخلق أنه بيديه وبأيد وبيده وبقوله ،
قال تعالى :" فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ " مع قدرته على خلقه إياها دفعة واحدة من غير تدريج ، لكن القدرة لا تؤثر في القدر ، وإنما أثرها في المقدور بشاهد القدر ، فإن شهد بها القدر بالتأثير أثرت ، وإلا أمسكت عن إذن القدر لا عن نفسها ، فمن حكم القدر كونها في ستة أيام ، فلا سبيل إلى عدول القدرة عما حكم به القدر ، «ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ» ثم أعلمنا أنه وإن اتصف بالعمل أنه لم يؤثر فيه تعب فقال : «وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ» فيما خلقه ، وهو قوله: (وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ) فإن اللغوب هو الإعياء ، ورد أنه سبحانه نظر إلى ما خلق في يوم السبت ، فاستلقى ووضع إحدى رجليه على الأخرى وقال : أنا الملك لظهور الملك ، ولهذا سمي يوم السبت ، والسبت الراحة ، ولهذا أخبر تعالى أنه ما مسه من لغوب فيما خلقه ، فهي راحة لا عن إعياء كما هي في حقن .
------------
(38) الفتوحات ج 2 /
379 - كتاب الشأن - الفتوحات ج 2 /
379 - ج 1 /
639
( مناع للخير ) أي : لا يؤدي ما عليه من الحقوق ، ولا بر فيه ولا صلة ولا صدقة ، ( معتد ) أي : فيما ينفقه ويصرفه ، يتجاوز فيه الحد .
وقال قتادة : معتد في منطقه وسيرته وأمره .
( مريب ) أي : شاك في أمره ، مريب لمن نظر في أمره .
قوله تعالى {وقال قرينه} يعني الملك الموكل به في قول الحسن وقتادة والضحاك. {هذا ما لدي عتيد} أي هذا ما عندي من كتابة عمله معد محفوظ. وقال مجاهد : يقول هذا الذي وكلتني به من بني آدم قد أحضرته وأحضرت ديوان عمله. وقيل : المعنى هذا ما عندي من العذاب حاضر. وعن مجاهد أيضا: قرينه الذي قيض له من الشياطين. {ألقيا في جهنم} قال ابن زيد في رواية ابن وهب عنه : إنه قرينه من الإنس، فيقول الله تعالى لقرينه {ألقيا في جهنم} قال الخليل والأخفش : هذا كلام العرب الفصيح أن تخاطب الواحد بلفظ الاثنين فتقول : ويلك أرحلاها وازجراها، وخذاه وأطلقاه للواحد. قال الفراء : تقول للواحد قوما عنا، وأصل ذلك أن أدنى أعوان الرجل في إبله وغنمه ورفقته في سفره اثنان فجرى كلام الرجل على صاحبيه، ومنه قولهم للواحد في الشعر : خليلي، ثم يقول : يا صاح. قال امرؤ القيس : خليلي مرا بي على أم جندب ** نقض لبانات الفؤاد المعذب وقال أيضا : قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ** بسقط اللوى بين الدخول فحومل وقال آخر : فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر ** وإن تدعاني أَحْمِ عرضا ممنعا وقيل : جاء كذلك لأن القرين يقع للجماعة والاثنين. وقال المازني : قوله {ألقيا} يدل على ألق ألق. وقال المبرد : هي تثنية على التوكيد، المعنى ألق ألق فناب {ألقيا} مناب التكرار. ويجوز أن يكون {ألقيا} تثنية على خطاب الحقيقة من قول الله تعالى يخاطب به الملكين. وقيل : هو مخاطبة للسائق والحافظ. وقيل : إن الأصل ألقين بالنون الخفيفة تقلب في الوقف ألفا فحمل الوصل على الوقف. وقرأ الحسن {ألقين} بالنون الخفيفة نحو قوله {وليكونا من الصاغرين} [
يوسف : 32] وقوله {لنسفعا} [
العلق : 15]. {كل كفار عنيد} أي معاند؛ قال مجاهد وعكرمة. وقال بعضهم : العنيد المعرض عن الحق؛ يقال عند يعند بالكسر عنودا أي خالف ورد الحق وهو يعرفه فهو عنيد وعاند، وجمع العنيد عُنُد مثل رغيف ورُغُف. {مناع للخير} يعني الزكاة المفروضة وكل حق واجب. {معتد}في منطقه وسيرته وأمره؛ ظالم. {مريب} شاك في التوحيد؛ قاله الحسن وقتادة. يقال : أراب الرجل فهو مريب إذا جاء بالريبة. وهو المشرك يدل عليه قوله تعالى {الذي جعل مع الله إلها آخر} وقيل : نزلت في الوليد بن المغيرة. وأراد بقوله {مناع للخير } أنه كان يمنع بني أخيه من الإسلام. {فألقياه في العذاب الشديد} تأكيد للأمر الأول. قوله تعالى {قال قرينه ربنا ما أطغيته} يعني الشيطان الذي قيض لهذا الكافر العنيد تبرأ منه وكذبه. {ولكن كان في ضلال بعيد} عن الحق وكان طاغيا باختياره وإنما دعوته فاستجاب لي. وقرينه هنا هو شيطانه بغير اختلاف. حكاه المهدوي. وحكى الثعلبي قال ابن عباس ومقاتل: قرينه الملك؛ وذلك أن الوليد بن المغيرة يقول للملك الذي كان يكتب سيئاته: رب إنه أعجلني، فيقول الملك: ربنا ما أطغيته أي ما أعجلته. وقال سعيد بن جبير: يقول الكافر رب إنه زاد علي في الكتابة، فيقول الملك: ربنا ما أطغيته أي ما زدت عليه في الكتابة؛ فحينئذ يقول الله تعالى {قال لا تختصموا لدي} يعني الكافرين وقرناءهم من الشياطين. قال القشيري: وهذا يدل على أن القرين الشيطان. {وقد قدمت إليكم بالوعيد} أي أرسلت الرسل. وقيل: هذا خطاب لكل من اختصم. وقيل: هو للاثنين وجاء بلفظ الجمع. {ما يبدل القول لدي} قيل هو قوله {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} [الأنعام: 160] وقيل هو قوله {لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين} [السجدة: 13]. وقال الفراء: ما يكذب عندي أي ما يزاد في القول ولا ينقص لعلمي بالغيب. {وما أنا بظلام للعبيد} أي ما أنا بمعذب من لم يجرم؛ قال ابن عباس. وقد مضى القول في معناه في {الحج} وغيرها.
يقول الله للمَلَكين السائق والشهيد بعد أن يفصل بين الخلائق: ألقيا في جهنم كل جاحد أن الله هو الإلهُ الحقُّ، كثيرِ الكفر والتكذيب معاند للحق، منَّاع لأداء ما عليه من الحقوق في ماله، مُعْتدٍ على عباد الله وعلى حدوده، شاكٍّ في وعده ووعيده، الذي أشرك بالله، فعبد معه معبودًا آخر مِن خلقه، فألقياه في عذاب جهنم الشديد.
{ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ } أي: يمنع الخير الذي عنده الذي أعظمه، الإيمان بالله [وملائكته] وكتبه، ورسله مناع، لنفع ماله وبدنه، { مُعْتَدٍ } على عباد الله، وعلى حدوده { مُرِيبٍ } أي: شاك في وعد الله ووعيده، فلا إيمان ولا إحسان ولكن وصفه الكفر والعدوان، والشك والريب، والشح، واتخاذ الآلهة من دون الرحمن.
( مناع للخير ) أي للزكاة المفروضة وكل حق وجب في ماله ( معتد ) ظالم لا يقر بتوحيد الله ( مريب ) شاك في التوحيد ، ومعناه : داخل في الريب .
(مَنَّاعٍ) صفة ثانية لكفار (لِلْخَيْرِ) متعلقان بمناع (مُعْتَدٍ مُرِيبٍ) صفتان أيضا لكفار
Traslation and Transliteration:
MannaAAin lilkhayri muAAtadin mureebin
Hinderer of good, transgressor, doubter,
Hayrı tamamıyla meneden zalim şüpheciyi.
acharné à empêcher le bien, transgresseur, douteur,
der äußerst das Gute verhindernd, übertretend und zweifel-hegend war,
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة ق (Qaf - The Letter "Qaf") |
ترتيبها |
50 |
عدد آياتها |
45 |
عدد كلماتها |
373 |
عدد حروفها |
1473 |
معنى اسمها |
(قٓ): حَرْفٌ لا يَعْلَمُ مَعْنَاهُ إِلا اللهُ كَبَقِيَّةِ الحُرُوفِ المُقَطَّعَةِ فِي مُفْتَتَحِ بَعْضِ السُّوَر |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِمُفْتَتَحِ حَرْفِ (قٓ) دُونَ غَيرِهِ مِن سُوَرِ القُرْآنِ، فَسُمِّيَت بِهِ |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (قٓ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (البَاسِقَاتِ) |
مقاصدها |
مُعَالَجَةُ إِنْكَارِ عَقِيدَةِ البَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَضَرْبُ الأَمْثِلَةِ وَالشَّوَاهِدِ لِبَيَانِهَا |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
تُسَنُّ قِرَاءتُها فِي خُطْبَةِ الجُمْعَةِ، فَعَن أُمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعمَانَ رضي الله عنه أَنَّهَا قَالتْ: «وَما أَخَذْتُ﴿قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ ١﴾ إلَّا عنْ لِسَانِ رَسولِ اللهِ ﷺ، يَقْرَؤُهَا كُلَّ يَومِ جُمُعَةٍ علَى المِنْبَرِ، إذَا خَطَبَ النَّاسَ». (رَوَاهُ مُسْلِم).
تُسَنُّ قِرَاءَتُهَا فِي صَلاَةِ العِيدَيْنِ، فَقَدْ كَانَ رَسْولُ اللهِ ﷺ يقرأُ في الفِطرِ والأَضْحَى بِـ ﴿قٓۚ﴾ وَ ﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ ﴾. (رَوَاهُ مُسلِم) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (قٓ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ فَضْلِ القُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿قٓۚ وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡمَجِيدِ ١﴾، وَقَالَ فِي آخِرِ آيةٍ مِنْهَا: ﴿فَذَكِّرۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ٤٥﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (قٓ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الحُجُرَاتِ):لَمَّا جَاءَ فِي أَوَاخِرِ (الحُجُرَاتِ) صِفَةُ المُؤْمِنِ الَّذِيْ لا يَرْتَابُ فِي دِينِهِ، فَقَالَ: ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ ...١٥﴾، افْتُتِحَتْ (قٓ) بِذِكْرِ نَقِيضِهِمْ مِمَّنِ ارْتَابَ فِي دِينِهِ، فَقَالَ: ﴿بَلۡ عَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡ فَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا شَيۡءٌ عَجِيبٌ ٢﴾. |