المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة محمد: [الآية 26]
سورة محمد | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (36) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (37) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (38) .
وَاللَّهُ الْغَنِيُّ» لأنه لم يطلب تكوين الموجودات لافتقاره إليها ، وإنما الأشياء في حال عدمها الإمكاني لها تطلب وجودها ، وهي مفتقرة بالذات إلى اللّه الذي هو الموجد لها لفقرها الذاتي ، فهي تطلب وجودها من اللّه ، فقبل الحق سؤالها وأوجدها لها ولأجل سؤالها ، لا من حاجة قامت به إليها ، لأنها مشهودة له تعالى في حال عدمها ووجودها ، والعبد ليس كذلك ، فإنه فاقد لما افتقر إليه في حال عدمه ، وإن كان غير فاقد له علما ، إذ لولا علمه به ما عيّن بالإيجاد شيئا عن شيء ودون شيء ، غير أن العبد مركب من ذاتين من معنى وحس وهو كماله ، فما لم يوجد الشيء المعلوم للحس ، فما كمل إدراكه لذلك الشيء بكمال ذاته ،
فإن أدركه حسا بعد وجوده وقد كان أدركه علما ، فكمل إدراكه للشيء بذاته ، فتركيبه سبب فقره إلى هذا الذي أراد وجوده ، وإمكانه سبب فقره إلى مرجحه ، وأما الحق تعالى فليس بمركب ، بل هو واحد ، فإدراكه للأشياء على ما هي عليه من حقائقها في حال عدمها ووجودها إدراك واحد ، فلهذا لم يكن في إيجاده الأشياء عن فقر كما كان هذا للعبد ، ولهذا قال :" وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ "- راجع سورة فاطر آية 15 –
«وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» فأعطى اللّه في هذه الآية سبب الاستبدال ،
وهو التولي فقال : «وَإِنْ تَتَوَلَّوْا» عما سألتموه من الإنفاق وبخلتم «يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» أي على صفتكم ، بل يعطون ما يسألون ، ويعني ما وقع منهم من المخالفة لأمر اللّه ، بل يكونون على أتم قدم وأقواه في طاعة اللّه
[ إشارة :قريب التجلي فما لك مولّ ؟ : ]
- إشارة - «وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» قريب التجلي فما لك مول ؟ لا ترأس على من تبعك ، فإنه ما تبعك وإنما تبع سر الحق الذي أودعه فيك ، وكذلك أودعه في التابع ، غير أنك علمته منك بإعلام الحق إياك ، وما علم التابع ما عنده ، وتلك المناسبة التي جمعت بينكما ، فإن رأست عليه ووطّيته ، أبدلك الحق مكانه ، وأبدله مكانك .
(48) سورة الفتح مدنيّة
------------
(38) الفتوحات ج 1 / 734 - ج 2 / 534 - ج 1 / 586 - كتاب الإسفار - كتاب الشاهدتفسير ابن كثير:
( ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر ) أي : مالئوهم وناصحوهم في الباطن على الباطل ، وهذا شأن المنافقين يظهرون خلاف ما يبطنون ; ولهذا قال الله عز وجل : ( والله يعلم إسرارهم ) أي : [ يعلم ] ما يسرون وما يخفون ، الله مطلع عليه وعالم به ، كقوله : ( والله يكتب ما يبيتون ) [ النساء : 81 ] .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
وذلك أنهم قد تبين لهم الهدى، فزهدوا فيه ورفضوه، و { قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ } من المبارزين العداوة لله ولرسوله { سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ } أي: الذي يوافق أهواءهم، فلذلك عاقبهم الله بالضلال، والإقامة على ما يوصلهم إلى الشقاء الأبدي، والعذاب السرمدي.
{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } فلذلك فضحهم، وبينها لعباده المؤمنين، لئلا يغتروا بها.
تفسير البغوي
( ذلك بأنهم ) يعني المنافقين أو اليهود ( قالوا للذين كرهوا ما نزل الله ) وهم المشركون ( سنطيعكم في بعض الأمر ) في التعاون على عداوة محمد - صلى الله عليه وسلم - والقعود عن الجهاد ، وكانوا يقولونه سرا فأخبر الله تعالى عنهم ( والله يعلم إسرارهم ) قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر : بكسر الهمزة ، على المصدر ، والباقون بفتحها على جمع السر .
الإعراب:
(ذلِكَ) مبتدأ (بِأَنَّهُمْ) أن واسمها (قالُوا) ماض وفاعله والجملة خبر أن والمصدر المؤول من أن وما بعدها في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ (لِلَّذِينَ) متعلقان بالفعل (كَرِهُوا) ماض وفاعله والجملة صلة الذين (ما) مفعول به (نَزَّلَ اللَّهُ) ماض ولفظ الجلالة فاعله والجملة صلة ما (سَنُطِيعُكُمْ) السين للاستقبال ومضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة مقول القول (فِي بَعْضِ) متعلقان بالفعل (الْأَمْرِ) مضاف إليه (وَاللَّهُ) الواو حرف استئناف ولفظ الجلالة مبتدأ (يَعْلَمُ) مضارع فاعله مستتر (إِسْرارَهُمْ) مفعول به والجملة الفعلية خبر المبتدأ والجملة الاسمية مستأنفة