«طاعة وقول معروف» أي حسن لك «فإذا عزم الأمر» أي فرض القتال «فلو صدقوا الله» في الإيمان والطاعة «لكان خيرا لهم» وجملة لو جواب إذا.
إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ (36) إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (37) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (38) .
وَاللَّهُ الْغَنِيُّ» لأنه لم يطلب تكوين الموجودات لافتقاره إليها ، وإنما الأشياء في حال عدمها الإمكاني لها تطلب وجودها ، وهي مفتقرة بالذات إلى اللّه الذي هو الموجد لها لفقرها الذاتي ، فهي تطلب وجودها من اللّه ، فقبل الحق سؤالها وأوجدها لها ولأجل سؤالها ، لا من حاجة قامت به إليها ، لأنها مشهودة له تعالى في حال عدمها ووجودها ، والعبد ليس كذلك ، فإنه فاقد لما افتقر إليه في حال عدمه ، وإن كان غير فاقد له علما ، إذ لولا علمه به ما عيّن بالإيجاد شيئا عن شيء ودون شيء ، غير أن العبد مركب من ذاتين من معنى وحس وهو كماله ، فما لم يوجد الشيء المعلوم للحس ، فما كمل إدراكه لذلك الشيء بكمال ذاته ،
فإن أدركه حسا بعد وجوده وقد كان أدركه علما ، فكمل إدراكه للشيء بذاته ، فتركيبه سبب فقره إلى هذا الذي أراد وجوده ، وإمكانه سبب فقره إلى مرجحه ، وأما الحق تعالى فليس بمركب ، بل هو واحد ، فإدراكه للأشياء على ما هي عليه من حقائقها في حال عدمها ووجودها إدراك واحد ، فلهذا لم يكن في إيجاده الأشياء عن فقر كما كان هذا للعبد ، ولهذا قال :" وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ "- راجع سورة فاطر آية 15 –
«وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» فأعطى اللّه في هذه الآية سبب الاستبدال ،
وهو التولي فقال : «وَإِنْ تَتَوَلَّوْا» عما سألتموه من الإنفاق وبخلتم «يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» أي على صفتكم ، بل يعطون ما يسألون ، ويعني ما وقع منهم من المخالفة لأمر اللّه ، بل يكونون على أتم قدم وأقواه في طاعة اللّه
[ إشارة :قريب التجلي فما لك مولّ ؟ : ]
- إشارة - «وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ» قريب التجلي فما لك مول ؟ لا ترأس على من تبعك ، فإنه ما تبعك وإنما تبع سر الحق الذي أودعه فيك ، وكذلك أودعه في التابع ، غير أنك علمته منك بإعلام الحق إياك ، وما علم التابع ما عنده ، وتلك المناسبة التي جمعت بينكما ، فإن رأست عليه ووطّيته ، أبدلك الحق مكانه ، وأبدله مكانك .
(48) سورة الفتح مدنيّة
------------
(38) الفتوحات ج 1 /
734 - ج 2 /
534 - ج 1 /
586 - كتاب الإسفار - كتاب الشاهد
أي : وكان الأولى بهم أن يسمعوا ويطيعوا ، أي : في الحالة الراهنة ، ( فإذا عزم الأمر ) أي : جد الحال ، وحضر القتال ، ( فلو صدقوا الله ) أي : أخلصوا له النية ، ( لكان خيرا لهم )
قوله تعالى{ويقول الذين آمنوا} أي المؤمنون المخلصون. {لولا نزلت سورة} اشتياقا للوحي وحرصا على الجهاد وثوابه. ومعنى {لولا} هلا. {فإذا أنزلت سورة محكمة}لا نسخ فيها. قال قتادة : كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة، وهي أشد القرآن على المنافقين. وفي قراءة عبدالله {فإذا أنزلت سورة محدثة}أي محدثة النزول. {وذكر فيها القتال } أي فرض فيها الجهاد. وقرئ { فإذا أنزلت سورة وذكر فيها القتال }على البناء للفاعل ونصب القتال. {رأيت الذين في قلوبهم مرض }أي شك ونفاق. {ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت} أي نظر مغموصين مغتاظين بتحديد وتحديق، كمن يشخص بصره عند الموت، وذلك لجبنهم عن القتال جزعا وهلعا، ولميلهم في السر إلى الكفار. قوله تعالى {فأولى لهم} قال الجوهري : وقولهم : أولى لك، تهديد ووعيد. قال الشاعر : فأولى ثم أولى ثم أولى ** وهل للدر يحلب من مرد قال الأصمعي : معناه قاربه ما يهلكه، أي نزل به. وأنشد : فعادى بين هاديتين منها ** وأولى أن يزيد على الثلاث أي قارب أن يزيد. قال ثعلب : ولم يقل أحد في أولى أحسن مما قال الأصمعي. وقال المبرد : يقال لمن هم بالعطب ثم أفلت : أولى لك، أي قاربت العطب. كما روي أن أعرابيا كان يوالي رمي الصيد فيفلت منه ليقول : أولى لك. ثم رمى صيدا فقاربه ثم أفلت منه فقال : فلو كان أولى يطعم القوم صدتهم ** ولكن أولى يترك القوم جوعا وقيل : هو كقول الرجل لصاحبه : يا محروم، أي شيء فاتك وقال الجرجاني : هو مأخوذ من الويل، فهو أفعل، ولكن فيه قلب، وهو أن عين الفعل وقع موقع اللام. وقد تم الكلام على قوله {فأولى لهم}. قال قتادة : كأنه قال العقاب أولى لهم. وقيل : أي وليهم المكروه. ثم قال {طاعة وقول معروف} أي طاعة وقول معروف أمثل وأحسن، وهو مذهب سيبويه والخليل. وقيل : إن التقدير أمرنا طاعة وقول معروف، فحذف المبتدأ فيوقف على {فأولى لهم }. وكذا من قدر يقولون منا طاعة. وقيل : إن الآية الثانية متصلة بالأولى. واللام في قوله{ لهم }بمعنى الباء، أي الطاعة أولى وأليق بهم، وأحق لهم من ترك أمتثال أمر الله. وهي قراءة أبي {يقولون طاعة}. وقيل إن{طاعة}نعت لـ {سورة}، على تقدير : فإذا أنزلت سورة ذات طاعة، فلا يوقف على هذا على {فأولى لهم}. قال ابن عباس : إن قولهم {طاعة}إخبار من الله عز وجل عن المنافقين. والمعنى لهم طاعة وقول معروف، قيل : وجوب الفرائض عليهم، فإذا أنزلت الفرائض شق عليهم نزولها. فيوقف على هذا على {فأولى}. {فإذا عزم الأمر}أي جد القتال، أو وجب فرض القتال، كرهوه. فكرهوه جواب {إذا}وهو محذوف. وقيل : المعنى فإذا عزم أصحاب الأمر. {فلو صدقوا الله} أي في الإيمان والجهاد. {لكان خيرا لهم} من المعصية والمخالفة.
ويقول الذين آمنوا بالله ورسوله: هلا نُزِّلت سورة من الله تأمرنا بجهاد الكفار، فإذا أُنزِلت سورة محكمة بالبيان والفرائض وذُكر فيها الجهاد، رأيت الذين في قلوبهم شك في دين الله ونفاق ينظرون إليك -أيها النبي- نظر الذي قد غُشِيَ عليه خوفَ الموت، فأولى لهؤلاء الذين في قلوبهم مرض أن يطيعوا الله، وأن يقولوا قولا موافقًا للشرع. فإذا وجب القتال وجاء أمر الله بِفَرْضه كره هؤلاء المنافقون ذلك، فلو صدقوا الله في الإيمان والعمل لكان خيرًا لهم من المعصية والمخالفة.
ثم ندبهم تعالى إلى ما هو الأليق بحالهم، فقال: { فَأَوْلَى لَهُمْ طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ } أي: فأولى لهم أن يمتثلوا الأمر الحاضر المحتم عليهم، ويجمعوا عليه هممهم، ولا يطلبوا أن يشرع لهم ما هو شاق عليهم، وليفرحوا بعافية الله تعالى وعفوه.
{ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ } أي: جاءهم الأمر جد، وأمر محتم، ففي هذه الحال لو صدقوا الله بالاستعانة به، وبذل الجهد في امتثاله { لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } من حالهم الأولى، وذلك من وجوه:
منها: أن العبد ناقص من كل وجه، لا قدرة له إلا إن أعانه الله، فلا يطلب زيادة على ما هو قائم بصدده.
ومنها: أنه إذا تعلقت نفسه بالمستقبل، ضعف عن العمل، بوظيفة وقته، وبوظيفة المستقبل، أما الحال، فلأن الهمة انتقلت عنه إلى غيره، والعمل تبع للهمة، وأما المستقبل، فإنه لا يجيء حتى تفتر الهمة عن نشاطها فلا يعان عليه.
ومنها: أن العبد المؤمل للآمال المستقبلة، مع كسله عن عمل الوقت الحاضر، شبيه بالمتألي الذي يجزم بقدرته، على ما يستقبل من أموره، فأحرى به أن يخذل ولا يقوم بما هم به ووطن نفسه عليه، فالذي ينبغي أن يجمع العبد همه وفكرته ونشاطه على وقته الحاضر، ويؤدي وظيفته بحسب قدرته، ثم كلما جاء وقت استقبله بنشاط وهمة عالية مجتمعة غير متفرقة، مستعينا بربه في ذلك، فهذا حري بالتوفيق والتسديد في جميع أموره.
ثم قال : ( طاعة وقول معروف ) وهذا ابتداء محذوف الخبر ، تقديره : طاعة ، وقول معروف أمثل ، أي لو أطاعوا وقالوا قولا معروفا كان أمثل وأحسن .
وقيل : مجازه : يقول هؤلاء المنافقون قبل نزول السورة المحكمة : طاعة ، رفع على الحكاية أي أمرنا طاعة أو منا طاعة ، " وقول معروف " : حسن .
وقيل : هو متصل بما قبله ، واللام في قوله : " لهم " بمعنى الباء ، مجازه : فأولى بهم طاعة الله ورسوله ، وقول معروف بالإجابة ، أي لو أطاعوا كانت الطاعة والإجابة أولى بهم ، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء .
( فإذا عزم الأمر ) أي جد الأمر ولزم فرض القتال وصار الأمر معزوما ( فلو صدقوا الله ) في إظهار الإيمان والطاعة ( لكان خيرا لهم ) وقيل : جواب " إذا " محذوف تقديره فإذا عزم الأمر نكلوا وكذبوا فيما وعدوا ولو صدقوا الله لكان خيرا لهم .
(طاعَةٌ) مبتدأ خبره محذوف (وَقَوْلٌ) معطوف على طاعة (مَعْرُوفٌ) صفة قول (فَإِذا) الفاء حرف استئناف وإذا ظرفية شرطية غير جازمة (عَزَمَ الْأَمْرُ) ماض وفاعله والجملة في محل جر بالإضافة (فَلَوْ) الفاء حرف واقع في جواب إذا ولو شرطية غير جازمة (صَدَقُوا) ماض وفاعله (اللَّهَ) لفظ الجلالة مفعول به والجملة ابتدائية لا محل لها
Traslation and Transliteration:
TaAAatun waqawlun maAAroofun faitha AAazama alamru falaw sadaqoo Allaha lakana khayran lahum
Obedience and a civil word. Then, when the matter is determined, if they are loyal to Allah it will be well for them.
İtaat etmek ve güzel söz söylemek gerekti, derken işe iyice sarılınca da Allah'ın gerçek söylediğini kabul etselerdi görürlerdi ki bu, kendilerine daha da hayırlı olmaktadır.
une obéissance et une parole convenable. Puis, quand l'affaire est décidée, il serait mieux pour eux certes, de se montrer sincères vis-à-vis d'Allah.
Gehorsam und gebilligtes Wort (ist besser für sie). Und wenn die Angelegenheit ernst wird, würden sie ALLAH gegenüber wahrhaftig werden, so wäre dies besser für sie.
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة محمد (Muhammad - Muhammad) |
ترتيبها |
47 |
عدد آياتها |
38 |
عدد كلماتها |
542 |
عدد حروفها |
2360 |
معنى اسمها |
(مُحَمَّدٌ ﷺ): خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَمَعْنَاهُ: الَّذِي تَكَامَلَتْ فِيهِ الخِصَالُ الْمَحْمُودَةُ |
سبب تسميتها |
مِحْوَرُ السُّورَةِ عَن النَّبِيِّ ﷺ وَجِهَادِهِ ضِدَّ الكُفَّارِ |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (مُحَمَّدٍ ﷺ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (القِتَالِ)، وَسُورَةَ: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ |
مقاصدها |
تَحْرِيضُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وبَيَانُ مُخَالِفِيهِم مِنَ الكُفَّارِ، وَجَزَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها |
لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ، سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (مُحَمَّدٍ ﷺ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ صَدِّ أَهْلِ البَاطِلِ وَغَيرِهِم عَنْ سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ ١﴾، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِهَا: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا ...٣٢﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (مُحَمَّدٍ ﷺ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الأَحْقَافِ): اتِّصَالُ الْكَلامِ عَنْ أَهْلِ البَاطِلِ فِي آخِرِ آيَةٍ فِي (الأَحْقَافِ) مَعَ أَوَّلِ آيَةٍ فِي سُورَةِ (مُحَمَّدٍ ﷺ) وَكَأَنَّهُمَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿...فَهَلۡ يُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٣٥﴾ ، ﴿ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ ١﴾. |