المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الجاثية: [الآية 22]
سورة الجاثية | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)
[ الملأ الأعلى والملأ الأسفل : ]
اعلم أن العالم محصور في علو وسفل ، والعلو والسفل له أمر إضافي نسبي ، فالعالي منه يسمى سماء والأسفل منه يسمى أرضا ، ولا يكون له هاتان النسبتان إلا بأمر وسط يكون بينهما ، ويكون ذلك الأمر في نفسه ذا جهات ، فما أظلّه فهو سماء ، وما أقله فهو أرض له ، وإن شئت قلت في الملأ الأعلى والملأ الأسفل : إنه كل ما تكون من الطبيعة فهو الملأ الأسفل ، وكل ما تولد من النور فهو الملأ الأعلى ، وأكمل العالم من جمع بينهما ، وهو البرزخ الذي بجهاته ميزهما ، أو بجمعيته ميزهما بالعلو والسفل ، والحق تعالى بالنظر إلى نفسه لا يتصف بشيء مما يتصف به وجود العالم ، فإن اللّه لما نسب الكبرياء الذي له ما جعل محله إلا السماوات والأرض ، فقال : «وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» ما قال في نفسه ، فالمحل هو الموصوف بالكبرياء الذي للّه ، فالعالم إذا نظر إلى نفسه صغيرا ، ورأى موجده منزها عما يليق به ، سمى ربه كبيرا وذا كبرياء ، لما كبر عنده بما له فيه من التأثير والقهر ، فلو لم يكن العالم مؤثرا فيه للّه تعالى ما علم أنه صغير ، ولا أن ربه كبير ، وأمثال ذلك من الصفات ، لما رأى العبد أنه قامت به الحاجة والفقر إلى غيره ، احتاج أن يعتقد ويعلم أن الذي استند إليه في فقره له الغنى ، فهو الغني سبحانه في نفس عبده ، وهو بالنظر إلى ذاته معرى عن النظر إلى العالم لا يتصف بالغنى ، لأنه ما ثمّ عن من ، وكذلك إذا نظر العبد إلى ذله ، علم أنه لا يذل لنفسه ، وإنما يذل تحت سلطان غيره ، فسماه عزيزا ، لأنه عزّ الحق في نفس هذا العبد لذله ، فالعبد هو محل الكبرياء والغنى والعظمة والعزة التي للّه ، فوصف العبد ربه بما قام به ، فأوجب المعنى حكمه لغير من قام به ، فالحق منزه عن قيام الكبرياء به بحيث أن يكون محلا له ، بل الكبرياء محله الذي عينه الحق له ، وهو السماوات والأرض «وَهُوَ» أي هوية الحق «الْعَزِيزُ» أي المنيع لذاته أن تكون محلا لما هي السماوات والأرض له محل ، وليس إلا الكبرياء ، فما كبر إلا في نفس العالم ، وهو أجل من أن يقوم به أمر ليس هو ، بل هو الواحد من جميع الوجوه «الْحَكِيمُ» بما رتبه في الخلق ، ومن جملة ما رتبه بعلمه وحكمته أن جعل السماوات والأرض محلا لكبريائه ، فكأنه يقول : وله الكبرياء الذي خلقه في نفس السماوات والأرض ، حتى يكبروا إلههم به ، وكذلك وقع ،
فكبروه في نفوسهم ، فقالوا : إنه ذو الجلال ، أي صاحب الجلال الذي نجده في نفوسنا له ، والإكرام بنا .
(46) سورة الأحقاف مكيّة
------------
(37) الفتوحات ج 3 / 537 ، 538تفسير ابن كثير:
وقال ( وخلق الله السموات والأرض بالحق ) أي : بالعدل ، ( ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ) .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
أي: خلق الله السماوات والأرض بالحكمة وليعبد وحده لا شريك له، ثم يجازي بعد ذلك من أمرهم بعبادته وأنعم عليم بالنعم الظاهرة والباطنة هل شكروا الله تعالى وقاموا بالمأمور؟ أم كفروا فاستحقوا جزاء الكفور؟
تفسير البغوي
" وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ".
الإعراب:
(وَخَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ) الواو حرف عطف وماض وفاعله ومفعوله (وَالْأَرْضَ) معطوف على السموات (بِالْحَقِّ) متعلقان بمحذوف حال (وَ لِتُجْزى) الواو حرف عطف ومضارع مبني للمجهول منصوب بأن المضمرة بعد لام التعليل (كُلُّ) نائب فاعل (نَفْسٍ) مضاف إليه والمصدر المؤول من أن وما بعدها في محل جر باللام والجار والمجرور معطوفان على الحق (بِما) متعلقان بتجزى (كَسَبَتْ) ماض فاعله مستتر والجملة صلة (وَ هُمْ) الواو حالية ومبتدأ (لا) نافية (يُظْلَمُونَ) مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة خبر المبتدأ والجملة الاسمية حال