«إلا من رحم الله» وهم المؤمنون فإنه يشفع بعضهم لبعض بإذن الله «إنه هو العزيز» الغالب في انتقامه من الكفار «الرحيم» بالمؤمنين.
فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)
قال عليّ رضي اللّه عنه : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ؛ فمن رجع إلى اللّه هذا الرجوع سعد ، وما أحسّ بالرجوع المحتوم الاضطراري ، فإنه ما جاءه إلا وهو هناك عند اللّه ، فغاية ما يكون الموت المعلوم في حقه ، أن نفسه التي هي عند اللّه يحال بينها وبين تدبير هذا الجسم الذي كانت تدبره ، فتبقى مع الحق على حالها ، وينقلب هذا الجسد إلى أصله وهو التراب الذي منه نشأت ذاته ، فكأن دارا رحل عنها ساكنها ، فأنزله الملك في مقعد صدق عنده إلى يوم يبعثون ، ويكون حاله في بعثه كذلك لا يتغير عليه حال ، من كونه مع الحق لا من حيث ما يعطيه الحق مع الأنفاس ، وهكذا في الحشر العام وفي الجنان التي هي مقره ومسكنه .
------------
(57) الفتوحات ج 3 /
223
ثم قال : ( إلا من رحم الله ) أي : لا ينفع يومئذ إلا من رحمه الله ، عز وجل ، لخلقه ( إنه هو العزيز الرحيم ) أي : هو عزيز ذو رحمة واسعة .
قوله تعالى: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا} {يوم} بدل من {يوم} الأول. والمولى : الولي وهو ابن العم والناصر. أي لا يدفع ابن عم عن ابن عمه، ولا قريب عن قريبه، ولا صديق عن صديقه. {ولا هم ينصرون} أي لا ينصر المؤمن الكافر لقرابته. ونظير هذه الآية {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا} [
البقرة : 48] الآية. {إلا من رحم الله} {من} رفع على البدل من المضمر في {ينصرون}؛ كأنك قلت : لا يقوم أحد إلا فلان. أو على الابتداء والخبر مضمر؛ كأنه قال : إلا من رحم الله فمغفور له؛ أو فيغني عنه ويشفع وينصر. أو على البدل من {مولى} الأول؛ كأنه قال : لا يغني إلا من رحم الله. وهو عند الكسائي والفراء نصب على الاستثناء المنقطع؛ أي لكن من رحم الله لا ينالهم ما يحتاجون فيه إلى من يغنيهم من المخلوقين. ويجوز أن يكون استثناء متصل؛ أي لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين فإنه يؤذن لهم في شفاعة بعضهم لبعض. {إنه هو العزيز الرحيم} أي المنتقم من أعدائه الرحيم بأوليائه؛ كما قال: {شديد العقاب ذي الطول}[
غافر : 3] فقرن الوعد بالوعيد.
يوم لا يدفع صاحب عن صاحبه شيئًا، ولا ينصر بعضهم بعضًا، إلا مَن رحم الله من المؤمنين، فإنه قد يشفع له عند ربه بعد إذن الله له. إن الله هو العزيز في انتقامه مِن أعدائه، الرحيم بأوليائه وأهل طاعته.
{ إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } فإنه هو الذي ينتفع ويرتفع برحمة الله تعالى التي تسبب إليها وسعى لها سعيها في الدنيا. ثم قال تعالى:
( إلا من رحم الله ) يريد المؤمنين فإنه يشفع بعضهم لبعض ( إنه هو العزيز ) في انتقامه من أعدائه ( الرحيم ) بالمؤمنين .
(إِلَّا) حرف استثناء (مَنْ) مستثنى بإلا (رَحِمَ اللَّهُ) ماض وفاعله والجملة صلة من (إِنَّهُ) إن واسمها (هُوَ) ضمير فصل (الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) خبران والجملة الاسمية تعليل
Traslation and Transliteration:
Illa man rahima Allahu innahu huwa alAAazeezu alrraheemu
Save him on whom Allah hath mercy. Lo! He is the Mighty, the Merciful.
Ancak Allah kime acırsa o başka; şüphe yok ki odur üstün ve rahim.
sauf celui à qui Allah fera miséricorde. Car c'est Lui, le Puissant, le Très Miséricordieux.
außer denjenigen, denen ALLAH Gnade erwies. Gewiß, ER ist Der Allwürdige, Der Allgnädige.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الدخان (Ad-Dukhan - The Smoke) |
ترتيبها |
44 |
عدد آياتها |
59 |
عدد كلماتها |
346 |
عدد حروفها |
1439 |
معنى اسمها |
(دُخَانُ) النَّارِ مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ (دَوَاخِنُ)، وَهُوَ عَلامَةٌ عَلَى الشَّرِّ وَالعَذَابِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ آيَةِ الْعَذَابِ بِالدُّخَانِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الدُّخَان)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الدُّخَانْ) |
مقاصدها |
إِنْذَارُ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ كَفَّارٍ، وَتَخْوِيفُهُمْ بِعَذَابِ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد).
مِنَ النَّظَائِرِ التِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّوِيْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقرَأُ النَّظائِرَ؛ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ (... والدُّخَانَ، وِإذَا الشَّمْسُ كوِّرَتْ) في رَكعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الدُّخَانِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ ارْتِقَابِ سُنَّةِ اللهِ فِي المُكَذِّبِينَ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ ١٠﴾، وَقَالَ فِي آخِرِ آيَةٍ مِنْهَا: ﴿فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ ٥٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الدُّخَانِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ): وَصَفَ سُبْحَانَهُ أَهْلَ البَاطِلِ بِاللَّهْوِ فِي أَوَاخِرِ (الزُّخْرُفِ) فَقَالَ: ﴿فَذَرۡهُمۡ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ ...٨٣﴾، وَوَصَفَهُم فِي أَوَّلِ (الدُّخَانِ) فَقَالَ: ﴿بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ يَلْعَبُونَ ٩﴾. |