الفتوحات المكية

المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الدخان: [الآية 37]

سورة الدخان
أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَٰهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ مُجْرِمِينَ ﴿37﴾

تفسير الجلالين:

قال تعالى: «أهم خير أم قوم تُبَّع» هو نبي أو رجل صالح «والذين من قبلهم» من الأمم «أهلكناهم» بكفرهم، والمعنى ليسوا أقوى منهم وأهلكوا «إنهم كانوا مجرمين».

تفسير الشيخ محي الدين:

فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)

قال عليّ رضي اللّه عنه : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ؛ فمن رجع إلى اللّه هذا الرجوع سعد ، وما أحسّ بالرجوع المحتوم الاضطراري ، فإنه ما جاءه إلا وهو هناك عند اللّه ، فغاية ما يكون الموت المعلوم في حقه ، أن نفسه التي هي عند اللّه يحال بينها وبين تدبير هذا الجسم الذي كانت تدبره ، فتبقى مع الحق على حالها ، وينقلب هذا الجسد إلى أصله وهو التراب الذي منه نشأت ذاته ، فكأن دارا رحل عنها ساكنها ، فأنزله الملك في مقعد صدق عنده إلى يوم يبعثون ، ويكون حاله في بعثه كذلك لا يتغير عليه حال ، من كونه مع الحق لا من حيث ما يعطيه الحق مع الأنفاس ، وهكذا في الحشر العام وفي الجنان التي هي مقره ومسكنه .

------------

(57) الفتوحات ج 3 / 223

تفسير ابن كثير:

ثم قال تعالى متهددا لهم ، ومتوعدا ومنذرا لهم بأسه الذي لا يرد ، كما حل بأشباههم ونظرائهم من المشركين والمنكرين للبعث وكقوم تبع - وهم سبأ - حيث أهلكهم الله وخرب بلادهم ، وشردهم في البلاد ، وفرقهم شذر مذر ، كما تقدم ذلك في سورة سبأ ، وهي مصدرة بإنكار المشركين للمعاد . وكذلك هاهنا شبههم بأولئك ، وقد كانوا عربا من قحطان كما أن هؤلاء عرب من عدنان ، وقد كانت حمير - وهم سبأ - كلما ملك فيهم رجل سموه تبعا ، كما يقال : كسرى لمن ملك الفرس ، وقيصر لمن ملك الروم ، وفرعون لمن ملك مصر كافرا ، والنجاشي لمن ملك الحبشة ، وغير ذلك من أعلام الأجناس . ولكن اتفق أن بعض تبابعتهم خرج من اليمن وسار في البلاد حتى وصل إلى سمرقند ، واشتد ملكه وعظم سلطانه وجيشه ، واتسعت مملكته وبلاده ، وكثرت رعاياه وهو الذي مصر الحيرة فاتفق أنه مر بالمدينة النبوية وذلك في أيام الجاهلية ، فأراد قتال أهلها فمانعوه وقاتلوه بالنهار ، وجعلوا يقرونه بالليل ، فاستحيا منهم وكف عنهم ، واستصحب معه حبرين من أحبار يهود كانا قد نصحاه وأخبراه أنه لا سبيل له على هذه البلدة ; فإنها مهاجر نبي يكون في آخر الزمان ، فرجع عنها وأخذهما معه إلى بلاد اليمن ، فلما اجتاز بمكة أراد هدم الكعبة فنهياه [ عن ذلك ] أيضا ، وأخبراه بعظمة هذا البيت ، وأنه من بناية إبراهيم الخليل وأنه سيكون له شأن عظيم على يدي ذلك النبي المبعوث في آخر الزمان ، فعظمها وطاف بها ، وكساها الملاء والوصائل والحبير . ثم كر راجعا إلى اليمن ودعا أهلها إلى التهود معه ، وكان إذ ذاك دين موسى ، عليه السلام ، فيه من يكون على الهداية قبل بعثة المسيح ، عليه السلام ، فتهود معه عامة أهل اليمن . وقد ذكر القصة بطولها الإمام محمد بن إسحاق في كتابه " السيرة " وقد ترجمه الحافظ ابن عساكر في تاريخه ترجمة حافلة ، أورد فيها أشياء كثيرة مما ذكرنا وما لم نذكر . وذكر أنه ملك دمشق ، وأنه كان إذا استعرض الخيل صفت له من دمشق إلى اليمن ، ثم ساق من طريق عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما أدري : الحدود طهارة لأهلها أم لا ؟ ولا أدري تبع لعينا كان أم لا ؟ ولا أدري ذو القرنين نبيا كان أم ملكا ؟ " وقال غيره : " أعزيرا كان نبيا أم لا ؟ " . وكذا رواه ابن أبي حاتم ، عن محمد بن حماد الظهراني ، عن عبد الرزاق .

قال الدارقطني : تفرد به عبد الرزاق . ثم روى ابن عساكر من طريق محمد بن كريب ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، مرفوعا : " عزير لا أدري أنبيا كان أم لا ؟ ولا أدري ألعين تبع أم لا ؟ " .

ثم أورد ما جاء في النهي عن سبه ولعنته ، كما سيأتي . وكأنه - والله أعلم - كان كافرا ثم أسلم وتابع دين الكليم على يدي من كان من أحبار اليهود في ذلك الزمان على الحق قبل بعثة المسيح ، عليه السلام ، وحج البيت في زمن الجرهميين ، وكساه الملاء والوصائل من الحرير والحبر ونحر عنده ستة آلاف بدنة وعظمه وأكرمه . ثم عاد إلى اليمن . وقد ساق قصته بطولها الحافظ ابن عساكر ، من طرق متعددة مطولة مبسوطة ، عن أبي بن كعب وعبد الله بن سلام ، وعبد الله بن عباس وكعب الأحبار . وإليه المرجع في ذلك كله ، وإلى عبد الله بن سلام أيضا ، وهو أثبت وأكبر وأعلم . وكذا روى قصته وهب بن منبه ، ومحمد بن إسحاق في السيرة كما هو مشهور فيها . وقد اختلط على الحافظ ابن عساكر في بعض السياقات ترجمة تبع هذا بترجمة آخر متأخر عنه بدهر طويل ، فإن تبعا هذا المشار إليه في القرآن أسلم قومه على يديه ، ثم لما مات عادوا بعده إلى عبادة الأصنام والنيران ، فعاقبهم الله تعالى كما ذكره في سورة سبأ ، وقد بسطنا قصتهم هنالك ، ولله الحمد والمنة .

وقال سعيد بن جبير : كسا تبع الكعبة ، وكان سعيد ينهى عن سبه .

وتبع هذا هو تبع الأوسط ، واسمه أسعد أبو كريب بن ملكيكرب اليماني ذكروا أنه ملك على قومه ثلاثمائة سنة وستا وعشرين سنة ، ولم يكن في حمير أطول مدة منه ، وتوفي قبل مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنحو من سبعمائة عام . وذكروا أنه لما ذكر له الحبران من يهود المدينة أن هذه البلدة مهاجر نبي آخر في الزمان ، اسمه أحمد ، قال في ذلك شعرا واستودعه عند أهل المدينة . وكانوا يتوارثونه ويروونه خلفا عن سلف . وكان ممن يحفظه أبو أيوب خالد بن زيد الذي نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في داره ، وهو :

شهدت على أحمد أنه رسول من الله باري النسم فلو مد عمري إلى عمره

لكنت وزيرا له وابن عم وجاهدت بالسيف أعداءه

وفرجت عن صدره كل غم

وذكر ابن أبي الدنيا أنه حفر قبر بصنعاء في الإسلام ، فوجدوا فيه امرأتين صحيحتين ، وعند رءوسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب : " هذا قبر حبى ولميس - وروي : حبى وتماضر - ابنتي تبع ماتتا ، وهما تشهدان أن لا إله إلا الله ولا تشركان به شيئا ، وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما .

وقد ذكرنا في " سورة سبأ " شعر سبأ في ذلك أيضا .

قال قتادة : ذكر لنا أن كعبا كان يقول في تبع : نعت نعت الرجل الصالح ، ذم الله تعالى قومه ولم يذمه ، قال : وكانت عائشة تقول : لا تسبوا تبعا ; فإنه قد كان رجلا صالحا .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا صفوان ، حدثنا الوليد ، حدثنا عبد الله ابن لهيعة عن أبي زرعة - يعني عمرو بن جابر الحضرمي - قال : سمعت سهل بن سعد الساعدي يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تسبوا تبعا ; فإنه قد كان أسلم " .

ورواه الإمام أحمد في مسنده عن حسن بن موسى ، عن ابن لهيعة ، به .

وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن علي الأبار ، حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا سفيان ، عن سماك بن حرب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تسبوا تبعا ; فإنه قد أسلم " .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما أدري ، تبع نبيا كان أم غير نبي " .

وتقدم بهذا السند من رواية ابن أبي حاتم كما أورده ابن عساكر : " لا أدري تبع كان لعينا أم لا ؟ " . فالله أعلم .

ورواه ابن عساكر من طريق زكريا بن يحيى البدي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس موقوفا .

وقال عبد الرزاق : أخبرنا عمران أبو الهذيل ، أخبرني تميم بن عبد الرحمن قال : قال عطاء بن أبي رباح : لا تسبوا تبعا ; فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن سبه .


تفسير الطبري :

قوله تعالى: {أهم خير أم قوم تبع} هذا استفهام إنكار؛ أي إنهم مستحقون في هذا القول العذاب؛ إذ ليسوا خيرا من قوم تبع والأمم المهلكة، وإذا أهلكنا أولئك فكذا هؤلاء. وقيل : المعنى أهم أظهر نعمة وأكثر أموالا أم قوم تبع. وقيل : أهم أعز وأشد وأمنع أم قوم تبع. وليس المراد بتبع رجلا واحدا بل المراد به ملوك اليمن؛ فكانوا يسمون ملوكهم التبابعة. فتبع لقب للملك منهم كالخليفة للمسلمين، وكسرى للفرس، وقيصر للروم. وقال أبو عبيدة : سمي كل واحد منهم تباعا لأنه يتبع صاحب. قال الجوهري : والتبابعة ملوك اليمن، واحدهم تبع. والتبع أيضا الظل؛ وقال : يرد المياه حضيرة ونفيضة ** ورد القطاة إذا اسمأل التبع والتبع أيضا ضرب من الطير. وقال السهيلي : تبع اسم لكل ملك ملك اليمن والشِّحر وحضرموت. وإن ملك اليمن وحدها لم يقل له تبع؛ قاله المسعودي. فمن التبابعة : الحارث الرائش وهو ابن همال ذي سدد. وأبرهة ذو المنار. وعمرو ذو الأذعار. وشمر ابن مالك، الذي تنسب إليه سمرقند. وأفريقيس بن قيس، الذي ساق البربر إلى أفريقية من أرض كنعان، وبه سميت إفريقية. والظاهر من الآيات : أن الله سبحانه إنما أراد واحدا من هؤلاء، وكانت العرب تعرفه بهذا الاسم أشد من معرفة غيره؛ ولذلك قال عليه السلام : (ولا أدري أتبع لعين أم لا). ثم قد روي عنه أنه قال : (لا تسبوا تبعا فإنه كان مؤمنا) فهذا يدلك على أنه كان واحدا بعينه؛ وهو - والله أعلم - أبو كرب الذي كسا البيت بعد ما أراد غزوه، وبعد ما غزا المدينة وأراد خرابها، ثم انصرف عنها لما أخبر أنها مهاجر نبي اسمه أحمد. وقال شعرا أودعه عند أهلها؛ فكانوا يتوارثونه كابرا عن كابر إلى أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فأدوه إليه. ويقال : كان الكتاب والشعر عند أبي أيوب خالد بن زيد. وفيه : شهدت على أحمد أنــه ** رسول مـن الله باري النسم فلو مد عمري إلى عمره ** لــكنت وزيرا له وابن عم وذكر الزجاج وابن أبي الدنيا والزمخشري وغيرهم أنه حفر قبر له بصنعاء - ويقال بناحية حمير - في الإسلام، فوجد فيه امرأتان صحيحتان، وعند رءوسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب {هذا قبر حُبَّى ولميس} ويروى أيضا {حبي وتماضر} ويروى أيضا {هذا قبر رضوى وقبر حب ابنتا تبع، ماتتا وهما يشهدان أن لا إله إلا الله ولا يشركان به شيئا؛ وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما}. قلت : و""روى ابن إسحاق وغيره"" أنه كان في الكتاب الذي كتبه : (أما بعد، فإني آمنت بك وبكتابك الذي أنزل عليك، وأنا على دينك وسنتك، وآمنت بربك ورب كل شيء، وآمنت بكل ما جاء من ربك من شرائع الإسلام؛ فإن أدركتك فبها ونعمت، وإن لم أدركك فاشفع لي ولا تنسني يوم القيامة، فإني من أمتك الأولين وبايعتك قبل مجيئك، وأنا على ملتك وملة أبيك إبراهيم عليه السلام}. ثم ختم الكتاب ونقش عليه {لله الأمر من قبل ومن بعد} [الروم : 4]. وكتب على عنوانه (إلى محمد بن عبدالله نبي الله ورسوله، خاتم النبيين ورسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم. من تبع الأول. وقد ذكرنا بقية خبره وأوله في {اللمع اللؤلؤية شرح العشر بينات النبوية} للفارابي رحمه الله. وكان من اليوم الذي مات فيه تبع إلى اليوم الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم ألف سنة لا يزيد ولا ينقص. واختلف هل كان نبيا أو ملكا؛ فقال ابن عباس : كان تبع نبيا. وقال كعب : كان تبع ملكا من الملوك، وكان قومه كهانا وكان معهم قوم من أهل الكتاب، فأمر الفريقين أن يقرب كل فريق منهم قربانا ففعلوا، فتقبل قربان أهل الكتاب فأسلم، وقالت عائشة رضي الله عنها : لا تسبوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا. وحكى قتادة أن تبعا كان رجلا من حمير، سار بالجنود حتى عبر الحيرة وأتى سمرقند فهدمها؛ حكاه الماوردي. وحكى الثعلبي عن قتادة أنه تبع الحميري، وكان سار بالجنود حتى عبر الحيرة. وبنى سمرقند وقتل وهدم البلاد. وقال الكلبي : تبع هو أبو كرب أسعد بن ملكيكرب، وإنما سمي تبعا لأنه تبع من قبله. وقال سعيد بن جبير : هو الذي كسا البيت الحبرات. وقال كعب : ذم الله قومه ولم يذمه، وضرب بهم لقريش مثلا لقربهم من دارهم وعظمهم في نفوسهم؛ فلما أهلكهم الله تعالى ومن قبلهم - لأنهم كانوا مجرمين - كان من أجرم مع ضعف اليد وقلة العدد أحرى بالهلاك. وافتخر أهل اليمن بهذه الآية، إذ جعل الله قوم تبع خيرا من قريش. وقيل : سمي أولهم تبعا لأنه أتبع قرن الشمس وسافر في الشرق مع العساكر. قوله تعالى: {والذين من قبلهم أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين} {الذين} في موضع رفع عطف على {قوم تبع}. {أهلكناهم} صلته. ويكون {من قبلهم} متعلقا به. ويجوز أن يكون {من قبلهم} صلة {الذين} ويكون في الظرف عائد إلى الموصول. وإذا كان كذلك كان {أهلكناهم} على أحد أمرين : إما أن يقدر معه {قد} فيكون في موضع الحال. أو يقدر حذف موصوف؛ كأنه قال : قوم أهلكناهم. والتقدير أفلا تعتبرون أنا إذا قدرنا على إهلاك هؤلاء المذكورين قدرنا على إهلاك المشركين. ويجوز أن يكون {والذين من قبلهم} ابتداء خبره {أهلكناهم}. ويجوز أن يكون {الذين} في موضع جر عطفا على {تبع} كأنه قال : قوم تبع المهلكين من قبلهم. ويجوز أن يكون {الذين} في موضع نصب بإضمار فعل دل عليه {أهلكناهم}. والله أعلم. قوله تعالى: {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين} أي غافلين، قاله مقاتل. وقيل : لاهين؛ وهو قول الكلبي. {ما خلقناهما إلا بالحق} أي إلا بالأمر الحق؛ قاله مقاتل. وقيل : إلا للحق؛ قال الكلبي والحسن. وقيل : إلا لإقامة الحق لإظهاره من توحيد الله والتزام طاعته. وقد مضى هذا المعنى في {الأنبياء}. {ولكن أكثرهم} يعني أكثر الناس {لا يعلمون} ذلك.

التفسير الميسّر:

أهؤلاء المشركون خير أم قوم تُبَّع الحِمْيَري والذين مِن قبلهم من الأمم الكافرة بربها؟ أهلكناهم لإجرامهم وكفرهم، ليس هؤلاء المشركون بخير مِن أولئكم فنصفح عنهم، ولا نهلكهم، وهم بالله كافرون.

تفسير السعدي

قال تعالى: { أَهُمْ خَيْرٌ } أي: هؤلاء المخاطبون { أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ } فإنهم ليسوا خيرا منهم وقد اشتركوا في الإجرام فليتوقعوا من الهلاك ما أصاب إخوانهم المجرمين.


تفسير البغوي

( أهم خير أم قوم تبع ) أي ليسوا خيرا منهم ، يعني أقوى وأشد وأكثر من قوم تبع . قال قتادة : هو تبع الحميري ، وكان سار بالجيوش حتى حير الحيرة ، وبنى سمرقند وكان من ملوك اليمن ، سمي تبعا لكثرة أتباعه ، وكل واحد منهم يسمى : " تبعا " لأنه يتبع صاحبه ، وكان هذا يعبد النار فأسلم ودعا قومه إلى الإسلام وهم حمير ، فكذبوه وكان من خبره ما ذكره محمد بن إسحاق وغيره .

وذكر عكرمة عن ابن عباس قالوا : كان تبع الآخر وهو أسعد أبو كرب بن مليك [ جاء بكرب ] حين أقبل من المشرق وجعل طريقه على المدينة ، وقد كان حين مر بها خلف بين أظهرهم ابنا له فقتل غيلة ، فقدمها وهو مجمع لإخرابها واستئصال أهلها ، فجمع له هذا الحي من الأنصار حين سمعوا ذلك من أمره ، فخرجوا لقتاله وكان الأنصار يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل ، فأعجبه ذلك وقال : إن هؤلاء لكرام ، إذ جاءه حبران اسمهما : كعب وأسد من أحبار بني قريظة ، عالمان وكانا ابني عم ، حين سمعا ما يريد من إهلاك المدينة وأهلها ، فقالا له : أيها الملك لا تفعل فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها ، ولم نأمن عليك عاجل العقوبة . فإنها مهاجر نبي يخرج من هذا الحي من قريش اسمه محمد ، مولده مكة ، وهذه دار هجرته ومنزلك الذي أنت به يكون به من القتل والجراح أمر كبير في أصحابه ، وفي عدوهم . قال تبع : من يقاتله وهو نبي ؟ قالا يسير إليه قومه فيقتلون هاهنا ، فتناهى لقولهما عما كان يريد بالمدينة ، ثم إنهما دعواه إلى دينهما فأجابهما واتبعهما على دينهما وأكرمهما وانصرف عن المدينة ، وخرج بهما ونفر من اليهود عامدين إلى اليمن ، فأتاه في الطريق نفر من هذيل وقالوا : إنا ندلك على بيت فيه كنز من لؤلؤ وزبرجد وفضة ، قال : أي بيت ؟ قالوا : بيت بمكة ، وإنما تريد هذيل هلاكه لأنهم عرفوا أنه لم يرده أحد قط بسوء إلا هلك ، فذكر ذلك للأحبار ، فقالوا : ما نعلم لله في الأرض بيتا غير هذا البيت ، فاتخذه مسجدا وانسك عنده وانحر واحلق رأسك ، وما أراد القوم إلا هلاكك لأنه ما ناوأهم أحد قط إلا هلك ، فأكرمه واصنع عنده ما يصنع أهله ، فلما قالوا له ذلك أخذ النفر من هذيل فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ثم صلبهم ، فلما قدم مكة نزل الشعب شعب البطائح ، وكسا البيت الوصائل ، وهو أول من كسا البيت ، ونحر بالشعب ستة آلاف بدنة ، وأقام به ستة أيام وطاف به وحلق وانصرف ، فلما دنا من اليمن ليدخلها حالت حمير بين ذلك وبينه ، قالوا : لا تدخل علينا وقد فارقت ديننا ، فدعاهم إلى دينه وقال إنه دين خير من دينكم ، قالوا : فحاكمنا إلى النار ، وكانت باليمن نار في أسفل جبل يتحاكمون إليها فيما يختلفون فيه ، فتأكل الظالم ولا تضر المظلوم ، فقال تبع : أنصفتم ، فخرج القوم بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه ، فخرجت النار فأقبلت حتى غشيتهم ، فأكلت الأوثان وما قربوا معها ، ومن حمل ذلك من رجال حمير ، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما ، يتلوان التوراة تعرق جباههما لم تضرهما ، ونكصت النار حتى رجعت إلى مخرجها الذي خرجت منه فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما ، فمن هنالك كان أصل اليهودية في اليمن .

وذكر أبو حاتم عن الرقاشي قال : كان أبو كرب أسعد الحميري من التبابعة ، آمن بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يبعث بسبعمائة سنة .

وذكر لنا أن كعبا كان يقول : ذم الله قومه ولم يذمه .

وكانت عائشة تقول : لا تسبوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا .

وقال سعيد بن جبير : هو الذي كسا البيت .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه الدينوري ، حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن سهل بن سعد قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم " .

أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني ابن فنجويه ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن علي بن سالم الهمداني ، حدثنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر النيسابوري ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر عن ابن أبي ذئب ، عن المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما أدري تبع نبيا كان أو غير نبي " . ( والذين من قبلهم ) من الأمم الكافرة . ( أهلكناهم إنهم كانوا مجرمين ) .


الإعراب:

(أَ هُمْ) الهمزة حرف استفهام إنكاري و(هُمْ) مبتدأ (خَيْرٌ) خبر والجملة مستأنفة (أَمْ) حرف عطف (قَوْمُ) معطوف على الضمير (تُبَّعٍ) مضاف إليه (وَ الَّذِينَ) معطوف على قوم (مِنْ قَبْلِهِمْ) متعلقان بمحذوف صلة الموصول (أَهْلَكْناهُمْ) ماض وفاعله ومفعوله والجملة حالية (إِنَّهُمْ) إن واسمها (كانُوا) كان واسمها (مُجْرِمِينَ) خبرها والجملة الفعلية خبر إن والجملة الاسمية تعليل

---

Traslation and Transliteration:

Ahum khayrun am qawmu tubbaAAin waallatheena min qablihim ahlaknahum innahum kanoo mujrimeena

بيانات السورة

اسم السورة سورة الدخان (Ad-Dukhan - The Smoke)
ترتيبها 44
عدد آياتها 59
عدد كلماتها 346
عدد حروفها 1439
معنى اسمها (دُخَانُ) النَّارِ مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ (دَوَاخِنُ)، وَهُوَ عَلامَةٌ عَلَى الشَّرِّ وَالعَذَابِ
سبب تسميتها انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ آيَةِ الْعَذَابِ بِالدُّخَانِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا
أسماؤها الأخرى اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الدُّخَان)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الدُّخَانْ)
مقاصدها إِنْذَارُ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ كَفَّارٍ، وَتَخْوِيفُهُمْ بِعَذَابِ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
أسباب نزولها سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ
فضلها هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد). مِنَ النَّظَائِرِ التِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّوِيْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقرَأُ النَّظائِرَ؛ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ (... والدُّخَانَ، وِإذَا الشَّمْسُ كوِّرَتْ) في رَكعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد)
مناسبتها مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الدُّخَانِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ ارْتِقَابِ سُنَّةِ اللهِ فِي المُكَذِّبِينَ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ ١٠﴾، وَقَالَ فِي آخِرِ آيَةٍ مِنْهَا: ﴿فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ ٥٩﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الدُّخَانِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ): وَصَفَ سُبْحَانَهُ أَهْلَ البَاطِلِ بِاللَّهْوِ فِي أَوَاخِرِ (الزُّخْرُفِ) فَقَالَ: ﴿فَذَرۡهُمۡ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ ...٨٣﴾، وَوَصَفَهُم فِي أَوَّلِ (الدُّخَانِ) فَقَالَ: ﴿بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ يَلْعَبُونَ ٩﴾.
اختر الًجزء:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
اختر السورة:
1 - ﴿الفاتحة﴾
2 - ﴿البقرة﴾
3 - ﴿آل عمران﴾
4 - ﴿النساء﴾
5 - ﴿المائدة﴾
6 - ﴿الأنعام﴾
7 - ﴿الأعراف﴾
8 - ﴿الأنفال﴾
9 - ﴿التوبة﴾
10 - ﴿يونس﴾
11 - ﴿هود﴾
12 - ﴿يوسف﴾
13 - ﴿الرعد﴾
14 - ﴿إبراهيم﴾
15 - ﴿الحجر﴾
16 - ﴿النحل﴾
17 - ﴿الإسراء﴾
18 - ﴿الكهف﴾
19 - ﴿مريم﴾
20 - ﴿طه﴾
21 - ﴿الأنبياء﴾
22 - ﴿الحج﴾
23 - ﴿المؤمنون﴾
24 - ﴿النور﴾
25 - ﴿الفرقان﴾
26 - ﴿الشعراء﴾
27 - ﴿النمل﴾
28 - ﴿القصص﴾
29 - ﴿العنكبوت﴾
30 - ﴿الروم﴾
31 - ﴿لقمان﴾
32 - ﴿السجدة﴾
33 - ﴿الأحزاب﴾
34 - ﴿سبأ﴾
35 - ﴿فاطر﴾
36 - ﴿يس﴾
37 - ﴿الصافات﴾
38 - ﴿ص﴾
39 - ﴿الزمر﴾
40 - ﴿غافر﴾
41 - ﴿فصلت﴾
42 - ﴿الشورى﴾
43 - ﴿الزخرف﴾
44 - ﴿الدخان﴾
45 - ﴿الجاثية﴾
46 - ﴿الأحقاف﴾
47 - ﴿محمد﴾
48 - ﴿الفتح﴾
49 - ﴿الحجرات﴾
50 - ﴿ق﴾
51 - ﴿الذاريات﴾
52 - ﴿الطور﴾
53 - ﴿النجم﴾
54 - ﴿القمر﴾
55 - ﴿الرحمن﴾
56 - ﴿الواقعة﴾
57 - ﴿الحديد﴾
58 - ﴿المجادلة﴾
59 - ﴿الحشر﴾
60 - ﴿الممتحنة﴾
61 - ﴿الصف﴾
62 - ﴿الجمعة﴾
63 - ﴿المنافقون﴾
64 - ﴿التغابن﴾
65 - ﴿الطلاق﴾
66 - ﴿التحريم﴾
67 - ﴿الملك﴾
68 - ﴿القلم﴾
69 - ﴿الحاقة﴾
70 - ﴿المعارج﴾
71 - ﴿نوح﴾
72 - ﴿الجن﴾
73 - ﴿المزمل﴾
74 - ﴿المدثر﴾
75 - ﴿القيامة﴾
76 - ﴿الإنسان﴾
77 - ﴿المرسلات﴾
78 - ﴿النبأ﴾
79 - ﴿النازعات﴾
80 - ﴿عبس﴾
81 - ﴿التكوير﴾
82 - ﴿الانفطار﴾
83 - ﴿المطففين﴾
84 - ﴿الانشقاق﴾
85 - ﴿البروج﴾
86 - ﴿الطارق﴾
87 - ﴿الأعلى﴾
88 - ﴿الغاشية﴾
89 - ﴿الفجر﴾
90 - ﴿البلد﴾
91 - ﴿الشمس﴾
92 - ﴿الليل﴾
93 - ﴿الضحى﴾
94 - ﴿الشرح﴾
95 - ﴿التين﴾
96 - ﴿العلق﴾
97 - ﴿القدر﴾
98 - ﴿البينة﴾
99 - ﴿الزلزلة﴾
100 - ﴿العاديات﴾
101 - ﴿القارعة﴾
102 - ﴿التكاثر﴾
103 - ﴿العصر﴾
104 - ﴿الهمزة﴾
105 - ﴿الفيل﴾
106 - ﴿قريش﴾
107 - ﴿الماعون﴾
108 - ﴿الكوثر﴾
109 - ﴿الكافرون﴾
110 - ﴿النصر﴾
111 - ﴿المسد﴾
112 - ﴿الإخلاص﴾
113 - ﴿الفلق﴾
114 - ﴿الناس﴾
اختر الًصفحة:
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
207
208
209
210
211
212
213
214
215
216
217
218
219
220
221
222
223
224
225
226
227
228
229
230
231
232
233
234
235
236
237
238
239
240
241
242
243
244
245
246
247
248
249
250
251
252
253
254
255
256
257
258
259
260
261
262
263
264
265
266
267
268
269
270
271
272
273
274
275
276
277
278
279
280
281
282
283
284
285
286
287
288
289
290
291
292
293
294
295
296
297
298
299
300
301
302
303
304
305
306
307
308
309
310
311
312
313
314
315
316
317
318
319
320
321
322
323
324
325
326
327
328
329
330
331
332
333
334
335
336
337
338
339
340
341
342
343
344
345
346
347
348
349
350
351
352
353
354
355
356
357
358
359
360
361
362
363
364
365
366
367
368
369
370
371
372
373
374
375
376
377
378
379
380
381
382
383
384
385
386
387
388
389
390
391
392
393
394
395
396
397
398
399
400
401
402
403
404
405
406
407
408
409
410
411
412
413
414
415
416
417
418
419
420
421
422
423
424
425
426
427
428
429
430
431
432
433
434
435
436
437
438
439
440
441
442
443
444
445
446
447
448
449
450
451
452
453
454
455
456
457
458
459
460
461
462
463
464
465
466
467
468
469
470
471
472
473
474
475
476
477
478
479
480
481
482
483
484
485
486
487
488
489
490
491
492
493
494
495
496
497
498
499
500
501
502
503
504
505
506
507
508
509
510
511
512
513
514
515
516
517
518
519
520
521
522
523
524
525
526
527
528
529
530
531
532
533
534
535
536
537
538
539
540
541
542
543
544
545
546
547
548
549
550
551
552
553
554
555
556
557
558
559
560
561
562
563
564
565
566
567
568
569
570
571
572
573
574
575
576
577
578
579
580
581
582
583
584
585
586
587
588
589
590
591
592
593
594
595
596
597
598
599
600
601
602
603
604


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!