المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الدخان: [الآية 29]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الدخان | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)
قال عليّ رضي اللّه عنه : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ؛ فمن رجع إلى اللّه هذا الرجوع سعد ، وما أحسّ بالرجوع المحتوم الاضطراري ، فإنه ما جاءه إلا وهو هناك عند اللّه ، فغاية ما يكون الموت المعلوم في حقه ، أن نفسه التي هي عند اللّه يحال بينها وبين تدبير هذا الجسم الذي كانت تدبره ، فتبقى مع الحق على حالها ، وينقلب هذا الجسد إلى أصله وهو التراب الذي منه نشأت ذاته ، فكأن دارا رحل عنها ساكنها ، فأنزله الملك في مقعد صدق عنده إلى يوم يبعثون ، ويكون حاله في بعثه كذلك لا يتغير عليه حال ، من كونه مع الحق لا من حيث ما يعطيه الحق مع الأنفاس ، وهكذا في الحشر العام وفي الجنان التي هي مقره ومسكنه .
------------
(57) الفتوحات ج 3 / 223تفسير ابن كثير:
وقوله : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) أي : لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم ، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله فيها فقدتهم ; فلهذا استحقوا ألا ينظروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم ، وعتوهم وعنادهم .
قال الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده : حدثنا أحمد بن إسحاق البصري ، حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا موسى بن عبيدة ، حدثني يزيد الرقاشي ، حدثني أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من عبد إلا وله في السماء بابان : باب يخرج منه رزقه ، وباب يدخل منه عمله وكلامه ، فإذا مات فقداه وبكيا عليه " وتلا هذه الآية : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) وذكر أنهم لم يكونوا عملوا على الأرض عملا صالحا يبكي عليهم . ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ، ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم .
ورواه ابن أبي حاتم من حديث موسى بن عبيدة وهو الربذي .
وقال ابن جرير : حدثني يحيى بن طلحة ، حدثني عيسى بن يونس ، عن صفوان بن عمرو ، عن شريح بن عبيد الحضرمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا . ألا لا غربة على مؤمن ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض " . ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) ثم قال : " إنهما لا يبكيان على الكافر " .
وقال ابن أبى حاتم : حدثنا أحمد بن عصام حدثنا أبو أحمد - يعني الزبيري - حدثنا العلاء بن صالح ، عن المنهال بن عمرو ، عن عباد بن عبد الله قال : سأل رجل عليا رضي الله عنه : هل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ فقال له : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك ، إنه ليس [ من ] عبد إلا له مصلى في الأرض ، ومصعد عمله من السماء . وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض ، ولا عمل يصعد في السماء ، ثم قرأ علي ، رضي الله عنه ( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين )
وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن منصور ، عن منهال ، عن سعيد بن جبير قال : أتى ابن عباس رجل فقال : يا أبا عباس أرأيت قول الله : ( فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ) فهل تبكي السماء والأرض على أحد ؟ قال : نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا وله باب في السماء منه ينزل رزقه ، وفيه يصعد عمله ، فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء الذي كان يصعد فيه عمله وينزل منه رزقه بكى عليه ، وإذا فقد مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها بكت عليه ، وإن قوم فرعون لم تكن لهم في الأرض آثار صالحة ، ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير ، فلم تبك عليهم السماء والأرض .
وروى العوفي ، عن ابن عباس ، نحو هذا .
وقال سفيان الثوري ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد ، عن ابن عباس [ رضي الله عنهما ] قال : كان يقال : تبكي الأرض على المؤمن أربعين صباحا . وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، وغير واحد .
وقال مجاهد أيضا : ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا ، قال : فقلت له : أتبكي الأرض ؟ فقال : أتعجب ؟ وما للأرض لا تبكي على عبد ، كان يعمرها بالركوع والسجود ؟ وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتكبيره وتسبيحه فيها دوي كدوي النحل ؟
وقال قتادة : كانوا أهون على الله من أن تبكي عليهم السماء والأرض .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا عبد السلام بن عاصم ، حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا المستورد بن سابق ، عن عبيد المكتب ، عن إبراهيم قال : ما بكت السماء منذ كانت الدنيا إلا على اثنين قلت لعبيد : أليس السماء والأرض تبكي على المؤمن ؟ قال : ذاك مقامه حيث يصعد عمله . قال : وتدري ما بكاء السماء ؟ قلت لا قال : تحمر وتصير وردة كالدهان ، إن يحيى بن زكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما . وإن حسين بن علي لما قتل احمرت السماء .
وحدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أبو غسان محمد بن عمرو - زنيج - حدثنا جرير ، عن يزيد بن أبي زياد قال : لما قتل حسين بن علي ، رضي الله عنهما ، احمرت آفاق السماء أربعة أشهر . قال يزيد : واحمرارها بكاؤها . وهكذا قال السدي الكبير .
وقال عطاء الخراساني : بكاؤها : أن تحمر أطرافها .
وذكروا أيضا في مقتل الحسين أنه ما قلب حجر يومئذ إلا وجد تحته دم عبيط ، وأنه كسفت الشمس ، واحمر الأفق ، وسقطت حجارة . وفي كل من ذلك نظر ، والظاهر أنه من سخف الشيعة وكذبهم ، ليعظموا الأمر - ولا شك أنه عظيم - ولكن لم يقع هذا الذي اختلقوه وكذبوه ، وقد وقع ما هو أعظم من [ ذلك ] ، قتل الحسين رضي الله عنه ولم يقع شيء مما ذكروه ، فإنه قد قتل أبوه علي بن أبي طالب ، وهو أفضل منه بالإجماع ولم يقع [ شيء من ] ذلك ، وعثمان بن عفان قتل محصورا مظلوما ، ولم يكن شيء من ذلك . وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قتل في المحراب في صلاة الصبح ، وكأن المسلمين لم تطرقهم مصيبة قبل ذلك ، ولم يكن شيء من ذلك . وهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد البشر في الدنيا والآخرة يوم مات لم يكن شيء مما ذكروه . ويوم مات إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - خسفت الشمس فقال الناس : [ الشمس ] خسفت لموت إبراهيم ، فصلى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الكسوف ، وخطبهم وبين لهم أن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ } أي: لما أتلفهم الله وأهلكهم لم تبك عليهم السماء والأرض أي: لم يحزن عليهم ولم يؤس على فراقهم، بل كل استبشر بهلاكهم وتلفهم حتى السماء والأرض لأنهم ما خلفوا من آثارهم إلا ما يسود وجوههم ويوجب عليهم اللعنة والمقت من العالمين.
{ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ } أي: ممهلين عن العقوبة بل اصطلمتهم في الحال.
تفسير البغوي
( فما بكت عليهم السماء والأرض ) وذلك أن المؤمن إذا مات تبكي عليه السماء والأرض أربعين صباحا ، وهؤلاء لم يكن يصعد لهم عمل صالح فتبكي السماء على فقده ، ولا لهم على الأرض عمر صالح فتبكي الأرض عليه .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو عبد الله الفنجوي ، حدثنا أبو علي المقري ، حدثنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا أحمد بن إسحاق البصري ، حدثنا مكي بن إبراهيم ، حدثنا موسى بن عبيدة الربذي ، أخبرني يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما من عبد إلا له في السماء بابان باب يخرج منه رزقه ، وباب يدخل فيه عمله ، فإذا مات فقداه وبكيا عليه " وتلا " فما بكت عليهم السماء والأرض " .
قال عطاء : بكاء السماء حمرة أطرافها .
قال السدي : لما قتل الحسين بن علي بكت عليه السماء ، وبكاؤها حمرتها .
( وما كانوا منظرين ) لم ينظروا حين أخذهم العذاب لتوبة ولا لغيرها .
الإعراب:
(فَما) الفاء استئنافية وما نافية (بَكَتْ) ماض (عَلَيْهِمُ) متعلقان بالفعل (السَّماءُ) فاعل (وَ الْأَرْضُ) معطوف على السماء والجملة مستأنفة (وَ ما) الواو حرف عطف وما نافية (كانُوا مُنْظَرِينَ) كان واسمها وخبرها والجملة معطوفة على ما قبلها