«كم تركوا من جنات» بساتين «وعيون» تجري.
فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)
قال عليّ رضي اللّه عنه : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ؛ فمن رجع إلى اللّه هذا الرجوع سعد ، وما أحسّ بالرجوع المحتوم الاضطراري ، فإنه ما جاءه إلا وهو هناك عند اللّه ، فغاية ما يكون الموت المعلوم في حقه ، أن نفسه التي هي عند اللّه يحال بينها وبين تدبير هذا الجسم الذي كانت تدبره ، فتبقى مع الحق على حالها ، وينقلب هذا الجسد إلى أصله وهو التراب الذي منه نشأت ذاته ، فكأن دارا رحل عنها ساكنها ، فأنزله الملك في مقعد صدق عنده إلى يوم يبعثون ، ويكون حاله في بعثه كذلك لا يتغير عليه حال ، من كونه مع الحق لا من حيث ما يعطيه الحق مع الأنفاس ، وهكذا في الحشر العام وفي الجنان التي هي مقره ومسكنه .
------------
(57) الفتوحات ج 3 /
223
وهي البساتين "وعيون وزروع" والمراد بها الأنهار والآبار.
قوله تعالى: {كم تركوا من جنات وعيون. وزروع ومقام كريم} {كم} للكثير. وقد مضى الكلام في معنى هذه الآية. {ونعمة كانوا فيها فاكهين} النعمة بالفتح التنعيم، يقال : نعمه الله وناعمه فتنعم. وامرأة منعمة ومناعمة، بمعنى. والنعمة بالكسر : اليد والصنيعة والمنة وما أنعم به عليك. وكذلك النعمى. فإن فتحت النون مددت وقلت : النعماء. والنعيم مثله. وفلان واسع النعمة، أي واسع المال؛ جميعه عن الجوهري. وقال ابن عمر : المراد بالنعمة نيل مصر. ابن لهيعة : الفيوم. ابن زياد : أرض مصر لكثرة خيرها. وقيل : ما كانوا فيه من السعة والدعة. وقد يقال : نعمة ونعمة بفتح النون وكسرها، حكاه الماوردي. قال : وفي الفرق بينهما وجهان : أحدهما : أنها بكسر النون في الملك، وبفتحها في البدن والدين، قاله النضير بن شميل. الثاني : أنها بالكسر من المنة وهو الإفضال والعطية؛ وبالفتح من التنعيم وهو سعة العيش والراحة؛ قال ابن زياد. قلت : هذا الفرق هو الذي وقع في الصحاح وقد ذكرناه. وقرأ أبو رجاء والحسن وأبو الأشهب والأعرج وأبو جعفر وشيبة {فكهين} بغير ألف، ومعناه أشرين بطرين. قال الجوهري : فكة الرجل بالكسر فهو فكه إذا كان طيب النفس مزاحا. والفكه أيضا الأشر البطِر. وقرئ {ونعمة كانوا فيها فكهين} أي أشرين بطرين. و{فاكهين} أي ناعمين. القشيري {فاكهين} لاهين مازحين، يقال : إنه لفاكه أي مزاح. وفيه فكاهة أي مزح. الثعلبي : وهما لغتان كالحاذر والحذِر، والفاره والفرِه. وقيل : إن الفاكه هو المستمتع بأنواع اللذة كما يتمتع الآكل بأنواع الفاكهة. والفاكهة : فضل عن القوت الذي لا بد منه.
كم ترك فرعون وقومه بعد مهلكهم وإغراق الله إياهم من بساتين وجنات ناضرة، وعيون من الماء جارية، وزروع ومنازل جميلة، وعيشة كانوا فيها متنعمين مترفين.
وتركوا ما متعوا به من الحياة الدنيا وأورثه الله بني إسرائيل الذين كانوا مستعبدين لهم ولهذا قال: { كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ }
فقال : ( كم تركوا ) [ يعني بعد الغرق ] ( من جنات وعيون)
(كَمْ) خبرية في محل نصب مفعول به مقدم (تَرَكُوا) ماض وفاعله (مِنْ جَنَّاتٍ) متعلقان بمحذوف حال (وَعُيُونٍ) معطوف على جنات.
Traslation and Transliteration:
Kam tarakoo min jannatin waAAuyoonin
How many were the gardens and the watersprings that they left behind,
Nice bahçeler terkettiler ve nice akarsular.
Que de jardins et de sources ils laissèrent [derrière eux]
Wie viele Dschannat und Quellen sie hinterließen,
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الدخان (Ad-Dukhan - The Smoke) |
ترتيبها |
44 |
عدد آياتها |
59 |
عدد كلماتها |
346 |
عدد حروفها |
1439 |
معنى اسمها |
(دُخَانُ) النَّارِ مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ (دَوَاخِنُ)، وَهُوَ عَلامَةٌ عَلَى الشَّرِّ وَالعَذَابِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ آيَةِ الْعَذَابِ بِالدُّخَانِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الدُّخَان)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الدُّخَانْ) |
مقاصدها |
إِنْذَارُ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ كَفَّارٍ، وَتَخْوِيفُهُمْ بِعَذَابِ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد).
مِنَ النَّظَائِرِ التِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّوِيْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقرَأُ النَّظائِرَ؛ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ (... والدُّخَانَ، وِإذَا الشَّمْسُ كوِّرَتْ) في رَكعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الدُّخَانِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ ارْتِقَابِ سُنَّةِ اللهِ فِي المُكَذِّبِينَ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ ١٠﴾، وَقَالَ فِي آخِرِ آيَةٍ مِنْهَا: ﴿فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ ٥٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الدُّخَانِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ): وَصَفَ سُبْحَانَهُ أَهْلَ البَاطِلِ بِاللَّهْوِ فِي أَوَاخِرِ (الزُّخْرُفِ) فَقَالَ: ﴿فَذَرۡهُمۡ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ ...٨٣﴾، وَوَصَفَهُم فِي أَوَّلِ (الدُّخَانِ) فَقَالَ: ﴿بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ يَلْعَبُونَ ٩﴾. |