اذكر «يوم نبطش البطشة الكبرى» هو يوم بدر «إنا منتقمون» منهم والبطش الأخذ بقوة.
فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)
قال عليّ رضي اللّه عنه : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ؛ فمن رجع إلى اللّه هذا الرجوع سعد ، وما أحسّ بالرجوع المحتوم الاضطراري ، فإنه ما جاءه إلا وهو هناك عند اللّه ، فغاية ما يكون الموت المعلوم في حقه ، أن نفسه التي هي عند اللّه يحال بينها وبين تدبير هذا الجسم الذي كانت تدبره ، فتبقى مع الحق على حالها ، وينقلب هذا الجسد إلى أصله وهو التراب الذي منه نشأت ذاته ، فكأن دارا رحل عنها ساكنها ، فأنزله الملك في مقعد صدق عنده إلى يوم يبعثون ، ويكون حاله في بعثه كذلك لا يتغير عليه حال ، من كونه مع الحق لا من حيث ما يعطيه الحق مع الأنفاس ، وهكذا في الحشر العام وفي الجنان التي هي مقره ومسكنه .
------------
(57) الفتوحات ج 3 /
223
وقوله تعالى : ( يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون ) فسر ذلك ابن مسعود بيوم بدر . وهذا قول جماعة ممن وافق ابن مسعود على تفسيره الدخان بما تقدم ، وروي أيضا عن ابن عباس [ وجماعة ] من رواية العوفي ، عنه . وعن أبي بن كعب وجماعة ، وهو محتمل .
والظاهر أن ذلك يوم القيامة ، وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضا .
قال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن علية ، حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة قال : قال ابن عباس : قال ابن مسعود : البطشة الكبرى يوم بدر ، وأنا أقول : هي يوم القيامة .
وهذا إسناد صحيح عنه ، وبه يقول الحسن البصري ، وعكرمة في أصح الروايتين ، عنه .
قوله تعالى: {يوم} محمول على ما دل عليه {منتقمون}؛ أي ننتقم منهم يوم نبطش. وأبعده بعض النحويين بسبب أن ما بعد {إن} لا يفسر ما قبلها. وقيل : إن العامل فيه {منتقمون}. وهو بعيد أيضا؛ لأن ما بعد {إن} لا يعمل فيما قبلها. ولا يحسن تعلقه بقوله: {عائدون} ولا بقوله: {إنا كاشفوا العذاب}؛ إذ ليس المعنى عليه. ويجوز نصبه بإضمار فعل؛ كأنه قال : ذكرهم أو أذكر. ويجوز أن يكون المعنى فإنهم عائدون، فإذا عدتم أنتقم منكم يوم نبطش البطشة الكبرى. ولهذا وصل هذا بقصة فرعون، فإنهم وعدوا موسى الإيمان إن كشف عنهم العذاب، ثم لم يؤمنوا حتى غرقوا. وقيل: {إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون} كلام تام. ثم ابتدأ {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} أي ننتقم من جميع الكفار. وقيل : المعنى وارتقب الدخان وارتقب يوم نبطش، فحذف واو العطف؛ كما تقول : اتق النار اتق العذاب. و{البطشة الكبرى} في قول ابن مسعود : يوم بدر. وهو قول ابن عباس وأبي بن كعب ومجاهد والضحاك. وقيل : عذاب جهنم يوم القيامة؛ قال الحسن وعكرمة وابن عباس أيضا، واختاره الزجاج. وقيل : دخان يقع في الدنيا، أوجوع أو قحط يقع قبل يوم القيامة. الماوردي : ويحتمل أنها قيام الساعة؛ لأنها خاتمة : بطشاته في الدنيا. ويقال : انتقم الله منه؛ أي عاقبه. والاسم منه النقمة والجمع النقمات. وقيل بالفرق بين النقمة والعقوبة؛ فالعقوبة بعد المعصية لأنها من العاقبة. والنقمة قد تكون قبلها؛ قال ابن عباس. وقيل : العقوبة ما تقدرت والانتقام غير مقدر.
يوم نعذب جميع الكفار العذاب الأكبر يوم القيامة وهو يوم انتقامنا منهم.
وأن قوله تعالى: { إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ * يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ } أن هذا ما وقع لقريش كما تقدم. وإذا نزلت هذه الآيات على هذين المعنيين لم تجد في اللفظ ما يمنع من ذلك.
بل تجدها مطابقة لهما أتم المطابقة وهذا الذي يظهر عندي ويترجح والله أعلم.
( يوم نبطش البطشة الكبرى ) وهو يوم بدر ( إنا منتقمون ) وهذا قول ابن مسعود وأكثر العلماء ، وقال الحسن : يوم القيامة ، وروى عكرمة ذلك عن ابن عباس .
(يَوْمَ) مفعول به لفعل محذوف (نَبْطِشُ) مضارع فاعله مستتر (الْبَطْشَةَ) مفعول به (الْكُبْرى) صفة البطشة والجملة في محل جر بالإضافة (إِنَّا) إن واسمها (مُنْتَقِمُونَ) خبرها والجملة مستأنفة
Traslation and Transliteration:
Yawma nabtishu albatshata alkubra inna muntaqimoona
On the day when We shall seize them with the greater seizure, (then) in truth We shall punish.
O gün pek şiddetli bir surette tutar, cezalandırırız, şüphe yok ki öc alırız biz.
Le jour où Nous userons de la plus grande violence et Nous Nous vengerons.
An dem Tag, wenn WIR die größte Gewalt anwenden lassen, gewiß, WIR sind Vergeltung Übende.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الدخان (Ad-Dukhan - The Smoke) |
ترتيبها |
44 |
عدد آياتها |
59 |
عدد كلماتها |
346 |
عدد حروفها |
1439 |
معنى اسمها |
(دُخَانُ) النَّارِ مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ (دَوَاخِنُ)، وَهُوَ عَلامَةٌ عَلَى الشَّرِّ وَالعَذَابِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ آيَةِ الْعَذَابِ بِالدُّخَانِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الدُّخَان)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الدُّخَانْ) |
مقاصدها |
إِنْذَارُ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ كَفَّارٍ، وَتَخْوِيفُهُمْ بِعَذَابِ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد).
مِنَ النَّظَائِرِ التِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّوِيْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقرَأُ النَّظائِرَ؛ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ (... والدُّخَانَ، وِإذَا الشَّمْسُ كوِّرَتْ) في رَكعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الدُّخَانِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ ارْتِقَابِ سُنَّةِ اللهِ فِي المُكَذِّبِينَ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ ١٠﴾، وَقَالَ فِي آخِرِ آيَةٍ مِنْهَا: ﴿فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ ٥٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الدُّخَانِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ): وَصَفَ سُبْحَانَهُ أَهْلَ البَاطِلِ بِاللَّهْوِ فِي أَوَاخِرِ (الزُّخْرُفِ) فَقَالَ: ﴿فَذَرۡهُمۡ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ ...٨٣﴾، وَوَصَفَهُم فِي أَوَّلِ (الدُّخَانِ) فَقَالَ: ﴿بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ يَلْعَبُونَ ٩﴾. |