«إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون» يعملون «في الأرض بغير الحق» بالمعاصي «أولئك لهم عذاب أليم» مؤلم.
صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)
«صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» الصراطات تميزت بالإضافة ، فمنها صراط اللّه ، ومنها صراط العزيز ، ومنها صراط الرب ، ومنها صراط محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، ومنها صراط النعم ، وهو صراط الذين أنعمت عليهم ، فصراط اللّه هو الصراط العام الذي عليه تمشي جميع الأمور ، فيوصلها إلى اللّه ، فيدخل فيه كل شرع إلهي وموضوع عقلي ، فهو يوصل إلى اللّه ، فيعم الشقي والسعيد ، واللّه على صراط مستقيم ، والطريق لا يراد لنفسه ، وإنما يراد لغايته ، فالشريعة «صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» من الموازين «أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ» وترجع لأنها على صراطه ، وهو غاية صراطه ، فلا بد للسالك عليه من الوصول إليه ، فتعم الرحمة الجميع ، فإن الرحمة سبقت الغضب ، فما دام الحق منعوتا بالغضب فالآلام باقية على أهل جهنم الذين هم أهلها ، فإذا زال الغضب الإلهي وامتلأت به النار ، ارتفعت الآلام ، وحكمت الرحمة ، وهذا الصراط هو الذي يقول فيه أهل اللّه : إن الطرق إلى اللّه على عدد أنفاس الخلائق ؛ وكل نفس إنما يخرج من القلب بما هو عليه القلب من الاعتقاد في اللّه .
(43) سورة الزخرف مكيّة
------------
(53) الفتوحات ج 2 /
646 - ج 3 /
410 - ج 2 /
166 ،
646 ،
166 -ح 3 / 411
وقوله : ( إنما السبيل ) أي : إنما الحرج والعنت ( على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق ) أي : يبدؤون الناس بالظلم . كما جاء في الحديث الصحيح : " المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم " .
( أولئك لهم عذاب أليم ) أي : شديد موجع .
قال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا سعيد بن زيد - أخو حماد بن زيد - حدثنا عثمان الشحام ، حدثنا محمد بن واسع قال : قدمت مكة فإذا على الخندق منظرة ، فأخذت فانطلق بي إلى مروان بن المهلب ، وهو أمير على البصرة ، فقال : حاجتك يا أبا عبد الله . قلت حاجتي إن استطعت أن تكون كما قال أخو بني عدي . قال : ومن أخو بني عدي ؟ قال : العلاء بن زياد ، استعمل صديقا له مرة على عمل ، فكتب إليه : أما بعد فإن استطعت ألا تبيت إلا وظهرك خفيف ، وبطنك خميص ، وكفك نقية من دماء المسلمين وأموالهم ، فإنك إذا فعلت ذلك لم يكن عليك سبيل ، ( إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ) فقال صدق والله ونصح ثم قال : ما حاجتك يا أبا عبد الله ؟ قلت : حاجتي أن تلحقني بأهلي . قال : نعم رواه ابن أبي حاتم .
فيه إحدى عشرة مسألة: الأولى: قوله تعالى: {والذين إذا أصابهم البغي} أي أصابهم بغي المشركين. قال ابن عباس : وذلك أن المشركين بغوا على رسول الله صلى الله عيله وسلم وعلى أصحابه وآذوهم وأخرجوهم من مكة فأذن الله لهم بالخروج ومكن لهم في الأرض ونصرهم على من بغى عليهم؛ وذلك قوله في سورة الحج {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير. الذين أخرجوا...} [
الحج : 39 - 40] الآيات كلها. وقيل : هو عام في بغي كل باغ من كافر وغيره، أي إذا نالهم ظلم. من ظالم لم يستسلموا لظلمه. وهذه إشارة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود. قال ابن العربي : ذكر الله الانتصار في البغي في معرض المدح، وذكر العفو عن الجرم في موضع آخر في معرض المدح؛ فاحتمل أن يكون أحدهما رافعا للأخر، واحتمل أن يكون ذلك راجعا إلى حالتين؛ إحداهما أن يكون الباغي معلنا بالفجور؛ وقحا في الجمهور، مؤذيا للصغير والكبير؛ فيكون الانتقام منه أفضل. وفي مثله قال إبراهيم النخعي : كانوا يكوهون أن يذلوا أنفسهم فتجترئ عليهم الفساق. الثانية : أن تكون الفلتة، أو يقع ذلك ممن يعترف بالزلة ويسأل المغفرة؛ فالعفو ها هنا أفضل، وفي مثله نزلت} وأن تعفوا أقرب للتقوى{البقرة : 237]. وقوله: {فمن تصدق به فهو كفارة له {المائدة : 45]. وقوله: {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} [
النور : 22]. قلت : هذا حسن، وهكذا ذكر الكيا الطبري في أحكامه قال : قوله تعالى: {والذين إذا أصابهم البغي ينتصرون} يدل ظاهره على أن الانتصار في هذا الموضع أفضل؛ ألا ترى أنه قرنه إلى ذكر الاستجابة لله سبحانه وتعالى وإقام الصلاة؛ وهو محمول على ما ذكر إبراهيم النخعي أنهم كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فتجترئ عليهم الفساق؛ فهذا فيمن تعدى وأصر على ذلك. والموضع المأمور فيه بالعفو إذا كان الجاني نادما مقلعا. وقد قال عقيب هذه الآية: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل}. ويقتضي ذلك إباحة الانتصار لا الأمر به، وقد عقبه بقوله: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}. وهو محمول على الغفران عن غير المصر، فأما المصر على البغي والظلم فالأفضل الانتصار منه بدلالة الآية التي قبلها. وقيل : أي إذا أصابهم البغي تناصروا عليه حتى يزيلوه عنهم ويدفعوه؛ قال ابن بحر. وهو راجع إلى العموم على ما ذكرنا. الثانية: قوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} قال العلماء : جعل الله المؤمنين صنفين؛ صنف يعفون عن الظالم فبدأ بذكرهم في قول {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} [
الشورى : 37]. وصنف ينتصرون من ظالمهم. ثم بين حد الانتصار بقول: {وجزاء سيئة سيئة مثلها} فينتصر ممن ظلمه من غير أن يعتدي. قال مقاتل وهشام بن حجير : هذا في المجروج ينتقم من الجارج بالقصاص دون غيره من سب أوشتم. وقاله الشافعي وأبو حنيفة وسفيان. قال سفيان : وكان ابن شبرمة يقول : ليس بمكة مثل هشام. وتأول الشافعي في هذه الآية أن للإنسان أن يأخذ من مال من خانه مثل ما خانه من غير علمه؛ واستشهد في ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند زوج أبي سفيان : (خذي من ماله ما يكفيك وولدك) فأجاز لها أخذ ذلك بغير إذنه. وقد مضى الكلام في هذا مستوفى في {البقرة}. وقال ابن أبي نجيح : إنه محمول على المقابلة في الجراح. وإذا قال : أخزاه الله أو لعنه الله أن يقول مثله. ولا يقابل القذف بقذف ولا الكذب بكذب. وقال السدي : إنما مدح الله من انتصر ممن بغى عليه من غير اعتداء بالزيادة على مقدار ما فعل به؛ يعني كما كانت العرب تفعله. وسمي الجزاء سيئة لأنه في مقابلتها؛ فالأول ساء هذا في مال أو بدن، وهذا الاقتصاص يسوءه بمثل ذلك أيضا؛ وقد مضى هذا كله في {البقرة} مستوفى. الثالثة: قوله تعالى: {فمن عفا وأصلح} قال ابن عباس : من ترك القصاص وأصلح بينه وبين الظالم بالعفو {فأجره على الله} أي إن الله يأجره على ذلك. قال مقاتل : فكان العفو من الأعمال الصالحة وقد مضى في {آل عمران} في هذا ما فيه كفاية، والحمد لله. وذكر أبو نعيم الحافظ عن علي بن الحسين رضي الله عنهم قال : إذا كان يوم القيامة نادى مناد أيكم أهل الفضل ؟ فيقوم ناس من الناس؛ فيقال : انطلقوا إلى الجنة فتتلقاهم الملائكة؛ فيقولون إلى أين ؟ فيقولن إلى الجنة؛ قالوا قبل الحساب ؟ قالوا من أنتم ؟ قالوا أهل الفضل؛ قالوا وما كان فضلكم ؟ قالوا كنا إذا جهل علينا حلمنا وإذا ظلمنا صبرنا وإذا سيء إلينا عفونا؛ قالوا ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين. وذكر الحديث. {إنه لا يحب الظالمين} أي من بدأ بالظلم؛ قاله سعيد بن جبير. وقيل : لا يحب من يتعدى في الاقتصاص ويجاوز الحد؛ قاله ابن عيسى. الرابعة: قوله تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه} أي المسلم إذا انتصر من الكافر فلا سبيل إلى لومه، بل يحمد على ذلك مع الكافر. ولا لوم إن انتصر الظالم من المسلم؛ فالانتصار من الكافر حتم، ومن المسلم مباح، والعفو مندوب. الخامسة: في قوله تعالى: {ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل} دليل على أن له أن يستوفي ذلك بنفسه. وهذا ينقسم ثلاثة أقسام : أحدها : أن يكون قصاصا في بدن يستحقه آدمي، فلا حرج عليه إن استوفاه من غير عدوان وثبت حقه عند الحكام، لكن يزجره الإمام في تفوته بالقصاص لما فيه من الجرأة على سفك الدم. وإن كان حقه غير ثابت عند الحاكم فليس عليه فيما بينه وبين الله حرج؛ وهو الظاهر مطالب وبفعله مؤاخذ ومعاقب. القسم الثاني : أن يكون حد الله تعالى لاحق لآدمي فيه كحد الزنى وقطع السرقة؛ فإن لم يثبت ذلك عند حاكم أخذ به وعوقب عليه، وإن ثبت عند حاكم نظر، فإن كان قطعا في سرقة سقط به الحد لزوال العضو المستحق قطعه، ولم يجب عليه في ذلك حق لأن التعزير أدب، وإن كان جلدا لم يسقط به الحد لتعديه مع بقاء محله فكان مأخوذا بحكمه. القسم الثالث : أن يكون حقا في مال؛ فيجوز لصاحبه أن يغالب على حقه حتى يصل إليه إن كان ممن هو عالم به، لان كان غير عالم نظر، فإن أمكنه الوصول إليه عند المطالبة لم يكن له الاستسرار بأخذه. وإن كان لا يصل إليه بالمطالبة لجحود من هو عليه من عدم بينة تشهد له ففي جواز استسراره بأخذه مذهبان : أحدهما : جوازه؛ وهو قول مالك والشافعي. الثاني : المنع؛ وهو قول أبي حنيفة. السادسة: قوله تعالى: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس} أي بعدوانهم عليهم؛ في قول أكثر العلماء. وقال ابن جريج : أي يظلمونهم بالشرك المخالف لدينهم. {ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم} أي في النفوس والأموال؛ في قول الأكثرين. وقال مقاتل : بغيهم عملهم بالمعاصي. وقال أبو مالك : هو ما يرجوه كفار قريش أن يكون بمكة غير الإسلام دينا. وعلى هذا الحد قال ابن زيد : إن هذا كله منسوخ بالجهاد، لأن هذا للمشركين خاصة. وقول قتادة : إنه عام؛ وكذا يدل ظاهر الكلام. وقد بيناه والحمد لله. السابعة: قال ابن العربي : هذه الآية : في مقابلة الآية المتقدمة في {براءة} وهي قوله:{ما على المحسنين من سبيل} [
التوبة : 91]؛ فكما نفى الله السبيل عمن أحسن فكذلك نفاها على من ظلم؛ واستوفى بيان القسمين. الثامنة: واختلف علماؤنا في السلطان يضع على أهل بلد مالا معلوما بأخذهم به ويؤدونه على قدر أموالهم؛ هل لمن قدر على الخلاص من ذلك أن يفعل، وهو إذا تخلص أخذ سائر أهل البلد بتمام ما جعل عليهم. فقيل لا؛ وهو قول سحنون من علمائنا. وقيل : نعم، له ذلك إن قدر على الخلاص؛ وإليه ذهب أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي ثم المالكي. قال : ويدل عليه قول مالك في الساعي يأخذ من غنم أحد الخلطاء شاة وليس في جميعها نصاب إنها مظلمة على من أحذت له لا يرجع على أصحابه بشيء. قال : ولست آخذ بما روي عن سحنون؛ لأن الظلم لا أسوة فيه، ولا يلزم أحد أن يولج نفسه في ظلم مخافة أن يضاعف الظلم على غيره، والله سبحانه يقول: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس}. التاسعة: واختلفت العلماء في التحليل؛ فكان ابن المسيب لا يحلل أحدا من عرض ولا مال. وكان سليمان بن يسار ومحمد بن سيرين يحللان من العرض والمال. ووأى مالك التحليل من المال دون العرض. روى ابن القاسم وابن وهب عن مالك وسئل عن قول سعيد بن المسيب {لا أحلل أحدا} فقال : ذلك يختلف؛ فقلت له يا أبا عبدالله، الرجل يسلف الرجل فيهلك ولا وفاء له؟ قال : أرى أن يحلله وهو أفضل عندي؛ فإن الله تعالى : يقول: {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} [
الزمر : 18]. فقيل له : الرجل يظلم الرجل؟ فقال : لا أرى ذلك، هو عندي مخالف للأول، يقول الله تعالى: {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس} ويقول تعالى: {ما على المحسنين من سبيل} [
التوبة : 91] فلا أرى أن يجعله من ظلمه في حل. قال ابن العربي : فصار في المسألة ثلاثة أقوال : أحدها : لا يحلله بحال؛ قال سعيد بن المسيب. الثاني : يحلله؛ قاله محمد بن سيرين. الثالث : إن كان مالا حلله وإن كان ظلما لم يحلله؛ وهو قول مالك. وجه الأول ألا يحلل ما حرم الله؛ فيكون كالتبديل لحكم الله. ووجه الثاني أنه حقه فله أن يسقط كما يسقط دمه وعرضه. ووجه الثالث الذي اختاره مالك هو أن الرجل إذا غلب على أداء حقك فمن الرفق به أن يتحلله، وإن كان ظالما فمن الحق ألا تتركه لئلا تغتر الظلمة ويسترسلوا في أفعالهم القبيحة. وفي صحيح مسلم حديث أبي اليسر الطويل وفيه أنه قال لغريمه : اخرج إلي، فقد علمت أين أنت؛ فخرج؛ فقال : ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال : أنا والله أحدثك ثم لا أكذبك، خشيت والله أن أحدثك فأكذبك، وأن أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم، وكنت والله معسرا. قال قلت : آلله؟ قال الله؛ قال : فأتى بصحيفة فمحاها فقال : إن وجدت قضاء فأقض، وإلا فأنت في حل... وذكر الحديث. قال ابن العربي : وهذا في الحي الذي يرجى له الأداء لسلامة الذمة ورجاء التمحل، فكيف بالميت الذي لا محاللة له ولا ذمة معه. العاشرة : قال بعض العلماء : إن من ظلم وأخذ له مال فإنما له ثواب ما أحتبس عنه إلى موته، ثم يوجع الثواب إلى ورثته، ثم كذلك إلى آخرهم؛ لأن المال يصير بعده للوارث. قال أبو جعفر الداودي المالكي : هذا صحيح في النظر؛ وعلى هذا القول إن مات الظالم قبل من ظلمه ولم يترك شيئا أو ترك ما لم يعلم وارثه فيه بظلم لم تنتقل تباعة المظلوم إلى ورثة الظالم؛ لأنه لم يبق للظالم ما يستوجبه ورثة المظلوم. الحادية عشرة: قوله تعالى: {ولمن صبر وغفر} أي صبر على الأذى و{غفر} أي ترك الانتصار لوجه الله تعالى؛ وهذا فيمن ظلمه مسلم. ويمكى أن رجلا سب رجلا في مجلس الحسن رحمه الله فكان المسبوب يكظم ويعرق فيمسح العرق، ثم قام فتلا هذه الآية؛ فقال الحسن : عقلها والله ! وفهمها إذ ضيعها الجاهلون. وبالجملة العفو مندوب إليه، ثم قد ينعكس الأمر في بعض الأحوال فيرجع ترك العفو مندوبا إليه كما تقدم؛ وذلك إذا احتيج إلى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى، وعن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل عليه، وهو أن زينب أسمعت عائشة رضي الله عنهما بحضرته فكان ينهاها فلا تنتهي، فقال لعائشة : (دونك فانتصري) ""خرجه مسلم في صحيحه بمعناه"". وقيل: {صبر} عن المعاصي وستر على المساوئ. {إن ذلك لمن عزم الأمور} أي من عزائم الله التي أمر بها. وقيل : من عزائم الصواب التي وفق لها. وذكر الكلبي والفراء أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع ثلاث آيات قبلها، وقد شتمه بعض الأنصار فرد عليه ثم أمسك. وهي المدنيات من هذه السورة. وقيل : هذه الآيات في المشركين، وكان هذا في ابتداء الإسلام قبل الأمر بالقتال ثم نسختها آية القتال؛ وهو قول ابن زيد، وقد تقدم. وفي تفسير ابن عباس {ولمن انتصر بعد ظلمه} يريد حمزة بن عبدالمطلب، وعبيدة وعليا وجميع المهاجرين رضوان الله عليهم. {فأولئك ما عليهم من سبيل} يريد حمزة بن عبدالمطلب وعبيدة وعليا رضوان الله عليهم أجمعين. {إنما السبيل على، الذين يظلمون الناس} يريد عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأبا جهل والأسود، وكل من قاتل من المشركين يوم بدر. {ويبغون في الأرض} يريد بالظلم والكفر. {أولئك لهم عذاب أليم} يريد وجيع. {ولمن صبر وغفر} يريد أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح ومصعب بن عمير وجميع أهل بدر رضوان الله عليهم أجمعين. {إن ذلك من عزم الأمور} حيث قبلوا الفداء وصبروا على الأذى.
إنما المؤاخذة على الذين يتعدَّون على الناس ظلمًا وعدوانًا، ويتجاوزون الحدَّ الذي أباحه لهم ربهم إلى ما لم يأذن لهم فيه، فيفسدون في الأرض بغير الحق، أولئك لهم يوم القيامة عذاب مؤلم موجع.
{ إِنَّمَا السَّبِيلُ } أي: إنما تتوجه الحجة بالعقوبة الشرعية { عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } وهذا شامل للظلم والبغي على الناس، في دمائهم وأموالهم وأعراضهم. { أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: موجع للقلوب والأبدان، بحسب ظلمهم وبغيهم.
( إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ) يبدءون بالظلم ، ( ويبغون في الأرض بغير الحق ) يعملون فيها بالمعاصي ، ( أولئك لهم عذاب أليم ) .
(إِنَّمَا) كافة ومكفوفة (السَّبِيلُ) مبتدأ (عَلَى الَّذِينَ) الجار والمجرور خبره (يَظْلِمُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة (النَّاسَ) مفعول به (وَيَبْغُونَ) الواو حرف عطف ومضارع مرفوع والواو فاعله (فِي الْأَرْضِ) متعلقان بالفعل (بِغَيْرِ) متعلقان بمحذوف حال (الْحَقِّ) مضاف إليه والجملة معطوفة على ما قبلها (أُولئِكَ) مبتدأ (لَهُمْ) جار ومجرور خبر مقدم (عَذابٌ) مبتدأ مؤخر (أَلِيمٌ) صفة عذاب والجملة الاسمية خبر أولئك وجملة أولئك مستأنفة لا محل لها
Traslation and Transliteration:
Innama alssabeelu AAala allatheena yathlimoona alnnasa wayabghoona fee alardi bighayri alhaqqi olaika lahum AAathabun aleemun
The way (of blame) is only against those who oppress mankind, and wrongfully rebel in the earth. For such there is a painful doom.
Ancak halka zulmedenleri ve haksız yere, yeryüzünde azgınlıkta bulunanları suçlu saymaya yol var, onlaradır elemli azap.
il n'y a de voie [de recours] que contre ceux qui lèsent les gens et commettent des abus, contrairement au droit, sur la terre: ceux-là auront un châtiment douloureux.
Den Weg (zur Bestrafung) gibt es nur gegen diejenigen, die den Menschen Unrecht antun und Verderben auf Erden zu Unrecht anrichten, für diese ist eine qualvolle Peinigung bestimmt.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الشورى (Ash-Shura - The Consultation) |
ترتيبها |
42 |
عدد آياتها |
53 |
عدد كلماتها |
860 |
عدد حروفها |
3431 |
معنى اسمها |
الشُّورَى: الْأَمْرُ الَّذِي يُتَشَاوَرُ فِيهِ، وَالمُرَادُ (بِالشُّورَى): مَبْدَأٌ فِي الإِسْلَامِ مَعْرُوفٌ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الشُّورَى)، وَتُسَمَّى سُورَةَ ﴿حمٓ ١ عٓسٓقٓ ٢﴾ |
مقاصدها |
تَعْلِيمُ المُسْلِمِينَ مَبْدَأَ الشُّورَى فِي مُعَامَلاتِهِمْ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الشُّورَى) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مُلْكِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ٤﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿صِرَٰطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ...٥٣﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الشُّورَى) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (فُصِّلَتْ): خُتِمَتْ (فُصِّلَتْ) ببَيَانِ أَنَّ اللهَ وَوَحْيَهُ حَقٌّ؛ فَقَالَ: ﴿حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ ...٥٣﴾، وَافْتُتِحَتِ (الشُّورَى) بِالْوَحْيِ إِلَى الرُّسُلِ وَهُوَ حَقٌّ؛ فَقَالَ: ﴿حمٓ ١ عٓسٓقٓ ٢ كَذَٰلِكَ يُوحِيٓ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٣﴾. |