أو يوبقهنَّ» عطف على يسكن أي يغرقهن بعصف الريح بأهلهن «بما كسبوا» أي أهلهن من الذنوب «ويعف عن كثير» منها فلا يغرق أهله.
صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)
«صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» الصراطات تميزت بالإضافة ، فمنها صراط اللّه ، ومنها صراط العزيز ، ومنها صراط الرب ، ومنها صراط محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، ومنها صراط النعم ، وهو صراط الذين أنعمت عليهم ، فصراط اللّه هو الصراط العام الذي عليه تمشي جميع الأمور ، فيوصلها إلى اللّه ، فيدخل فيه كل شرع إلهي وموضوع عقلي ، فهو يوصل إلى اللّه ، فيعم الشقي والسعيد ، واللّه على صراط مستقيم ، والطريق لا يراد لنفسه ، وإنما يراد لغايته ، فالشريعة «صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» من الموازين «أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ» وترجع لأنها على صراطه ، وهو غاية صراطه ، فلا بد للسالك عليه من الوصول إليه ، فتعم الرحمة الجميع ، فإن الرحمة سبقت الغضب ، فما دام الحق منعوتا بالغضب فالآلام باقية على أهل جهنم الذين هم أهلها ، فإذا زال الغضب الإلهي وامتلأت به النار ، ارتفعت الآلام ، وحكمت الرحمة ، وهذا الصراط هو الذي يقول فيه أهل اللّه : إن الطرق إلى اللّه على عدد أنفاس الخلائق ؛ وكل نفس إنما يخرج من القلب بما هو عليه القلب من الاعتقاد في اللّه .
(43) سورة الزخرف مكيّة
------------
(53) الفتوحات ج 2 /
646 - ج 3 /
410 - ج 2 /
166 ،
646 ،
166 -ح 3 / 411
وقوله : ( أو يوبقهن بما كسبوا ) أي : ولو شاء لأهلك السفن وغرقها بذنوب أهلها الذين هم راكبون عليها ( ويعف عن كثير ) أي : من ذنوبهم . ولو أخذهم بجميع ذنوبهم لأهلك كل من ركب البحر .
وقال بعض علماء التفسير : معنى قوله : ( أو يوبقهن بما كسبوا ) أي : لو شاء لأرسل الريح قوية عاتية ، فأخذت السفن وأحالتها عن سيرها المستقيم ، فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال ، آبقة لا تسير على طريق ، ولا إلى جهة مقصد .
وهذا القول هو يتضمن هلاكها ، وهو مناسب للأول ، وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت ، أو لقواه فشردت وأبقت وهلكت . ولكن من لطفه ورحمته أنه يرسله بحسب الحاجة ، كما يرسل المطر بقدر الكفاية ، ولو أنزله كثيرا جدا لهدم البنيان ، أو قليلا لما أنبت الزرع والثمار ، حتى إنه يرسل إلى مثل بلاد مصر سيحا من أرض أخرى غيرها ; لأنهم لا يحتاجون إلى مطر ، ولو أنزل عليهم لهدم بنيانهم ، وأسقط جدرانهم .
قوله تعالى: {أو يوبقهن بما كسبوا} أي وإن يشأ يجعل الرياح عواصف فيوبق السفن أي يغرقهن بذنوب أهلها. وقيل : يوبق أهل السفن. {ويعف عن كثير} من أهلها فلا يغرقهم معها؛ حكاه الماوردي. وقيل {ويعفو عن كثير} أي ويتجاوز عن كثير من الذنوب فينجيهم الله من الهلاك. قال القشري : والقراءة الفاشية {ويعف} بالجزم، وفيها إشكال؛ لأن المعنى : إن يشأ يسكن الريح فتبقى تلك السفن رواكد ويهلكها بذنوب أهلها، فلا يحسن عطف {يعف} على هذا لأنه يصير المعنى : إن يشأ يعف، وليس المعنى ذلك بل المعنى الإخبار عن العفو من غير شرط المشيئة فهو إذا عطف على المجزوم من حيث اللفظ لا من حيث المعنى. وقد قرأ قوم {ويعفو} بالرفع، وهي جيدة في المعنى. {ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص} يعني الكفار؛ أي إذا توسطوا البحر وغشيتهم الرياح من كل مكان أو بقيت السفن رواكد علموا أنه لا ملجأ له لهم سوى الله، ولا دافع لهم إن أراد الله إهلاكهم فيخلصون له العبادة وقد مضى هذا المعنى في غير موضع ومضى القول في ركوب البحر في {البقرة} وغيرها بما يغني عن إعادته. وقرأ نافع وابن عامر {ويعلم} بالرفع، الباقون بالنصب. فالرفع على الاستئناف بعد الشرط والجزاء؛ كقوله في سورة التوبة: {ويخزهم وينصركم عليهم} [
التوبة : 14] ثم قال: {ويتوب الله على من يشاء} [
التوبة : 15] رفعا. ونظيره في الكلام : إن تأتني أتك ومنطلق عبدالله. أو على أنه خبر ابتداء محذوف. والنصب على الصرف؛ كقوله تعالى: {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} [
آل عمران : 142] صرف من حال الجزم إلى النصب استخفافا كراهية لتوالي الجزم؛ كقول النابغة : فإن يهلك أبو قابوس يهلك ** ربيع الناس والشهر الحرام ويمسك بعده بذناب عيش ** أجب الظهر ليس سنـــام وهذا معنى قول الفراء، قال : ولو جزم {ويعلم} جاز. وقال الزجاج : نصب على إضمار {أن} لأن قبلها جزما؛ تقول : ما تصنع أصنع مثله وإن شئت قلت. وأكرمك بالجزم. وفي بعض المصاحف {وليعلم}. وهذا يدل على أن النصب بمعنى : وليعلم أو لأن يعلم. وقال أبو علي والمبرد : النصب بإضمار {أن} على أن يجعل الأول في تقدير المصدر؛ أي ويكون منه عفو وأن يعلم فلما حمله. على الاسم أضمر أن، كما تقول : إن تأتني وتعطيني أكرمك، فتنصب تعطيني؛ أي إن يكن منك إتيان وأن تعطيني. ومعنى {من محيص} أي من فرار ومهرب؛ قاله قطرب السدي : من ملجأ وهو مأخوذ من قولهم : خاص به البعير حيصة إذا رمى به. ومنه قولهم : فلان يحيص عن الحق أي يميل عنه.
أو يهلكِ السفن بالغرق بسبب ذنوب أهلها، ويعفُ عن كثير من الذنوب فلا يعاقب عليها.
وأما الذي لا صبر عنده، ولا شكر له على نعم الله، فإنه معرض أو معاند لا ينتفع بالآيات.
( أو يوبقهن ) يهلكهن ويغرقهن ، ( بما كسبوا ) أي : بما كسبت ركبانها من الذنوب . ( ويعف عن كثير ) من ذنوبهم [ فلا يعاقب عليها ] .
(أَوْ) حرف عطف (يُوبِقْهُنَّ) مضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة معطوفة على ما قبلها (بِما) متعلقان بالفعل (كَسَبُوا) ماض وفاعله والجملة صلة ما (وَيَعْفُ) معطوف على يسكن فهو مجزوم مثله وعلامة جزمه حذف حرف العلة والفاعل مستتر (عَنْ كَثِيرٍ) متعلقان بالفعل
Traslation and Transliteration:
Aw yoobiqhunna bima kasaboo wayaAAfu AAan katheerin
Or He causeth them to perish on account of that which they have earned - And He forgiveth much -
Yahut da, kazandıkları suçlar yüzünden fırtınalarla helak eder gemileri ve çoğunu da bağışlar.
Ou bien, Il les détruit en punition de ce qu'ils ont acquis [comme péchés]. Cependant, Il pardonne beaucoup.
Oder ER läßt sie zugrunde gehen wegen dem, was sie erwarben, Und ER vergibt vieles.
![](/images/arrowtop.jpg) |
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الشورى (Ash-Shura - The Consultation) |
ترتيبها |
42 |
عدد آياتها |
53 |
عدد كلماتها |
860 |
عدد حروفها |
3431 |
معنى اسمها |
الشُّورَى: الْأَمْرُ الَّذِي يُتَشَاوَرُ فِيهِ، وَالمُرَادُ (بِالشُّورَى): مَبْدَأٌ فِي الإِسْلَامِ مَعْرُوفٌ |
سبب تسميتها |
دِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الشُّورَى)، وَتُسَمَّى سُورَةَ ﴿حمٓ ١ عٓسٓقٓ ٢﴾ |
مقاصدها |
تَعْلِيمُ المُسْلِمِينَ مَبْدَأَ الشُّورَى فِي مُعَامَلاتِهِمْ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُملَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الشُّورَى) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مُلْكِ اللهِ تَعَالَى، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ٤﴾، وَقَالَ فِي خَاتِمَتِهَا: ﴿صِرَٰطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ ...٥٣﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الشُّورَى) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (فُصِّلَتْ): خُتِمَتْ (فُصِّلَتْ) ببَيَانِ أَنَّ اللهَ وَوَحْيَهُ حَقٌّ؛ فَقَالَ: ﴿حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمۡ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّۗ ...٥٣﴾، وَافْتُتِحَتِ (الشُّورَى) بِالْوَحْيِ إِلَى الرُّسُلِ وَهُوَ حَقٌّ؛ فَقَالَ: ﴿حمٓ ١ عٓسٓقٓ ٢ كَذَٰلِكَ يُوحِيٓ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ ٱللَّهُ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٣﴾. |