المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الشورى: [الآية 25]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة الشورى | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53)
«صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» الصراطات تميزت بالإضافة ، فمنها صراط اللّه ، ومنها صراط العزيز ، ومنها صراط الرب ، ومنها صراط محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، ومنها صراط النعم ، وهو صراط الذين أنعمت عليهم ، فصراط اللّه هو الصراط العام الذي عليه تمشي جميع الأمور ، فيوصلها إلى اللّه ، فيدخل فيه كل شرع إلهي وموضوع عقلي ، فهو يوصل إلى اللّه ، فيعم الشقي والسعيد ، واللّه على صراط مستقيم ، والطريق لا يراد لنفسه ، وإنما يراد لغايته ، فالشريعة «صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» من الموازين «أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ» وترجع لأنها على صراطه ، وهو غاية صراطه ، فلا بد للسالك عليه من الوصول إليه ، فتعم الرحمة الجميع ، فإن الرحمة سبقت الغضب ، فما دام الحق منعوتا بالغضب فالآلام باقية على أهل جهنم الذين هم أهلها ، فإذا زال الغضب الإلهي وامتلأت به النار ، ارتفعت الآلام ، وحكمت الرحمة ، وهذا الصراط هو الذي يقول فيه أهل اللّه : إن الطرق إلى اللّه على عدد أنفاس الخلائق ؛ وكل نفس إنما يخرج من القلب بما هو عليه القلب من الاعتقاد في اللّه .
(43) سورة الزخرف مكيّة
------------
(53) الفتوحات ج 2 / 646 - ج 3 / 410 - ج 2 / 166 ، 646 ، 166 -ح 3 / 411تفسير ابن كثير:
يقول تعالى ممتنا على عباده بقبول توبتهم إليه إذا تابوا ورجعوا إليه : أنه من كرمه وحلمه أنه يعفو ويصفح ويستر ويغفر ، كقوله : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [ النساء : 110 ] وقد ثبت في صحيح مسلم ، رحمه الله ، حيث قال :
حدثنا محمد بن الصباح وزهير بن حرب قال حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا عكرمة بن عمار ، حدثنا إسحاق بن أبي طلحة ، حدثني أنس بن مالك - وهو عمه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه ، من أحدكم كان راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه ، وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها ، قد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك - أخطأ من شدة الفرح " .
وقد ثبت أيضا في الصحيح من رواية عبد الله بن مسعود نحوه .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري في قوله : ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ) : إن أبا هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته في المكان الذي يخاف أن يقتله العطش فيه " .
وقال همام بن الحارث : سئل ابن مسعود عن الرجل يفجر بالمرأة ثم يتزوجها ؟ قال : لا بأس به ، وقرأ : ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ) الآية رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم من حديث شريك القاضي ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن إبراهيم النخعي ، عن همام فذكره .
وقوله : ( ويعفو عن السيئات ) أي : يقبل التوبة في المستقبل ويعفو عن السيئات في الماضي ، ( ويعلم ما تفعلون ) أي : هو عالم بجميع ما فعلتم وصنعتم وقلتم ، ومع هذا يتوب على من تاب إليه .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
هذا بيان لكمال كرم الله تعالى وسعة جوده وتمام لطفه، بقبول التوبة الصادرة من عباده حين يقلعون عن ذنوبهم ويندمون عليها، ويعزمون على أن لا يعاودوها، إذا قصدوا بذلك وجه ربهم، فإن الله يقبلها بعد ما انعقدت سببا للهلاك، ووقوع العقوبات الدنيوية والدينية.
{ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ } ويمحوها، ويمحو أثرها من العيوب، وما اقتضته من العقوبات، ويعود التائب عنده كريما، كأنه ما عمل سوءا قط، ويحبه ويوفقه لما يقر به إليه.
ولما كانت التوبة من الأعمال العظيمة، التي قد تكون كاملة بسبب تمام الإخلاص والصدق فيها، وقد تكون ناقصة عند نقصهما، وقد تكون فاسدة إذا كان القصد منها بلوغ غرض من الأغراض الدنيوية، وكان محل ذلك القلب الذي لا يعلمه إلا الله، ختم هذه الآية بقوله: { وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } فالله تعالى، دعا جميع العباد إلى الإنابة إليه والتوبة من التقصير، فانقسموا -بحسب الاستجابة له- إلى قسمين: مستجيبين وصفهم بقوله { وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ }
تفسير البغوي
( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ) قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : يريد أولياءه وأهل طاعته . قيل : التوبة ترك المعاصي نية وفعلا والإقبال على الطاعة نية وفعلا . قال سهل بن عبد الله : التوبة الانتقال من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة . ( ويعفو عن السيئات ) إذا تابوا .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور محمد بن سمعان ، حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني ، أخبرنا حميد بن زنجويه ، حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا أبو عوانة عن سليمان عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن الحارث بن سويد قال : دخلت على عبد الله أعوده ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لله أفرح بتوبة عبده من رجل - أظنه قال - في برية مهلكة معه راحلته عليها طعامه وشرابه ، فنزل فنام فاستيقظ وقد ضلت راحلته ، فطاف عليها حتى أدركه العطش ، فقال : أرجع إلى حيث كانت راحلتي فأموت عليه ، فرجع فأغفى فاستيقظ فإذ هو بها عنده عليها طعامه وشرابه " .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن الصباح وزهير بن حرب قالا : حدثنا عمر بن يونس ، حدثنا عكرمة بن عمار ، حدثنا إسحاق بن أبي طلحة ، حدثني أنس بن مالك وهو عمه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها ، وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ من شدة الفرح " .
( ويعفو عن السيئات ) فيمحوها إذا تابوا . ( ويعلم ما تفعلون ) قرأ حمزة والكسائي وحفص " تفعلون " بالتاء ، وقالوا : هو خطاب للمشركين ، وقرأ الآخرون بالياء ؛ لأنه بين خبرين عن قوم ، فقال قبله : عن عباده ، وبعده : ويزيدهم من فضله .
الإعراب:
(وَهُوَ) الواو حرف استئناف ومبتدأ (الَّذِي) خبر والجملة مستأنفة (يَقْبَلُ) مضارع فاعله مستتر (التَّوْبَةَ) مفعول به والجملة صلة (عَنْ عِبادِهِ) متعلقان بالفعل (وَيَعْفُوا) معطوف على يقبل (عَنِ السَّيِّئاتِ) متعلقان بالفعل (وَيَعْلَمُ) مضارع فاعله مستتر (ما) موصولية مفعول به والجملة معطوفة على ما قبلها (تَفْعَلُونَ) مضارع مرفوع والواو فاعله والجملة صلة.